عبد الأمير الركابي والمقاومة العراقية .. تناقض المواقف والمشاريع

 
 

شبكة المنصور

الدكتور محمود عزام

للعديد من السياسيين العراقيين مسار طويل من التلاعب بمشاعر العراقيين وإستثمار الأحداث وفقا لمصالحهم فيظهروا في توقيتات وظروف محسوبة بعناية ليطرحوا الرأي المستند على الظرف وليس على محصلة عمقه ونشوءه ومستجدات تطوره .

 

ومن هؤلاء السياسيين السيد عبد الأمير الركابي المنسق العام للتيار الوطني الديمقراطي العراقي..الذي ترك كل مصيبة العراق وشعبه ودماره وتزوير تأريخه ومصادرة سيادته وتغييب إرادته ومحو هويته وقتل وإعتقال وتشريد وملاحقة ومتابعة وإقصاء وحرمان أبناءه ونهب خيراته وسلب موارده وإغتصاب حرائره ليتعرض الى المقاومة العراقية !..

 

وآخر ما قاله الركابي هو ما نشر له بتاريخ 19نيسان في صحيفة القدس العربي في مقالة بعنوان(الردكالية الرثة والمفهوم التاريخي للمقاومة العراقية)وقوله عن المقاومة العراقية:

 

(إن كل ما كتب عن مقاومة وصمود ومجابهة العراقيين وتصديهم للغزاة والطامعين به  هو نمط من الزيف والهراء)!..

 

وقوله:

(ان المكون الإجتماعي للعراق منذ تشكيله كان متشظيا وهزيلا ومنقسما لا بل غائبا ككيان ولأكثر من 1800عام من تاريخ وجوده ان كان له وجود كما يشكك الكاتب ولا يشكل بالأساس أرضية خصبة لنشوء مقاومة مسلحة فاعلة)!..

 

وما قاله أيضا:

(ان المراحل الحاسمة للتحرير لا تتحقق بالسلاح وإنما بالفعل السياسي ويوصم من يبرر فعلها ( الاستمرار بحمل السلاح وربط نشاطها وفعلها بوجود الاحتلال وهيمنته) بالفكر الرث والهيمنة الطائفية والقبلية)!..

 

ونسأل السيد عبد الأمير الركابي المنسق العام للتيار الوطني الديمقراطي العراقي عن كيفية (توصله الى هذا الإستنتاج)!..

 

وكيف إنه وبعد ست سنوات (إقتنع) أو (يتصنع ذلك) بأن (أكثر من 300 ألف قتيل وجريح ومعوق أمريكي وأكثر من مائة مليون طن من بقايا الدبابات والمدرعات وناقلات الجنود والمدافع والأسلحة الأمريكية المدمرة والمتروكة في مقابر هائلة في محافظات الأنبار والموصل والنجف والبصرة والسماوة والكويت وهذه الأزمة المالية التي عصفت بالولايات المتحدة والعالم ..وما آل اليه الحال في رأي الشارع الأمريكي والعالمي للحرب العدوانية على العراق ) هو ليس من فعل المقاومة العراقية بل ما هي إلا نتيجة من نتائج (الفعل السياسي المعارض للنخبة التي تخلت عن كل انواع المعارضة لتعمل الآن في بغداد تحت ظل الحكومة الحالية)!..

 

سنسأل السيد الركابي عن أحداث ومواقف بعد الإحتلال الأمريكي للعراق ولن نسأله عن مواضيع (حمل السلاح ومقاومة نظام البعث ) في الأهوار وشمال العراق حيث كان يومها (شعار الكفاح المسلح )هو الشعار الجماهيري الطاغي في الميدان !..

 

ولن نذكره بما قاله في برنامج بعد الإحتلال وكيف وصف حميد الكفائي الناطق بإسم مجلس الحكم وكيف تعرض الى سيل من الشتائم والتهديدات من نفس الأشخاص الذين يمتدحهم اليوم! ..

