البؤساء والنفخ في القرب المثقوبة

 
 
 

شبكة المنصور

الاستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس  / أكاديمي عراقي
في ذات اللحظة التي اكمل المالكي فيها حفظ كليشة الفتح الفكري الجديد، وأطل من شاشات فضائيات الاحتلال ليعلن عن حلول ساعة الانتقال الى ديمقراطية الاغلبية، بدلا من مما اطلق عليه هو وبقية جوقة حكام الاحتلال اسم ديمقراطية التوافق التي اعتبرها بعض السياسيين والمحللين مجرد بدعة وكذبة احتلالية لتغطي على المحاصصة الطائفية الحقيرة التي ادخلوها نظاما للحكم ودستور عهر لتمزيق بلدنا قاتلهم الله, في ذات اللحظة كانت الفضائيات المتأمركه الشيعية منها والسنية اجاركم الله من شرور الطائفية النتنة، كانت تستعد لتبث مباشرة بعد كليشة الديمقراطية الهالكية العبقرينية لقاءا متلفزا مع احد منتسبي دائرة صحة القادسية من المشمولين بديمقراطية الكلام كما يهوى بلا رقيب ولا حسيب ليعلن عن مظاهر الفساد في صحة القادسية والمتمثل كما قال الرجل بصرف ملايين الدولارات في عمليات ترميم وهمية وغير ضرورية وحرمان الدائرة من الموارد المالية الضخمة التي خُصصت لها وعدم شراء الادوية المهمة ولا الاجهزة التي كان يمكن ان تنفع الناس.


وفي ذات اللحظة كان هناك برنامج فضائي آخر يستضيف فلتة زمانه في التجسس والعمالة المركبة, النائب عن شرذمة التجسس المسماة بالدعوة الاسلامية المدعو كمال الساعدي في فضائية متأمركة اخرى هي البغدادية وقد شمر الرجل عن ساعديه في موقف بطولي يحسب له وعليه، هاجم فيه وسائل الاعلام والفوضى الاعلامية التي تحرم العراق الجد....يد من فرص النمو والتطور والتقدم .... التي اظن ان الساعدي هذا متخصص فيها واخذ بها اكثر من دكتوراه في شؤون التنمية البشرية ووسائل التخطيط الحضري والعمراني وتكييف التكنولوجيا وتجارة التليفونات النقالة التي قد يكون حصل فيها على محاضرات ودورات تدريبية على يدي الطحطوحين جلال الطالباني واحمد الجلبي المتخصصين بالنهب والسلب والسرقة عبر هذا المنفذ المميز بتقنياته العالية وتحضره الذي مُنح لهما كامتياز من الامم المتحدة، ابان نضال الرجلين في اروقة البنتاغون والسي آي أي وكانا سببا رئيسيا في حجب هذه الخدمة عن العراق قرابة عشر سنوات ابان الحصار المجرم بانتظار تنفيذ خطة غزو العراق ليمنح هذا الامتياز للطالباني والجلبي محبة واعتزازا وتقديرا من قبل الدوائر الامريكية المذكورة اعلاه وليكون للرجلين فضل ادخال هذه الخدمة للعراقيين التي حرمهم منها النظام السابق .. ألا تبت يدا ابي لهب وتب ما اغنى عنه ماله وما كسب وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد ولا قرت عيون امهاتهم ولا تزكى حليب رضعوه من صدور امهاتهم إن كانت لهم امهات مرضعات ... وخسئوا وخسروا في الدنيا والاخرة.


على أية حال .. نرجع لموضوعنا ... فرؤية المالكي الجديدة في ديمقراطية الاغلبية ليست فكرا ولا موقفا مبتكرا بل هي الخطوة التي كان ينتظر الاعلان عنها اركان الطائفية الصفوية بفارغ الصبر. انها البرنامج المؤسس على فكرة، ان لهم الاغلبية الشيعية التي يحسبونها ويظنون واهمين انها تعضدهم وتسندهم .. ألا خسئوا وخسئت حساباتهم ....


