ما حدث للبعث وللعراق لم يحدث لغيرهما

رد على مقال

( '' الحل الجزائري'' في العراق وأوهام عودة البعث إلى السلطة )

 
 

شبكة المنصور

الدكتور محمود عزام

نشرت شبكة الكادر يوم 30 نيسان 2009 على موقعها ونقلا عن (الجزيرة) مقالا للكاتب فاضل الربيعي بعنوان "الحل الجزائري" في العراق وأوهام عودة البعث إلى السلطة .. وفيها مقارنة ( لا نريد أن ننتقدها لكي لا نحيد عن هدف الرد) بين العراق والجزائر ..

 

نعم لقد سقطت السلطة في البلدين ..

وسؤالنا كيف سقطت سلطة الحزب في الجزائر ؟..وكيف يمكن تشبيهها بما حدث لإسقاط سلطة الحزب في العراق ؟..

 

مَن قاد الحملة العسكرية الهائلة ودمر العراق وهدم الدولة ومؤسساتها وقتل مليون ونصف المليون عراقي وفيهم خيرة كوادر العراق وعلماءه وضباطه ومفكريه ومثقفيه وشخصياته ووظنييه وهجّر أربعة ملايين عراقي خارج العراق ومليوني عراقي داخله وإغتال قادة الحزب والسلطة الشرعية وعبث بتأريخه وزوّر وصنع أسبابا ومبررات كاذبة بتحريض وإلحاح من خونة تراب العراق ؟..

 

كيف يمكن تقبّل مقارنة أخرجت منها قوة المحتل ؟..

 

وكيف تسمح اليوم لقلمك أن يسترسل في إستنتاجات لا تستند الى أدلة وبراهين وتُخرج من تحليلاتك أي إشارة الى الطامعين بالعراق وفي مقدمتهم إيران ؟..

 

هل هي المجاهرة بالإنحياز التام أم سوط آخر تريد به ضرب الروح المقاومة التي أبكت الأمريكان وقدمت الفرص لللآخرين ليقفوا بوجه المخطط الذي جعلوا له إسم (محاربة الشر) ليكتسب عدوانهم صفة القدسية ورعاية الرب!..

 

وتماديت في التغاضي عن الأحزاب والشخصيات التي جاءت مع المحتل وتسلمت حكم العراق  وروجت له وتبرعت للدلالة لقواته ومعلوماته وكانت تقبض ملايين الدولارات من أجهزة المخابرات لأجل الإطاحة بالنظام العراقي!..

 

مَن هم أعداء حزب الجزائر؟..ومَن هم أعداء حزب العراق؟..

أيها الباحث في كومة القش عن إبرة لتغرزها متشفيا في جسم البعث والنظام السابق ..

كيف يعقل أن تلعب دور المعلم والأب والموجّه (لتدرسنا تجارب الشعوب وطريقها للخلاص) ..في حين أن كل الأمثلة التي أوردتها عن قتل العراقيين وأعمال الذبح الفظيعة (وقطع أعناق الضحايا بوحشية) على أيدي جماعات تزعم أنها "إسلامية" هي من أمثلة جرائم القاعدة ولم تتطرق في كل مقالك الطويل عن دور إيران في مأساة العراق!..

 

لماذا لم يهتز لك جفن أو جملة من قلمك عن فرق الموت وفيلق بدر وتنظيمات الدعوة والجلبي والصغير والعنزي وفيلق القدس الإيراني التي قتلت كل وطني غيور على العراق وخاصة أولائك الذين قصفوا إيران وقاتلوها وأذاقوها الهوان؟..

ولماذا ألصقت حالة الكويت حشرا ؟..

هل ينتظر مقالك احد؟..ام هي الشرنقة التي تدورون فيها وعيونكم مغمضة؟..

والغريب إنك تنعت البعث المقاوم اليوم بأنه أصبح يطرح شعارات إسلامية ولا تنتقد أحزاب السلطة الإسلامية التي تنادي بالفرقة الطائفية وقتل البعثيين !..

فهل هي دعوة لإيجاد حل أم للإمعان في زرع الفتنة؟..

لماذا لا تضع في بحثك نقاط الإختلاف بيننا وبين التجربة الجزائرية ؟..

هل هذا لايخدم إيران وممثليها من حكام العراق اليوم؟..

هل إنك تتشفى بالبعث لأن إيران كانت المستفيدة الأولى من سقوطه في العراق ..ولأن حكام الكويت تعجبهم لغة إتهام البعث !..

 

إن المقارنة القاصرة التي تقول ( لقد خرجت جبهة التحرير الجزائرية نهائيا من السلطة، وراحت تلعب داخل مساحة ضيقة في الحياة السياسية دورا محدودا وقليل التأثير في مسارها المتعرج، وربط ذلك  "بالعودة المحتملة للبعث إلى السلطة" )..تدلل على وجود غاية من المقال بدلا من طرح حل ..

 

وعلى الكاتب أن يتذكر جيدا كيف خرج البعث من السلطة ومَن أخرجه ومَن تعاون وتحالف مع المحتل الأمريكي لإجتثاث البعث وقتله.

 

ومن الغرابة أن تستكثر على البعث ان يتعاون مع الجماعات الإسلامية العراقية التي تنادي بتحرير العراق ولا تستغرب من تقارب الحزب الشيوعي العراقي مع الولايات المتحدة وقواتها ومخابراتها !..

ولم تتعجب من تقارب دعاة حماة (آل البيت ) مع الشيوعيين والكفرة!..

ولم نجد في مقالك مايشير الى هيمنة المؤسسة الدينية اليوم على الحياة السياسية في العراق بعد كل هذه العقود من البناء والتحرر!..

 

أنا أقترح عليك أن تقارن بين تجربتين غير التي ذكرتها ..

تجربة قيادة وشعب تحملا 13 عاما من الحصار الجائر الذي شمل حليب الأطفال وأقلام الرصاص وهو يرزح تحت تأثير مجتمع دولي وعربي خائف وذليل وطامع في عراق مقسم بخطوط  طول وعرض وتجوب في سماءه الطائرات الأمريكية تحت مظلة الأمم المتحدة ثم تقوم الولايات المتحدة بغزوه وتدميره وإحتلاله وسرقته وتنصيب أرذل القوم لنهب ما تبقى منه ..

 

وتجربة قيادة وشعب همه كهموم الدواب..

وإبحث في مخيلتك عن موضوع يدعم البعث والمقاومة العراقية التي تحتاج للطلقة والكلمة ونبضة القلب لتحرير العراق لا لكي تبحث عن مكان في السلطة كما رسمت وتخيلت..

إن الذي حدث لنا لم يحدث إلا في عصور ماقبل الحضارة يومها كانت جموع الفيلة والديناصورات والمتوحشين هم أسياد الكون..

 

وأخيرا..

لماذا تسوقكم النقاط السوداء في القلب دائما الى إهمال صرخات الضمير وقول الحق؟

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاربعاء / ٠٣ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٩ / نـيســان / ٢٠٠٩ م