 

سنتطرق الى بعض المواقف المهمة وهي:

 

الركابي يرفع شعار المقاومة العراقية وحرب الشوارع لتحرير العراق

 

بتأريخ 7-4-2004 قال الركابي وفي حوار عبر الهاتف من باريس مع "إسلام أون لاين.نت" :

( أن القوى الوطنية العراقية المتحالفة مع تيار مقتدى الصدر قررت منذ يومين تفعيل الاتصالات فيما بينها لتشكيل حكومة وطنية مستقلة.وأن المشاورات لم تنقطع طوال الساعات الثماني والأربعين الماضية مع السيد مقتدى الصدر لتحديد الوقت المناسب للإعلان عن تلك الحكومة. وهذه المشاورات لن نفصح عن أطرافها لأسباب أمنية، شملت أيضًا كيفية وضع برنامج سياسي شامل لتحرير العراق)..

 

( وأن المقاومة تحاول الآن بعد انضمام عدد كبير من كبار العسكريين إليها ابتداع أساليب جديدة للتغلب على التفوق التكنولوجي لقوات الاحتلال.وإن الاتجاه يسير في إطار تفجير حرب شوارع مفتوحة مع قوات الاحتلال في كافة المدن العراقية في توقيت واحد ).

 

ومن الواضح ويعرف الجميع ظروف تلك التصريحات (الثورية المسلحة) وكيف كان موقفكم من (مقاومة المحتل ) وتصويركم (فعاليات جيش المهدي ) بانها (المقاومة العراقية الحقيقية) ..

 

ولم نسمع منكم تعليقا أو مقالة توضيحية للأسباب التي أرغمت جيش المهدي على (بيع سلاح المقاومة الى المحتل!)..عندما تزاحم ووقف (آلاف المقاتلين من جيش المهدي  )طوابير طويلة لتسليم أسلحة مقاومة المحتل لقاء مبالغ زهيدة ليتحولوا من (مقاتلة المحتل الأمريكي) الى سرقة ممتلكات الشعب العراقي وعوائل الشهداء والمعتقلين وقتل الوطنيين وخطفهم!..

 

وبالتأكيد لم يعد مقتدى الصدر ولا جيش المهدي اليوم حليفا (للقوى الوطنية العراقية ) التي ذكرها السيد الركابي ..

ولم يتم الإعلان عن (تلك الحكومة) الوطنية المستقلة التي ذكرها..والرهانات الخاسرة تعتمد منذ البداية على حسابات خاطئة ..

 

أما حرب الشوارع ومقاومة المحتل التي أبكت الأمريكان وأذنابهم فالسيد الركابي  يصفها اليوم بأنها خداع وزيف !..بعد أن وجد في المالكي منقذا ومحررا للعراق!..

 

الركابي يعلن بان المقاومة العراقية تتطور نوعيا

 

وأعلن الركابي في نفس المقابلة:

(أن مجموعات من الشباب العراقي يمثلون كافة المدن العراقية والاتجاهات المذهبية والعرقية، استطاعوا في وقت مبكر من يوم الأربعاء 7-4-2004 كسر حصار الفلوجة (غرب العراق) والدخول إلى المدينة للانضمام للمقاومة هناك. وأن هذه الحرب ستشهد تطورًا نوعيًّا على الأرض من خلال استخدام تكنولوجيا متطورة تم الحصول عليها مؤخرًا).

هل هذا الحدث وما شهده العراقيون وما تقوله أنت هو نمط من الزيف والهراء كما تقول؟..

 

الركابي يعلن إن المقاومة العراقية إندلعت في عام 2003

 

الركابي في نفس اللقاء:

(إن الأسباب التي أدت إلى اندلاع الانتفاضة في هذا التوقيت، تعود الى إن الاتصالات بين أطراف المقاومة الوطنية العراقية بأطيافها المختلفة لم تنقطع طوال العام الماضي، ولكنها كانت تتم في حذر وسرية شديدة. إلا أن الأمريكيين كشفوا ما تخطط له القوى الوطنية مبكرًا، وحاولوا ضرب هذه المحاولات عن طريق دفع العراقيين إلى حرب أهلية).

هل كانت المعلومات التي كانت تصل اليك في عام 2004 هي من مصادر غير هذه التي تزودك بها اليوم؟..

