رياح التمزيق وأتربتها
كلا
'' .. وألف كلا'' .. لـ .. هكذا .. ديمقراطية

 
 
 

شبكة المنصور

الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس / أكاديمي عراقي

من بين مزايا كبرياء العراقي، انه يرفض ويترفع عن الحوار والحديث, أي حوار وأي حديث, مع أو في, ما يراه امرا يخل بشرفه أو عرضه أو دينه أو وطنيته وثوابتها ومبادئها العامة .. ومن دلالات هذا الكبرياء انه يرفض الحوار والحديث مع مَن يزعل عليه لأمر مما ذكرنا, وعلى مَن يريد اصلاح ذات البين كخطوة اولى ان يكسر حاجز ذاك الصمت المجلجل!. وانطلاقا من هنا بدأت انا شخصيا للتو ادراكا جد متأخر في سبب ترفع نظامنا الوطني القومي العروبي بقيادة البطل التأريخي الشهيد صدام حسين رحمه الله عن الانجرار نحو مصطلحين (ديمقراطيين للغاية)، هما الفيدرالية للكرد والطائفية في صفوف شعبنا. والآن بدأت ادرك متأخرا لماذا يطلق رواد الفيدرالية والطائفية وزبانيتها لقب دكتاتور على نظامنا وقائده التاريخي الشهيد الاسد صدام حسين رحمه الله. ومع هذا الادراك صرت كانسان يمتلك حق الخيار والتفكير أؤمن ان الشهيد صدام حسين رحمه الله ونظام البعث الوطني القومي المسلم قد كان فعلا دكتاتوريا  كما يصفه الانفصاليون من الاحزاب الكردية العميلة والطائفيون القادمون من دهاليز الجاسوسية والعمالة لايران لانه لو لم يكن كذلك لكان يجب عليه ان يكون او ان وصفه سيكون ببساطة خائنا لا سمح الله كما هو وصفهم وكينونتهم.

 

لقد سحب الاحتلال وعملاءه بعض العراقيين الى دائرة الحرام والحوار والحديث في وعن الحرام, وهي الخطوة الاهم للبدء في ممارسة الحرام. والحوار هنا والجدل في موضوعتي او مفردتي الفيدرالية والطائفية هو الحرام بعينه وهو فتنة وفسق وفجور تنتهي كلها بتحليل المحرم وشرعنة الباطل وهذا هو مدخلنا في رفض الديمقراطية في حقلي الطائفية والفيدرالية. لان الديمقراطية هنا تعني تمزيق البلد والشعب. ولي الحق كمواطن ان ألعن وأطعن مثل هذه الديمقراطية ومن يتبجح بها وأجد فيها عهرا" وزنا" ودناءة وخيانة عظمى للعراق وللاسلام وللامة العربية وللامة الاسلامية، ولمعنى الحرية والديمقراطية.

 

وعليه فانني اكتشف الآن متاخرا ان الدكتاتورية التي يُشتم عليها ليل نهار نظامنا الوطني وقيادته التاريخية من سنوات تزيد على ثلاثين، انما هي في حقيقتها التزام اخلاقي وسياسي وديني بوحدة العراق ارضا وشعبا، وبديلها هو ما نعيشه منذ الغزو المجرم والاحتلال البغيض عام 2003 والى اللحظة من سير حثيث نحو التمزق وعمى البصيرة والبصر لتربة العراق المقدسة وبرياح التمزيق النتنة.

 

أنا اعلن امام العالم في هذه السطور وسأعلن لو قدر لي بارادة الله سبحانه ان اعتلي صهوة احدى عشرات الفضائيات محللا سياسيا في الفضاء الامريكي ان ديمقراطيتهم في العراق جريمة قذرة بحق العراق ارضا وشعبا وتاريخ وحضارة وهي جريمة اخرى لا تغتفر بحق العرب والمسلمين واهانة فضة لانسانيتنا لانها مجرد طريق اخرق لتمزيق العراق والامة .. واعلن هنا بكل زهو وفخر وكبرياء ان الدكتاتورية التي تنفذ حكم الاعدام او السجن المؤبد او النفي الى معسكر غوانتنامو الحقير لكل فيدرالي ولكل طائفي انما هي ارقى انواع الديمقراطية، واسبابي في ذلك انسانية ودينية واخلاقية قبل ان تكون سياسية وطنية .. ومن بين اهم اسبابي هو ان نظام الحكم, أي نظام حكم, اذا لم ينهج كل السبل بما فيها العنف والاعتقال والطوارئ والاعدام والسجن المؤبد والنفي للحفاظ على وحدة البلاد وسيادتها كمصالح عليا وخط احمر لا يمس ولا يجوز باي حال من الاحوال حتى ولو بمجرد حوار في الميديا ووسائطها المختلفة .. وبغير هذا الحزم الديكتاتوري فانه نظام خائن ومجرم .. ومن الافضل له ان يغادر دكتاتورا على ان يغادر خائنا وبصرف النظر عن نوع وحيثيات المغادرة لان وظيفة الدول القانونية والشرعية هي المحافظة على امن وسلامة ووحدة وسيادة البلد.

