كأسك يا وطن في نخب الجارة المسلمة !

 
 
 

شبكة المنصور

ضحى عبد الرحمن / كاتبة عراقية
صدق من قال " شر البلية ما يضحك" ففي أحيان كثيرة تحصل حوادث مؤلمة وبقدر ما تهيج الأختلاجات البشرية بنفس الوقت تثير السخرية والتهكم. وعندما نتحدث عن الجارة المسلمة إيران يمارس البعض علينا حق النقض وهو حق مكفول في الصحافة ويتناسب مع حرية التعبير فقد ذكرالكاتب الفرنسي فولتير كلمة مأثورة أصبح قاعدة أساسية لحرية التعبير في كل أرجاء المعمورة" قد أخالفك في الرأي ولكني مستعد للموت من أجل أن تقول رأيك بكل صراحة". ولذك تقبلنا الرأي الآخر بكل ود فالإختلاف كما قيل لا يفسد للود قضية, ومن هذا المنطلق نتحدث بصوت عالي لأن التحدث بصوت واطيْ برأينا يفسد الود والقضية معا.


وعندما نوجه سهام الإنتقاد الى الجارة المسلمة فلا يعني ذلك إننا ننتقد إيران كدولة مسلمة أو ننتقص من قيمة الشعب الأيراني المسلم. فنحن نتحدث في السياسة والسياسة فقط التي وصفها الإمام علي (رض) بإنها ما دخلت شيئا إلا وأفسدته وكان ذلك قبل حوالي ألف وأربعمائة عام أي قبل أن أن يصدر ميكافيللي كتابه الشهير الأمير عام 1959 الذي تضمن أخبث الوسائل وأعتى الأساليب لأنهاء الخصم وخداع الناس وهو صاحب الفتوى الشهيرة" الغاية تبرر الوسيلة" وقد تطورت هذه الأساليب بحكم تطور الفكر السياسي حتى وصلت ما وصلت اليه في الوقت الحاضر حتى أمسى مفهوم السياسة مرادفا لعدة كلمات الخداع والمكر والمصالح والمقاصد والأنانية والمراوغة وغيرها من المعاني التي يعرفها الشعب العراقي لأنه يعيشها اليوم في كل تفاصيل حياته.


ويبدو أن الحكومة الإيرانية قد إستوعبت هذه المفاهيم بشكل جيد من الناحية النظرية وبدأت تجربها في المختبر العراقي وهو مختبر مفتوح ومباح لجميع دول العالم وإستخباراتها وكل من هب ودبً. ولا يتضمن أية لوائح قانونية أو تنظيمية أو عقوبات أو تعويضات. فنجاح التجربة يكون ريعها لصاحب الأختبار والخسائر يتحملها العراق من كلفة أرض المختبر والمواد والبشر وفشل التجربة يتحمله فقط العراق وليس صاحب الإختبار فهو مصون محصن غير مسئول. هي حالة فريدة ونادرة من الصعب أن تجد مثيل لها حتى لدى البرابرة في مجاهل المعمورة الذين لم تشرق عليهم شمس الحضارة لحد الآن.


لم نستفق من الخطوة المباركة التي قامت بها الحكومة الإيرانية لدفع الخنازير البرية من على حدودها لتحل ضيفة عزيزة على العراق بما تحملة من صحة وعافية لتعقم به مناخ العراق الصافي جدا، وتعزز من صحة وسلامة المواطن العراقي المعافى أصلا بفيتامينات العم سام. إستكمالا من الجارة المسلمة بمليء كتاب الجيرة بفصول أخرى بعد أن إنتهت من صفحات الميليشيات الطائفية والفتنة الطائفية والمخدرات والأدوية الفاسدة والمواد الغذائية المسمومة وأغتيال العلماء والطيارين والأستيلاء على حقول النفط العراقية وسرقة الطائرات العراقية والأسلحة الثقيلة وغيرها من المآثر المجيدة التي لا يمكن أن ينساها الشعب العراقي مطلقا والتي تتناسب مع المواقف الودية جدا من إيران مع الشعب العراقي منذ عصور التأريخ الأولى.


هذا الأسبوع من خلال تصفح الاخبار قرأنا تصريح الرئيس الإيراني أحمد نجادي وهو يصف بلاده وشعبه بأنهم وضعوا أنفسهم" رهنا للقيم والحضارة الإسلامية ونشرها في العالم" وإن الثقافة الإيرانية دخلت كل جوانب الحياة البشرية بفضل تمسك حكومته بما سماه" القيم الإنسانية" وهو كلام له مدلولات واضحة لا تحتاج الى التفكير العميق والتحليل! فأن سئلت عن تلك القيم ستأتيك البراهين متزاحمة بشكل خانق بدءا من لبنان نصر الله ومرورا بيمن الحوثي ومن جزر القمر الى البحرين والسودان والصومال وفلسطين ومصر والسعودية والإمارات العربية والبحرين وجولة مضنية في خارطة العالم كله تنتهي بالعراق فهو الأقرب الى تلك القيم الإنسانية النبيلة فقد تحسس أنفاسها الحارقة ولمسها بيده وشعر بوخزتها الموجعة وعلقمية مرارتها.


