في الصميم
نقد المنابر الاعلامية 
أين وصل النشاط الوطني الهادف في ظل التقدم التكنلوجي

 
 
 

شبكة المنصور

هاني الحاج عمران

لقد كانت الأجيال السالفة من المناضلين وداعميهم من الوطنيين في قضايا الأمة المصيرية، عرضة لأنواع الانتهاكات الوحشية التي تمارسها السلطة بحقهم، ومع هذا ثبتوا على مواقفهم وأصروا على الأستمرار رغم تلك الممارسات الهمجية التي تعرض لها المناضلين ومؤيديهم، وقد سجل الإعلام الداعم حضورا متميزاً في ذلك الوقت رغم محدودية القنوات التي ينشط من خلالها الصوت الوطني لإيصال التظلم لمستمعيه وتأجيج الشارع الوطني، فكان المناضل والصوت الوطني متلازمان كحليفين في نفس القضية والاتجاه، يقوم كل منهما بدوره النضالي لتسطر أروع الملاحم الوطنية والبطولية التي أوقدت شرارة الثورات وهزت العروش ورضخ لإرادتها قوى عظمى كانت لا تغيب عن مستعمراتها الشمس.

 

ليس بعيداً عن تاريخ العراق الحديث، أبتداءا من ثورة العشرين وأنتهاءا بثورة تموز المجيدة عام 1968، كان عصرا ذهبيا لفرسان النضال الوطني المؤمنين بقضيتهم المصيرية، فقد جسدوا القيم والمبادئ التي يحملونها في الواقع، كثوابت يؤمنون بها لم تتأثر بمتغيرات الظروف وأنواع الضغوط، فكان بعد الايمان بالقضية المصيرية هو الثبات على المواقف الوطنية، وأهم من هذه وتلك هو أنكار الذات، لينذر المناضل والوطني نفسه للوطن وقضيته مبتعداً عن الشخصنة، ليعمل كفرد مع مجموعة لنصرة القضية وتحقيق الهدف المنشد خارج أطر البروز والتميز، وهذه هي سمات أصحاب القضية الوطنية في عصر النضال الذهبي التي تأثرت بها الاجيال اللاحقة ليولد جيلا وطنيا جديدا يحمل نفس الرسالة، وها نحن اليوم نرى جيلا وطنيا اخذ ميراثة الوطني من فرسان ذلك العصر، ليحذوا حذو اسلافه في قضية تحرير العراق من خلال البندقية والقلم والصوت، ليكونوا فوهة واحدة موجهة لصدر المحتل والعميل معاً.

 

يتحمل الجيل الحالي من الوطنيين بالإضافة إلى واجبهم تجاه القضية المصيرية في تحرير العراق مسؤولية خلق الجيل الوطني الجديد وتجهيزه بالبذرة الوطنية المثمرة التي سيحملها بدوره لخلفه، ويتم ذلك عن طريق ترك أثر أيجابي يستقطب الجيل الجديد ويخلق في داخلهم حس وطني يبنى على اساس أرث سيتركه لهم الجيل الحالي، وهذا الأرث عبارة عن مجموعة من الحقائق والواقع التي لم يتسنى للجيل الجديد معاصرتها أو ادراكها.

 

لقد ترك لنا اسلافنا أرثا من المنازلات الوطنية بحقائقها ووقائعها، بالاضافة إلى ما ادركناه من فصول مرت بالعراق وأمتنا العربية في التاريخ المعاصر، علينا كواجب وطني ان نقوم بدورنا تجاه العراق الحبيب بتوثيق تلك الحقائق والوقائع والفصول لتصل الى الجيل الجديد، وهذا العمل جزءا من العمل الوطني مطالب به كل صوت وطني شريف وقلم حر مداده دماء شهدائنا الأبرار، متخذين من كل قنوات المنابر الاعلامية وسيلة لننشط من خلالها مستغلين التقدم التكنلوجي لصالح قضيتنا وخاصة المنبر الصوتي مثل غرف البالتوك وهذا هو محور حديثنا.