المالكي في تقديرنا قد وجه خطابه الديمقراطي ليس للشعب العراقي ولا الى القوى السياسية التي يخطط لسحقها بعد ان ترأى له ان الامور قد استتبت او بدأت تستتب لصالح حكام الغفلة العملاء, بل وجّهه الى ايران التي تسعى بشخص مرشدها الاعلى لاعادة تشكيل الائتلاف الطائفي الصفوي والى عبد العزيز الحكيم المتهالك المقعد في طهران، ومازال حيا يعيش بذات الطريقة التي يعيش فيها شارون المتبقي من عمره ميت سريريا, من اجل اعطاء اشارة الى موافقة المالكي على البدء بالعمل على اعادة تشكيل ما يسمى بالائتلاف الصفوي من جديد. واشارة المالكي هذه تاتي في وقت يعتقد فيه الكثيرون ان المالكي سيواجه عملية اقصاء من نوع ما من ايران ومن الائتلاف بعد ان احترقت ورقته وصار غير مفيد للصفحات الطائفية القادمة بسبب عدم قناعة بعض اطراف الائتلاف السابق به وعدم رضاهم عن اداءه الحكومي وخاصة بعض مجاميع ما يسمى بالتيار الصدري وقيادتهم وعلى رأسها مقتدى الصدر الذين غدر بهم المالكي باندفاعه غير المحسوب وراء العملية المخابراتية الامريكية في الشهور الاخيرة والتي ادت الى تصدع الجدار الواهن اصلا للائتلاف الصفوي. المالكي طبعا كان يحسبها حزبيا وشخصيا لصالحه ولكن لا تسري الرياح دوما بما تشتهي السفن. وبانتظار التجاذبات التركيبية التي سيقود اليها الصراع على السلطة الاحتلالية وما سيؤول اليه هذا الصراع عندما يدلي عملاء الكورد والحزب الاسلامي العميل بدلوهم في حلقة انفصام آخر حلقات اللقاء بين العملاء ممن استقووا بالغزو والاحتلال لاستلام السلطة المتوقع في حالة تمادي المالكي وعصابات الائتلاف بخطة تمزيق لعبة التوافق.


ما نعرفه يقينا وما افرزته بعض نتائج الانتخابات البلدية الاخيرة وما سبقها من استقراء لهبوط مريع في اسهم الخداع الصفوي وادى الى تفريق الائتلاف الى تشكيلات وهمية لخداع الناس منها ما سماه المالكي ائتلاف دولة القانون الذي هو ليس ائتلافا بل اسم حركي لحزب الدعوة جناح المالكي وحزب الدعوة جناح العنزي والذي ولد بعد ان اقتنع المالكي وعصابته بان حزب الدعوة سيُرفس في هذه الانتخابات وسيخسر خسارة مهينة وكذلك المجلس وبدر الذين دخلا بمسميات مختلفة غير انها لم تنفعهم بسبب تآمر المالكي واستخدامه لكرسي الحكومة لسحق المجلس وبدر واذلالهم تصفية لحسابات عتيقة جدا وتعود الى ايام الاعتياش على الدعم الايراني وتفضيل ملالي ايران للمجلس وبدر المرتبط بموقف الاخير في القتال الى جانب القوات الايرانية ضد العراق في القادسية وعدم امتلاك الدعوة للامكانيات البشرية التي تمكنه من المشاركة الى جانب ايران في القتال بذات الكفاءة المجلسية – البدرية ولكي يثبت ولو بطريقته الواهمة ان الدعوة اعرق واكثر شعبية من المجلس الطبطبائي. اذن المالكي يمثل دور الثعلب الماكر الذي يتماشى مع ما خبره عن اسياده في طهران لكي يجدد وينعش نظرة الفرس له والتي تحتاج الى ان يثبت المالكي دهاءا فارسيا قد يكون تنكر له او سحب للتنكر له في زحمة البحث المظني عن وسائل سرقة اموال العراق له ولاعضاء حزبه تحسبا لمرحلة ما بعد الهروب الامريكي الذي سيتركهم حين يحصل مثل الكلاب السلوقية لا حامي ولانصير.


