اشواق حرى لزمن ولادة الرسالة في نيسان

 

 

شبكة المنصور

الرفيق الدكتور كاظم عبد الحسين عباس / أكاديمي عراقي

إن كان حب العروبة كفرا فنحن ولدنا من رحم هذا الحب ..

حين اعتنقنا حب العروبة كنا نعلم انها ام واب رسولنا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم.

حين افصحنا عن الرسالة قلنا ( لقد كان محمد كل العرب فليكن العرب اليوم كلهم محمد ).

حين زرعنا الفهم الجديد للصلة بين العرب وبين محمد صلوات الله وسلامه عليه، فلاننا كنا نريد لامة العرب ان تعي وتدرك من جديد خطورة دور محمد صلوات الله عليه وتسليمه في ما انجزه كفرد ....

 

الانجاز المحمدي العظيم انجاز فردي بدءا. وهذه الفردية عند محمد ليست كفردية بقية الانبياء والرسل عليهم سلام الله. ... بل هي ذات دلالات عميقة ومتفردة واصيلة  لان دين محمد الحبيب ليس ككل الاديان بل هو مسكها ومكمل الدين كله لله سبحانه كما لم يحصل في تاريخ الصلة الربانية بالوحي مع النماذج البشرية المنتقاة ربانيا, ولان التوكيل في حمل الرسالة انطلاقا من الفرد محمد لم يحصل من قبل وفق مشيئة الله طبقا لخصائص متفردة وسمات مميزة انطوت عليها شخصية خاتم الانبياء سلام الله عليه.

 

ارتكزنا لفردية محمد العظيم لنقول لكل عربي مؤمن .. انهض يا عبد الله .. قم تيمم ... فبوسعك ان تغيّر ما في نفسك وتنطلق في ثورة الانقلاب والانبعاث .. قم بوسعك ان تقتدي بالفرد محمد وتخلق امة او تشارك في صنعها متمثلا دور الحبيب المصطفى ... فلقد كان محمد واحدا في امة، فصارت الامة كلها امة فرد واحد، اسمه محمد العظيم صلوات الله وسلامه عليه ... ولنتخيل لو ان هذه الجزئية في عقيدة البعث السياسية قد اخذت بعدها في التنفيذ عند ملايين العرب؟... اي ما ذا لو انتفض كل منا ليتمثل محمدنا العبقري:

 

ان يتحول الى اخلاق النبوة

ان ينهل من نبع البطولة الفريدة

ان يخترق ثوابت التخلف والجمود والتحجر

ان يتبنى رسالة (قضية) امة

ان يغرف من ذاك النبع الصافي ( عائدا الى جذور الرسالة السمحاء) ما يطفئ ضمأ الامة.

عند ذاك:

لن يبقى بيت المقدس اسيرا

لن يبقى المسجد مكبلا بقيود يهودية ... لن يرضى مسلم مطلقا ان يولي اليهود والنصارى

لن يرتضي الضيم والاستلاب

لن يرضى البقاء متخلفا جاهلا والعالم يعلم ويتعلم

لن يقبل العبودية والعالم الاخر حر

لن يرضى البقاء بلا قضية

لن يقبل البقاء واهنا مستلبا

 

هذا هو برنامج الولادة البعثية التي اراد له ان يصير برنامج الانسان العربي .. برنامج تمثل محمد الفرد العظيم العملاق الثائر .. وحيث كان محمد امة في رجل فليكن العرب اليوم كلهم امة في فرد ليكون الفرد كافيا ضمن اطار الملايين المتشكلة بذات الوصفة المحمدية لقيادة حركة الحياة الى امام كما فعل محمد العظيم صلوات الله عليه.

 

وقلنا ايضا في ادبنا النيساني الندي .. الاسلام ثورة لا يفهمها الا الثوريون ... لماذا؟

لاننا نعرف ان الثورة ليست انقلاب عسكري ولاتغيير نظام سياسي بل هي عنوان لتغيّر واقع كامل مجتمعيا واقتصاديا وسلوكيا وتربويا. لاننا نعلم انه لولا الثورة المحمدية لما تغيّر وجه الامة من الجهل والتخلف والصنمية الى التوحيد وسعادة الولادة الاجتماعية لمجتمع الوحدانية الذي يعج فيه عبق الروحانية وعبير الوحدة المؤمنة المبنية على فهم عميق وجاد ان الوحدة تبني الامة وبالفرقة يذهب ريحها وتنتهك.

 

هكذا حملنا ( ذات رسالة خالدة ) بعد ان ادركنا ان الوهن والفرقة وعوامل التخلف قد اضاعت الكثير من من الانجاز المحمدي العملاق وادخلته في نفق التيه الذي قد يودي بوجوده كله تحت هيمنة اعداء الرسالة المحمدية وحملة راياتها من العرب. لقد التقطنا من روح الاسلام جوهرنا ومواضع خطونا دون ان نثقل كاهله باخطاء محتملة منا كبشر وكرسالة وضعية تسمتد منه روحها واطار حركتها ومآلات رجاءها في تحريك مجتمع غلبه الرقاد دهورا.

