نيسان ... الصراع بين النهوض والنكسة

 

 

شبكة المنصور

عراق المطيري
نتفق جميعا على إن شهر نيسان له خصوصيته التي تأتي من كونه حافل بالمناسبات الكبيرة مع الفوارق في سنوات حدوثها واهم العلامات التي تؤشر فيه مولد حزب الجماهير العربية حزب البعث العربي الاشتراكي وما ترتب عليه من نهوض واحتلال بغداد وهو حدث جلل اهتزت له أركان العروبة وكذلك في السابع عشر منه ذكرى معارك تحرير الفاو وما تحمل من مضامين في ترسخ القدرة العربية الكبيرة على دحر مطامع العدوان الفارسي ألصفوي وهي مناسبة لها دلالاتها التي أكدت السنوات الست الماضية صحة ما ذهبنا إليه وفي نهاية هذا الشهر ذكرى ميلاد القائد الشهيد صدام حسين الميمون رحمه الله ورحم كل شهداء القضايا العربية وأرضاهم .


وقد تناولت الأقلام الشريفة وحتى المعادية منها الذكرى الثانية والستون لانعقاد المؤتمر التأسيسي للحزب الذي أثبتت الأحداث خلال النصف قرن ونيف من عمره المديد انه خير من مثل طموحات وتطلعات الجماهير العربية على امتداد ساحة وجودها في هذه المعمورة وانه الأصلح لقيادتها مع كل الاحترام للأحزاب القومية والوطنية العاملة في الوطن العربي , فالبعث مع انه سجل طيلة الفترة الماضية تاريخا طويلا كان فيه من الأيام ما هو حالك وعصيب ومرير استهدف وجوده حيث أدرك أعداء العروبة أهمية دوره إلا إن أيامه ظلت تزهو بالإشراق لأنها سجلت للأمة العربية انبعاثا جديدا فتحول احتضار الأمة إلى مخاض لولادة جديدة لها .


ومع إن انعقاد المؤتمر التأسيسي للحزب يعتبر تاريخ الانطلاقة الرسمية للحزب إلا إن التاريخ الحقيقي للبعث يمتد إلى أكثر من ذلك حيث بدأ الحزب نشاطه مع مطلع الأربعينات عندما وضعت نخبته المؤسسة مبادئ مختصرة توضح النقاط الأساسية في عقيدة البعث وظلت تلك المبادئ منذ عام 1941 حتى عقد المؤتمر التأسيسي الأول هي التي توجه نضال الحزب , وكانت المقالات التي نشرها الرفيق المرحوم احمد ميشيل عفلق خلال السنوات التي سبقت التأسيس قد جاءت بمنطلقات جديدة في الفكر القومي العربي لفتت الأنظار لما انطوت عليه من منظورات مستنيرة واستقطبت الكثير من الشباب العرب وتأسست من وحي تلك الأفكار والأفكار المتضافرة معها منظمة الإحياء العربي التي يعرفها العراقيون من خلال موقفها لمناصرة ثورة مايس المجيدة عام 1941 , وقبل أن يمضي عامان على نشاط حركة الإحياء برز اسم البعث العربي .


وواصل الحزب نضاله الطويل على مدى الفترة الماضية وأعطى الدليل في مجمل أفكاره ومواقفه على انه الحزب القومي الوحيد الذي تتوفر فيه الأهلية القيادية , بل هو أكثر من كونه حزبا ومنهجا قوميا , إذ انه بعث لرسالة الأمة ووضعها في موضعها الصحيح لأداء دورها الحضاري من جديد وحرص على إعلان مبادئه على الرأي العام أو على منتسبيه على حد سواء كحرصه على التمسك بالأخلاق العربية الإسلامية الحقيقية وهو ينطلق في هذا الحرص من ثقته بتلك المبادئ وإيمانه بسلامتها وبأن طريقه واضح لا يحتمل اللبس وان ليس بين أهدافه ما هو غير معلن وانتهج ذلك سياسة ثابتة فأعلن عن مواقفه من قضايا الأمة المركزية بصدق وصراحة بالغة ومطلقة وجاهر بأفكاره دون أن يعبأ بمن يقف ضده .


لقد اغتنت التجربة البعثية في قيادة ثورة السابع عشر من تموز المجيدة فاقترنت النظرية بالتطبيق فحول الحزب أفكاره إلى قوانين ثورية وتحويلها إلى فعاليات وتقاليد راسخة تدفع إلى بناء المجتمع الجديد للتغيير حتى لا تبقى الثورة مجرد صفططة كلامية فارغة من محتواها العملي فالواقع الذي توفر للحزب بعد الثورة المجيدة قد هيأ لمنطلقات الحزب أن تتعايش مع الواقع وتتفاعل معه بحيث أصبحت للحزب نظرية متميزة للعمل ظلت مفتوحة وقابلة للتطوير والتعميق .


أعداء العروبة والإسلام كانوا يدركون تلك الحقائق فظلوا يتحينون الفرص ويحيكون المؤامرات التي أفشلتها حكمة القيادة السياسية للحزب إلى أن أيقنوا احتضان الجماهيري العربية للحزب وعدم التفريط به وبمنجزاته الأمر الذي اضطرهم إلى التدخل العسكري والغزو المباشر وفق تحالف كل القوى المعادية فكان استهدافهم هذه المرة لحياة الحزب وتصفية مناضليه بهجمة لم ولن تتكرر في التاريخ ليثبت الحزب انه اكبر من إن يجتث وقلب كل معادلات الحرب فصموده بهذا الشكل الأسطوري حطم آلة الغزو ومن عليها وها نحن اليوم نشهد الانهيار الأمريكي بعد أن انفض من تحالف معها باستثناء الفرص الذين أصبحوا يتمردون عليها والصهاينة حلفائها التقليديين فتحولت من القوة العظمى الوحيدة المهيمنة على القرار في العالم إلى أضحوكة للدول الضعيفة قبل القوية وها هو الحزب يزداد الق ويزداد تعلق الجماهير العربية به وان هو إلا صبر ساعة حتى نرى راية الله اكبر بنجومها الخالدة ترفرف في السماء المحررة .

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الجمعة / ١٤ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٠ / نـيســان / ٢٠٠٩ م