تحرير الفاو ... درس قادم مرة اخرى

 

 

شبكة المنصور

حمود السامرائي

( وان عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا )

 

الفاو .. زهرة الحناء وارضها ... مدينة الفداء وبوابة النصر العظيم ... ارض البطولات والتضحية ... طرزت على ارضها اسماء الابطال والقادة العظام ...يعلوها اسم شهيد الحج الاكبر قائد تحريرها ...حتى اخر جندي بطل استشهد على ارضها ومقاتلين اشداء شهدت لهم السماء قبل ارضها .. الفاو ... اسمها لن ينسى مادامت الحياة على وجه الارض الى ان يرث الله الارض ومن عليها ... ولن ينسى من دافع عنها وقاتل فيها وحررها ..


الفاو ... تمر اليوم ذكرى تحريرها الواحده والعشرون ... وتحتفل بها رغم انها تبكي الما وحسرة لانها تعيش مع باقي ارض العراق احتلالا جديد امتد سنوات ست وايام ... تحتفل لتعيد التذكير بان التحرير قادم وهذه المرة ليس لها وحدها ... بل لكل ارض العراق .. وهي تشد الهمم للشرفاء وابناء العراق الغيارى ... لتذكرهم بان الاحتلال زائل مهما بلغ من سوء ..وان احتفالها اليوم هو اعتزازا وتمجيدا لتاريخها الاصيل ... ولتعاهد انها ستبقى ارض الحناء وانها بوابة الفداء ...وانها بوابة النصر القادم ..مرة اخرى ... وهي تحكي قصة احتلالها عام 1986 عندما غزتها جارة السوء في غفلة خطأ ...


عندما سقط شاه ايران بتوجيه من المخابرات الامريكيه والفرنسيه ... وعندما وصل خميني على طائرة الخطوط الفرنسيه في مطار طهران عام 1979 ..وهو يحمل تحت عباءته خطط التامر لتدمير العراق ... بدأت مرحلة التحضير للعدوان على العراق ..مبتدأ بالتحريض الطائفي ... وصلت ذروتها باعتداءات بني قوميته وعملائهم في الجامعة المستنصريه في نيسان عام 1980 ...والهجوم على موكب تشييع الطلبة الذين سقطوا شهداء في اعتداءات المستنصريه بعد يوم من حدوثها ... وتصاعدت الاعتداءات المسلحة على المخافر الحدوديه مع ايران وصلت في شهر اب من عام 1980 الى ضرب المدن الحدوديه خانقين ونفط خانه ومندلي وزرباطيه وقرة تو في قاطع ديالى ومخافر الحدود في الشلامجه والطيب وسومار وبدرة وجصان ...حتى بدأت مرحلة القصف الجوي في عمق الاراضي العراق حيث تم اسقاط طائرة فانتوم 4 فوق بلدروز واسر طيارها يوم 7 ايلول عام 1980. الذي احتفظ العراق به اسيرا .. وشاهد اثبات على من بدأ الحرب والعدوان ووثق ذلك لدى الامم المتحده والمنظمات الدوليه ..بافلام فديو واعترافات خطيه من هذا الطيار ..وقد جرى تسليمه واعادته الى ايران في بداية عام 2003 كأخر اسير ايراني لدى العراق ...


بعد ان بدأ العراق برد العدوان الايراني في 22 ايلول 1980 وتمكنت القوات العراقيه من الوصول الى المواقع التي تحمي الاراضي العراقيه من الاعتداات الايرانيه .. توقفت من التقدم داخل الاراضي الايرانيه بعد ستة ايام من بدأ رد العدوان ووافق العراق على قرار مجلس الامن بايقاف الحرب واعلن ذلك رسميا شهيد الحج الاكبر ببيان رسمي ..الا ان خميني واعوانه واسياده في البيت الاسود والاليزيه لم يوافق على القرار ... مما اطال الحرب الى ثماني سنوات والى ان تجرع كأس السم مرغما ..لتتوقف تلك الحرب بانتصار العراق رغم انوف المشككين في الانتصار .


شهدت السنين الثماني الكثير من العمليات الحربيه والتي كانت تدور جميعها من الجانب الايراني في محاولات لاحتلال مدن رئيسيه وخاصة البصرة ... ولعل معارك شرق البصرة الاولى والثانية عام 1982 التي كانت اهدافها احتلال البصرة ... تحطمت احلام خميني وزمرته في الوصول اليها .. ومن ثم التوجه شمالا الى بنجوين وحاج عمران والى مدن اخرى في القاطع الاوسط ( بدرة وجصان ومندلي وخانقين وقره تو ) وشهد عام 1983 اصعب المعارك في بنجوين ومهران .. كما شهد عام 1985 اهم المعارك التي حاول الايرانيون احتلال القرنه والعزير عبر هور الحويزه حيث تمكنوا من الوصول الى الطريق العام بصرة- عمارة في قاطع العزير وبقوا هناك لمدة ثلاثون دقيقه دمروا خلالها بعض ابراج نقل الطاقه الكهربائيه للضغط العالي .. الا ان القوات العراقيه تمكنت من طردهم الى ماوراء الحدود بعد معارك دامت عشرة ايام ...في يوم سمي بمعركة تاج المعارك التي شاركت فيها قوات من افواج الدفاع الوطني الكرديه والتي قدمت شهداء كرام من خيرة ابناء شعبنا في الشمال...