 

جعلنا من الاسلام روحنا المحركة وملهم قوانا الظاهرة والكامنة وعملنا على ان تنبثق مع لحظات الولادة النيسانية عام 1947 دون ان نقيم للاسلام المحمدي بديلا طائفيا كما فعل سوانا .. وترفعنا على مزالق استخدام الدين الحنيف وسيلة للتعبئة والكسب السياسي لان هكذا انزلاق يسقط هيبة الدين ويضعه ضمن دائرة الممارسات الوضعية مستديمها وطارئها بكل احتمالات الزلل والشطط والتجريب .... بل وحدنا في عقيدتنا الارضية شرط الانتماء الذي يسقط الطائفية والعرقية فوحدنا الامة في جسد البعث الواحد المتسامي على تفاصيل الشرذمة هذه وسواها.

 

نعم نحن ولادة متجددة من رحم الرسالة المحمدية السمحاء .. من غير ان نحملها أية احتمالات سلبية قد تصاحب هذه الولادة مع التوافق ضمنا ان تكون تراكمات المنتج الايجابي في خدمة الرسالة المحمدية العظيمة.

 

ونظرة دقيقة وعميقة الى اهداف الولادة النيسانية الخصبة العربية الاصيلة ستفصح عن حقيقة ان وحدتنا مشتقة ومؤسسة على دعوة الباري جل وعلا الى التوحد كشرط للقوة والهيبة وبناء الكيان اللائق في القوة الجغرافية والبشرية واشعاع الارث والتاريخ وفي تكامل الانتاج الزراعي والصناعي وفي صياغة النظرية التربوية وتنسيق منتجات ومصبات الخدمات وفي تزاوج افكار البحث العلمي. الوحدة اشتقاق مبارك من قوله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)، فكل منتجنا الفكري ومحاولاتنا الميدانية لم تخرج عن اطار الرغبة الجامحة في التوحد تحت رايات الايمان والوحدانية.  واشتراكيتنا اساس بناءها العدل الاجتماعي الذي تعلمناه من الاسلام وانطلقنا منه لنوسع باجتهاد فكري عربي مسلم اصيل احترم الملكية الخاصة وحرم الاستغلال وجعل ادوات الرأسمالية الكبرى بيد الصالح العام (الدولة) وانطلقنا في تكافؤ الفرص في كل شعب الحياة لكل ابناء الامة وبتنكر كامل لاي منطلق جاه او وجاهة او اعتبار لجنس او عرق غير الانتماء النقي الشريف للوطن.

 

ولم نبتعد قيد انملة عن مضامين القرآن والسنة الشريفة في دعوتنا وجهادنا من اجل الحرية والتحرر .. وكانت صرخة عمر بن الخطاب رضوان الله عليه مثلا ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا ) مثابة ومنطلق للحرية المنشودة. و لم ينسى أي منا حكمة داحي باب خيبر ( لا تستوحش السيرفي طريق الحق حتى مع قلة سالكيه)، ورأ ينا فيه ربطا حيا مع معاني الحرية لان فرار السير في درب الحق هو اول اعلان عن حرية القرار الانساني الذي لا يقيم وزنا لنتائج عرضية قد تؤدي الى قطع رقبته للحفاظ على خياراته في الحياة الحرة الكريمة فالحق هنا في قول علي عليه السلام هو الله سبحانه في وجه من وجوه ممكنات التفسير.

 

ورغم اننا في لحظة اللهفة الكبرى للولادة النيسانية اليعربية قد وضعنا ثلاثة اهداف غير انها ليست ثلاث بل ثلاث في واحد, فعقيدة الثورة العربية المعاصرة تتداخل اهدافها الثلاث تداخلا عضويا يتوحد في هدف واحد هو كرامة وعزة وتقدم امة القرآن المجيد .... فيا لهفي لعذوبة وفرح تلكم الولادة .... فمباركة على الامة التي تستحق المجد والخلود الازلي في ولادات لن تنقطع.

 

عاشت ذكرى القائد الخالد المؤسس احمد ميشيل عفلق رحمه الله .

الرحمة الواسعة لشهيد الامة الخالد القائد صدام حسين رحمه الله .

ازكى التهاني والتبريكات في الذكرى الثانية والستين لميلاد حزب الثورة العربية الحديثة والمعاصرة الى حامل راية الجهاد والتحرير الحبيب القائد المجاهد عزة ابراهيم الدوري والى جميع صحبه اسود الرافدين الذين يصوغون ولادة بعثية جديدة للعراق والامة باذن الله .

الله اكبر والنصر لنا .

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاربعاء / ١٢ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٨ / نـيســان / ٢٠٠٩ م