ولد حزب البعث من خلال تطور نوعي وفكري في نضال الامة العربية بوجه اعدائها وبالاخص الامبريالية والصهيونية ،فجاء تعبيرا صادقا في منهجهه للتعبير عن طموح وتطلعات الجماهير العربية في الوحدة والتحرر وبناء غدها المشرق وتحقيق العدالة عبر تطبيق الاشتراكية التي وصفها بالعربية لانها تستوعب واقع الامة الفكري والديني والاجتماعي ،وتبني مسائل اساسية الموقف من الدين والقومية ووحدة الشعب واعتبار الامة وحدة نضالية وجهادية واحدة بكل انتماءات مواطنيها الديني أو المذهبي وحتي القومي للاقليات التي تعيش باخاء ومحبة ومصير واحد وتفاعل واع مع احتفاظها بخصوصياتها القومية والثقافية واحترام الامة العربية لهم ولخصوصياتهم مازالوا يؤدون نفس الواجبات للوطن فلهم نفس حقوق المواطن الاخر ايا كان انتمائه الديني والقومي والمذهبي وان الاساس الذي يحدد اسس التعامل لكل المواطنين في الوطن العربي او الجزء الذي يحكمه الحزب هي المواطنه والاخلاص والحرص على وحدة واستقلال الوطن والاستعداد للتضحية في سبيله حسب متطلبات الجهاد بناءا او قتالا في سبيله .

واذا كان البعث عبر نضاله الطويل شكل احد أهم وابرز القوى المانعة لمشاريع الامبريالية والاستعمار وحلفهما الشرير مع الرجعية العربية والقوى الاقليمية المعادية للعرب،وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي وانفراد امريكا كقطب وحيد سعت للانتقام والتخلص من كل القوى المناهضة لبرنامجها الارهابي الشرير في العالم ،فكان البعث والعراق اول استهدافاتها ،فهل استطاعت امريكا ان تقضي على البعث ومنهجهه ووجوده كحزب جماهيري قومي مناهض للاستعمار والبغي والاستغلال للشعوب ؟ وهل استطاعت امريكا بحلفها الدولي الكافر المجرم وامكانياتها وتحالفاتها من ان تحجم البعث كقوة قومية مجاهدة وقوة عالمية مناهضة للامبريالية والاستعمار؟ حقا لقد تاثر البعث ككل القوى المكافحة ضد الاستعمارية في العالم بقدر ما بانفراد وهيمنة امريكا وحليفتها الصهيونية بالعالم ،ولكن البعث كان القوة الجهادية والنضالية الابرز في الحفاظ على منهجها وبرنامجها الذي اختطته للجهاد القومي المشروع ، ولم يستسلم بل لم يداهن او يتظاهر بالاستسلام كما فعل كثيرون ،بل برز كقوة اساسية لمواجهة الهجمة الامبريالية التي خططت لزج العراق والبعث في حرب من خلال تحريك عملائها وصنائعها في الكويت باثارة مسالة الديون الكويتية للعراق واستهداف العراق من خلال تخفيض سعر النفط الخام وما تلاها ،وهذا في حقيقته مخطط امريكي لضرب العراق والبعث كقوة جهادية طليعية للامة العربية وواحد من ابرز حركات التحرر الانساني في العالم.

حزب البعث العربي الاشتراكي , القوة المجاهدة الاكبر على الساحة القومية , الذي وضع برنامجا فكريا وسياسيا وقتاليا واجتماعيا وثقافيا متكاملا ميمتلك نضجا وعمقاً في تحليله العلمي للواقع العربي وتحدياته استهدف من قبل الامبريالية بزعامة امريكا والصهيونية بوسائل متعددة :

1. التشوية الفكري والتضخيم للاخطاء التي رافقت مسيرة نضاله التحرري من اجل الامة ومصيرها ومستقبلها.

2. تغذية وتحريك العملاء حكاما واحزابا وافرادا،وقوى وافكار وثقافات كانت مخبئة لاستخدامها في الوقت المطلوب استخدامها فيه ، كالخلافات العربية بين الانظمة القطرية وزيادة التشديد على المنهج القطري وتعميقه .

