حلبجة ... شهادة للتاريخ

 
 
 

شبكة المنصور

عماد عبد الكريم مغير

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن محاكمات تجري حاليا في عراقنا الحبيب تتعلق بأحداث حلبجة مما حدا بي الى مراجعة الكثير في مواقع شبكات الأنترنيت الحكومية والرسمية والعامة عن حلبجة وعن ما جرى فيها. راح البعض يحلل وهو جالس في بلد يبعد عن العراق مئات والآف الأميال، وراح آخرون يلفقون أقاويل لا تمت للحقيقة بصلة مما أثار استغرابي عن التصورات والأوهام التي وردت في تلك التقارير والبحوث وغيرها من الكلام المنمق الذي يصب في نهايته في مصلحة أعداء العراق.

 
رغم طول الفترة الزمنية التي مرت على أحداث حلبجة، الا ان ذكراها ما زالت في الصميم. أذ جلست مع ضباط أخوة واصدقاء و زملاء ورفاق ممن شهدوا معي المعركة، وأكدوا وانا أؤكد معهم ما جرى فيها.

 
تعود بنا الذاكرة الى ما قبل 16 مارس/ آذار 1988 حينما راحت عوائل عراقية معدودة جدا من مدينة حلبجة تستقبل وتؤي ايرانيين عسكريين ليتخذوا مواقع خلف قطعاتنا الباسلة على اساس انهم أكراد مدنيون، ودأبوا على تقديم الطعام والشراب والمساعدات الأخرى، التي هيأت لهؤلاء المتسللين القيام بأعمال لارباك ومشاغلة قطعاتنا الأمامية، مما حدا بالقيادة الى توجيه الأوامر لأخلاء المدينة ليس لضربها، بل لقطع دابر المتسللين واخراجهم من جحورهم وكشفهم والتخلص منهم.

 
بناء على هذه الأوامر، انبرى قائمقام حلبجة السيد يحيى عبد العزيز البرزنجي يخلي المواطنين وينقلهم الى المدن والقصبات الخلفية، اي الى ما بعد سيد صادق ودربندخان، وحتى الى السليمانية، وذلك استعدادا لشن هجوم قطعاتنا على حلبجة واستردادها من براثن الأيرانيين التي دخلوا اليها بمساعدة بعض الخونة الذين اسمع وارى عددا منهم يتقلد مناصب حكومية ويمتلك ثروات لقاء ما قدموه من خيانة للوطن. وهكذا اخلي سكان حلبجة قبل خمسة أيام من موعد الهجوم.

 
بعد تقدم القطعات باتجاه حلبجة من طريق سيد صادق وبعدما عبروا الجسر الموجود بين المدينتين، راح المتسللون الأيرانيون يسددون ضربات لقطعاتنا مما أجبر القيادة على شن هجمات أكثر حدة لغرض فتح ثغرة لقطعاتنا المحصورة في حلبجة تسهل عليهم عملية الأنسحاب. ومن الجدير بالذكر ان الأيرانيين قد عرضوا افلاما تلفزيونية عن حلبجة قبل الضربة وكيف استقبلهم اهلها فرحين مستبشرين.

 
عندما شعر الأيرانيون بخطورة الموقف واندفاع القطعات العراقية المستبسلة، قاموا بقصف المدينة والقطعات المنتشرة حولها بكل انواع الأسلحة ومنها الأسلحة الكيمياوية. فقتل من قتل وأسر من أسر. ومن بين الأسرى القائمقام يحيى عبد العزيز البرزنجي واللواء الركن علي حسين عوبد العلكاوي وضباط آخرين.

 
مازال يحيى البرزنجي ولواء ركن علي العلكاوي على قيد الحياة حيث عادا من الأسر قبل الأحتلالين الأميركي والفارسي للعراق بثلاثة أيام. وهناك غيرهم ايضا.

 
لابد من ذكر حقيقة أخرى وهي وطنية ومصداقية السيد يحيى البرزنجي. فقد حاول الفرس المجوس بعد أسرهم للسيد يحيى ان يجروا معه مقابلة تلفزيونية ليقول غير الحقيقة الا انه رفض وردهم ردا عنيفا مما جعلهم يكيلون لهم اقسى انواع التعذيب في معسكرات الأسر.

 
هل تستطيع محكمة الأحتلال ان تستدعي السيد يحيى البرزنجي ول.ر. علي العلكاوي للشهادة وانا على يقين انهما سيقولان الحق؟

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاثنين / ٢٢ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٨ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م