حنقباز الحلة

﴿ الحلقة الثانية

رصد توثيقي لجهود المحتل في زرع عملائه وجواسيسه في تنظيمات مدنية واجهية مشبوهة لخدمة مخططه في تخريب وأفساد المجتمع العراقي
ما علاقة العميل فرقد قزويني بالاميركية فيرن هولاند ومترجمتها سلوى وروبرت شتاين وفيرن هولاند ؟

 

شبكة المنصور

عشتار العراقية

كان البعض يظن ان لسيد فرقد شقيقا أمريكيا في ميشيغان بالولايات المتحدة هو الذي سهل وصوله الى حضن الأمريكان، ولكن رغم ان الجهامة والعمامة واحدة ، فقزويني مشيغان اسمه حسن و له شقيق معمم آخر هو مصطفى والاثنان وكل منهما يرأس هناك مركزا (اسلاميا) مقربان من البيت الأبيض ويعملان على تنفيذ الحلم الأمريكي بتحوير الاسلام وتفريغه من محتواه، ولا أظن هناك دولة في التاريخ عملت على تغيير ديانة راسخة كما تفعل أمريكا.

 

سيد حسن ولد في كربلاء عام 1964 وابوه اسمه مرتضى محمد صادق القزويني وأظنه مايزال حيا، وقد هاجرت العائلة الى الكويت (هربا من الاضطهاد) ثم الى ايران ثم الى الولايات المتحدة في 1992.


أما سيد فرقد فقد ولد ايضا في كربلاء عام 1963 والده معز الدين محمد ضياء القزويني وشقيقه رافع القزويني، وكلاهما قتلا في حادث سيارة في 2001 كما أشرت في الجزء الأول من هذه المقالة، ولا أظن أن فرقد القزويني قد غادر العراق هربا من اضطهاد او غيره. وفي سيرته الذاتية (المليئة بالاخطاء النحوية وقد صححتها) على موقع غير مكتمل باسمه يقول :


"أستطاع السيد صاحب السيرة أن ينهج نهج آبائه وأجداده متخذاً من المساجد والجوامع مكاناً لدروسه. ويشهد الكثير من الطلبة الذين عاصروه أنه كان دؤوباً على الدرس وحضوره. تأثر قبل كل هذا بالكثير من زعماء الحوزة وأطلع على مؤلفاتهم فقد قرأ للسيد محمد باقر الصدر وتأثر بكتبه وآرائه إلى أن أعتلى السيد محمد محمد صادق الصدر (قدس) ربوة التصدي للإفتاء فأختاره من جملة الناس ليكون أحد طلبته حينها أصبح السيد صاحب السيرة من فضلاء الحوزة والمقربين أشد القرب من مرجعية الصدر (قدس) وذلك في عام 1994م وأستمر السيد القزويني بنشر فكر وفتاوى أُستاذه وتعليمها إلى عوام الناس وعند شروع السيد الصدر (قدس) في أعطاء الدروس ، كان هو أول من كان يجلس بين يديه. بعد أستشهاد أستاذه قام السيد القزويني بفتح مكتب له في النجف، وبدأ بأعطاء الدروس الفقهية والأخلاقية والعقائدية مُتمماً سيرة أُستاذه. ولغزارة الكلمة وقوة العبارة والفهم في درس السيد القزويني ودعوته الصادقة إلى توحيد الكلمة ونبذ جميع الخلافات أصبح المكتب لا يسع الأعداد التي توافدت عليه، فتخرج على يديه الكثير من الطلبة. وفي سنة 2000م قرر سماحته فتح أبواب الحوزة الأخلاقية العراقية في النجف الأشرف. وفي أيام المناسبات الدينية ، وبعد أن تنتهي الحوزة الأخلاقية من دروسها تخصص المحاضرة المتعلقة بالمناسبة بعد صلاة الظهر يُلقيها هو بنفسه. وتختلف محاضرات سماحته عن بقية المحاضرات وذلك لتسليط الضوء على سيرة النبي الأعظم (ص) والسلف الصالح والتركيز على المُعطيات والثمرات المتوخاة من حياتهم (سلام الله عليهم أجمعين). وعندما أحسّ أزلام النظام البائد خطورة الوعي الذي يمهد له السيد القزويني بدأوا بمضايقته وأعتقاله عدة مرات آخرها عام 2001 . بسبب مناداته بالوحدة، قرر النظام البائد أغتياله في سنة 2001 وحاك له محاولة اغتيال ذهب ضحيتها والده السيد معز الدين محمد ضياء القزويني وشقيقه السيد رافع القزويني.