 

لقد تمكن الاحتلال واذنابه من جر بعض العراقيين للاسف الشديد الى الحوارات الممنوعة وطنيا وانسانيا وبالذات حوارات الفيدرالية والطائفية ليدخل بذلك دخولا خبيثا لتنفيذ استراتيجية تمزيق العراق الى دويلات. فها نحن نسمع ونرى ( صحفي وطني ) يجادل في منابر اعلامية صحفي مخضرم آخر ناقش في قناة فضائية من قنوات الديمقراطية الفيدرالية والطائفية مخاطبا المدعو محافظ كربلاء الذي خرج على مقومات الكيان الانتخابي الذي تمترس خلفه والمسمى زورا وبهتانا بكيان دولة القانون فأعلن في اول تصريح طنان رنان له ان ( النخيب ) جزء ( سليب ) اقتطعته محافظة الانبار البنغلاديشية من محافظة كربلاء الرومانية وان نضال وجهاد وواجب السيد المدعو بالمحافظ هو استعادته الى احضان الوطن الام !!.. الصحفي الوطني يدخل في وثائق تاريخية لاثبات عائدية النخيب الى الانبار ويعاتب بمرارة المدعو محافظ كربلاء على تجاسره وخروجه على معاني ودلالات دولة القانون التي ابتكرها (دولة) رئيس الوزراء لتكون الورقة البديلة لحزب الجاسوسية والعمالة الذي يترأسه جناح دولة رئيس الوزراء ..

 

ولم يدرك الصحفي الوطني ولا الصحفي المخضرم ان محافظ المحافظة الرومانية كربلاء لم يصرح اعتباطا ولا زلة لسان بل انطلاقا من مسيرة التاسيس للفيدرالية القادمة وفقا للشرعية الدستورية .. هذا اولا .. والاهم .. و ثانيا .. هو لغرض اسناد حركة الانفصال الكوردية وتعميم خطاب المطالبة بـ ( المناطق المتنازع عليها ) ( ألا قطع الله اكبادهم قبل ألسنتهم وجعلها تتنازع مع عصيبات نقل الايعازات الدماغية فتكون سببا لشلل يسري باعضاءهم رويدا رويدا حتى ترميهم اميركا مثل كلاب السلوقية المكلوبة قبيل رحيلها ) .. المدعو محافظ كربلاء في حقيقة الامر اراد ان يعمم خطاب المناطق المتنازع عليها لشرعنته واسناد الاحزاب الكوردية لتخفف من وطأة مشاكساتها لدولة رئيس الوزراء في اطار مقايضات سياسية لا يمكن ان تحصل بين قوى سياسية تحكم بلدا وطنيا بل بين دول مختلفة ...

 

محافظ كربلاء يجر الناس للحوار في الحرام ... فالعراق بلد واحد منذ ما قبل التاريخ واي حوار في الفيدرالية هو جريمة تحتاج الى دكتاتورية جسورة شجاعة تقطع بسيوف بتّارة ألسنة مَن يتطاول على وحدة العراق ويحلل الحرام الفيدرالي. انه يساهم بقصد مداعبة الاحزاب الكوردية العميلة من جهة ومغازلة حزب الحكيم الطبطبائي لاعادة توجيه اللعبة الفيدرالية – الطائفية المجرمة وفقا لمقتضيات تطور المواقف الامريكية والايرانية في كيفية احتواء العمل الجهادي المقاوم وتدبر وسائل انجاح العملية السياسية المخابراتية، وهي لعبة قذرة لخلق مطبات ومنخفضات لتحريك رياح التمزيق وتصاعد غبارها واتربتها، لا علاج لها الا بتلكم القبضة الحديدية المباركة للوحدة الوطنية وللحزب الحديدي وللقيادة الشجاعة الجسورة التي عرفت كيف تضع الحدود بين الحوار الحلال ( الديمقراطية السليمة ) وبين الحوار والجدل الذي قد صمم لاختراق ثوابت الوحدة العراقية في الجغرافية والسكان.

