نفطنا سلاحنا للنصر

 
 
 

شبكة المنصور

عنه / غفران نجيب

في الوقت الذي تيقّن فيه أبناء شعبنا وبما لا يقبل أي مجال للشك من درجة صدق وإيمان قيادته ، وسعيها الحثيث لتحقيق أحلامه وأمانيه التي كثيرا ما ناضل من اجلها ، ودفع مهرا لها دما طهورا وتضحيات عظام ، برزت و بوضوح تام ومن دون أي قدر من الافتراء والتضليل في واحدة من ابرز الملاحم الوطنية التي خاضها شعبنا العراقي ، روح الوطنية الحقة لأهلنا العراقيين ، والشهامة ، والتضحية في سبيل علو رفعة الوطن ، وتقديم النفس رخيصة لإدامة حياة شعب ، وانتصار إرادة امة ، وتحقيق الضمان الأكيد لحريته وكرامته واستقلاله ، في ذات الوقت الذي تكشفت فيه روح الباطنية والتخاذل والتردد وزيف ما تحمله بعض من الأحزاب والدول التي تدعي الوطنية من شعارات ، وإذ كان انجاز التأميم لخالد للنفط العراقي في الأول من حزيران عام 1971 ((وما رافقه من إجماع وتأييد منقطع النظير وطنيا وإنسانيا)) يجسد عظمة وشجاعة وكفاءة القيادة التي اتخذته لحجم عظمته وتاريخيته ، وحرصها وإخلاصها في سبيل تطوير المجتمع وإسعاد الشعب ، وان كانت الانجازات التي حققتها قيادة البعث للشعب والأمة والإنسانية من خلال قرارها الخالد بتأميم النفط العراقي لا تعد ولا تحصى وهي واضحة لكل ذي بصيرة أو متابع منصف ، وكي لا نسهب في الإعادة والتكرار لحجم الانجاز القادر هو على فرض وجوده في أي محفل من محافل الوطنية سواء بأبعاده السياسية أم الاقتصادية أم الاجتماعية أم غيرها وهي كثير والحمد لله ،وما قد يفسره البعض بغير ما يستحق من تكرارنا لها وتمجيدنا واعتزازنا به ، وكوطنيين عراقيين وكتقدميين في إطار الحالة الإنسانية خبروا ساحة النزاع بين الوطنية والتقدمية من جهة ، وبين القوى الاستعمارية وما مثلته على مدى عمرها من أداة ترويض وقمع واحتلال وبسط نفوذ ، وقوة قهر وظلم لكل من يسعى للتحرر من سطوتها ، لذا كان واضحا لقيادة البعث في العراق إن قرار التأميم هو بداية المعركة الأخطر مع الامبريالية وتوابعها من أنظمة وأحزاب وشخصيات تدور في فلكها وان كان بعضها قد تبرقع بأكثر من غطاء ، ولم يكن أمام القيادة إلا ّ التحوط لأسوأ الاحتمالات ، وتسريع الخطى لانجاز بنى تحتية للدولة تفتقدها بشدة ، وتهيئة الأرضية الصلبة والمقومات المادية لأية منازلة محتملة قد تفرضها الاحتكارات النفطية والدول والأنظمة التي تمثلها أو تسير بمشيئتها ، وان كان لقيادة البعث التي أنجزت الـتأميم وقبلها كانت قد أنجزت استلامها للسلطة في ثورة 17 ـ 30 تموز 1968 دون عون من أي من الأحزاب الوطنية ، وعلى الرغم من حالة الشك وعدم الثقة التي فرضت نفسها جراء سلوك العديد من الأحزاب والشخصيات السياسية التي عمدت بكل ما لها من قوة لإقصاء حزب وفكر البعث عن الحياة السياسية العراقية ، فأن قيادة البعث قد وفرت الفرصة لكل القوى الوطنية أن تأخذ دورها في المساهمة الفاعلة والمشاركة في هذا الانجاز الخالد ، على الرغم من القناعة إن الكثير منها لم يكن يتعاطى معه إلا كشعارات مفروضة عليه بفعل تشبث جماهيرنا بها ، والانكى إن البعض من هذه الأحزاب قد استمد موقفه الفاتر (كأهدأ وصف ) من موقف الدول التي ارتبط بها والتي كانت ترى في تأميم النفط معركة خاسرة لان وقتها لم يحن بعد ، بيد أن كافة الأحزاب في إطارها الوطني أو هكذا أطلق عليها لم يكن أمامها بد إلا تأييد القرار الذي حظي بكل هذا التأييد الجماهيري وطنيا وعلى عموم الساحات ، وان كان تأييد بعضهم له على مضض . وكي نعطي لكل ذي حق حقه ، فأن الكثير من الشخصيات السياسية الوطنية قد اختلفت ومرجعياتها التنظيمية ،حيث اختارت الوقوف بصف قيادة الحزب والثورة في تبنيها لقرار التأميم والدفاع عنه والانحياز الحقيقي للشعب ، وهم من استمروا بمواقفهم الوطنية لغاية اللحظة .


