مصير العراق بين المقاومة والمساومة وتوجهات القوميين العرب

 
 

شبكة المنصور

عراق المطيري

بعد أن دخلنا السنة السابعة للغزو الوحشي الأمريكي لقطرنا العزيز نقرأ لمن يدعي انه يحسب نفسه مصطفا مع القوميين العرب طرحا يخلط فيه الأوراق ويدس السم بالعسل وباسم القومية يعمل على تفتيت عضد المقاومة العراقية ويروج للغزو الذي من خلاله استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية فرض نمط معين من العلاقات في المنطقة تؤشر إلى ارتفاع قابلية الكيان الصهيوني في تنفيذ ما يخدم مصالحه من هجمات عسكرية أو سياسات  في مقابل انهيار تام للقدرات العربية الرسمية على الصمود  بوجه أي مشروع يستهدفها وتباكي لقبول ما سمي بالمشروع العربي للمصالحة وهو استسلام عربي رفضه الكيان الصهيوني لطموحه بالمزيد من التنازلات وغياب دور العراق وهو الهدف  من الغزو وذلك على صعيد القضايا العربية القومية والإسلامية.

 

أما على الصعيد العراقي المحلي فمن الإجحاف التام ونكران للحقائق أن نقول إن قوات الاحتلال قد نجحت في تحقيق ولو جزئي من أهدافها إلا فيما يخص قتل وتشريد أبناء الشعب العراقي عن طريق إنجابه لحكومة محاصصة طائفية فشلت في نقل سماتها بين العراقيين رغم الأعداد الكبيرة من المليشيات وعناصر المخابرات الإيرانية التي جندت لهده المهمة وقد أكدت ذلك النتائج التي تمخضت عنها ما سميت بانتخابات مجالس المحافظات حيث عزف المواطن العراقي عن المشاركة بها ومن شارك لأي سبب فقد عزف عن انتخاب الأحزاب الطائفية رغم عمليات الغش والتزوير التي مورست خلال تلك العملية وهي الأخرى لم تنجح في حسم الخلافات الناتجة عنها خلافا حتى لدستورهم الذي وضع بتفاهم مخابرات تحالف دول الاحتلال, وحتى البرلمان الذي أسسه الاحتلال ليمنح الشرعية لما يطمح أن يمرر من مشاريع , فقد عجز عن تمريرها باستثناء ما سمي بالاتفاقية الأمنية والتي رافق توقيعها بين العميل وأسياده شتى أنواع الضغوط والمغريات التي لم يستطيعوا أن يخفوها عن الشارع .

 

إن وصول باراك اوباما وحزبه إلى الحكم كان نتيجة طبيعية لرفض الشعب الأمريكي لسياسات إدارة بوش المتهورة واعتداءاتها على شعوب الأرض وما رافق حملته الانتخابية من شعارات لم نلمسها لحد الآن لسحب القوات الغازية من العراق التي تسببت في انهيار الاقتصاد الأمريكي كنتيجة طبيعية لعنف ضربات المقاومة العراقية وخسائر المعتدي البشرية والمادية الكبيرة الذي جعل الانسحاب أمرا واقعا لا محال في القريب العاجل وما يتردد في وسائل أعلام المحتل وعملائه عن تحسن الوضع الأمني إن هو إلا أكذوبة خالية من أي صحة بدلالة الإحصائيات التي تتسرب بين الحين والآخر عن حجم الخسائر التي تتكبدها قوات الغزو رغم التكتم الإعلامي مع ملاحظة الفارق الشاسع بين أهداف المقاومة وعملياتها البطولية النوعية التي تتجنب إصابة المدنيين الأبرياء وحالة الفوضى التي حاولت وتحاول المليشيات خلقها في العراق على غرار تفجيرات الكاظمية وسيفشلها الشعب بتلاحمه وعمق صلاته وان تحصل عمليات تصفية وتفجيرات تطال الأبرياء بين الحين والآخر في داخل المدن فان من يقوم بها أطراف من الأحزاب العميلة المتحصنة في المنطقة الخضراء أو تنظيمات القاعدة لتعطي مبرر لاستمرار وجود قوات الاحتلال أو لتحقيق مآرب تم طبخها في أروقة المخابرات الإيرانية والأمريكية والصهيونية.