 

ان الحديث عن مناطق متنازع عليها في العراق الواحد منذ الازل هي الكفر بعينه وهي العهر والدناءة السياسية بعينها ولا يمكن لاي عراقي شريف الا ان يضعها في خط مؤامرة التقسيم القائمة على الارض منذ لحظة الغزو والاحتلال المجرم وتقودها دولة الاحتلال وشركائها من محليين ودول جوار. اللهم يا رب العزة والجلال والمكر العظيم اجعل احشاءهم تنازع بعضها وبطينهم الايمن ينازع الايسر واوردتهم تنازع شرايينهم وعيونهم تنازع عقولهم واطرافهم تنازع الارض التي يطئون فوَ الله انهم سفلة ساقطون واولاد زنا وتجار دناءة وسقوط اخلاقي لا يعرفون الله ولا يخافون يوما آخر لان مَن يدمر الارض والعرض عبر تدمير الوطن إن هو الا خنزير بلا قيم ولا اخلاق.

 

وعلى ابناء شعبنا وخاصة في الوسط والجنوب ان يحاكموا الامور بالعقل والحكمة المشهودة لهم فهم واعون ومثقفون سياسيا وممتلئون بالوطنية التي يرضعونها مع حليب امهاتهم الزاكي وعليهم ان يقفوا بوجه رياح التمزيق واتربتها لان السماح بتمزيق العراق سيجعل كل عراقي كردي كان ام عربي في مهب رياح الضعف والوهن والاستلاب وعرضة للاهانة اليومية وضياع العرض والشرف فالعالم كله يسير نحو الكتل الكبيرة والافق الرحبة في فضاءات قاريّة واقليمية، فلماذا نقبل ان يحصل هذا الافق القاري والاقليمي على حساب شعبنا ووطننا العراق؟ ومن ثم امتنا العربية؟ ونحن واثقون انه لا يوجد عراقي الان لا يدرك لعبة التمدد الفارسي على حسابنا مثلا وهي جزء من لعبة اسقاطنا في براثن العمالة الرخيصة للقطب الاكبر الامبريالي الصهيوني.

 

والمهمة الاكثر الحاحا الآن هي في ان ننبه المثقفين ومنهم الاعلاميين الى خطورة الانجرار الى لعبة الحوار والجدل في المحرمات الوطنية والقومية لانها هي المدخل لغسل الادمغة وتوجيه التفكير الى ما هو شاذ وان تتصاعد وبقوة وسائل دعم الكفاح المسلح لاسقاط العمل السياسي المخابراتي الذي تنفذه القوى الطائفية – الفيدرالية وبقناعات تتجذر على ان المقاومة هي سبيلنا الوحيد للتحرير وحماية وطننا الحبيب واحدا حرا سيدا من دهوك الى حدود كاظمة. وهذه همسة بآذان الصحفي الوطني ان يحسب حساب ردود فعله فلا يسقط في براثن الحرام الذي يرفضه في الصباح ويخضع له في المساء وان لا ينسى رده عليّ قبل ايام حين سالته على الماسنجر عن حال المقاومة في الانبار حين قال: لا تسقط يا دكتور في منطق التمزيق فالانبار تقاوم مثل غيرها من مدن العراق, رغم انه يعرف ان اخر من يسقط في شراك الحديث عن حرام التمزيق هم رجال البعث والمقاومة وأنا واحد منهم .. وذلك قَسم العضوية الذي إن نسى البعض ثقله على كواهلهم فان المؤمنين الصابرين والمرابطين لن ينسوه الى يوم الدين .. ولن نسمح ابدا ان يكون بوش وتشيني ورامسفيلد ونانسي وكونداليزا واوباما وغيتس وطنيون يقاتلون العالم تحت يافطة الدفاع عن وطنهم وغيرهم يمسح لهم اكتافهم ويطبطب على مؤخرات كلابهم وخنازيرهم.

 

والله اكبر والنصر لمقاومتنا البطلة.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاثنين / ٢٢ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٨ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م