الفقر في بلدان البط السعيد هدف وسياسة حكومية

 

 

شبكة المنصور

د. محمد رحال - السويد / مستشار دولة للشؤون الاستراتيجية في السويد

في احد الايام قال لي محدثي وهو رجل دولة عربي بارز قابلته في احد المؤتمرات : انظر الى ارقام البطالة في العالم الاوروبي والتي هي في تصاعد , وانظر معها الى ارقام المشردين في تلك البلدان , وانظر الى فضائح الفساد المتفشية في تلك البلدان التي تدعي الحضارة .

 

نعم كان محدثي صادقا فيما يقول , فارقام البطالة في تزايد , ومعها ارقام التشرد , ومعها ايضا فضائح الفساد المالي , ولكني اجبت هذا الفيلسوف حينها ان الدولة في تلك البلدان وعلى الاقل تكفلت هؤلاء العاطلين عن العمل فادخلتهم في نظام الحماية والضمان الاجتماعي ومنحتهم مرتبا شهريا لايقل عن راتب وزير في حكومات البط العربي , ولم تتركهم على قارعة الطريق  يتسولون العمل او يتسابقوا لركوب الموج على الواح خشبية تالفة من اجل الوصول الى تلك البلدان الاوروبية ذات البطالة المرتفعة فيموت اغلبهم امام سمع حكومات البط العربي والتي انعدم الحياء من وجوه زعمائها  , وكأن ارقام البطالة في بلدان البط العربي في انخفاض دائم , بل ولعلها تشكو من انعدام البطالة نهائيا , فالاحصائيات الحكومية لاتسجل في دفاترها العاطلون عن العمل وانما هي مختصة بتسجيل المواطنين في اقسام الامن والشرطة والمقار الحزبية وتقسيمهم الى فئتين , فئة بشرية من ذوات  الخمس نجوم وهي الفئة التي تصفها الاجهزة الامنية المختصة بالوطنية والقومية صاحبة الشعارات الخالدة , والتي تمارس عبادة الحاكم ايمانا او نفاقا , في امة ارسل نبيها وهو يحمل على رأس دعوة النور (قل هو الله احد), اما الطبقة الاخرى فهي التي صنفت من ذوات طبقة الخمس نجوم تحت الارض والتي يزغرد الفقر كل لحظة وحين في اركان وجنبات حياتهم ولحظات نحسهم ,واما عن التشرد في الغرب فان الدول الاوروبية هي في حالة رصد دائم لهذه الاعداد, والمكونة دائما من افراد قليلة من المجتمع امتهنت شرب الكحوليات وادمنت غرز الابر , ومع ذلك فقد رعاها المجتمع وساعدها بكل الوسائل المتاحة , في الوقت الذي لايجد اكثر من نصف ابناء الوطن العربي السعيد مكانا للسكن , ولهذا فليس غريبا ان تجد ان كثيرا من الاسر العربية يعيش فيها الابناء البالغين كلهم في بيت العائلة والذي هو في الغالب بيت مستأجر انعدمت فيه كل وسائل العيش الكريم , وغابت عنه التدفئة شتاء والتبريد صيفا , ويمر الشتاء على ساكنيه وكانهم يعيشون في وسط البيداء السيبيرية المنعشة , ويمر صيفهم وكأنهم وهم في داخل البيوت الاسمنتية يعيشون في رمضاء الهاجرة المفرفشة , فضلا عن تدنى اعداد الافراد المؤهلين للزواج من الجنسين بسبب ارتفاع الدخل الكبير الذي تغدقه حكومات التكافل الاجتماعي العربي, ولن نتحدث عن العشوائيات السكنية والتي طالت كل المدن العربية , والتي لاتصلح سكنا للبهائم فضلا عن البشر الذين قال فيهم المولى (ولقد كرمنا بني آدم) , ويجري هذا في أمة بنيت احزابها الحاكمة على نظريات اخلاقية ماأروعها على الورق وما ازفتها على الطبق, وايدلوجيات متعددة لم يبق منها حكام البط العربي الا صورهم الشريفة , ولم اجد في الكون من هو اسوأ من هذه الحكومات التي تتباهى علنا بالفساد وتتسابق فيه , ولا يخجلها ابدا دخول زعمائها قائمة اكبر اللصوص في العالم  , وتتحدث عنه كأنه مكاسب حكومية باعتبار ان اغلب رواد الفساد هم من اقارب الحاكم ,او اشد فسادا وفسقا وعهرا ودعارة وديوثية حينما يكونوا  من اقرباء زوجة الحاكم ,ليبدوا الحاكم وكانه يناسب ويصاهر قبيلة تلبسها الاباليس, وهي ظاهرة انعدمت واختفت من كل دول العالم المتخلف باستثناء دول البط العربي السعيد والذي يحافظ على التراث ويحب هذا النوع من الفلكلور الابليسي في نشر الفساد وانحلال الاخلاق , وباعتبار ان الفساد هو شيمة هذه الانظمة فانها تعتبر الانتخابات الدورية مزية ايجابية من اجل فبركة النتائج والتي حافظت على نسب تاييد للحاكم اعلى من نسب المؤمنين بالله , وهذه الفبركات الانتخابية والتي تكرس حقيقة الطبع الاستبدادي واللصوصي لهذه الحكومات هي خوف خسرانها لأية انتخابات عادلة , وذلك لان اركان السلطة في تلك البلدان لاتملك اي مؤهل للعمل الشريف باستثناء فن سرقة شعوب البط العربي السعيد, ولهذا فقد انعدم برنامج دول البط من اي استراتيجية اقتصادية بالرغم من الثروات الهائلة والمتجددة والتي تمتلكها ارض هذه البلدان , والتي تباع للخارج وتبقى اموالها في بنوك الخارج لاتدخل ابدا الى بلدان البط السعيد خوفا من دخولها الميزانيات العامة وتحسين شؤون الفقراء في تلك البلدان وهو امر لاتحبذه  الحكومات الرشيدة في هذه البلدان وتؤذي شعوب البط المتبلد , وكان باستطاعة هذه الحكومات فيما لو نوت الاصلاح منح القروض الوطنية لابناء البط السعيد من اجل تدعيم الزراعة والصناعة المحلية والتجارة , وتحويل التراب الى سلعة زراعية منتجة , وتحويل اليد العاملة الصناعية الى منتج صناعي له قيمة نقدية  , وبالتالي تصدير المنتج الى خارج البلدان , وهو امر ليس بالعسير على هذه الدول , ولكن هذه الدول لاتريد ابدا لابناء البط السعيد العزة في بلدانهم واوطانهم خوفا من فقدان نعمة الاخشيشان  , ومحبة من حكومات هذه البلدان لابقاء هذه الشعوب تحت اقدام الحكام يدعسونهم ويهرسونهم ليل نهار , الا من كان له لسان المادحين , فانه الى جنان الحاكم ينسب , والى فئة الخمس نجوم ذهبية يصنف.