 

لقد تطوع البعض من الحكام العرب وجندوا أصحاب المنابر الإعلامية أو الكتاب المعروفين على الساحة العربية للحديث بالنيابة عن الشعب العراقي أو في الدفاع عن قوات الاحتلال وتبرير غزوه أو تجميل انسحابه لعله يحصل على فتات موائد قذرة فاخذ على نفسه عهدا للسعي لتطبيع علاقاته مع حكومة الاحتلال فيمنحها شرعية لا تستحقها في الوقت الذي يخلق مبررات لا صحة لها ولا تقنع أحدا إلا ذاته عن تراجع أو تضاءل في حجم العمليات الجهادية ويتناسى أو يغمض عينيه عن التلاحم الكبير بين المقاومة والشعب وازدياد عدد الفصائل الجهادية التي تتوحد تحت راية الجهاد والتحرير أضف إليها الأعداد الكبيرة أفرادا أو جماعات التي أعلنت توبتها وندمها عن مشاركتها فيما سمي بالصحوات أو مجالس الإسناد وهذا ما أثبتته التصادمات التي حصلت في أكثر من منطقة أو قطاع في العراق في الآونة الأخيرة .

 

حقيقة يحز في النفس أن نجد قسما ممن يحسبهم البعض في مصاف الوطنيين القوميين العرب يروج لتمرير مخططات تحالف الاحتلال أو حكومته أو مصالح قسم من الحكومات العربية خصوصا إذا كانوا يقيمون فيها على حساب ثوابت المقاومة والتحرير ويمارسوا دون خجل طرحا يسوف المواقف الجهادية لكل الفصائل المقاومة وإذا تجاوزنا مسألة التفجيرات الانتحارية التي تستهدف الأبرياء من أبنائنا والتي تشن لأهداف خاصة معروفة للجميع ويستنكرها كل من يحمل ضمير فإننا بمنتهى الصراحة وبالفم المليان نعلن إن من يدعو المقاومة إلى إلقاء سلاحها والركون إلى التفاوض مع عملاء الاحتلال إنما يدعو إلى إذلال شعبنا والسكوت عن المطالبة بحقه ويعمل على تكرار عملية اغتصاب فلسطين في العراق فالمحتل اعتدى على قطر آمن مستقر وفاعل في المجتمع العربي والإسلامي والدولي واسر قياداته وبدأ بتصفيتها وذهب ضحية لطيش ورعونة الإدارة الأمريكية ما يزيد على ربع الشعب العراقي بين شهيد وأسير ومهجر خلافا لأكثر من ثلاث عشرة سنة من الحصار الذي شمل إبرة الخياطة وقلم الرصاص وتدمير اقتصاد القطر ونهب ثرواته لأسباب لم يستطع إثباتها بل يعترف الآن بعدم صحتها فهل من العدل والإنصاف الركون إلى التفاوض مع هذا المعتدي؟

 

إن المحتل كما هو معلوم أباح لحلفائه وعملائه أن يشرعنوا لقانون الغاب فقتلوا من قتلوا وتركوا أبواب القطر مشرعة أمام شراذم الأرض ليعيثوا فيه الفساد ويشرعوا القوانين التي لم تشرع في أي بقعة من ارض الله الواسعة فمع من يتم التفاوض ؟ مع عملاء باعوا شرفهم للأجنبي الغازي أم مع عميل أو مزدوج الجنسية متعدد الولاءات منح الجنسية العراقية بعد الاحتلال ؟ أو يكون التفاوض مع غازي تسبب بكل هذا ؟ وهل يجب على العراقي أن يغض الطرف عمن قتل وانتهك أعراض العراقيات وشرد ونهب ؟

 