 

الصوت يترك أثراً أيجابيا لدى المستمع اذا ما استغل لصالح قضية ما ولعدة اسباب غير ملزمين بذكرها الان، لكن مع الاسف نحن نفتقد لمثل هذه القناة النشطة في وقت سخر لنا التقدم التكنلوجي كل الامكانيات لنستغني عن دور الخطيب الذي كان يتخذ من الطرقات منبراً يستقطب الناس من خلاله ليستمعوا إليه، فأين نحن عن هذه القناة الحيوية في هذا الوقت العصيب الذي نحتاج فيه إلى كل ثغرة نخدم من خلالها قضية العراق، أنها أحدى الوسائل التي يجب ان نستغلها كمنبر إعلامي هادف نسلط من خلاله الضوء على مجريات الأمور في العراق المحتل ونرد على أصوات الغربان التي تحاول تغيير الصورة الواقعية وتشويه الحقائق، وكذلك لاثبات وجودنا كوطنيون لنا رسالة وطنية وقضية ذات أولوية وصوت نريد به أن يصل إلى ابعد الحدود الممكنة، بالاضافة الى دورنا باستقطاب الجيل الجديد من الوطنيين وهذه هي المسؤولية الاكبر التي تقع على عاتقنا كأصحاب قضية.

 

لم يترك عملاء الاحتلال والأحزاب السياسية العميلة البالتوك دون أن يستغلوه كقناة إعلامية تطبل لهم وتبث سمومها وتطرح اكاذيبهم، فتجد غرفة شمس الحرية لأبن سمينة أوغرفة الديوان أو البرلمان حالها كحال المواقع الالكترونية العميلة مدعومة من هذه الجهة الحزبية أو تلك الشخصية السياسية التي جاءت مع سرفة الدبابة الامريكية، ليحتفلوا بالغناء والشعر بيوم التاسع من نيسان الذي يصفوه بيوم التحرير ويمجدوا بحكومة المنطقة الخضراء، ومن جانب أخر يروجوا الاكاذيب والافتراءات على القيادة الوطنية الشرعية للعراق قبل الأحتلال ويطعنوا بالمقاومة الوطنية الباسلة بكل الطرق المتاحة لهم، من تزييف للوقائع وتغيير للحقائق، ومن الجدير بالذكر أن تلك الغرف الرخيصة تجدها مليئة بالعملاء يفوق العدد المائة شخص في بعض الاحيان، وأغلب روادها من الرفحاويين، (وهو مصطلح يطلق على الخونة الذين أنضموا الى معسكرات رفحة في السعودية عام 1991، معظمهم ممن شاركوا في صفحة الخيانة والغدر والمتبقين منهم سلموا انفسهم عن عمد للقوات الامريكية في أم المعارك، ومجمل هؤلاء استخدمهم الإعلام الغربي المعادي ضد العراق)، فأين الوطنيين من هذه القناوات الإعلامية المغرضة، وأين الاصوات الوطنية لتردعهم وتكشف زيفهم وافترائاتهم وتدافع عن العراق ومقاومته الشريفة وتغيث صياح ماجداته في معتقلات الأحتلال وسجون المنطقة الخضراء، لا أحد مع كل الاسف‘ سوى القلة القليلة من الأصوات الوطنية التي يكاد ان ينعدم امامها متنفس الرد لقلة وجود الغرف التي تدعم الصوت الوطني.

 

لقد غادر معظم عمالقة الصوت الوطني بعد ان ضاق عليهم فضاء البالتوك، وأوصدت أمامهم أبواب بعض الغرف ليركنوا بزوايا التهميش بسبب الشخصنة التي يمارسها بعض من يدعي الوطنية وهم يكابرون على نكران ذاتهم أمام قضية العراق، حتى وصل الحال أن ينكل بهذه الأصوات علناً، لينسحبوا بعدها بهدوء تاركين خلفهم كلابا تنبح من غرف الأعداء دون أن يلقموها حجرا لتخرس، والجدير بالذكر أن ما تعرض له أصحاب تلك الاصوات الوطنية من تنكيل وتجاوزات صدرت من غرف ترفع شعارات الوطنية رياء لا أكثر ولا أقل، وعندما حاولت تلك الأصوات الوطنية أن تخلق لنفسها منبراً في البلتوك تديره بنفسها تعرضت لهجوما عنيفا ومؤامرات ومحاكمات بالتوكية قادها صاحب غرفة العدالة للتسقيط باصحاب تلك الأصوات باتهامات يندى لها الجبين، ليخرج بعدها ويقول على العلن "لقد أغلقت سبعة غرف فتحت على البالتوك" متفاخرا وهو يضحك.