 

وللقراء الاعزاء اهديهم قصيدة الشاعر الفذ احمد مطر والتي هي بعنوان انا السبب

 

 

 

 " أنا السبب "

 

أحمد مطر

 

 

أنا السببْ في كل ما جرى لكم يا أيها العربْ

سلبتُكم أنهارَكم والتينَ والزيتونَ والعنبْ

أنا الذي اغتصبتُ أرضَكم وعِرضَكم،

وكلَّ غالٍ عندكم أنا الذي طردتُكم

من هضْبة الجولان و الجليلِ والنقبْ،

والقدسُ في ضياعها، كنتُ أنا السببْ

نعم أنا.. أنا السببْ

 

أنا الذي لمَّا أتيتُ: المسجدُ الأقصى ذهبْ

أنا الذي أمرتُ جيشي، في الحروب كلها

بالانسحاب فانسحبْ

أنا الذي هزمتُكم

أنا الذي شردتُكم

و بعتكم في السوق مثل عيدان القصبْ

أنا الذي كنتُ أقول للذي

يفتح منكم فمَهُ Shut up

***

نعم أنا.. أنا السببْ.

في كل ما جرى لكم يا أيها العربْ

وكلُّ من قال لكم، غير الذي أقولهُ فقد كَذبْ

فمن لأرضكم سلبْ..؟ ومن لمالكم نَهبْ..؟

ومن سوايَ مثلما اغتصبتكم قد اغتَصبْ؟

أقولها صريحةً

بكل ما أوتيتُ من وقاحةٍ وجرأةٍ

وقلةٍ في الذوق والأدبْ

أنا الذي أخذتُ منكم كل ما هبَّ ودبْ

ولا أخاف أحداً

ألستُ رغم أنفكم

أنا الزعيمُ المنتخَبْ!؟

لم ينتخبني أحدٌ لكنني

إذا طلبتُ منكم في ذات يوم،

طلباً هل يستطيعٌ واحدٌ منكم

أن يرفض لي الطلبْ؟

أشنقهُ

أقتلهُ

أجعلهُ يغوص في دمائه حتى الرُّكبْ

 

فلتقبلوني، هكذا كما أنا

أو فاشربوا

"من بحر العرب"

ما دام لم يعجبْكم العجبْ

ولا الصيامُ في رجبْ

فلتغضبوا إذا استطعتم

بعدما قتلتُ في نفوسكم روحَ التحدي والغضبْ

وبعدما شجَّعتكم على الفسوق والمجون و الطربْ،

وبعدما أقنعتكم

أن المظاهراتِ فوضى ليس إلا وشَغَبْ

وبعدما علَّمتكم أن السكوتَ من ذهبْ

وبعدما حوَّلتُكم إلى جليدٍ وحديدٍ وخشبْ

وبعدما أرهقتُكم

وبعدما أتعبتُكم

حتى قضى عليكمُ الإرهاقُ والتعبْ

***

يا من غدوتم في يديَّ كالدُّمى وكاللعبْ

نعم أنا.. أنا السببْ في كل ما جرى لكم

فلتشتموني في الفضائياتِ إن أردتم والخطبْ

وادعوا عليَّ في صلاتكم وردِّدوا

'تبت يداهُ مثلما تبت يدا أبي لهبْ'

قولوا بأني خائنٌ لكم

و كلبٌ و ابن كلبْ ماذا يضيرني أنا؟!

ما دام كل واحدٍ في بيتهِ يريد أن يسقطني بصوتهِ وبالضجيج والصَخبْ؟!

أنا هنا، ما زلتُ أحمل الألقاب كلها

وأحملُ الرتبْ

أُطِلُّ، كالثعبان، من جحري عليكم فإذا

ما غاب رأسي لحظةً، ظلَّ الذَنَبْ!

فلتشعلوا النيران حولي واملأوها بالحطبْ

إذا أردتم أن أولِّيَ الفرارَ والهرب

 

تحرير العراق وفلسطين واجب شرعي فساهم في هذا الشرف وافتخر بانتمائك الى الشرفاء المقاومين فخر الامة

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

السبت / ١٥ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١١ / نـيســان / ٢٠٠٩ م