هناك نقطة يجب الوقوف عندها هي أن من لا يعرف المقاومة العراقية ولم يشارك فيها ولم يعاني مما يعانيه رجال المقاومة الأبطال وعوائلهم لا يحق له تقيمها أو دعوتها أو الحديث عنها بأية شكل من الأشكال أو صيغة من الصيغ فيخلط الأوراق بين المقاومة التي أبكت الأمريكان وجعلت ارض العراق محرقة لجنودهم ويساويهم بمن فر من ارض المعركة وخان تراب الوطن وركن إلى الأمان تحت حماية الأجهزة الأمنية لأية دولة في العالم فمن لم يعاني معاناتنا لا يحق له أن يتحدث باسمنا ومن خاننا وسكن خارج حدود بلدنا لا نعتبره مقاوما ونحن غير معنيون بقراراته أو صفقاته أو مساوماته ولا يهمنا في شيء سواء أتفق مع المحتل أو أعوانه وعملائه أو لم يتفق فلنا ثوابتنا ونحن نحترم الدماء العراقية التي سالت على أرضنا ولن نفرط بحق قطرة دم واحدة , نقولها واضحة لكل الدنيا إن من أبكى الأمريكان وطردهم وطهر ارض العراق من دنسهم قادرا على طرد أتباعهم وليعلم الجميع إن ولاء الشعب بكل أطيافه ومذاهبه وقومياته مطلق للمقاومة فشعبنا حاضنتنا وحامينا ومددنا ومناصرنا , أما فصائل الجهاد والمقاومة فهي موحدة ولا هدف لها إلا التحرير ومن ثم إعادة البناء .

 

أما من يعول على النظام الرسمي العربي في تأمين الحماية لعراق حر موحد فذلك ضرب من الحماقة ولهاث وراء السراب فذلك النظام أضاع فلسطين وهادن الصهاينة يتباكى على أبواب الأمريكان في انابولس وغيرها ويتغابى عن التحالف الأمريكي الصهيوني الفارسي ويرجو ممن جعل أرضه نقطة انطلاق الغزاة لاحتلال العراق فبأي صيغة سيؤمنون سلامة البلد وكل منهم قد أسس لمشروع تغلغل في العراق ؟ كيف نرجو ممن فتح سفارة في العراق واعترف بحكومة الاحتلال وهو يعرف دورها وماضي أركانها أن يكون عونا للشعب العراقي ؟

 

نحن في العراق لا يهمنا من أمر مشاريع دول الجوار أو دول الاحتلال شيء فمن له مصلحة في بقاء العراق محتلا سنجبره على التخلي عن هذا المشروع ومن تورط بشكل من الأشكال بالتعاون مع حكومة الاحتلال أو الاعتراف بها فهذا شأنه ولن يفرض علينا مشروعا يخدم مصالحه ولماذا ننتخب برلمان ولنا المجلس الوطني الشرعي الذي انتخبه شعبنا العراقي قبل الغزو الأمريكي وهو الجهة الوحيدة التي تؤسس لحكومة وطنية وقراراته نافذة في ضوء ثوابت المقاومة والتحرير وحسب القانون العراقي السائد قبل الاحتلال .

 

إن الطفل العراقي الذي فقد أباه وألام العراقية التي ثكلت بابنها والزوجة التي ترملت في ريعان شبابها يعلقون آمالهم على المؤيد والنصير ألبعثي وعلى كل وطني شريف يجاهد المحتل بان يثأر لهم يعمون المقاومة بالطلقة والهلهولة ويدعمون المقاومة بالمال والرجال وليخرس كل دجال رخيص يساوم على مصير العراق وصدق الشاعر الكبير أبو الطيب المتنبي رحمه الله حين قال :

 

عَـلَى قَـدْرِ أَهـلِ العَـزمِ تَأتِي العَزائِمُ ******وتَــأتِي عَـلَى قَـدْرِ الكِـرامِ المَكـارِمُ

وتَعظُـمُ فـي عَيـنِ الصّغِـيرِ صِغارُها******وتَصغُـر فـي عَيـنِ العَظِيـمِ العَظـائِمُ

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاحد / ٣٠ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٦ / نـيســان / ٢٠٠٩ م