سكاكينهم ودم العراق

 
 

شبكة المنصور

الدكتور محمود عزام

تقول الأخبار إن رئيس (حكومة اقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني) إنتقد  قائمة الحدباء العربية لعدم إشراكها الأكراد في الادارة المحلية التي شكلتها في الموصل.

وإعتبر بارزاني في مؤتمر صحافي في أربيل إن قائمة الحدباء الوطنية "إرتكبت خطأ تاريخيا" بتشكيلها الادارة المحلية في الموصل من دون إشراك الأكراد.

 

وقال:

"نعتقد من الناحية السياسية والاستراتيجية إن قائمة الحدباء إرتكبت خطأ كبيرا لان إهمال التحالف الكردستاني في إدارة الموصل خطأ استراتيجي لا يعالج بسهولة وهذا لم يحصل في منطقة من مناطق العراق".

الأكراد مكوّن مهم وأساسي من شعب العراق وعراقيتهم وإنتماءهم وتداخلهم مع كل الأطياف والقوميات والمناطق ضارب في عمق التأريخ العراقي فمنهم من كان رئيسا للوزراء ومنهم مَن شغل أهم المناصب الحساسة في الجيش والدولة منذ تأسيسها ..

 

ولايجوز نكران دورهم في بناء وحكم الدفاع عن العراق..

وكذلك العراقيين من مختلف الأديان ..والطوائف..

ولكن أن يظهر سياق يجري تداوله وكأنه قانون بحيث يدافع الحزب الفلاني عن الشيعة ..

وآخر عن السنة..

وآخر عن المسيحيين..

وحزب آخر عن الأكراد ..

وغيره عن العرب وأحزاب أخرى عن الآشوريين والتركمان وغيرهم!..

أمر غريب عن الساحة العراقية !..والأغرب منه كونه أصبح قانونا ومواد وفقرات في الدستور يستند عليها هؤلاء !..

لماذا لا يدافع العربي عن الكردي الكفوء..وبالعكس ؟..

ولماذا ينحاز البعض للقومية ؟..وآخرين الى الطائفة؟..هل هي جملة المكاسب العامة التي حصلوا عليها خلف هذه الشعارات ؟..

 

ولقد أصبحت المبالغة والإيغال بذلك شيئا مطلوبا!..

فالتحالف الكردستاني (البرزاني والطالباني ) قد مضى عليه أكثر من ست سنوات (بعد التحرير) و(توحيد القوى الوطنية) التي ساعدت الإحتلال الأمريكي وتشكيل (العراق الديمقراطي التعددي الفيدرالي الموحد!ّ).. وهم يحكمون بقبضة من حديد ونار (إقليم السليمانية وأربيل ودهوك) ولوحدهم ..ولهم لحد اليوم (17% من ميزانية وواردات العراق ) عدا وارداتهم ضمن الإقليم !..

 

وأصبح في الأقليم مفهوم (دستوري وقانوني وعرفي!)..وهو أن لا يجوز لأي عربي أن يحكم في (وزارات ومؤسسات ودوائر هذه الحكومة لأنها منطقة كردية )!..ومَن يريد من العرب العراقيين (السنة والشيعة )السفر الى هذا (الإقليم ) يجب عليه البحث عن كفيل وإستحصال موافقات أمنية وإدارية أعقد بكثير من إجراءات الحصول على الفيزة من الدول  الأخرى..

 

وإضافة الى ذلك لديهم مناصب مهمة كرئيس الجمهورية ونائب رئيس وزراء ونائب رئيس مجلس النواب وعضوية مهمة في مجلس النواب ووزراء منهم وزير الخارجية الذي تعدى الست سنوات في هذا المنصب (مثله كمثل رئيس حكومة الإقليم ) ووكلاء وزارات ومدراء عامين ومدراء في كل وزارات الدولة بدون إستثناء وسفراء يكاد بوجودهم يغلب على التمثيل الديبلوماسي صفة تمثيل الإقليم وليس العراق!..