أم إن المواقف الجديدة أفرزت مشاريع جديدة بعيدة عن الواقع وتفتقر للحقيقة في توصيف الحالة؟..

 

الركابي يقول إن انتفاضة العراقيين بداية للتحرير

 

ألست انت القائل  في نفس اللقاء :

(إن الانتفاضة العراقية المباركة المستمرة منذ أيام هي بداية لعمل وحدوي كبير سيؤدي في النهاية إلى تحرير العراق)..

 

كيف إذا توصلت الى قناعات جديدة اليوم لتقول (ان المراحل الحاسمة للتحرير لا تتحقق بالسلاح وإنما بالفعل السياسي وإن من يستمر بحمل السلاح إنما يعبر عن فكر رث يغلب عليه الهيمنة الطائفية والقبلية)!..

والظاهر إن السيد الركابي أغفل حقيقة معروفة وهي إن أهم ما يطالب به ويسعى اليه المحتل والحكومة التي نصبها هو(الترويج لفكرة المشاركة في العملية السياسية ورمي سلاح المقاومة)..

وبإعتبار السيد الركابي من (المعجبين بجيفارا المقاوم ) ومن المنفذين لفكره ومنهجه يوما ما..

ترى مالذي يعني بقوله:

(تحرير العراق بالفعل السياسي)!..

وتأكيده على إن هذا الفعل يتم تحت رعاية حكومة المالكي!..

 

حيث لم نسمع في كل التأريخ أن بلدا محتلا بالكامل وبقوة عسكرية هائلة من أجنبي طامع قد تحرر ونال إستقلاله بعمل سياسي وحده دون مقاومة مسلحة قوية ومؤثرة على الأرض !..

 

الركابي يبايع مقتدى الصدر قائدا للمقاومة ويتهم مجلس الحكم بالجريمة والإغتيال!..

 

وقال الركابي في نفس اللقاء:

(لقد راح الأمريكيون يفجرون المساجد والحسينيات للإيقاع بأبناء الوطن الواحد إلا أنهم فشلوا في مخططهم  وأن فشل الأمريكيين هو الذى دفعهم إلى محاولة النيل من السيد مقتدى الصدر حيث حاولوا الوقيعة بينه وبين السيستاني، ثم أشاعوا أنه المسئول عن قتل المرجع الشيعي عبد المجيد الخوئي، وأخيرًا بعثوا له أحد أعضاء مجلس الحكم ليهدده بالاغتيال).

وبإعتباركم سياسي مخضرم ..

مَن الذي أفشل مخطط الأمريكان ؟..

هل هي العملية السياسية الحالية أم  فعاليات جيش المهدي ؟..

وماذا عن ضربات المقاومة العراقية ومخططها الشمولي لتحرير العراق وفصائلها التي احرقت الأرض تحت أقدام المحتلين؟..

ونسأل:

إذا كان فشل الولايات المتحدة هو الذي دفعهم للنيل من مقتدى الصدر ..وأخرجوه فعلا من الساحة الآن..فهل إنتهى فشلهم إم إزداد ؟..وأين دور مقتدى الصدر الآن في المقاومة؟..

وإذا كان مجلس الحكم مؤلفا من عصابات مسلحة وخارجة عن القانون وتقوم بإغتيال (رجال الدين) ..أليس  حكام العراق اليوم هم إمتداد لذلك المجلس فكرا وشخصيات وأحزاب؟..

 

الركابي يجمع مليون توقيع على مضبطة سياسية تطالب الأمم المتحدة بالغاء كل المسيرة السياسية في العراق عام 2005

 

ألم تتفاخر في عام 2005 عبر كل وسائل الإعلام بجمع أكثر من مليون توقيع لعراقيين يرفضون العملية السياسية وطالبت الأمم المتحدة بالسعي لإلغاء كل العملية السياسية وما ترتب عنها؟..

كيف وبين ليلة وضحاها تصبح العملية السياسية الحالية بشخوصها وأحزابها وتياراتها نفسها راعية وداعمة لمؤتمر تحرير العراق؟..

