الأحزاب السياسية والتنمية السياسية والإصلاح

 

 

شبكة المنصور

حزب البعث العربي الاشتراكي الاردني - القيادة العليا

دولة رئيس الوزراء المهندس نادر الذهبي المحترم
الموضوع : الأحزاب السياسية والتنمية السياسية والإصلاح

 

تحية واحترام وبعد ...

 

لاحقاً للمذكرة التي رفعها حزبنا إلى دولتكم بتاريخ 22/3/2009 واجتماع قيادة الحزب بعد ذلك مع معالي وزير التنمية السياسية حسب توجيهاتكم.


لقد كان مؤسفاً بالنسبة لنا وللأحزاب الأخرى التي طرحت رأيها في الموضوع أن تلقينا كتاب معالي وزير الداخلية بالوكالة المرقم ق م/عام/32 تاريخ 23/3/2009 الذي يطلب فيه تزويده بقائمة تتضمن أسماء ما لا يقل عن خمسماية عضو من أعضاء الحزب المسددين لاشتراكاتهم ورقم ايصال تسديد الاشتراك مستنداً في ذلك إلى أحكام الفقرة (ب) من المادة 21 من قانون الأحزاب السياسية رقم 19 لسنة 2007 وكان الحزب والأحزاب الأخرى قد تلقت من قبل كتاباً من وزير الداخلية صادر في كانون الثاني من هذا العام مستنداً إلى ذات المادة بطلب تزويدهم بالميزانية الفعلية لعام 2008 والموازنة التقديرية لعام 2009 للحزب.

 

دولة الرئيس...


نحن من حيث المبدأ لا نجادل حقيقة في وجود نص الفقرتين (أ،ب) من المادة 21 موضوع البحث ولكن الجدل كان ولا يزال قائماً حول الطبيعة والمشروعية الدستورية لهذه المادة إلى جانب البحث في مدى انسجامها مع مقتضيات وتوجهات ملك البلاد في صدر خطاب التكليف السامي إلى دولتكم بتاريخ 22/11/2007 التي عبر عنها جلالته في تأكيد العزم على الاستمرار في برامج الإصلاح السياسي وتعزيز المشاركة وتنمية الحياة الحزبية مستنيرين بالمبادئ التي جرى التوافق عليها... وما ورد في مبادرات ومنهاج حكومة دولتكم حول الالتزام بالإصلاح السياسي.


وإذ نُذكِّر بكل ذلك وما أوردناه في مذكرتنا المشار إليها مطلع رسالتنا هذه فإن ما جاء بتلك المذكرة كان يكفي – حسب تقديرنا – لان تسعى وزارة الداخلية إلى عدم الدخول من مداخل خلق التوترات حول المسائل الجدلية المطروحة بخصوص نص المادة 21 وغيرها من نصوص قانون الأحزاب السياسية التي يرى فيها حزبنا كما الأحزاب الأخرى أنها تتعارض مع أي محاولة للإصلاح والتنمية السياسية وما زالت دائبة في المطالبة بإعادة النظر بذلك القانون من أساسه إذا كانت النوايا صادقة باتجاه التنمية السياسية [ ونحن لا نشك إطلاقا بنوايا دولتكم في هذا المجال ] وانتم – يادولة الرئيس – على معرفة تامة بضرورة الأحزاب كمؤسسات وطنية بل أنها تحتاج إلى مزيد من الدعم المادي والمعنوي وخلق او تهيئة المناخات اللازمة لتشجيع نموها وتعزيز قدراتها على استقطاب الجماهير وإزالة العراقيل التي تحد من تلك القدرات لا إلى التلويح لها بسوط القمع والعقاب تأسيساً على وجود نصوص قانونية صاغتها حكومات سابقة من خلال منظور حكومي مرحلي معين لتلك الحكومات فواجهت آنذاك الكثير من الاحتجاج والرفض، لكن الأحزاب وجدت نفسها مرغمة آخر المطاف إلى التعامل بغير رضا أو قناعة مع تلك النصوص وليست كل النصوص الواردة في أي من القوانين


يجري تفعيلها اذ كثيراً ما يجري تجميد العمل بها إلى ان يتم تداركها بالإصلاح، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر بعض نصوص قوانين التجارة والشركات والعمل والأحوال المدنية وغيرها الكثير الكثير من النصوص مما لا يتم الطرق عليها باستمرار وملاحقة مقتضياتها النصية بمثل هذه السرعة والاهتمام حيث تبدو المؤشرات على أن بعض المسؤولين لم ترق لهم محاولات الانفتاح على الأحزاب بهدف الإصلاح والتنمية السياسية فبدأوا عملية وضع العصي في دواليب هذا التحرك خلافاً للتوجهات التي وعدتم وشرعتم بها دولتكم ولعل هذا ما دفعنا إلى المطالبة المشروعة بجعل شؤون الأحزاب السياسية من اختصاص وزارة التنمية السياسية دون غيرها.