وبعد سقوط النظام أتخذ السيد القزويني مسجداً في وسط مدينة الحلة، وأستقر هو وطلبته وأسس في 18 صفر 2003 جامعة الحلة للدراسات الإنسانية والعلمية والدينية. تخرجت دورات كثيرة من كلا الجنسين بدرجة أئمة جوامع وخطباء ولا زالت الجامعة وليومنا هذا مستمرة بالنهج الذي وضع لها من قبل مشرفها السيد القزويني.)


ويذكر أن مؤلفاته 31 عدا مؤلفات هي قيد الطبع. والملاحظ ان أغلب بحوثه الأولى كانت حول العبادات واركان الاسلام واجابات على اسئلة فقهية ولكن البحوث الأخيرة كانت تدور حول السياسة ومنها ( حلقات سياسية – الدولة - السياسة – شكل الدولة واثره على الأمن – الدولة من حيث نظامها السياسي – حقوق الانسان- النظام السياسي الاسلامي) واجزم ان هذه مكتوبة ومطبوعة بعد الاحتلال وانها لفائدة الهدف الأمريكي وتلميع نفسه استحقاقا للتمويل المنشود. وفي موقعه يذكر المشاريع التي أسسها، وكلها كما ترون حدثت بعد الاحتلال وهي :


1- تأسيس كلية الحلة الجامعة (واسمها الرسمي جامعة الحلة الدينية)
2. تأسيس مركز الدراسات والبحوث الستراتيجية.(لعله يقصد المركز الديمقراطي الإقليمي)
3. تأسيس حزب التجمع العراقي الديمقراطي المستقل ، خاض به الانتخابات وفشل.
4. تأسيس إذاعة وتلفزيون الفراتين.
5. تأسيس وكالة أنباء الحلة.
6. تأسيس دار أهل البيت للترجمة والحكمة (ترجمة كتب الديمقراطية والعولمة)
7. تأسيس جمعية الأدب والفن.
8. تأسيس مكتبة تضم الآف الكتب القيمة.
9. تأسيس هيئة الشباب والرياضة


من النشاطات و(الانجازات) أعلاه تجدون انها تشمل : دين وسياسة واعلام وترجمة وثقافة وفن ورياضة. أي انه أحاط بكل ما يمكن ان يؤثر على الحياة العامة وتشكيل المجتمع والشباب خصوصا ، حسبما يريد بريمر.


وقبلها لاحظوا ان (النظام البائد) بدأ في مضايقته وقرر اغتياله بسبب (مناداته بالوحدة) !! وهي اول مباديء شعار البعثيين، وأنه اخطأ في قتله، ثم تركه بعدها سنتين (حتى الغزو) يسرح ويمرح ويقدم دروسه الوحدوية. أما (الاعتقال عدة مرات) فهو لا يزيد عن مرة واحدة لمدة اسبوع. تصوروا ان يكون هناك شخص خطير على نظام ما بحيث يطلب للاغتيال، ومع ذلك يعتقل لمدة اسبوع. ماذا تفهمون من ذلك ؟ نعم حدسكم في محله!! الرجل خدم مخابرات نظامين : الوطني والاحتلال. في المرة الاولى قام النظام الوطني بإضفاء صبغة (الاضطهاد) عليه حتى يسلّك اموره بين (اصحاب المظلومية) ، وفي الثانية قام الاحتلال بإضفاء صبغة (الديمقراطية) عليه حتى يسلّك اموره أيضا، والخدمة التي قدمها هنا وهناك واحدة : إقامة حوزة بديلة. من المفارقات ان يصدر الرجل وصايا (أخلاقية) يتداولها مريدوه الدولاريون وتتصدرها هذه الوصية: "قيمتك على قدر همتك" وأشهد أن الرجل كان هميما، في كل المواسم.


