المآسي الفلسطينية وحجر الأساس

 

 

شبكة المنصور

د. محمد رحال / السويد
واخيرا وضع حجر الاساس في مخيم نهر البارد , وبوضع حجر الاساس فان اكثر من اربعين الف نازح عن المخيم سينتهي تشردهم المتعدد والاخير ان شاء الله وتم هذا بعد عامين تقريبا لم يذق فيها اهل المخيم طعما للراحة او مذاقا لطعام  , و بفضل منح وجهود اعمار المخيم الجديد والذي يكون في العادة عن طريق جمع المحسنين الاوروبين حيث يبدأ الداعي للمانحين بمعزوفة بكاء محترمة تتبعها طاسة التبرعات لجمع التبرعات ولله يامحسنين , وقد استقدم للمخيم حجرا خاصا من اجل وضعه كحجر الاساس كاشارو للبدء بالاعمار, وروعي فيه ان يكون كبيرا وعلى شكل بلاطة ضخمة بحيث تستوعب هذه البلاطة الاربعين الف لاجيء ,

 

فقد اعتاد الشعب الفلسطيني على ان يتركهم الاشقاء النشامى والغيارى هكذا في العراء لممارسة الحب الفلسطيني المكشوف  وعلى بلاطة الحب العربي , وفي اجواء العيش التشردي المشترك لأن الاخاء الفلسطيني يزداد تماسكا في ظل هذا التشرد المدعوم من الانظمة العربية المباركة , وهو هدف الانظمة العربية من معتدلة ومطعوجة  , فكم أرق هذه الانظمة تشرذم الاخوة الفلسطينيون , ولهذا فان ترك سكان نهر البارد هكذا في العراء وعلى بلاطة حجر الاساس العربي يساعد في جسر الهوة بين ابناء الشعب الواحد,خاصة عندما تقطع عنهم كل اشكال العون والمساعدة والتي تضاف الى حرمانهم من كل الحقوق التي يتمتع بها اي مواطن عربي على ارض العروبة التي اصبحت ملكا للحكام العرب يتداولونها بين ابنائهم وفي نسلهم الطاهر والشريف , والذين استحضر لهم وعاظ السلاطين نسبا شريفا يمتد الى رسول النور وقد يرتفع الى مالك الملك  الواحد القهار, وهذا ليس بعيدا عن شوارب زعمائنا الذين هم قدر هذه الامة وسعدها الميمون , ومآسي سكان مخيم نهر البارد والتي ابتدأت منذ العام الاول للتشرد منذ اكثر من 60 عاما تتضاعف وتتراكم مع تراكم مشاكل المخيم, والحضارة, وضيق المكان , وقانون الدولة اللبنانية والتي تخاف ان يفرض المجتمع الدولي قانونا يجبرها على قبولهم وتجنيسهم كلبنانيين فيختل النظام الطائفي المفبرك  ,

 

ففرضت الدولة اللبنانية لهذه الاسباب شبه حصار على هذا المخيم وغيره لتبقى قضية المشردين من ارضهم الفلسطينية معلقة بين السماء والارض ومعها تعيش اسر المشردين عيش المشنوق الذي لم يلف الحبل جيدا على رقبته , ليبقى بين الحياة والموت يتارجح وهو يتمنى ان تصعد روحه فيرتاح من عذاب الشنق , وهذا العذاب الجماعي والذي ترافق مع اصرار الدولة اللبنانية على مهاجمة المخيم لتنظيفه من مسلحي جماعة مايسمى بفتح الاسلام , وقد شن الجيش اللبناني الباسل هجوما عنيفا على المخيم الاعزل وذلك بعد حصاره , وتساقطت كل انواع القذائف ليلا ونهارا على رؤوس ابناء المخيم , وحينها وقف الاعلام العالمي كله الى جانب الجيش اللبناني باعتباره انه يشن حربا ضروس ضد الارهابيين , وهي شهادة لهذا الجيش تستدعي تعاطف العالم معه , ولم يكن الجيش اللبناني وحده الذي ابدى بطولة نادرة في قصف العزل من الشعب الارهابي الفلسطيني في المخيم , وانما تقدمت عدة جهات عربية وفلسطينية واقليمية من اجل ان تساهم في قصف المخيم  من اجل التقرب من سيد مكافحة الارهاب في العالم, وبعد قتال دام لاكثر من شهرين تم فيه تدمير المخيم كاملا والذي كان عبارة عن مدينة صغيرة متكاملة وسقط تحت الانقاض عشرات القتلى من العزل وضاعت فيه املاك الاسر الفلسطينية والتي اشترتها على حساب لقمة العيش المحدودة  ,