3. التركيز على الثقافات والسلوكيات التي تؤدي الى الفرقة والتناحر وتمزيق الوحدة الشعبية ومن خلالها تفتيت وحدة قوى المقاومة في الوطن العربي عموما كالعصبية القبلية والمذهبية والدينية والنزاعات الاثنية داخل الوطن بل ضمن القطر كما يجري في العراق والصومال والسودان ولبنان ومصر والمغرب العربي باجمعه في ظل اعلام مكثف ومضلل يعمل على تعميق هذه الثقافة.

4.  تسفيه وتشويه التاريخ والدين والفكر القومي الوحدوي لتفكيك روابط الامة ،وتيئيس الجماهير العربية من القدرة على الانتصار على قوى العدوان والاستعمار وعدم جدوى المواجهة والجهاد والكفاح ،وهذا دفع كثيرين ومنهم الانظمة التي استسلمت بتقديمها ما اسموه مبادرة السلام العربية وهي في حقيقتها وثيقة استسلام للامبريالية والصهيونية ،ولذلك تحالفت انظمة المبادرلة والمتفاعلة بها مع قوى الارهاب الدولي ضد العراق والبعث ونظامه وقيادته وطلبت بشكل واضح احتلال العراق،وقد واجه بوش الكلب حكام العرب عبر اعلانه بانه حاصل على موافقة الجميع في حربه على العراق ولم يرده احد او يكذبه.

5. ازدادت حملة محاربة محاربة الفكر القومي شراسة ووضعت لها برامج فكرية وسياسية وفكرية ووظفت لها مراكز بحوث وتحالفات حكومية وفردية بعد حرب تشرين 1973 وما لحقها من تنازلات واستسلام عبر اتفاقية كامب ديفيد ،وتصدي البعث ممثلا بالعراق لذلك ،والذي تبعته تنازلات وافكار استسلام وتخلي عن القضية المركزية بكانت اتفاقية الاردن واتفاقيات اوسلوا ومفاوضات واتفاقيات غير معلنة من قبل كثير من حكام العرب لتطبيع علاقاتهم مع الكيان الصهيوني الغاصببحجة ان العرب غير قادرين على مواجهة كيان تدعمه كل قوى الاستعمار في العالم وصار حقيقة يجب عدم تجاهلها.

6. منذ ذلك التاريخ صار البعث العدو رقم واحد في الوطن العربي بل منطقة الشرق عموما.وبرزت دعوات ومناهج تبنتها الانظمة وبدعم من قوى الارهاب والعدوان العالمي تؤكد المنهج القطري حتى بات ترديد عبارات الشعوب العربية والعالم العربي والالامة العراقية او المصرية او اليمنية ودولة اسرائيل شيء لايخجل منه حكام عرب ومثقفين وكتاب محسوبين على الجناح الوطني القومي .

7. تحميل الأنظمة القومية والفكر القومي مسؤولية الهزائم والنكسات التي أصابت الأمة , دون قراءة الأسباب التي أوصلت الحالة العربية إلى هذا الدرك المحزن من التفكك , وكان نصيب حزب البعث العربي الاشتراكي من تلك الاتهامات والحملات التضليلية التي سخرت لها أقلام وأفواه ومراكز أبحاث ودراسات الحظ الأوفر , كونه ظل ممسكاً بأهدافه , وبقيمه النضالية , وبثوابته وكذلك الاثر الطيب لفقيد الامة العربية الزعيم جمال عبد الناصر.

8. كانت محاربة البعث عملية منظمة ومدروسة ومخططاً لها بشكل عميق وممنهج  , فتشويه فكر البعث والانتقاص من أهمية الفكر القومي , وتحميله مسؤولية الهزائم العربية , كان بقصد إحياء النزعات والثقافات والممارسات والنزاعات القطرية واحياء النعرات القبلية والمذهبية والإثنية وتعميقها, لتكون بديلاً عن فكر البعث واهدافه في الوحدة والحرية  والاشتراكية،ونشر التداعي والاستسلام والتخلي عن منهج وثقافة الصمود والتصدي والمواجهة والمقاومة, ومن أجل تحجيم القضية الفلسطينية والقضية العربية عموما, واعتبار قضية فلسطين فقط قضية احتلال من قبل دولة (اسرائيل) لاراضي عربية وفلسطينية على الشعب الفلسطيني مواجهتها بدعم سياسي من قبل باقي العرب والتخلي عن منطق تحرير فلسطين قضية العرب المركزية.