كنت في الجزء الاول قد أفضت في همة القزويني التي قاربت قيمتها المليون دولار في تدريس الديمقراطية الفورية للمعممين و المعگلين ، ولكن فجأة ازدادت همته فأصبحت بقيمة خمسة مليون دولار. حدث هذا بعد مقتل الجميلة الشقراء فيرن هولاند التي ورث عنها 3 مراكز نسوانية وفي رواية 4 مراكز وفي اخرى 6 مراكز وملايين الدولارات.


ولكن من هي فيرن هولاند؟ اذا بحثت في الانترنيت ستجد قصائد مدح فيها سواء من قبل العراقيات اللواتي عملن معها او من المسؤولين الأمريكان او ألأصدقاء، بل ان هناك الان جائزة باسمها تمنح للساعين في الخير كما سعت. كل الذي يمكن ان نعرفه من المقالات الشحيحة عنها ولكن المتكررة في مواقع كثيرة ، هي انها كانت محامية في سن 33 حين قتلت من قبل افراد يرتدون ملابس الشرطة ، وانها قبلها بذلت كل جهدها وضحت بشبابها واستقرارها من اجل نجدة المرأة العراقية في بابل وكربلاء ومحافظات وسط وجنوب العراق ، وانها جهدت في إقامة مراكز تعلم فيها نساء العراق اللغة الانجليزية والخياطة والكومبيوتر (ذكرت لكم في مقالة سابقة ان كل اهداف منظمات النساء الجديدة في العراق هي تعليم لغة الاستعمار والكومبيوتر والخياطة) كل هذا من أجل إعلاء شأن المرأة العراقية (المتخلفة) !! ولكن لأن عشتار تبحث بالنيابة عنكم في أزقة وحواري الانترنيت ، فقد وقعت على خطاب او رسالة كتبها كريس اودونيل من الذين عملوا معها يرثيها فيها، ويكشف بدون أن يقصد (بعد أن أخذته جلالة المباهاة والافتخار) كل اسرار وجودها في العراق. كان سبب ارسالها اول مرة الى العراق – ولأنها محامية – هو جمع أدلة على (جرائم) صدام حسين والمساعدة في اقامة المحكمة الجنائية وكذلك كتابة الأجزاء الخاصة بالمرأة في الدستور.


في 9 مارس 2004 توقفت سيارة تقودها فيرن هولاند وكانت في طريقها من كربلاء الى الحلة ، ومعها روبرت زنغاس وهو ضابط يقوم بمهمة دعم الاعلام العراقي، ومترجمتهما سلوى عماشي، امام نقطة تفتيش وهمية وانهال وابل الرصاص من رجال يرتدون ثياب الشرطة العراقية على السيارة وقتل الركاب الثلاثة.


ليكن معلوما انه ليس هناك وظيفة (مدنية) يأتي بها الاحتلال وجيوشه الجرارة الا وتكون في خدمة الحرب، وهكذا ينبغي النظر اليها من وجهة نظر استخباراتية. اي كل مايسمى (مدنيا) في ادارات الاحتلال هي في الواقع عمليات تجسس ومخابرات. كل مدني يأتي في ذيل الاحتلال هو مجند في خدمة العملية العسكرية. والا لماذا تأتي هذه الشقراء الى العراق لتقيم مراكز للنساء العراقيات الأرامل أوالمعنفات من قبل ازواجهن لأنهن نسين ان يسخن العشاء او يغسلن الجوارب، وليس لأن الطائرات الأمريكية تهدم بيوتهن وتقتل اطفالهن وجنود تكساس يعتدون عليهن ويغتصبون ازواجهن في السجون. لماذا تأتي هذه الشقراء الجميلة هنا في حين ان في بلادها ذاتها اصبح التمييز ضد المرأة (وخاصة نساء الأقليات الملونة) علامة من علامات الثقافة الأمريكية ؟