 

ولديهم ممثليات ديبلوماسية وإقتصادية وسياسية وأمنية للإقليم  في الدول المهمة في العالم وهي هيئات رسمية لا تتبع لوزارة الخارجية ولا للامن الوطني ولا للمخابرات..

 

ولهم جيش من البيشمركة الذي يرتبط بوزير للبيشمركة ولا يأتمر بامر وزارة الدفاع ويعصى أوامرها!..

وأصبح لديهم الآن آبار للنفط ويوقعون عقود إستثمارها لوحدهم رغما عن الدستور ..

ولديهم برلمان خاص ..

وكليات عسكرية ..

 

وسيطرة على رئاسة الأركان ..وقادة أكثر من ثلاث أرباع المراكز العسكرية المهمة !..

ولهم سياستهم الخاصة التي تنادي (بمصلحة الإقليم قبل مصلحة العراق)..

و بعد ان إنتشرت ظاهرة الخطوط الحمراء في كل الحكومة واحزابها ..

فمن مطاليبهم التي تعتبر (خط أحمر) هو موضوع كركوك (الكردية)!..

و(ديالى ذات الغالبية الكردية )!..

و(الكوت ذات الوجود الكردي)!..

و(الموصل التي يعود أغلبها للاكراد تأريخيا)!..

وعندما نشرت وكالات الأنباء خبر تصريح نيجيرفان ..

 

فهم العراقيون  لماذا طالبت أقضية سنجار والشيخان  ومخمور بإنفصالها عن الموصل والدعوة لربطها (بإقليم كردستان ) ومحاولات ضم بعشيقة الىالإقليم!..

 

وجاء تحذير البرزاني يوم 22/4/2009 وهو نفس اليوم الذيس صرّح به قائممقام قضاء بشدر والذي قال فيه إن المدفعية الإيرانية تواصل وبشكل يومي تقريبا قصف المناطق الحدودية في شمال العراق .وأوضح " إن القصف المدفعي الإيراني مستمر وبشكل يومي تقريبا على المناطق الحدودية " مشيرا إلى أن آخر قصف كان في وقت متأخر من ليلة 22/3/2004 على قرى رزكي سرو _رزكي خوارو _ماردو وسو والذي أدى إلى تدمير مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية والأشجار والبساتين وزرع الهلع في نفوس الأهالي، مما حدا بهم إلى ترك مساكنهم والعيش في المجمعات وبيوت أقاربهم بعيدا عن النيران ..

 

والظاهر إن هنالك ربط بين هذا الإتهام والتحذير (والمطالبات بالضم والتمثيل) وبين مانُشر في نفس اليوم في وكالات الأنباء من إن ( الكويت تعمل على بناء ميناء كبير في جزيرة بوبيان الواقعة في مدخل المياه الإقليمية العراقية جنوب أم قصر )..حيث تشير التقارير الرسمية بأن الكويت تهدف أولا إلى إجهاض فكرة مشروع ميناء العراق الكبير وثانيا جلب استثمارات وأموال عربية وأجنبية لتوظيفها في الجزيرة لكي تكون مصالحها مهددة في حال مطالبة العراق مستقبلا بعائدية الجزيرة له وبالتالي مواجهة تلك المطالب وأكدوا على أن هذا الموضوع ليس سريا إذ أعلنت الكويت عنه في مطلع عام 2004. وأوضحت المصادر أن الكويت تعمل على ربط الجزيرة بمدينة الكويت عن طريق جسر وإنشاء خط للسكة الحديد يرتبط بخطوط السكك الحديد العراقية إضافة إلى بناء أسواق حرة في منطقتي العبدلي المواجهة لصفوان الحدودية وأخرى على مقربة من ميناء أم قصر العراقي . .مما يوضح خطورة التوجهات الهادفة لمحو هوية العراق وتعديل خريطته وتكويناته الإجتماعية.

 

والذي زاد من وضوح هذه التحركات وأهدافها ما طالب به محافظ كربلاء الجديد الايراني الجنسية بإعادة استرجاع المناطق التي (اقتطعها)!.. النظام الوطني أيام الرئيس الشرعي صدام حسين من المحافظة وضمها إلى محافظة الانبار المجاورة!..