وفي عام 1986 كانت الانظار متجهه الى نفس المكان لعدوان جديد واتخذت الاستعدادات لصد العدوان ولكن هذه المرة اخطأت التقديرات في نوايا المعتدين الايرانيين رغم وجود اشارات واضحة بان العدوان سيكون على الفاو ...لكن القائمين على تلك التقديرات لم ياخذوا بهذا المسلك والاتجاه ...فقد تحركت طلائع قوات العدوانيين بعبور شط العرب ليلة 9 شباط عام 1986 مقابل الفاو والى الشمال ... وقد قاتلت القوات المتواجده في القاطع ببسالة وتضحية قل نظيرها الا ان كثافة الهجوم تسببت في دخولهم الفاو خلال 48 ساعة من بدأ الهجوم ..مما حدى بتغيير حركة القوات وتوجيهها الى الفاو حيث استمرت المعارك مايقرب 75يوما حيث احتلت الفاو والى شمالها بمسافة 15 كم والى المملحة غربا ..


لقد كان ثمن الدفاع عن الفاو كبيرا ... ولانها تستحق ذلك فقد تم القرار على ايقاف العمليات فيها ...وجرى القرار على استعادتها في المرحلة القادمة بعد ان يتم تهيأة مستلزمات التحرير ...
لقد تبجح حكام طهران بهذا الانتصار .. وبدؤا يخاطبون دول الخليج وخاصة الكويت والسعوديه بانهم اصبحوا جيرانهم الجدد ...واخذوا يوسعون من خططهم لاحتلال اراضي جديده ... وشهدت هذه السنه تعاونا عسكريا بين حكام ايران وبتوجيه من خميني ورفسنجاني مع الكيان الصهيوني والولايات المتحده ... حيث جرى تجهيزهم بكل احتياجهم من منظومات الدفاع الجوي واسلحة مقاومة الدروع تمهيدا لاحتلال البصره ...


وفي نهاية عام 1986 وتحديدا في 24 كانون اول ... كانت معركة اليوم العظيم التي سحقت فيها القوات العراقية .. معظم القوات الايرانيه المعتدية التي حاولت التقدم من جزيرة ام الرصاص ومن الشلامجه لاحتلال البصرة ...والتي شدت من عضد القوات العراقية بعد احتلال الفاو ... واعادت الثقة للاجهزة المسؤولة عن تقدير الخطط والعمليات ... رغم ان مسوؤلا امريكيا كان قد وصل بغداد في شهر ايلول من عام 1986 والذي اصبح فيما بعد وزيرا في حكومة بوش المجرمه... حيث التقى بمسؤولين ليخبرهم بان العراق سيخسر الحرب مع ايران خلال الستة اشهر القادمة ... وهذا بناء على تقديراتهم هم لانهم ساعدوا ايران بمعية الكيان الصهيوني بتزويدها بما تحتاج ... ولم يكن لدى العراق علما بذلك... الا ان فضيحة ايران كيت .. كشفت المستور ..


ولقد كان رد المسؤول الذي التقى هذا الامريكي بان تقديراتهم غير صحيحه وان العراق هو من سينتصر وسنلتقي بعد الاشهر الستة القادمة لنرى من هو المنتصر...


وجاءت معركة اليوم العظيم ... لتؤشر توقعات المسؤول العراقي بصدق التحليل ... وما ان بدأ عام 1987 وتحديدا في كانون ثاني منه بدأت ايران بعدوان اخر لاحتلال البصرة ... واستمرت المعارك الى نهاية شهر اذار من العام نفسه تمكنت القوات الايرانيه من الوصول الى نهر جاسم وبحيرة الاسماك شرق البصرة واحتلال الشلامجه ..وتكشفت خلال هذه المعارك سعة التعاون الصهيوني الامريكي الايراني في امداد ايران باسلحة مقاومة الدروع والدفاع الجوي ... حيث كشف عن تزويد ايران بصواريخ هوك بكامل قواعدها للدفاع الجوي وصواريخ تاو المضادة للدروع ... اضافة الى سقوط الطائرة التي كانت تنقل السلاح من اسرائيل الى ايران مباشرة والتي فضحت ذلك الترابط بين اعداء الامة العربيه ..لقد دفع العراق بخيرة الابناء في هذه المعركة التي سميت بالحصاد الاكبر لكثرة من سقطوا من الجانب الايراني حيث بلغت اكثر من 120 الف بين قتيل وجريح.


