أصحاب السيادة !

 

 

شبكة المنصور

د. أحمد عبدالسلام / كاتب وباحث عراقي
يتباهى حكام العراق اليوم بتبادل عبارات البروتوكول الرسمي في التخاطب فيما بينهم باستخدام ألفاظ (أصحاب الفخامة ،الدولة ،السيادة وأصحاب المعالي)  في حين لا يفقه أحد منهم معنى القانون الدولي والسيادة والأعراف الدبلوماسية ، وحقيقة تطابق التسمية مع المُسمى في ظل الواقع المرير الحالي.


وهل أن العراق يمتلك السيادة حقا ؟ وهو محتل ! ومقاليد الامور بيد قوات الاحتلال ، وكيف تحول العراق من بلد مستقل آمن إلى محتل بإرادة الولايات المتحدة وقانونها لتحرير العراق من أهله وشعبه حين غزت قواتها العراق في عام 2003 بذرائع كاذبة ، وحينها أنبرى أذناب الاحتلال من الأشيقر والجلبي والمالكي والطالباني والبارزاني ليزبدوا ويرعدوا في شاشات بعض الفضائيات العربية التي حرصت الولايات المتحدة على أن تكون انطلاقتها قبل أيام من الحرب على العراق لتسويق عملاء الاحتلال وخدمة الحرب النفسية الدعائية الأمريكية ضد العراق وأهله. والكثير من العراقيين يتذكر كيف تغنى ورقص زعماء أحزاب الخراب ( المعارضة) على أشلاء الوطن الذبيح  بمعزوفة التحرير المزعوم، لكن أخزاهم الله ، بعدما وجدت الإدارة الأمريكية نفسها ملزمة بإعادة النظر بتقديراتها الخاطئة وافتراضاتها غير الواقعية عن رد فعل العراقيين بالنسبة للاحتلال وبعد أن تبخرت توقعات القوات الأمريكية الغازية في استقبال الشعب العراقي لهم بالورود على أساس إنهم جاءوا محررين وليسوا غزاة محتلين ، لجأت الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة حيث أصدر مجلس الأمن الدولي قراره المرقم 1483في مايس 2003 الذي نص على الاعتراف بالولايات المتحدة وبريطانيا دولتي احتلال في العراق وبما يمكنهما من إدارة موارد العراق وفقا لقواعد القانون الدولي لانه بلد فاقد للسيادة بسبب الاحتلال. وسرعان ما غير دعاة التحرير وجوههم مطالبين بالتحرير والسيادة.


وفرض المجرم بريمر محاصصة القتل الطائفي ، وظلت السيادة ذبيحة الاحتلال وولى بعدها بريمر في 28 حزيران 2004 ، حتى قالوا ها قد ظفرنا بها، حينما سلم بريمر علاوي رئيس وزراء الحكومة الانتقالية وغالب المحمود رئيس ما يسمى بالمحكمة الاتحادية العليا أوراقا لا ندري ما ذا احتوت قيل حينها إنها السيادة . وتغنى بالسيادة من تغنى وهو يبيت ليله في حضن قوات الاحتلال ولا يجرؤ على مغادرة المنطقة الخضراء إلا بحماية القوات المحتلة .


بعدها قال زعماء أحزاب الخراب في العراق يجب أن نوقع اتفاقية أمنية مع الولايات المتحدة لان السيادة ما تزال ناقصة ويجب أن يخرج العراق من تحت شروط الفصل السابع لأنه ينتقص من سيادة العراق بالسيطرة على موارده المالية من عائدات النفط . ووقع المالكي مع بوش اتفاقية الذل الأمنية و بقي العراق تحت طائلة الفصل السابع وظلت السيادة  العراقية مسلوبة. ورب ضارة نافعة، لتبقى أموال العراق في صندوق تحت إشراف دولي ، حتى لا تُسرق من حكومة المالكي ووزرائه وأعوانه وأقربائه وحاشيته وحاشية الحكيم والطالباني والجلبي والبارزاني وغيرهم .


وجاء الرئيس الأمريكي أوباما  وحط بطائرته في بغداد في زيارة مفاجئة لا  يعلم بها أحد من أصحاب الفخامة والسيادة في المنطقة الخضراء ، واستدعى الطالباني والمالكي ورهطهم إلى قاعدة أمريكية قرب مطار بغداد للتباحث معهم حول أوضاع العراق، وهرولوا صوب سيدهم  لتلبية النداء ونسيّ الجميع عند بوابة الانتظار في القاعدة الأمريكية ألقابه ونعوته بالفخامة والسيادة حتى أن صور اللقاءات التقطتها ووزعتها القوات الأمريكية .


والأنكى من ذلك إن أوباما خطب بجنوده في بغداد قائلا : ( حان الوقت بالنسبة لنا لنقل السيادة إلى العراقيين إنهم بحاجة لكي يتقلدوا زمام الأمور في بلدهم ). وبذلك فهو يؤكد رسميا وكأعلى مسؤول أمريكي إن العراق ما يزال فاقدا للسيادة كل المدة الماضية كما ترك الباب مفتوحا دون تحديد موعد لنقل السيادة ،وظهر لا نفع في أوراق بريمر لعلاوي واتفاقية بوش – المالكي كما حاولوا خداع العراقيين وإقناعهم بها . وبعد كل ذلك عن قصة السيادة المسلوبة ترى هل سيخجل حكام المنطقة الخضراء من ألقابهم وهل سيجرؤ احد منهم مستقبلا ليقول نحن أصحاب سيادة ؟


من يقرأ التأريخ وحقائقه بموضوعية ، سيجد إن الحرية والسيادة لا تسترد بغير السلاح، والمقاومة العراقية هي صاحبة القول الفصل بالسيادة وحدها ومن حقها أن تدعي إنها صاحبة السيادة وحدها وتستحق التحية.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس / ١٣ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٩ / نـيســان / ٢٠٠٩ م