قراءة في خطاب القائد وتوجيهه

﴿ الحلقة الحادية عشر

ان المعركة في حقيقتها اكبرمن كونها معركة مصالح واطماع انها معركة وجود ولهذا كان منهجها في العراق واضحا تماما

 

شبكة المنصور

عبد الله سعد

علينا أن ننطلق بعد التوكل الكامل عليه من جملة الحقائق التي تمثل جوهر الصراع الملحمي الدائر على أرض العراق بين قطبي الشر كله والخير كله كي ننهل منها ومن معانيها ما يزيدنا إيمانا بدورنا القيادي الطليعي في هذه الملحمة ويزيدنا ثباتا وبطولة وفداءا ولكي لا يتطاول احد في الكون ويزاود على البعث والحقائق هي:

 

الحقيقة الأولى: إنها تمثل عنوانا كبيرا وراية عالية لا تدعو أحدا في الكون يشوش أو يضبب عليها هو أن الملحمة التاريخية التي تدور رحاها اليوم على ارض العراق تمثل صراعا تاريخيا عالميا امنيا بين قطب الشر والرذية كله وقطب الخير والفضيلة كله في الأرض فهي حرب عالمية تتميز عن سابقاتها الأولى والثانية وما قبلها من حروب وصراعات إذ كانت الحروب السابقة إما أن تكون بين أقطاب الشر والرذيلة أنفسهم وإما بين أقطاب الشر والرذيلة وأقطاب الإيمان والفضيلة ولكنها كانت جميعها غير شاملة ومحددة الأهداف وغير مصيرية أي ليس من أهداف إطرافها الاجتثاث للآخر حتى الحروب الصليبية التي دارت بين قطبي الشر والخير كانت محدودة بسبب زمانها ومكانها وأهدافها وحتى الصراع بين الأنبياء المصلحين حملة رسالات الخير والمعاندين لهم من الكفار والمشركين والطغاة والظالمين كانت محدودة الزمان والمكان والأهداف إلا الرسالة الخالدة وحزبها المجيد.

 

إن قضيتنا قد انفردت لوحدها في مسيرة التاريخ الطويل للبشرية وصراعاتها وممكن أن نتحدث في رسالة خاصة عن سماتها ومعالمها التي تفردت بها بعمق وشمول ووضوح أيها الرفاق والإخوة يمثل قطب الخير والفضيلة في هذا الصراع الذي تدور رحاه على ارض العراق البعث وثورته وشعبه وكل قوى الخير في الأمة وخارجها رغم أن قوى الأمة قليلة الفاعلية والتأثير لأنها مغيبة وتهيمن عليها قوى الشر والرذيلة إنها معركة أممية أي إنه صراع عالمي أممي عالمي تدور رحاه على أرض العراق.

 

لأن في أرض العراق وفي شعب العراق سر بقاء الأمة ونهوضها وتجددها وسر بقاء الإنسانية ونهوضها وحريتها كما يشهد على ذلك التاريخ التليد، وما يشهد عليه اليوم الحاضر المجيد، واعلموا أن انتصار الأمة والإنسانية على جموع الشر والرذيلة والظلم والطغيان والعدوان محكوم بانتصار العراق في هذه الملحمة فان انتصر العراق فستنتصر الأمة وستنتصر الإنسانية في كل مكان وستنتصر الشعوب المستعبدة والشعوب المهددة بالاستعباد، وسيخفو نجم القوة الظالمة الباغية قوة الشر والرذيلة في الأرض إلى ما شاء الله، وإن خسر العراق المعركة التاريخية الكبرى لا سمح الله فستخسر الأمة وسيطالع الاحتلال والتفتيت والاستعباد إلى ردح طويل من الزمن وستخسر الإنسانية وسيمتد الظلم الطغيان إلى كل شعوب العالم وأممه قهرا واستعبادا واستعمارا و نهبا للثروات إلى ردح طويل من الزمن.