ربما وجدت الجارة ‘ن المخدرات والكبسولات المنشطة للهلوسة التي يتعاطاها عناصر الميليشيات والشباب المغرر بهم والفاقدين لبريق الأمل في الحياة وفي عراق اليوم لم تعد تفي بالغرض، فقرروا مد يد العون لجيرانهم وإشقائهم في الإسلام بمدهم بسوائل توازي الدماء اليومية النازفة فعكفوا هذه المرة بتجارة الخمر وإرسالها الى منفذ العراق الرئيسي( ميناء البصرة) الذي يخضع لسيطرة نيافة القنصل الإيراني العام. فبيده فقط الحل والربط! ويشاء الرب جلً جلاله أن يفضحهم هذه المرة حيث أغرق سفينة الشرور بما تحمله من خمورعلى ساحل السعودية قبل أن تصل الى مرفأ البصرة. وقبل التعليق فأن السفينة كانت تحمل العلم الأيراني في المياه الدولية وربانها وطاقمها من الإيرانيين حيث أنقذت قوات السواحل السعودية (6) منهم اعترفوا أنهم قدموا من الإمارات متوجهين الى البصرة. ويبدو أن الخوف من الفضيحة لحمل هذه (القيمة الإنسانية التي تحدث عنها نجادي) منعت الربان من طلب الإغاثة عند عطل السفينة وبقائها ساكنة في وسط مياه الخليج العربي قبل أن تتعرض الى الغرق بسبب الأمواج العاتية والظروف المناخية السيئة.


كما بدأنا بالقول" شرً البلية ما يضحك" فقد جاء الحدث للرد ليس على الحكومة الأيرانية فحسب بل على أقزامها في العراق, فقبلها بيوم واحد كان جلاد براثا جلال الدين الصغير يتحدث عن مساويء هذا المنكر الذي حرمه الله تحريما ويستنكر إنتشاره في العراق ويتساءل مع مجموعة من التائهين في فلك الدين من عناصر ميليشيات وعاطلين وأميين جاءوا ليستمعوا الى خطبة هذا النكرة الخراساني وهو يتساءل " كيف تدخل الخمور والحشيشة ومن يدفع ثمنها مجانا لتقدم الى الشباب العراقي"؟


لا غرابة في تساؤله فإن كان عضو البرلمان لا يعرف كيف تدخل الخمور العراق فلا عتب على المواطن العادي؟ ولكن ليس هذا موضوعنا في الوقت الحاضر ولنكمل المشوار مع الصغير ونقدم له النصح وهو أن يستفسر بإعتباره عضو في ما يسمى ببرلمان العراق عن الحقيقة من قيادة خفر السواحل السعودية والناطق بأسمها المقدم البحري خالد بن خليفة العرقوبي( فعند العرقوبي الخبر اليقين)؟ وبعدها يتحدث في خطبة تحريضية قادمة أمام حشود مريديه بأنه توصل بحمد الله لمعرفة كيفية دخول الخمر الى العراق.


ولكننا من جهة أخرى نتساءل فيما إذا كان الصغير سيعلم زميله المجلسي في البرلمان همام حمودي بالنتيجة التي توصل إليها؟ وهل سيوثق ذلك لدى اللجنة المكلفة بمتابعة التدخل الإيراني في الشأن العراقي من عدمه؟


الشحنة جاءت من دولة مسلمة هي الإمارات بسفينة تعود لدولة مسلمة هي إيران وتحطمت في مياه دولة مسلمة هي السعودية وفي طريقها الى دولة مسلمة هي العراق؟ وعلى فكرة الخمور هي خمور إبليسية 100% وليست(جعة إسلامية) كما يحلو للبعض تسميتها .. فيا فرحة الإسلام بنا!


نهاية الخبر ان حرس السواحل تمكنوا من أسر(2000) قنينة من الخمر و(1510) أخرى من الجعه كانت تائهة في البحر ومازال البحث جاريا للعثور على صناديق قناني سليمة أو محطمة ولا نعرف بعد مصير هذه الصناديق الأسيرة؟ كما إننا في زمن الفتاوى العجيبة نطالب مراجع إيران بفتوى حول جواز أكل سمك الخليج العربي المتلوث بالخمور من عدمه.


ونتساءل أخيرا: هل سيفتح تحقيق علني في الموضع أم يطمس كما طمست الآف الفايلات؟ وتسجل التهمة ضد كائنات مجهولة وغريبة من كواكب بعيدة لا علاقة لها بمجرتنا ؟


أؤكد لكم ان الموضوع سيكفن ويوارى في التراب" لا من شاف ولا من دري" والأيام تحكم بيننا.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاحد  / ٠٥ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٣١ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م