9. في ظل هذا المنهج والبرنامج الموجه للقضاء على ثقافة وحدة الأمة عبر التاريخ والجغرافية ووحدة الثقافة والدين والمصير وعبر التشكيك بالعروبة وتاريخها جاء احتلال العراق ،وكانت الحرب عليه , والمتابع لبداية هذه الحرب يرى أن الاعلام العربي بكل وسائله راح يهاجم البعث وفكره وتاريخه , وتحميله مسؤولية غياب الديمقراطية , فكان أول قرار يتخذه الحاكم المدني الأمريكي اجتثاث البعث كفكر ووجود , واعتمدت روابط متخلفة هي المحاصصة الطائفية والاثنية منهجا لبناء المجتمع الجديد, فقد استؤجر مثقفون محليون لغرض كشف ووضع خصائص إيجابية,وتجميل صورة هذه للتكوينات وتمجيدها وتوظيفها لمصلحة الواقع الجديد , فلأن للعرب تاريخياً مشرفا وهم يحملون رسالة إنسانية , ولهم تاريخ واحد وثقافة واحدة ويشكل الإسلام المضمون الحضاري الحي في حياتهم , والجغرافيا العربية واحدة , فان فكر البعث القومي الانيماني الانساني هو الأكثر مقاربة وملامسة لحياة العرب والتعبير عنه.

10. ان استهداف البعث وفكره ومنهجه واعلان امريكا واعلامها سقوط أو انهيار وهزيمة الايديولوجيات الفكرية التحررية القومية واليسارية التي يحاولون قتلها ،في وقت تروج بانتصار الإيديولوجيات المعادية , ومنها الايديولوجية العنصرية الكهنوتية الصهيونية , وأيديولوجية المحافظين الجدد في الولايات المتحدة ، سيظل حزب البعث العربي الاشتراكي القوة الطليعية الاكثر أهمية وضرورة في حياة الامة وجهادها ومن اقدر القوى المجاهدة على الساحة القومية فكرا ومنهجا وبشرا رغم حجم القوى التي استهدفته وامكاناتها لكونه حزب الامة كلها فهي امه وحاضنته ومدده وهو ضميرها وابنها وذراعها القوية وسيفها لمواجهة اعدائها ،فهل يقتلوا كل الامة ؟

11. لقد بات حزب البعث العربي الاشتراكي , حزب الإنقاذ للأمة , فهو لم يعد حزب الجماهير الكادحة وحسب , وإنما بات يمثل حزب وجود أمة قي صراعها الشرس مع أعدائها للبقاء وتحقيق رسالتها الانسانية الخالدة وتنفيذ برنامجها الحضاري الايماني لتحقيق اهداف الشعب العربي  في الوحدة والحرية والاشتراكية.

هذه هي اسباب استهداف البعث كفكر وتشويهه وهي ذات الاسباب لاستهدافه كوجود عبر تصفية كل المنتمين له في العراق ،التي تشاركت فيه امريكا والموساد الصهيوني وحكومة ايران اللا اسلامية وبشكل مباشر أو عبر مرتزقتها وعملائها حيث  زاد عدد شهداء البعث منذ الاحتلال ولحد هذا التاريخ ما يزيد على 180 ألف شهيد يتقدمهم القائد الرمز صدام حسين رضي الله عنهم اجمعين أضف لهم مئات الالوف من الاسرى المكبلين في سجون الاحتلال ومرتزقته ،فكل من يعادي البعث ويحاول تشويهه ايا كان ادعائه هو واحد من مرتزقة الامبريالية والصهيونية والطائفيين حكومة الفرس في ايران ، نعم معركة فريدة في التاريخ البشري حرب عالمية بكل ابعادها وامكاناتها وحشدها ضد قوى الخير والايمان والصدق في المبادئ ممثلة بشعب العراق وطليعته البعث يريدون اجتثاثه كفكر ووجود وهو يدافع عن الانسانية والخير. فلمجاهدي البعث وعوائلهم اقول يكفيكم فخرا وشرفا انكم تحملوا شرف اللواء العربي الاسلامي بوجه الهجمة التترية الجديدة ، وانتم وشعبكم في العراق تتحملوا مسؤولية الدفاع عن الانسانية جمعاء صدق المصطفى الذي لا ينطق عن الهوى بل هو وحي  يوحى ( العراق سنام العرب وجمجمة الاسلام )،فحسبنا الله وبه نستعين .