 

الركابي يستصرخ مقتدى الصدر

 

في أيار 2005 طلب السيد الركابي من مقتدى الصدر في رسالة وجهها له أن  يطلق دعوة إلى مؤتمر وطني عام للعراقيين كافة جاء فيها :

(لقد قمنا من جهتنا، وبحسب ما نتوفر عليه من قدرات متواضعة ودعم القوى الخيرة، على تحقيق صورة عن هذا المطلب، والتبشير به، فأقمنا مؤتمرا تحضيريا في بيروت في 29 ـ 31 /8/2004 حضره اكثر من 300 شخص، جاءوا من العراق، من كل التوجهات والمذاهب والمناطق والعشائر والأديان، وكان ممثلكم في بيروت، الشيخ حسن الزرقاني، قد حضر جانبا منه، وقد هاجم المؤتمر، كل المتعاونين مع الاحتلال) ..

ويتذكر السيد الركابي كيف أن التيار الصدري عقّب على دعواتك هذه بخطابات ومقالات كثيرة كان جوهرها هو :

(إن على الركابي ان يفهم إن عدو العراق الأول هو البعث)!!..

 

من هم المتعاونين مع الإحتلال؟..

وما هو تعريف التعاون ؟..أليس الذي شارك في العملية السياسية ونفذ منهج المحتل في رسم وتنفيذ (العملية السياسية الأمريكية ) كما وصفتها أنت هم المتعاونين مع الإحتلال ؟.

هل حدث تغيير في جوهر الأحزاب والتيارات والأشخاص الذين هاجمهم المؤتمر في عام 2004 عن هؤلاء الذين يحكمون العراق اليوم؟..

ألم يشترك التيار الصدري في العملية السياسية ولازال؟..

فمَن إستصرختم بالأمس ؟..

ومع مَن تتعاونون اليوم؟..

 

الركابي يراهن على إسقاط الدستور

 

قال السيد الركابي  في مقابلة مع قناة الجزيرة الإخبارية الفضائية يوم السبت 15/10 /2005:

 (أن المشكلة ليست في الموافقة أو رفض الدستور العراقي، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في أهداف الاحتلال الأمريكي الذي قام بصياغة دستور طائفي يسعى من خلاله إلى تقسيم العراق وانتشار الحقد والكراهية بين جميع أبناء وطوائفه تحت مسميات خادعة مثل إرساء قواعد الديمقراطية وأسس العمل السياسي، أنه لا يمكن الترسيخ لديمقراطية وِفق منطقة فئوي ضيق.لذلك نطالب بضرورة توحد مختلف القوى الوطنية العراقية من أجل رفض هذا الدستور، والمطالبة بدستور جديد يقيم نظامًا عراقيًا ديمقراطيًا يقوم على تحقيق مصالح الشعب العراقي).

 

إنه لمن الغرابة فعلا أن يُنسب ما جاء أعلاه الى نفس الجهة التي تقول بعد لقائها مع المالكي في 2009 :

(مفهوم المصالحة الوطنية مفهوم جزئي، اذ ان المطلوب الان توسيع مدى واطار العمل السياسي لكي يصبح للاخرين حقهم في العودة وطرح ارائهم بكل حرية فمن الضروري وجود معارضة في ظل وجود عملية سياسية وهذا الاطار الواسع لوجود جميع العراقيين هو الذي يحقق مستقبلا الدولة الديمقراطية العراقية، خاصة ان المجتمع العراق حقق المصالحة الوطنية بتجاوزه الحرب الاهلية واتخذ موقفا من الطائفية والمحاصصة)!..

وهكذا توصل السيد الركابي الى آخر إستنتاجاته السياسية المهمة في كل مسيرته وهي :

(إن الذي يحقق الدولة الديمقراطية العراقية هو وجود معارضة سياسية في ظل حكومة الإحتلال الطائفية التي أقصت حتى حلفائها ومنهم تيار مقتدى الصدر حليف الركابي السابق)!..

 

الركابي يدعو الى عدم تعاون اليابان مع قوات الإحتلال

 

لقد قال الركابي في ‏مؤتمر صحافي نقلته وكالة الانباء اليابانية (كيودو) ان اليابان ستعتبر مثل ‏الولايات المتحدة ودول أخرى اذا قامت بارسال قوات الى العراق الان‏ موضحا ذلك بالقول :

(إن إرسال اليابان (قوات) الى العراق سيؤدي الى  ان مشاعر الكراهية تجاه الحلفاء الاميركان قد توجه الى اليابانيين).

