نعم ثلاثة أعداء للعرب ورابعهم أمريكا

 

 

شبكة المنصور

عراق المطيري
في تحليله السلس والشيق للعداء بين العرب وبين أعدائهم التقليديين إيران وتركيا والكيان الصهيوني تطرق الأستاذ الفاضل الدكتور فايز أبو شمالة إلى حالة من المؤكد أنها حقيقية وثابتة هي أن كل من هذه الدول الثلاث تحاول بسط نفوذها وتتقاسم وجودها في المنطقة وطبعا على حساب الأمة العربية الخاسر الوحيد ولأسباب تخص إنجاح إستراتيجيتها والحفاظ على مصالحها ولا احسب أننا كأمة نعادي جيراننا على اختلاف قومياتهم بدلالة أن امتنا هي من نشرت الإسلام على ما يحمل من مبادئ لا يستطيع مخلوق سوي إن يعيبها بين تلك القوميات بل إلى غيرها بنفس الروح وهنا لابد من أن نؤشر إن غيرنا هو من ببادئنا العداء وبالنسبة للقومية الفارسية فبالتأكيد سبب عدائهم للعرب يبدأ من زوال إمبراطورية كسرى على يد العرب لا بل ابعد من ذلك بكثير منذ أن تعاون ملكهم كورش مع اليهود في إسقاط حكم دولة بابل في بلاد ما بين النهرين ولا يدل ذلك إلا عن أطماع ظلت قائمة منذ ذلك الوقت ورغبة تتجدد في نفوسهم تسخر ما متاح من الظروف لتحقيق هذا الهدف وهذه حقائق تاريخية ثابتة متفق عليها لا يناسب المثقف إنكارها بقدر ما يحتم عليه الواجب توضيحها لمن يصعب عليه الاطلاع عليها .


أما الأتراك فمنذ أن تمكنوا من بسط نفوذهم في منطقتنا واحتلال أرضنا فان انسب وسيلة كانت متاحة لهم لاستمرار ذلك الاحتلال هي اعتناق الإسلام وتبني قضايا المسلمين والتظاهر بحماية مصالحهم ليجدوا القبول المطلوب بين العرب بشكل خاص والمسلمين بشكل عام رغم إن ذلك كان ظاهريا بدلالة الممارسات التي كانت تسود في المجتمع العثماني تجاه المستعمرات والتي يبغضها الإسلام وحرمها والساسة الأتراك اليوم يحاولون تقمص ما نجح به أجدادهم كما فعل رجب الطيب أردوغان في لقائه الشهير مع شمعون بيريز حين لملم أوراقه وترك السجال وثبت موقفا لصالحه يستحيل أن يثبت مثله مع كل الأسف أي زعيم عربي اليوم .


أما الكيان الصهيوني فعداوته معنا كأمة عربية على مختلف القوميات التي تتعايش بسلام معنا وليس كشعب فلسطيني فحسب فتقوم على أساس اغتصاب حقنا في الوجود ويؤسس لبناء دولة مترامية الأطراف من الفرات إلى النيل أي من الحدود التي يتمنى الفرس أن يصلوها وذلك شعارهم ويستخدم لذلك أقسى وأبشع الأساليب وأنواع الاضطهاد والتهجير وبذلك يضع نفسه عدوا لنا معتدي علينا.


نحن كشعب عربي لم نعتدي يوما على احد وان معتقداتنا الدينية انتقلت إلى جيراننا ووصلت إلى أواسط آسيا والى اندونيسيا وكل بقاع المعمورة دون حروب وأجدادنا وجهوا دعوات إلى الانضمام إلى الإسلام نصرة للشعوب والقوميات التي كانت مظلومة بدلالة إن تلك الشعوب بعد أن دخلها الإسلام كانت تحكم نفسها بنفسها ويأخذ الوالي الذي يعينه الخليفة دور المرشد الديني والفقيه أكثر منه مما هو حاكم بينما لم نجد ذلك حين استضعفنا واحتلت بلادنا .


في استقرائنا للتاريخ القريب , تاريخ القرن الماضي أو ما قبلة بقليل فان صراعات الدولتين ألإقليميتين الفارسية والعثمانية كان تدور وأراضينا مسرحا لها وشعبنا كان قرابين تقدم كضحايا لتلك الصراعات وبعد أن ظهرت إلى الوجود قوى عالمية جديدة جاءت من الغرب المسيحي بسطت نفوذها في الشرق الأوسط تعاملت مع شعوب المنطقة بأساليب متعددة وبازدواجية في المعايير ففي الوقت الذي احترمت به الأتراك وساعدتهم على قيام دولتهم الجديدة بزعامة اتتاتورك وكذلك فعلت مع الفرس بزعامة رضا بهلوي فإنها تعاملت مع العرب بمنتهى الخسة والنذالة فابتكرت نظام جديدا للاحتلال هو نظام الانتداب وكما هو معروف شكل جديد من أشكال الاحتلال وزعت في بلادنا كيانا عنصريا وحتى عندما ضغط الشعب العربي لإعادة إنشاء دولته الواحدة ابتكروا له مؤسسة تزيد من تفتيته أسموها جامعة الدول العربية .


بعد أن كافح الشعب العربي في جميع أقطاره وضحى بالغالي والنفيس وقارع الاحتلال وسالت الدماء انهارا عمدت الدول الاستعمارية إلى ابتكار نوع جديد من الاحتلال وهو أيضا لم يمارس في كل بقاع الأرض وأقطارها يمتص غضب الشارع العربي ويلبي لها رغباتها ويصادر حرية الشعب ويبطش بكل من يعارضه فعينت عملائها حكاما علينا وأوجدت لهم برلمانات يمنحهم الشرعية وكل من يخرج على هذا النمط سيكون مصيره هجمة مغولية تعيده إلى عصور التخلف والظلام والى ما قبل نهضة الإنسانية ولو أن هذا التسلط اخذ أشكالا متعددة فتارة في انقلاب عسكري يصل حتى انقلاب الابن على أبيه وأخرى بانتخابات مزورة محسومة النتائج وثالثة بتدخل عسكري وغيرها ولكل نموذج منها مثال في واحد من الأقطار العربية على الأقل .


بعد هذا كله إلا يحق لنا أن نتساءل مثلا هل إن نظام حكم عربي دون استثناء وصل إلى ما هو عليه دون رغبة موافقة أعدائنا ( نحن الشعب العربي ) من خلف الكواليس أو بالتشاور معهم أو مع من يمثلهم في المنطقة في اقل تقدير بما فيها حماس في فلسطين؟


إذا فهمنا دوافع غيرنا ونواياهم تجاهنا وبواطن أنظمتهم وطريقة حكمهم لشعوبهم وسياساتهم التي يتكتمون عليها فان الشعب العربي اليوم وهذه مسؤولية المثقف الوطني تحديدا أكثر من غيره بحاجة إلى إعادة قراءة تاريخه باستفاضة لتشخيص أعداءه من خلال مواقفهم ومعرفة أهدافهم لا أن يتغنى بموقف أردوغان وتركيا ولا تطور إيران العسكري أو النووي وأسباب وقوفها لتتحدى أمريكا أو دعمها لحماس أو لحسن نصر الله ولا يحتمي شعبنا باوباما وأمريكا فيكون كالهارب من الرمضاء للنار ولكل دعم ثمن .

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

السبت / ٢٢ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٨ / نـيســان / ٢٠٠٩ م