 

(لاحظوا إستخدامهم لتعبير إقتطعها النظام وليس أعاد أو غيّر إرتباطها)!..

حيث قال آمال الدين الهر الذي لا يجيد التحدث باللغة العربية :

(أن هنالك مشكلة نعاني منها وهي إقتطاع منطقة النخيب والمنطقة الصحراوية لبادية كربلاء وضمها الى محافظة الانبار ومطالبتنا باسترجاع هذه المناطق ضمن القوانين والأعراف الإدارية)!.. علما أن هذه المناطق كانت تابعة للمحافظة حتى عام 1974.وأضاف في تصريح للصحفيين في نفس يوم (تحذير نيجيرفان)! بقوله:

( سوف نستفيد من نص المادة 140 الدستورية في حل هذا الخلاف القانوني )!..

بعد أن فهمنا الربط السابق بقي شيء آخر وهو الذي  لم نفهم دوافعه ومبرراته ولماذا لم (ينتفض  رئيس حكومة الأقليم) عليه هو :

 

ما صرّح به محافظ كربلاء!..

وما تقوم به الكويت!..

ومايقوم به  دخيل قاسم حسون  قائممقام قضاء سنجار بالسياسات والاجراءات الخبيثة التي يهدف فيها لطمس الهوية الاسلامية لمدينة سنجار من خلال منع المساجد من قراءة القرآن بالسماعات الخارجية وتهديد أئمة الجوامع ومحاربة الاسلام ومنها عدة حوادث مثل تهديد جوامع "حي النصر والسوق وجامع الرحمن والجامع الكبير" وقد ارسل شقيقه في احدى المرات يهدد الشيخ والمصلين بحجة انهم "يتعوذون من الشيطان الرجيم"!..

 

فهل هي ضريبة المطالبة بضم القضاء لإقليم كردستان ؟..وبعد ان وزّع هو والبيشمركة والأسايش كل الموارد الخاصة بالقضاء فيما بينهم وتلاعبوا بالسوق وبالاسعار وومتلكات الناس حيث وتقول التقارير الواردة من هذا القضاء أن  القائمقام وأقاربه والأسايش : ( يقومون بمضايقة اهل المدينة من العرب داخل المدينة وفي السوق وأي مكان يتواجد فيه عناصر الاسايش وهم طبعا بالزي المدني تتفاجأ ان شخص بالزي المدني يستوقفك وانت في السوق ليطلب هويتك وعندما تسأله من انت؟ يقول : نحن اسايش..!! اضافة الى منع حتى اهالي المدينة الغير التابعين لحزب مسعود من الدخول الا "بكفيل" . وهو تقليد تام وترسيخ للحالة الانفصالية الشاذة في شمال العراق)..

 

فإذا كان التنكر الى  الإسلام وقيمه وتعاليمه لا تحرك جفنا للمسؤول..

ولا سياسات الدول المجاورة ..

ولا التعامل مع المحافظة كأنها الوطن وإعتبار العراق إطارا عاما(للأوطان)! ..

ولا السعي لإستقطاع وضم أجزاء من أرض العراق الى الغير!..

وحتى قصف وتدمير مدن وقرى تابعة (لنفس الإقليم)! لا يغضبه!..

ولا يحركه وتثير في نفسه عواصف الغضب والثار إلا عندما يُستبعد أشخاصا من قوميته لم يجري إحتسابهم كعدد ضمن مجلس محافظة او مناصب حكومية!..

فعَن أي مسؤولية عراقية ووطنية نتحدث؟..

وإلى أي شاطيء مضطرب يتجه قادة سُفن ( دول وأقاليم ومحافظات وأحزاب ) العراق!..

فلماذا كل هذا الكُره للعراق ؟..

ألم يكتفي المنتقمون والحاقدون مِمَن لازالوا ينهشون من كيانه المهدد بالفناء؟..

ومتى ترتوي سكاكينهم  وخناجرهم  من دم العراق ؟..

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

السبت / ٠٦ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٢ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م