اليوم يدافع الركابي عن صنيعة المحتل ويختزل (كل المقاومة العراقية ) بمعارضة سياسية داخل العراق ضمن عملية سياسية كان يسميها بالأمس (أمريكية مكروهة) واليوم (عراقية مقبولة)!..

 

الركابي يقر بوجود المحاصصة الطائفية

 

في شباط 2006  أشار الركابي في مقابلة مع (العربية نت )  إلى أن:

(هناك قوى من مصلحتها أن يتفجر الوضع بين المكونات الرئيسية في المجتمع العراقي، واعتقد انه لا يمكن تبرئة مسئولية الاحتلال عما يجري، فقد وضع قاعدة جديدة للواقع السياسي العراقي، يرسخ مسألة المحاصصة الطائفية، واصبحت هذه المسألة مرجعية في كل الحياة السياسية في البلاد، وسببها بالدرجة الاولى رغبة الاحتلال في توطيد وجوده).

 

فما الذي تغيّر الآن؟..هل تجاوزت القيادات الحاكمة اليوم في العراق هذه المحاصصة المقيتة وتغيرت الحياة السياسية الى الدرجة التي بات مقنعا إن الإحتلال هو الذي غيّرها ونفخ في روحها لتكون وطنية تحتضن كل المعارضة ويكلفون من كان يدافع عن المقاومة بالامس بواجب مهاجمتها؟..

 

ويتغزل بالتيار الصدري الذي تركه اليوم


وقال السيد الركابي في نفس اللقاء:

(علينا ان نقول بصراحة ان التيار الصدري هو القوة الرئيسية بين الشيعة في العراق، لكن هناك متغيرات طرأت على الوضع السياسي منذ فترة، وهو تصعيد الاتجاه الشيعي الذي يكرس الطائفية، والمدعوم من بعض القوى الاقليمية ومن الاحتلال، وهو اتجاه ليس له جذور عميقة في المجتمع العراقي..وإن رغبة التيار الصدري في التحالف مع السنة نابعة من ايمانه بوحدة البلاد ولفظ الطائفية واخراج القوات المحتلة ، وبناء عراق لكل العراقيين، وهذا التيار يعمل حاليا مع كل الوطنيين العرب في الجنوب والوسط وهو قوة تنمو يوما بعد يوم).

 

هل يستطيع السيد الركابي أن يثبت لنا ذلك على الأرض العراقية ؟..ويشرح لنا طبيعة الصراع الداءر اليوم بين المالكي والحكيم والتيار الصدري ؟..هل دوافع هذا الصراع هي المصلحة الوطنية او الوحدة العراقية ونبذ الطائفية ؟؟

من هو عدوهم المشترك؟..

هل هي قوات الإحتلال ؟..

هل هي القوة الإقليمية التي تغذي الإتجاه الطائفي لديهم؟..

أم أن عدوهم المشترك هو كل وطني شريف مُحب لتربة العراق ومقاوم للمحتل؟..

وأين التيار الصدري الذي تصفه بالمقاوم للمحتل اليوم؟..

أين هو في الساحة العراقية؟..وأين أنت منه في تحالفك مع المالكي؟..


الركابي يقر بأن العملية السياسية من صنع المحتل ويرفضها ويصفها (بالعملية السياسية الأمريكية)

 

لقد وصف الركابي في نفس اللقاء كل من هيئة علماء المسلمين والمؤتمر التاسيسي بقوله :