وهكذا نفهم ما يقوله كريس اودونيل الذي يضع عنوانه (الحلة – العراق) حول علاقة فيرن بالمارينز " اول مرة قابلت فيها فيرن كانت في تموز في معسكر بابل. كانت قد وصلت مع قافلة عسكرية من الكوت. المارينز كلهم معجبون بها. سلوى انضمت للبرنامج في آب بمنصب مديرة البرنامج (مترجمة في الواقع) وقد انتقلت من بغداد. سلوى وهي امرأة عزباء اشترطت حتى تقبل بالوظيفة ان تكون لها شقة خاصة بها في الحلة.


لم التق بروبرت زنغاس وقبل ان ينضم الى سلطة الائتلاف المؤقتة كان ضابط مارينز وقد حرر الكوت وهي مدينة ستزورها فيرن وسلوى كثيرا. كان الثلاثة موظفين لدى سلطة الائتلاف في جنوب ووسط العراق. كان لدى فيرن وسلوى رؤية وتصميم لدعم المعتدلين الشيعة من نساء ودعاة حقوق انسان لمساعدتهم للتنظيم وتعلم الديمقراطية والاستعداد للانتخابات لإنجاحهم امام الاصوليين"


ولفهم ادوار التجسس التي قامت بها فيرن وسلوى ، نستكمل قراءة الرثاء "استقت فيرن وسلوى المعلومات الوفيرة من الناس الذين ارادتا مساعدتهم . كانتا تراقبان حالة المجتمع المدني الشيعي وحملات ونشاطات الاحزاب السياسية . كانتا تسافران يوميا في المنطقة تقابلان مجموعات صغيرة من النساء وزعماء حقوق الانسان. الكثير من تلك المقابلات جرت في ابنية منهوبة ومحروقة وتحت حرارة شديدة. بدأت اولى المقابلات بقصص عن جرائم صدام : تعذيب قتل اختفاء اغتصاب. كانت سلوى ضمير نساء العراق، تترجم ما لايقال وتلاحظ مالايرى وتدعو الى الفعل الفوري"


ماذا يعني "تترجم مالايقال وتلاحظ مالايرى" سوى انها كانت تبتكر وتستنبط من ذاتها. ولهذا جمعت فيرن في الواقع قصصا وهمية عن تلك أساطير المظلومية.


وقعت فيرن على 3 (ضحايا) قالوا لها انهم نجوا من الموت بعد ان دفنتهم الجرافات في مقابر جماعية. تلقفتهم فيرن وسطرت ملحمتهم بنفسها. ثم قصة اخرى قيل لها ان الناس كانوا يربطون بإطارات السيارات ثم يحرقون وهم احياء ثم يجرفون الى مقابر جماعية.


بعد انتهاء تلك المهمة وتقديم الأدلة الى المحكمة، وجد الاحتلال مهمة اخرى تقوم بها فيرن وهي العمل وسط النساء لأنهن يشكلن 60% من الشعب وان المرأة العراقية كانت (مظلومة ومضطهدة بدون اية حقوق) على مدى عقود طويلة!!