 

فقد سجل الجيش اللبناني انتصاره الساحق ولاول مرة في التاريخ اللبناني على عشرات المسلحين في المخيم , والذين استسلموا قهرا بعد نفاذ السلاح والمؤن , والعجيب الغريب ان المسلحين انفسهم طلبوا من السلطات اللبنانية السماح لهم بالخروج من المخيم خارج لبنان بهدف وقف اراقة الدماء ولايمانهم انهم انما يرجون القتال في ارض العراق الذي احتل من القوات الامريكيية وبالتعاون مع الحكام العرب الافاضل , ولكن الاوامر كانت بالقضاء على كل المسلحين في المخيم من اجل قطع دابر الارهاب واجتثاثه من جذوره , ولهذا فقد تلقى الجيش اللبناني دعما لامحدودا من الدول الغربية وعلى راسها امريكا والتي قادها شيطان البيت الاسود بوش الصغير .
وقضية حجر الاساس لم تكد تبدأ  في مخيم نهر البارد حتى فجع العالم العربي والاسلامي بالعدوان الاجرامي الغاشم على غزة , والذي كان فظيعا وعلى اعلى مستوى من مستويات الاجرام العالمي وامام كاميرات العالم التلفزيونية , ودمر في هذه الحرب الاجرامية مايقرب من ربع المساكن في قطاع غزة , واجتمع العرب وبدأ معهم العد التصاعدي بمزايدات الاعمار حتى وصلت الى ارقام فلكية , وانتهت هذه الارقام الى مجرد ارقام واصفار فارغة بعد ان وضع عليها القيود والاشتراطات , وسكن اهل غزة في المخيمات , ليزدد بؤسهم مزيدا من انواع البؤس والحرمان والحاجة بسبب حصار يفرضه العالم على هذا الشعب , ومع ذلك فان حجر الاساس الذي وضع في نهر البارد لايبدو انه سيوضع في القريب العاجل في نهر الدم الحار في  غزة, وعلى العكس من ذلك فان حكومة الشر الاكثر اجراما في اقصى يمين التطرف الصهيوني تخطط لشن المزيد من عمليات الاجرام ضد هذا الشعب البائس مستغلين ارتفاع نغمة الخطاب الايراني والذي افاد القضية الفلسطينية الكثير جدا من الدعم الكلامي والذي دفع ثمنه اهل غزة وفلسطين عامة المزيد من الارواح والدماء الطاهرة .


وباعتبار ان الكيان الصهيوني يخطط لهدم المسجد الاقصى ويسعى لذلك ليل نهار , وحفر من تحته الانفاق الطابقية ليخلخل البناء باكمله , واجرى عدة تجارب في البحر الميت من اجل اعداد زلزال صناعي , وكان اخرها الزلزال الذي تصدع بموجبه مبنى الكنيست نفسه , ولهذا فان حكام الدول العهربية تخطط هذه الايام الى تجهيز واعداد حجر خاص من اجل وضعه كحجر اساس للمسجد الاقصى وهو اقصى مايستطيع الحكام العرب عمله , وهي وسيلة مناسبة لاسكات غضب الجماهير العربية والاسلامية , ليذهب بعدها جهود ابناء فلسطين وخاصة في الداخل الفلسطيني والذين يسجلون للتاريخ لحظات صمود متتابعة ومتتالية من اجل حماية المسجد الاقصى , متكاتفين يدا واحدة من مسلمين ومسيحيين شيوخا وقساوسة دروز وسنة , يجمعهم تراب فلسطين الطاهر اخوة على ارض فلسطين التي تنازل عنها الحكام العرب مجانا , وباعونا بدلا منها خطبا واشعار وشعارات وحجارة اساس تؤسس لمزيد من النكبات على ايديهم .

 

تحرير العراق وفلسطين واجب شرعي فساهم في هذا الشرف الرفيع

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الجمعة / ٢٨ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٤ / نـيســان / ٢٠٠٩ م