بأنهما "جهتان مدارتان، وممولتان عربيا من اوساط خليجية، وهيئت لهما كل اسباب البروز الاعلامي، والسياسي، والمالي، على أمل ايجاد معادل تمثيلي طائفي لـ"السنة" ، بمواجهة غيرهم من الطوائف الاخرى والقوميات. وكما لعبت قوى طائفية شيعية ، دورها المعروف في سرقة تمثيل جماهير العراقيين الشيعة ، وجيرتها بقوة حراب المحتل، لصالح مشروع الغزو والاحتلال، لعبت "هيئة العلماء المسلمين ، " و"المؤتمر التاسيسي" في ظروف وحيثيات مختلفة ، نفس الدور في "الساحة السنية" ، الى ان جاء يومها الموعود ، وحلت لحظة الحصاد الاخير ، في القاهرة، تحت غطاء الجامعة العربية ، يومها شرعت "هيئة العلماء " دخول السنة في "العملية السياسية الامريكية " بوهم وخديعة الانسحاب الامريكي من العراق ، وتحديدا "جدولته " ، ثم غابت ، فلا صوت ، ولااثر اليوم للضاري او الخالصي ، بعد الذي فعلاه ، وقدماه من خدمة لمشروع الاحتلال ، لايضاهيها حتى ماقدمه عبدالعزيز الحكيم ، واياد علاوي ، وموفق الربيعي ، وغيرهم من القائمة المعروفة..لكن قضية ادخال السنة في "العملية السياسية الامريكية" على مايبدو، اعقد من ان تحل على مرحلة واحدة ، ومع ان مؤتمر القاهرة ادى المطلوب منه جزئيا، الا انه لم يكن كافيا ، ويبدو ان ماتحقق على هذا الصعيد ، كان مقدرا ومحسوبا من قبل الامريكيين ، فمن دخل الى العملية السياسية ، هم بعض "السياسيين" من المدنيين السنة ، وهؤلاء لايحظون بتاييد (المقاومة المسلحة) ، التي تعتقد بانها هي الاحق بعقد الاتفاقات المتعلقة بالدخول في العملية السياسية ، ومن الممثل الشرعي والوحيد للشعب العراقي ، بدأ هؤلاء يطالبون على الاقل ، بحقهم كممثلين وحيدين لـ"السنة.)..

 

إذا تعترف بأنك مؤمن بان كل من عبد العزيز الحكيم وأياد علاوي وموفق الربيعي وغيرهم من القائمة المعروفة هم منفذي المنهج الأمريكي الذي وصفته (بالعملية السياسية الامريكية) التي حولتها بقدرة قادر الى عملية وطنية عراقية تُرحب بكل المعارضة (عدا البعثيين والمقاومة الوطنية العراقية)!..

 

مبادرة التيار الوطني العراقي الجديدة

 

اليوم عاد الركابي وعدد من زملائه في قيادة التيار الوطني الديموقراطي العراقي إلى العراق بعد سنوات طويلة من (الغربة الطوعية) ..والعراق خلال زيارة الركابي التي وصفها (بالتأريخية لما رافقها من مواكب وحمايات حكومية ) يعيش (العملية السياسية الأمريكية !)..وإلتقى الركابي برئيس الوزراء نوري المالكي، وبعدد من قيادات الأحزاب والتيارات التي جاءت مع الإحتلال .

 

وحسب ما نذكر إن أهداف التيار هذا هي :

ــــ مناهضة الاحتلال والعمل على إنهائه سريعاً ومن دون قيد أو شرط.
ــــ تفكيك وإنهاء العملية السياسية التي جاء بها الاحتلال والقائمة على أساس المحاصصة الطائفية والعرقية.

ــــ التحريض ضد الاتفاقية الأمنية المعقودة معه عبر جميع الوسائل، ودعوة الناخبين خلال الاستفتاء المقبل لنقضها ورفضها جملة وتفصيلاً.
ــــ عقد مؤتمر للقوى المناهضة للاحتلال والطائفية في العراق، بشكل مستقل عن الحكومة تماماً، وبتمويل وتخطيط وإدارة ذاتية من الأطراف المشاركة في المؤتمر المنشود، من دون إقصاء أو تهميش لأي طرف،وخصوصاً لممثلي حزب البعث بشقيه .

- الرفض المبدئي لقانون «اجتثاث البعث» ومشتقاته .

- رفض إقصاء جميع الأطراف العراقية غير الملطخة بدماء العراقيين الأبرياء أو تهميشها، ومنها «هيئة علماء المسلمين»، وإلغاء مذكرة الاعتقال الصادرة بحق أمينها العام الشيخ حارث الضاري.