كان مقررا ان تقيم فيرن 18 مركزا نسائيا في 6 محافظات جنوبية ووسطية، ولكن كما يبدو فيما بعد ومن تضارب الأخبار انها لم تستطع انجاز سوى 3 أو 4 أو 6 منها مركز زينب الحوراء في كربلاء. وفي اثناء ذلك كانت تصل الى المركز والى النساء المشاركات تهديدات بالقتل"


من أجل هذه المراكز ، كانت الأموال تسلم لها بدون حساب :


"فيرن هولاند" نفسها ذكرت أنها كانت تـُعطى الأموال في مقر إدارة الاحتلال ببغداد دون توقيع إيصالات بالمبالغ، كانت الشاحنات تنقل أجهزة كومبيوتر ومستلزمات المكاتب الحديثة إلى البناية الصقيلة للمركز النسائي في مدينة كربلاء الواقع أمام مقر متداع لشرطة المدينة، الذين لم يتسلموا مرتباتهم منذ شهور، افتتح المركز الحاكم الأميركي آنذاك "بول بريمر" يحيطه حرسه الخاص، الذي يتقاضى كل فرد فيه ألف دولار في اليوم، وتجاهل مراسلو التلفزيون والصحافة، الذين رافقوا "بريمر" لافتات السكان التي تندد بالمركز، وتذكر أنه مقر لجواسيس اليهود ونشر الرذيلة."- محمد عارف – صحيفة الاتحاد الاماراتية.


حين قتلت فيرن ، قام بريمر بتحويل ادارة المراكز النسائية الى السيد فرقد القزويني مع ميزانية بقيمة 5 ملايين دولار ، وقد أثار ذلك غضب النسوة العراقيات اللواتي يرأسن تلك المراكز، بحجة كيف يمكن لرجل ان يهيمن على مراكز خاصة بالمرأة؟ وبعضهن استقلن ، وبعضهن قلن انهن سيحاربن في سبيل انتزاع الادارة من القزويني. ولكني اعتقد ان الحقيقة كانت غير ذلك ، كان الخلاف على اللقمة الدسمة التي يوفرها هذا النوع من الارتزاق. المهم ان السيد فرقد لم يقصر وتصرف بسرعة. ويشرح ذلك لاري دياموند كبير مستشاري بريمر في كتابه (تبذير النصر) الذي نشر عام 2005


"بعد مقتل فيرن هولاند وهي مقاولة تعمل مع هيئة المعونة الامريكية في تطوير حال المرأة في العراق نقلت سلطة الائتلاف تلك المراكز التي اقامتها الى القزويني الذي قام ببيعها وقبض اثمانها في جيبه."


ولا نعرف مصير الخمسة ملايين دولار المخصصة لتطوير هذه المراكز، فلم يعد أحد يذكرها. دعونا نترك سيد فرقد يلعب بملايينه ، و نطوي صفحته لنفتح صفحات بقية حنقبازات الحلة.


لماذا ياترى اجتمع في الحلة كل هذه العصبة من المحتالين والنصابين ؟ ماذا في الحلة ليجتمع فيها كل هؤلاء الثعالب والذئاب؟ ربما لأنها بابل (اليهود) ؟ ربما لأن بعثة سلطة الاحتلال هناك كانت اكبر وأنشط من بقية المحافظات؟ ربما لأن جامعة القزويني ومراكزه الديمقراطية كانت محطة رحبة لكل شذاذ الآفاق؟


نعود الى اختفاء فيرن هولاند وروبرت زنغاس من الصورة اثر مقتلهما، ومعهما اختفاء مئات الالاف من الدولارات من عهدتهما مازال مصيرها لغزا غامضا.


(تبين السجلات المالية لمقر سلطة الائتلاف في الحلة حيث مقر هولاند وزنغاس ان الاموال كانت تصرف لبرامج تدريب العراقيين على الديمقراطية وانشاء مراكز للنساء ، وانها اما مفقودة او لا يمكن تقصي اثرها بعد موتهما.