كانت القوات التي هيأت لتحرير الفاو تتدرب بعيدا عن الانظار ... وتتخذ مواقع هيأت لتشابه ارض الفاو .. دون الاشعار لماذا هذه التدريبات وعلى اي ارض ستنفذ .. وكانت الاجهزة المختصة باالمعرفة والتتبع لنوايا حكام طهران تعمل بكل طاقاتها ولاتترك صغيرة ولا كبيره دون الوقوف عليها ومعرفتها ونواياها ...وكان عام 1987 عاما فاصلا في العمل والتهيؤ .. الا ان ماحدث في بداية عام 1988 من عمل عدواني مخطط له في اروقة الموساد والسي اي ايه ... حيث تقدمت القوات الايرانيه بمساعدة ادلاء الخيانة من الاكراد العراقيين العاملين مع القوات الايرانيه والمتمثلة بحزب الطلباني ... على محور حلبجة .. والتي كانت تدافع عنه الفرقة 43 من الجيش العراقي ... حيث تم احتلال حلبجة والتقدم نحو سد دربندخان تمهيدا لتدميره واغراق مدن كثيرة تقع جنوبه اهمها بعقوبة وبغداد ...وتمهيدا للتقدم نحو كركوك ..فيما اذا نجحوا في تحقيق اهدافهم ..


بينما كانت القوات المدافعة عن دربندخان والسليمانية تقوم بواجباتها القتالية ... كانت اول صواريخ الحسين تصل الى عاصمة الشر طهران وتدك معاقلهم هناك ...ولاول مرة في تاريخ الحرب يشعر سكان طهران بمرارة وقساوة الحرب ..بعد ثماني سنوات عاشت مدن العراق الحدوديه والرئيسيه منه مرارة الحرب مباشرة من صواريخ ارض ارض روسية زودت ايران بها من دولتين عربيتين مع طواقمها لتضرب بها بغداد ...وخلال شهر اذار ونيسان ذاقت ايران بمدنها الرئيسيه طهران واصفهان وشيراز وتبريز وغيرها مرارة الحرب بصواريخ الحسين العراقية ... التي كانت سببا في تدهور معنويات الداخل .. وخلالها صدرت اوامر شهيد الحج الاكبر بوضع الخطط اللازمة لبدأ تحرير الفاو .. وقوات الجيش العراقي تدافع عن دربندخان ...


تم البدأ بوضع الخطط الخاصة بالعمليات اليوميه والمخادعة يوم 17 اذار وتمت مصادقة القائد العام عليها ... واستثمرت كل الجهود التي تمتلكها جهات القرار لاجل ذلك اليوم العظيم بتاريخ العراق ... حتى جاءت ساعة الصفر صباح يوم 17 نيسان الاغر الذي صادف اول يوم من شهر رمضان المبارك ...لتنطلق جحافل الحق بصولتها لتبدأ بخطوات التحرير ... وما ان جاء المساء من هذا اليوم حتى كانت قطعات الحرس الجمهوري تحيط بالفاو وتدخلها منتصرة ... وتتوالى انتصارات الفيلق السابع وهي تتقدم من محور البصرة الفاو القديم بمحاذاة شط العرب لتلتقي صباح يوم 18 نيسان مع جحافل الحرس الجمهوري وهي تتقدم الى راس البيشه اخر نقطة في مثلث الفاو المطل على الخليج ليعيد بالساعة 1400 من يوم 18 نيسان الخالد ارض العراق والفاو الى حظن الوطن ...وتخرج اخر قدم قذرة وطأتها منذ عام 1986.


ملحمة تحرير الفاو استغرقت 32 ساعة بالتمام والكمال ... ومعركة الدفاع عن الفاو عام 1986 استغرقت اكثر من 20000 ساعة ..


كانت تضحيات تحرير الفاو 27 شهيدا و65 جريح ... وكانت تضحيات الدفاع عن الفاو عام 1986 من الشهداء 24339 شهيدا و28 الف جريح .


الا تستحق الفاو ارض الحنة وزهرتها هذه التضحيات ؟؟؟؟ قطعا الجواب بنعم .. فان كل ذرة تراب عراقية تستحق ذلك .


لانها فتحت بوابة النصر العظيم الذي تحقق في تحرير الشلامجة ومجنون والطيب وسومار وحلبجة وكردمند وكاني ماسي .


. وامامنا تضحيات كبرى لتحرير العراق كل العراق ... رغم تضحيات ستة سنين ..ورغم ان التحرير بات قاب قوسين او ادنى ...


اه يافاو .... قادمون اليك ثانية ... لانهم عادوا والله سبحانه قال في محكم كتابه العزيز ( ان عدتم عدنا.)..( ووعدهم بجهنم )


المجد لك وللعراق ..
المجد والخلود للقائد الذي كان له شرف تحريرك من الغزاة .
المجد لجيش العراق .. ورجالاته الميامين .
وانا لعائدون .

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الجمعة / ٢١ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٧ / نـيســان / ٢٠٠٩ م