اما ان تتزامن لحظة الاعلان عن ديمقراطية الاغلبية المالكية الطائفية الممجوجة مع تصريحات موظف صحة محافظة القادسية، ففي الامر ربما اكثر من اشارة. اولها ان حزب الدعوة والصفويين غير مسؤولين عن سرقة المال العام باعتبار انهم يسمحون لموظف بسيط او طبيب مغمور ربما بالحديث عن اموال بالملايين تبذر وتسرق دون طائل وهذه لعبة بدائية بليدة لم تعد تمر حتى على اطفال العراق الذين يعرفون الان ان افراد شبكة التجسس الدعوجية لا هم عندهم سوى السرقة والفساد والافساد لانهم يعرفون يقينا انهم هاربون الى مرابع الصبا والليالي المزدهرة بزهو الرقص مع النسوان في ملاهي ومراقص اوربا واميركا وبريطانيا. واشارة اخرى ربما لادانة مدير صحة المحافظة الذي قد ينتمي الى حزب او مليشيا ليس من جماعة الموظف المتحدث. اي انها تدخل ضمن خطة تسقيط اطراف الائتلاف الصفوي لبعضهم البعض. واذا اردنا ان نحسن الظن بالرجل المتحدث فنحن ازاء ادانة عظيمة للجهات الحاكمة تحت بسطال الاحتلال والتي تسمي نفسها احزاب دينية بدءا من رئيس الجواسيس والعملاء والحرامية والشواذ والفاسدين والمفسدين حنقبازهم الاكبر الان وهو المالكي نزولا عند وزير صحتهم المعروف بكونه رجل مسكين يصرف العلاج لمرضى السرطان والانفلونزا وهو متخصص بالامراض النفسية ومصاب بانفصام الشخصية ولا يحل ولا يربط حتى لو اريد له ان يعالج مشكلة شد رجل دجاجة.


اما الطحطوح الساعدي فان هجومه على الاعلام واتهامه بالفوضى وعرقلة التنمية وافزاع شركات الاستثمار تزامنا مع اعلان الحنقباز نوري عن اسلوب الحكم الجديد فانه لا يعبّر الا عن لحظة نزق واستهتار وضيق صدر وتعبير عن الاخفاق المدمر والذي ضاقت به صدور جواسيس الدعوة بعد ان صار محط تندر وسخرية في وسائل الاعلام التي نفخوا هم واسيادهم بدورها الحنقبازي في دولة الفوضى الفاسدة. وكأني بالساعدي يريد ان يبعد الانظار عن الشركات الايرانية التي تستثمر في محافظات الوسط والجنوب في حقل بناء المولات الفارسية وصالونات بيع السجاد الايراني ومدن العاب في حدائق مجدبة تبكي قطرات الماء بعد ان صار العراق كله يصرخ عطشا لجفاف الفرات ودجلة بسبب قطع الماء من الجارة العزيزة تركيا من جهة والجارة العزيزة ايران من جهة اخرى ...


الساعدي قال كلمته .. ان الاعلام يزعج جواسيس وعملاء وخونة العراق لان بعض وسائله تكشف عن فسادهم والصراعات القذرة بينهم وعن الانفجارات التي يرتبونها فيما بينهم لتحقيق مكاسب سياسية آنية على حساب دماء الابرياء ... لان العالم كله يعرف .. ان فشل الاستثمار في العراق المحتل رغم كل جهود المحتلين الاعلامية وجهود عملاءهم الاعلامية ايضا هو عدم قدرة الاحتلال وعملاءه على ضبط الامن من جهة واستثمارهم للعبث بأمن وحياة الناس لسرقة اموال العراق واموال الشركات التي قد تتورط بدخول سوق الاستثمار في العراق إن لم تكن شركة ايرانية. فقط شركات ايران تعمل في وسط وجنوب العراق لفتح الدكاكين والمطاعم والمرافق الصحية (تواليتات) وحدائق العاب ... وهي اهم واعظم مظاهر العراق الجديد ...


اللهاث الطائفي الاجرامي لاستلام العراق وتأمين الحاقه بدولة ولاية الفقيه هو هدف كل هذا وسواه من وسائل النفخ التي نحن نرى انه نفخ في القرب المثقوبة. فهم يحسبون حساباتهم على اسس خاطئة بل ساذجة. فشعبنا في الوسط والجنوب قد غادر الى غير رجعة اي نظرة تعاطف او تفهم للطائفيين الصفويين وادرك طفله وامراته وشيخه وشبابه ان هؤلاء القتلة ما هم الا عبيد لبرنامج التمدد الفارسي على حساب العراق وانهم محض ادوات فارسية لتركيع شعبنا .. خسئوا.

 

واهم من هذا كله فانهم في صراخهم وصراع الديكة الذي يمارسونه يوميا يتناسون وجود قوة عراقية طليعية وراءها شعبنا كله محتضنا وساندا هي المقاومة العراقية الباسلة والتي يتجنبون ذكرها او الاشارة اليها خوفا وهلعا ... فكيف لهؤلاء الصعاليك الجبناء ان يبقوا في العراق مع وجود المقاومة التي دمرت اميركا واجبرتها على الاعلان عن خطط الانسحاب؟!.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

السبت  / ٠٤ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٣٠ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م