يحاول المحققون الامريكان معرفة ما اذا كانت النقود قد سرقت كجزء من شبكة الفساد والرشاوي والمؤامرات والنهب الذي مارسه مسؤولون امريكان في الحلة عامي 2003 و 2004. وكانت قضية الفساد تلك التي شابت عمليات اعادة البناء، قد ادت الى اعتقال اربع مسؤولين. وقد تتبع المحققون اثر عدد كبير من الوصولات والفواتير واوامر الشراء التي تشير الى ان هولاند وزنغاس استلما اكثر من 320 الف دولار في الاسبوعين الاخيرين من حياتهما، وان كل من الاشخاص الاربعة المعتقلين في قضية الفساد كان لديه دور في تسليم النقود او له علاقة بشكل ما بمشاريع هولاند.


احد هؤلاء كان روبرت شتاين وهو موظف سابق في سلطة الاحتلال (مسؤول الصرف المالي) في الحلة وقد اعترف بخمس جرائم رشوة وتآمر وتهم اخرى ويمكن ان يقضي 30 سنة في السجن (تاريخ كتابة المقالة في 2006 وقد صدر الحكم في 2007 لمدة 9 سنوات فقط) كان هو الذي سلم الاموال الى هولاند وزنغاس ، وكان مسؤولا عن استرداد تلك الأموال.


الشخص الاخر هو اليهودي ايضا فيليب بلوم وهو رجل اعمال كان يعمل في العراق مقاولا. اعترف بثلاث جرائم تآمر ورشوة وغسيل اموال ويمكن ان يسجن لمدة 40 سنة (حكم بسنة واحدة في الواقع وقد تم الافراج عنه) .


الثالث والرابع والخامس هما من ضباط الاحتياط : المقدم ديبرا هاريسون والمقدم مايكل ويلر والمقدم بروس هوبفنجاردنر الذين يشرفون على العقود والمشاريع في الحلة وقد اتهموا بجرائم قبول الرشاوي.


كانت قضية الفساد تشمل خطة تآمر فيها شتاين والآخرون لتحويل مبلغ 8.6 مليون دولار على الاقل من اموال مقاولات اعادة البناء الى شركات يهيمن عليها السيد بلوم في مقابل رشى بملايين الدولارات والمجوهرات والاسلحة ومغريات اخرى (كان يوفر لهم النساء في منزله الخاص في بغداد) .


ويبحث المحققون المعنيون بتقصي اثر الاموال السائلة التي سلمت لهولاند وزنغاس امكانية قيام شتاين واخرين باستغلال موتهما لسرقة اموال اضافية (بحجة انها ضاعت مع القتيلين)


وقد قدم المفتش العام لاعادة بناء العراق الذي يحقق في الفساد في الحلة نسخا من بعض الوثائق التي تتقصى النقود . والوثائق تشير الى ان شتاين وهاريسون كانا مسؤولين عن استعادة المبلغ. واحد هذه الوثائق هو (مذكرة ) موقعة من قبل شتاين والمقدم هاريسون تقول ان مبلغ 71.099 دولار كانت مفقودة من مكتب هولاند بعد موتها. ولكن هذا جزء فقط من مئات الالاف من الدولارات التي لا يعرف مصيرها.


يقول الدكتور عدلي حسنين المصري الامريكي الذي يعمل في سلطة الاحتلال والذي عمل مع هولاند في الحلة بشكل منتظم، ان هولاند لايمكن ان تضيع مثل هذا المبلغ ومن غير المعقول ان تكون قد اخذته معها وهي مسافرة. وهو يتذكر ان شتاين قد عمل على استعادة الاموال من غرفة ومكتب هولاند بعد موتها. ويقول حسنين ان مذكرة شتاين حول اختفاء المبلغ هي طريقة للقول بانه بريء.


حسب الاوراق منحت هولاند مبلغا كبيرا من المال قبل اسابيع من موتها. في 7 شباط وافق شتاين على طلبها لمبلغ 200 الف دولار لاقامة برنامج تدريب في الاردن على الديمقراطية والحكم وحقوق الانسان لعدد 120 عراقي. وتبين الاوراق انها في 25 شباط استلمت مبلغ 199.044 دولار رغم ان توقيعها لا يظهر على الاستلام مما يثير الشكوك.