اليوم ونحن نعيش الذكرى للانجاز الخالد في ظل احتلال دموي غاشم لم يتم في كثير من أوجهه إلا ثأرا من قيادة الحزب والثورة التي حققت الكثير لأبناء شعبنا وللقوى المناهضة للهيمنة والاستغلال والذي كان قرار التأميم الخالد مقدمها ، يتضح جليا لكل وطني شريف ، إن الخطوات التي أعقبت الاحتلال سواء تلك التي فرضتها الإدارة الأمريكية أو التي نفذتها قوات الاحتلال أو تلك التي روجت لها ونفذتها حكومات الاحتلال إيحاءا منه أو انصياعا لرغباته ، لا يمثل سوى رغبة مفضوحة عارمة للنيل من قرار التأميم والقيادة التي اتخذته والشعب الذي صنعه تأييدا والتفافا حوله وتضحية لأجله ، وما موقف الأذناب ( من أحزاب وشخصيات ) المؤيد والمشارك بما سميّ بالعملية السياسية غير تجسيد لموقفها من قرار التأميم الذي اشرنا إليه سلفا ، وما الصمت المطبق والسكوت المهين عن كل الخطوات والإجراءات التي اتخذت في مجال السيطرة على نفط العراق ( صناعة ، استخراجا ، تصديرا ، استثمارا ، وغيرها ) والتي تصب جميعها في مصلحة الشركات الاحتكارية على حساب ثروة الشعب والوطن ، إلا بيانا صريحا عن درجة خنوع الجميع لاشتراطات الإدارة الأمريكية والتي حظيت بكل الرضا منهم من دون أي شعور بالمسؤولية الوطنية أو حتى دون خجل على الصعيد الشخصي للأفراد لفداحة حجم الإذلال الذي هم عليه ، وعلى الرغم من جميع التسميات الثورية الرنانة والشعارات الإسلامية البراقة التي أطرت عمل المؤسسات التي أنشأها المحتل كذبا وزرا ، فهاهي كل العناوين غير قادرة على الاعتراض عن أي من هذه القرارات ولو بتكشيرة وجه بائسة ، وظلت الوجوه باسمة لما يراد به أن يحصل لثروتنا النفطية ووطنا بعد أن قبض الأنذال ثمن ذلك مال سحت حرام ، ووصل الحال أن يزاح نصب التأميم في طريق مطار صدام الدولي ، ليحل عوضا عنه نصبا لمحمد باقر الصدر ، فهل يا ترى إن ما يجري اعتبره البعض نصرا لهم ، ليهمّوا في إزاحة نصب يمثل قرارا شعبيا استشهد من اجله العديد من رجالات العراق ، وليحل معه نصبا لمحمد باقر الصدر ، ليوحي من الدلالات لهذا التغيير ما يوحيه من نوايا الإمعان في استثمار الورقة الطائفية كملاذ رئيسي للمحتل في إضعاف العراق والسيطرة عليه ، وكما يعلم الجميع إن طريق المطار تحت السيطرة الأمريكية الكاملة ، فكيف تفتقت عبقريتهم على هذا الانجاز ، وكيف لم نسمع ولحد اللحظة اعتراضا من بيت الصدر على الاختيار الذي لا يشرف صاحبه أو أهله حتما إذا ما وزن بالميزان الوطني أو الشرعي .

 

وإذا ما استمر غياب العقل والمنطق وظلت عقلية الجهل أو تجهيل النفس لإغراض وأهداف خاصة آنية وسطحية على حساب الشعب وعلى حساب وحدة الوطن ، فان القادم من الإجراءات سيدخل البلاد بكل الفوضى التي يراد منها تمرير المخطط الاستراتجي لشركات النفط الاحتكارية ومن يمثلها للهيمنة على نفط العراق والعراق بأي ثمن و بأية صيغة كانت سواء بالتفتيت أو التشظية وحتى بالتذويب ، كي لا يكرر أي ذي جرأة على فعل ما قامت به قيادة البعث في العراق ، وان لا سيادة لغير شركات النفط الاحتكارية ومن يدور بفلكها من أقزام رفضهم شعب العراق وتتحينهم سواعد المجاهدين الأبطال ، وستحاول عامدة على تشتيت الفعل المجاهد المقاوم ظنا منهم وغباء أن ليس للمقاومة الباسلة طول البال وسعة هامش المناورة في التصدي لمخططات المحتل وإجراءاته ، خلافا لما أثبتته المقاومة من شمولية المعالجة وسعة الحيلة ودقة المعلومات ، وقبلها روح الفداء التي يتحلى بها أبطالها لدحر المحتل وإعادة الحق لأهله وتحرير الوطن من جميع تبعات فترة الاحتلال وما انطوى عليه من تراجع البعض وطنيا وما حلّ من فساد على كافة الصعد، ولحين الوصول إلى التحرير الناجز فليس أمام المجاهدين من أبناء شعبنا غير التصدي الفعال للرغبة الجامحة لشركات النفط الاحتكارية ومن يمثلها على ارض الواقع من شخصيات ومؤسسات أو قرارات تصدر لصالحها ، والعمل على تعطيل حركتها بكافة الوسائل والسبل ، وهو هدف لابد أن يحظى بأسبقية الاهتمام على غيره لما يمثله لدى المحتل من مقتل ، وإذ كان البعض ممن سلك طريق المحتل واهما أنه ببعض التصريح والتلميح مع هذا الفصيل الوطني أو ذاك أو تلك الشخصية الوطنية أو غيرها برفضه لما يجري من استباحة لنفط العراق لينأى بالنفس عن أي رد فعل لجماهير شعبنا أو مقاومته المجاهدة الباسلة ، نقول له وقبل أن يدركه الغرق إن ضفة الجهاد فقط هي ضفة الأمان وعدا ذلك فأن كل من تلوثت يده وروحه في الإذعان للمحتل يبقى مشروع قصاص لأبطال الجهاد ، عدا من سبق له التنسيق مع المقاومة الباسلة .


عاش العراق وطنـا محررا ســيدا يرفل وأبناءه بالعز والشموخ والكبرياء .المجد والخلــود لشــهدائنا في ســبيل الحرية ودحر المحتــل وأذنابــه .

 

الحرية لأسرانا الشجعان لدى دعاة الحرية ، الصامدين في سجون المحتل وسراديب الأذناب . وما النصر إلا من عند الله.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

السبت  / ٠٤ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٣٠ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م