 

أذاً هناك حرب واستهداف للصوت الوطني، وهناك دوافع شخصية تعلوا على القضية الوطنية عند البعض، وبالتالي فأن الوطني عندما لا ينكر ذاته ولا يدفع باتجاه القضية الوطنية على حساب مصلحته، فهو أبعد ما يكون عن الوطنية، بل هو قاتل للصوت الوطني ومتآمر عليه، وهذا هو حال غرفة العدالة التي تعمل بهذا الإتجاه منذ زمن طويل لتبقى هي الوحيدة التي يلجأ اليها الرواد رغم انها لا تسع سوى اربعون شخصاً، فقد وضع صاحب غرفة العدالة نفسه ورغبته فوق كل شيء حتى القضية الوطنية.

 

لقد عملت غرفة العدالة على التنكيل بالأصوات الوطنية والتشهير بالرواد من قبل صاحب الغرفة نفسها، وهو انسان بسيط لا يمتلك من الثقافة التي تؤهله أن يدير غرفة وطنية فيها من الشخصيات وأصحاب الشهادات العليا الكثيرون، وليس له أي هدف وطني كما يبدو من تصرفاته ومحاربته للاصوات الوطنية، فقد هجر الغرفة اناس يصعب عليهم سماع تلك الالفاظ النابية التي يطلقها صاحب الغرفة بين الحين والآخر، أو بسبب تعرضهم للشتم من قبل صاحب الغرفة أو الإداريين الذين لا يمتلكون مؤهلا لإدارتها ايضاً، وما يؤكد أن غرفة العدالة ليس لها هدف وطني هو فسحها المجال أمام بعض الأصوات النشاز للتهجم على الحكومة الوطنية الشرعية وحزب البعث والمقاومة والتمجيد بالطالباني والبرزاني، فأي وطنية تدعيها هذه الغرفة، فما هذه الافعال إلا لها مدلول واحد هو العمل بالاتجاه المعاكس لما يدعوه هؤلاء الوطنيون المقنعون، أي غرفة وطنية هذه التي يلتجأ اليها الوطنيون للرد على المطبلون والعملاء وهي غارقة ببحر من المشاكل والمهاترات والمزايدات ما بين أشخاص يتكلمون بالـ "أنا" ويمجدون بأنفسهم وبين مدعون يتكلمون بالطائفة والعرق والمنطقة، أي غرفة وطنية هذه التي يسب فيها العرب يوميا ويتباكون على بضع إيرانيون لقوا مصرعهم في تفجير انتحاري داخل العراق، اي وطنية هذه التي تغلق بسببها غرف تريد أن يصل صوتها للطرف الأخر، أي وطنية هذه التي تدفع صاحب الغرفة الى زيادة عدد روادها عن طريق الطعن والتشهير والفضائح، أي غرفة وطنية هذه التي هجرها معظم الأصوات الوطنية ولم يبقى منهم إلا القلة القليلة، وما خفي كان أعظم.

 

لم يبقى أمامنا سوى التوجه الى المواقع الوطنية الإعلامية الداعمة والمساندة لقضية العراق نسألهم أن يتبنوا فتح غرفة وطنية في البالتوك مدعومة بكادر إداري كفوء ونزيه، ليكون صرحا وطنيا يدعم المقاومة الوطنية وقضية العراق، ويتجسد كصوت هادر يرد على أكاذيب العملاء ويخرسهم، ويلم شمل الأصوات الوطنية تحت مظلته ليقوموا بدورهم الوطني على أكمل وجه، بالاضافة الى استقطاب الجيل الجديد وتوعيته من خلال ندوات تعبوية تقام في الغرفة باستضافة الشخصيات المعروفة باتجاهها الوطني، أو عن طريق استخدام ميزة نقل الصوت والصورة التي تمتاز بها غرف البالتوك لعرض الأفلام  الوثائقية التي يتعذر على البعض تحميلها أو عرضها من شبكة الأنترنت مباشرة.

 

عاش العراق وعاشت المقاومة العراقية البطلة

وليسقط العملاء والمرتزقة والمقنعون

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاحد / ٢١ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٧ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م