كان السيد شتاين يدير صرف كل اموال الحكومة (الامريكية ) في الحلة وكان المال متوفرا بكميات كبيرة بشكل رزم من فئة 100 دولار تسمى (طابوق) مخزنة في كل مكان في المقر : ملايين في الدواليب حتى في خزنة في الحمام. ولكن الجزء الرئيسي من الاموال كان موضوعا في خزنة ثقيلة في سرداب فندق بابل في الحلة الذي كان بمثابة مقر لسلطة الاحتلال. وكان شتاين يسلم المقاولين بنفسه الاموال .


واضافة الى تسليم هولاند ذلك المبلغ يوم 25 شباط، فإننه مابين 3 و 7 مارس ، دفع شتاين الى زنغاس اكثر من 120 الف دولار لمعدات تلفزيون وتدريب على برامج الاعلام الاخبارية العراقية التي كان يديرها. ويبدو ان كل هذه الاموال اختفت بدون اثر ، حيث لا تشير اية اوراق على صرف تلك الاموال على تلك البرامج قبل حادث القتل في 9 مارس.


ورقة اخرى جلبت انتباه المحققين وهي (المذكرة) الموقعة من شتاين وهاريسون والتي كتبت في 23 حزيران 2004، حيث كان الاثنان يتهيآن لمغادرة العراق في نهاية مهماتهما مع سلطة الاحتلال (قبل اسبوع من مغادرة بريمر) وكان موضوع المذكرة هو (الاموال المستعادة من المتوفاة فيرن هولاند )


وتقول المذكرة ان المقدم هاريسون وامرأة اخرى دخلتا مكتب هولاند بعد يوم من موتها "في مكتبها استعدنا صندوقا مليئا بمبلغ كبير من النقود من فئة 100 دولار وفئات اصغر) - 9 آيار 2006 بقلم جيمس جلانتز - نيويورك تايمز.


المهم ان روبرت شتاين اليهودي الذي اتخذ بابل مقرا للنهب والسرقة ، كان محكوما سابقا بجريمة نصب واحتيال في الولايات المتحدة في عام 1996 وقد سجن لمدة 8 شهور ، قبل ان يوظفه البنتاغون في العراق. كما ان فيليب بلوم ، الشيطان الذي أغرى الجميع بالرشاوي ، كان قد أدين في الولايات المتحدة في التسعينات بـ 11 جريمة نصب واحتيال، وسجن لمدة 5 سنوات ، ثم هرب الى رومانيا ، ومنها قدم الى العراق رئيسا لثلاث شركات مارس بها النصب، وقد حكم في عام 2007 بسبب عمليات النصب في العراق ب48 شهرا ولكن افرج عنه في 2008 بسبب صفقة اجراها مع السلطات التحقيقية للاعتراف على الآخرين.



كيف كانت تتم عمليات الاحتيال؟


ذكر المفتش العام لاعادة الاعمار في تقريره ان اسلوب النصب كان كالتالي:


1- يشارك المقاول فيليب بلوم في مناقصة بعدة شركات تابعة له، تقدم كلها عروضا مزيفة كبيرة ثم تقدم احدى شركاته عرضا منخفضا فترسى عليها المناقصة.

 

2- يقوم المتآمرون الاخرون المشرفون على التنفيذ (ضباط الجيش الثلاثة الواردة اسماؤهم اعلاه) بتقديم تقارير تفيد التقدم في التنفيذ وانهاء المشاريع مع ان بعض المشاريع لم تنفذ اصلا وظلت على الورق.

 

3- كانت قيم العقود تحدد بقيمة اقل من 500 الف دولار لتفادي مراجعة سلطة الاحتلال لها حسب القانون. (كما سنرى في النماذج في أدناه، تقسم المقاولة على عدة مقاولات كل منها اقل من 500 ألف دولار.)