- ضرورة حضور ممثلين عن فصائل المقاومة العراقية المؤتمر.


فأين أنتم من هذه الأهداف؟..

 

الغريب إن سياسي مخضرم مثلكم يقول :

 

(أن اللقاء مع المالكي لم يكن هدفاً بحد ذاته، كما لم يكن الهدف منه تقديم الولاء وآيات الطاعة وإعلان التأييد له شخصياً، بل كان ضرورياً لسببين أو لتحقيق غايتين اثنتين على الأقل:


الأول هو مناقشة مجموعة من القضايا الإجرائية المتعلقة بالمؤتمر المناهض للاحتلال والمحاصصة الطائفية في العراق، وسلامة المشاركين فيه وأمنهم، وترتيبات استعادتهم وثائقهم وبياناتهم الشخصية الرسمية، وغير ذلك من متعلقات، بوصف المالكي المسؤول عن الموضوع الأمني والسياسي التنفيذي.


والهدف الثاني هو استكشاف مواقف الرجل السياسية الشخصية، التي بدأت بالافتراق منذ فترة عن المحاصصة الطائفية ومخططات تقسيم العراق باسم الدولة الاتحادية «الفدرالية»، وموقفه من وجود الاحتلال العسكري والسياسي والاقتصادي.
)!..

 

الظاهر إن أهم نتيجة حصلتم عليها من خلال هذه اللقاءات مع المالكي والأحزاب الطائفية هي ضرورة توجيه طعنة قوية للمقاومة العراقية المسلحة التي أرعبت المحتل وأذنابه..

 

(ولا بأس ان تنال الطعنة من مبايء وأسس التيار الذي تقودونه ) وحتى من ( مصداقيتكم!)..

 

مضى التاسع من نيسان 2009

 

تذكرون مؤتمركم الصحفي الذي عقدتموه في بغداد تحت حماية القوات الأمريكية ومغاوير الداخلية والذي أعلنتم فيه :

(مفاتحة عدد من القوى المعارضة للعملية السياسية من داخل البلاد وخارجها وشخصيات من مختلف التوجهات من اجل تأمين مشاركتهم في المؤتمر الموسع المؤمل عقده ببغداد في 9 نيسان المقبل، مؤكدا ان المؤتمر سيستثني الفصائل المسلحة التي سيجري مفاتحتها خلال مرحلة لاحقة)!..

 

لم يفهم أحد في حينه مالمقصود بعبارة (ان المؤتمر سيستثني الفصائل المسلحة التي سيجري مفاتحتها خلال مرحلة لاحقة)!..

 

البعض قال إن (للمقاومة التي تمسك بالأرض العراقية شروطها التي تتعارض مع طبيعة هذا المؤتمر)!..

 

والبعض الآخر قال في حينها :

( إن ذلك يعني إن ما يجري سيكون بإشراف الحكومة وميليشياتها لتضرب كل العصافير بحجر واحد )!..

 

وقال آخرون:

( سيلحق هذه الخطوة نقلة نفاق جديدة وغير مستبعدة)!..

 

وعدم حضور المقاومة الوطنية العراقية لمثل هذه المؤتمرات نابع من ثوابتها الوطنية التي يؤمن بها شعب العراق وهي (إن كل الأشجار والصخور والأزقة ) هي ملك شرعي وقانوني لمن يقاوم المحتل ويقف بالضد من مشاريعه ومَن ينتهج منهجه ويروج لبضاعته..

ومضى التاسع من نيسان ولم يعقد المؤتمر!..

 

وإستعاد العراقيون ماقاله الركابي (الصادق والمحلل والمحارب القديم والسياسي المخضرم ) في مؤتمره في بغداد  وهو يرمي بكل ما (ناضل من اجله طيلة ست سنوات)!.:

 

( إننا فوجئنا خلال لقائنا برئيس الوزراء نوري المالكي قبل اربعة ايام بان رئيس الحكومة لم يترك لنا مكانا للاعتراض فكل ما كنا نفكر به طرحه السيد المالكي، مما يثبت ان لديه الاستعداد الكامل للسير نحو الامام والتوجه في التطابق مع ما يريده وقاله العراقيون في الانتخابات الاخيرة)!..