دولة الرئيس...


•    إذا كان البعض يعتقد أن تخصيص مساهمة مالية سنوية متواضعة لأي حزب بموجب النظام رقم 89 لسنة 2008 يمكن أن يكون سبباً لمصادرة حريات الأحزاب أو جعلها تسير على مسطرة أمنية معينة فإن ذلك الاعتقاد – ومع الاحترام – في غير محله لان الأحزاب ليست مَحَالَّ أو دكاكين للربح والكسب كما أننا لسنا شركات يخضع منتسبوها إلى قانون العرض والطلب أو التشغيل والبطالة والأزمات الاقتصادية بل يجب الاعتراف بخصوصيتها على أنها كانت ولا تزال على مدى عقود عديدة قائمة فعلاً سراً أو علناً بدون مثل تلك المساهمة الحكومية المتواضعة كما كانت ولا تزال تعتمد على ذاتها


في التمويل قبل نظام المساهمة الحكومية وتقدم التضحيات والنضالات الوطنية باستمرار اعتماداً على اشتراكات وتبرعات أعضائها رغم القمع والملاحقة والتشريد والإرهاب الأمني انطلاقاً من الإيمان المطلق بالوطن والإنسان ومستقبل البلاد والالتزام بالمصالح الوطنية والقومية؛ فالأحزاب السياسية هذه يتوجب الاعتراف بها كحقيقة ثابتة سراً أو علناً ولا يرهبها تهديد أو تلويح بالعقاب؛


•    غير أننا بالرغم من كل هذا وكحزب بعث عربي اشتراكي أردني معروف منذ أكثر من نصف قرن نؤكد التزامنا قبل صدور قانون الأحزاب الحالي وبعده وحرصنا الشديد على مدى عقود عديدة بسلامة أسلوبنا في جمع الاشتراكات الحزبية وأسلوب الصرف والتدقيق عليه من قبل جهات متخصصة تعينها مؤتمرات الحزب وفقاً لأنظمته الداخلية، وأما أعداد الحزبيين التي تطالب بعض الجهات بفرض رقابة عليها وتقديم قوائم لتفقدهم بصورة سنوية أو دورية فإن ذلك – رغم وجود النص عليه في المادة 21 – أمر غير مقبول لان أعضاء الحزب ليسوا طلاب صف مدرسي يجري تفقده بين وقت وآخر وليسوا مجموعات


من المتقاعدين الذين يجب تفقد حياتهم سنوياً باستمرار لغايات ضبط ميزانية التقاعد والتأكد من كونهم ما زالوا على قيد الحياة... الرفاق الحزبيون عندنا – يا دولة الرئيس – هم أناس مناضلون مؤمنون ملتزمون غير موسميين، وان أي محاولة للهيمنة أو تفقد أعدادهم سنوياً يشكل ترهيباً وتدخلاً غير مقبول في حرية الانتماء والعمل الحزبي لأنهم إنما يعملون طوعياً بدافع وطني وليسوا موظفين يهدفون أن ينالوا المركز الرسمي أو الراتب الوظيفي.


إننا إذ نكرر ما أوردناه في مذكرتنا المشار إليها نأمل من دولتكم التدخل لوقف المظاهر التي تتنافى مع التوجهات نحو إعادة النظر بخصوص قانون الأحزاب الحالي إذا كان هناك سعي حقيقي لخدمة المشروع الوطني لتنمية سياسية وطنية حقيقية لا يغني عنها مجرد اجترار الشعارات ومحاولات بناء مؤسسات في الهواء مفصولة عن أصول وقواعد وتاريخ العمل السياسي الوطني بعد قرابة قرن مضى على تأسيس الدولة دون تفعيل النصوص الدستورية على الوجه السليم بحيث تكون الغاية المرجوة هي تحقيق التطور الفعلي وليس إلقاء المسؤولية على جماهير الشعب أو من يطلق عليهم [ الأغلبية


الصامتة ] وهم في الواقع [ الأغلبية العازفة عن المشاركة ] نتيجة للتجارب والمعاناة المريرة عبر العقود العديدة الماضية تحت ذرائع ووعود وعناوين لا يمكن أن تشكل الأرضية الصالحة للانتقال بالوطن إلى الموقع الذي يستحقه وتتطلع إليه جماهير شعبه على مختلف الصعد ومجاراة ما يجري من تطورات عربياً واقيلمياً ودولياً.


وتفضلوا دولتكم بمزيد الاحترام

 

الـقــيــادة الـعــليـــا

١٩ / نـيســان / ٢٠٠٩ م

 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاثنين / ٢٤ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٠ / نـيســان / ٢٠٠٩ م