 

4- كانت الدفعات تسجل بمبالغ تصل الى 498 الف دولار من خلال استمارة رقم 44 المخصصة لمشتريات بمبلغ 15 الف وأقل لتفادي المراجعة

 

5- كان مسؤولو سلطة الاحتلال عن العقود يستلمون رشى يدفعها المقاولون ومن صندوق تنمية العراق لمشاركتهم.


للعلم كانت الأموال التي سرقت عراقية وليست أمريكية ولهذا نرى أن احكام المحكمة الامريكية بحقهم كانت تافهة ، فقد كان متوقعا لجرائم النصب والاحتيال من هذا النوع سجنا يتراوح بين (20 - 40 سنة)


نماذج المشاريع التي استلم عنها بلوم اموالا :


1- بناء مركز الديمقراطية الاقليمي العشائري 397 الف دولار (مركز فرقد القزويني)

 

2- مولد كهربائي لمبنى محافظة بابل 95 الف دولار

 

3- مولد لمركز الديمقراطية الاقليمي العشائري 105 الف دولار (لاحظوا فرق السعر بين هذا المولد وذلك في مبنى محافظة بابل)

 

4- تهديم مقر لحزب البعث واصلاح اكاديمية الشرطة في الحلة 452.800 الف

 

5- اصلاح مرفق امني في اكاديمية شرطة الحلة 448.500 الف

 

6- تجديد مكتبة كربلاء 373.400 دولار

7- تجميل مكتبة كربلاء 197500 دولار

 

 

8- اثاث لمكتبة كربلاء 224010 دولار

 

9- انترنيت لمكتبة كربلاء 498900 دولارالمجموع 2.792.110 دولار


شافين أعزائي ، كيف صارت مقاولة اكاديمية الشرطة مقاولتين ،وكيف صارت مقاولة مكتبة كربلاء اربع مقاولات ؟ هاي شنو من مكتبة ؟ بعد شتريدون أهل كربلاء؟ الظاهر ان بلوم هذا الذي تغاضت وزارة الدفاع حين تعاقدت معه عن 11 جريمة احتيال سابقة ، خبير في درس "الشيء لزوم الشيء".


لاحظوا اننا نتحدث عن مقاول واحد فقط من عشرات الآلاف من المقاولين ، ونتحدث عن 3 ضباط جيش امريكان من 160 الف جندي وضابط، ونتحدث عن محاسب في مقر واحد من مقرات سلطة الاحتلال. شوفوا لعد شلون الفساد ضارب جذوره، وكيف نهب الآخرون؟ وماهو حجم أموال العراق التي نهبت حقيقة؟


في هذه الأثناء هناك اسم ظهر في هذه المقالة على استحياء: عدلي حسنين. مصري أمريكي يحمل لقب دكتور ، كان يعمل بحماسة مع الاحتلال منذ 2003 . المهم ان الرجل اختفى من العراق بعد مقتل فيرن هولاند وظهر على ضفاف النيل واشترى ارضا واسعة على طريق بني سويف ، واقام عليها مشروعا ضخما لتعليم الديمقراطية واللغة الانجليزية للفتيات المراهقات بشرط ان يكن فقيرات. ماهي قصته ؟ وهل أقام مشروعه بأموال العراق ؟ سوف نعلم ذلك في الحلقة القادمة . عشتار العراقية وراءهم وراءهم اينما ذهبوا. كل من سرق العراق.

 
 

* الحرامي روبرت شتاين اشترى بفلوس العراقيين : طائرة بمحرك واحد - سيارة ليكسوس - سيارة بورش- سيارات ا خرى- عقار في ولاية نورث كارولينا - خواتم الماس - اسلحة متنوعة منها قاذفات قنابل !! يعني قام بإعادة إعمار حياته بأسرع مما اعاد اعمار العراق. هل ستعود هذه الأموال الى العراقيين ياترى ؟

كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس / ١١ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٧ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م