 

واليوم عرف الشعب العراقي ما المقصود بهذه العبارة التي أملاها المالكي على الركابي كشرط لتقديم الدعم والعون وتلميع الصور لمرحلة قادمة لايملكون جميعهم القرار في تحديد معالمها!..

 

ولن يتعجب العراقيون من قيام الركابي وغيره بمهاجمة المقاومة الوطنية العراقية وينتهك حرمة التأريخ العراقي ويُسفه معتقداتهم ويستهزيء بإنتصاراتهم وتضحياتهم التي أطاحت بأعتى المشاريع وغيّرت وجه العالم وقدمت فرص الحرية والإستقلال والبناء  لشعوب كان ينتظرها الدور الأجرامي الأمريكي ..


المطلوب من الركابي أن يعرف  إن مشروع (المقاومة الشاملة والمشاركة الوطنية التي يواصل الإصرار على إعتبارها شرطاً للتحرير) يجب أن  (يمجد البندقية)..

 

وعليه ان لاينسي أنه كان أحد ممجدي البندقية في أهوار العراق مع عزيز الحاج متهماً الأطراف الأخرى في الحزب الشيوعي العراقي من المشاركين في العملية الوطنية بالعمالة وبكافة النعوت الأخرى ..

 

وكَم سننتظر من الأعوام والمشاريع والمؤتمرات والمقالات لكي يستطع الركابي أو غيره من (قادة المواقف المتناقضة ومروجي المشاريع) وبعد كل هذه التجارب أن يضع الخط الفاصل بين المقاومة العراقية وبين العصابات المجرمة ..

بين مايعني مصطلح (مقاومة للمحتل الأجنبي) وبين من (يحمل البندقية من ميليشيات السلطة وغير السلطة) وتنظيمات (القاعدة المدعومة من إيران والصحوة المدعومة من الأمريكان!) ..وما ترتب على هذا التعقيد من إنعكاسات على الواقع العراقي الفوضوي الغارق بالمحاصصة الطائفية والعنصرية..

 

وإذا كان الركابي (وغيره من القادة السياسيين المخضرمين والجدد) يعرفون هذا الخط الفاصل ..فلماذا يخلطون الأوراق ويوهمون العامة من الناس بتداخل هذه المفاهيم؟..

 

نقول للسيد الركابي :

 

لعل من الغرابة بمكان إنك أنت القائل:

(هنالك من يريدون تصوير موقفنا ومبادرتنا ، وكأنها تخالف مبدأ وحق المقاومة المسلحة للشعب العراقي ، وهذا جزء من التشويه الحاقد المعتاد ، ومحاولة لإظهار موقفنا وكأنه خروج من معسكر الداعين للمقاومة ، التي نؤمن قطعاً بأنها حق مقدس .. الأكثر قدسية منه كيف نحميه ونطوره)!..

 

وأنت اليوم الداعي الى الترويج لخلط أوراق مقاومة المحتل مع بنادق من يمزق العراق..

ويضع يده بيد من يحمل سيوف الإحتراب والفتنة الطائفية وقتل العراقيين على الهوية وتصفية علماء ومفكري ومناضلي ومثقفي العراق وخيرة رجالاته  وإقصاء وتهميش وإبعاد ومحاربة وملاحقة كل وطني غيور..

 

وفي الختام نقول لمن ينوء بحمل مشروعا سياسيا وطنيا عراقيا : 

إتركونا نُرخّص الروح والدم من أجل العراق لتتقدموا في محافلكم السياسية وأنتم تستندون على قوتنا وسيطرتنا على الأرض .. 

 

وللسيد الركابي ولكل من يتعرض للمقاومة العراقية من هذا التيار أو ذاك نقول: 

دعونا نتشرف بالشهادة بسيوف أعداءنا دفاعا عن العراق ..

 

أما خناجركم التي تتربص بنا مقتلا من الخلف فهي وصمة العار التي نخجل منها لأنها بيد عراقية وينادي أصحابها بتحرير ووحدة ونصرة العراق!..

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الثلاثاء / ٠٢ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٨ / نـيســان / ٢٠٠٩ م