 

طالما اكد التاريخ هذه الحقيقة ان الصراع بين الخير والشر ممتد مازال هناك شر في الكون وفيه خير فهي قضية ازلية نبه عنها الخالق ابونا ادم منذ خلقه ( ان الشيطان لكم عدو مبين ) فالشيطان يمثل الشر بكل مفرداته وابونا ادم وامنا حواء يمثلا الخير حيث ان الله قد قال للملائكة اني جاعل في الارض خليفة وخلق ابونا ادم ومنه خلق امنا حواء فكانا نموذجي الخلق لخليفة ، وبعد ولادة ابناء لابونا ادم هما قابيل وهابيل استطاع الشيطان ان ينزع قابيل ويجعله يرتكب اول جريمة في تاريخ البشرية ،ولا اريد التفصيل في ذلك فكل البشر متعلمهم واميهم يعرف ان احد ابرز اسباب تفشي الجريمة ابليس (الشيطان) وثانيهما النفس الامارة بالسوء الا ما رحم ربي ، ان الشيطان استطاع ان يستدرج كثير من البشر ضعيفي الايمان ، ويجعلهم جندا له وهذا ما ورد في الكتب المقدسة واحاديث انبياء الله وان لكل انسان قرين من الشياطين ، فممكن ان يوظفه للشر عندما يكون مهيئا نفسيا وضعيف ايمان حيت ان ابليس عندما تمنى على الله ان يجعله موعودا بالبقاء الى اليوم الموعود (إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين ( 71 ) فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ( 72 ) فسجد الملائكة كلهم أجمعون ( 73 ) إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين ( 74 ) قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين ( 75 ) قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ( 76 ) قال فاخرج منها فإنك رجيم ( 77 ) وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين ( 78 ) قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون ( 79 ) قال فإنك من المنظرين ( 80 ) إلى يوم الوقت المعلوم ( 81 ) قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين ( 82 ) إلا عبادك منهم المخلصين  (83)قال فالحق والحق أقول ( 84 ) لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين 85) ) صدق الله العظيم (سورة الاسراء)،هكذا توعد الشيطان البشر فكان ما قدر عليه من بغضاء وجريمة وارهاب وقتل ،فكان لهذه جنود هم من حكم عليهم رب العرش العظيم بان يكونوا وقود جهنم ،انهم جند الشيطان ، ومرتكبي الفضائع والبغي والفواحش كلها ما ظهر منها وما بطن .

 

فالمعركة الحالية التي تدور رحاها منذ سنين طويلة الظاهر منها والذي يتفق الكل مناهضين وداعمين انها بدأت بعد ما اسموه (تحرير الكويت) اذا كان هناك مبررا للبلطجة والحماقة التي ارتكبتها قوى الارهاب والشر والجريمة (جند الشيطان) بعد التحرير الحقيقي للكويت من قبل العراق ،بحجة الشرعية الدولية واجتياح دولة عضو في الامم المتحدة وما الى ذلك من مبررات مزيفة كالها الاعلام الامبريالي كمبرر للعدوان الجريمة ، ولكن العوان الهمجي وتدمير البنية التحتية كاملة للعراق عام 1990 وما تبعها من جرائم ضد الانسانية قتل المدنيين والحصار (القتل الجماعي وحرب الابادة) والرجعات والحرب الفكرية والسياسية والاعلامية والاقتصادية والعلمية والصحية والتشويه وتلويث البيئة بملوثات ستستمر اثارها لالاف السنين وتتابع الحرب على اجيال العراقيين وسكان المنطقة عموما وغيرها ، حيث مورست ضد شعب العراق كل انواع الجريمة لو امعن أي انسان التفكير فيها انها ليست كما يصفها الاعلام حرب وعدوان واحتلال يراد منه السيطرة على منابع النفط وتدمير القوة العربية متمثله بالجيش العراقي لا انها حرب ابادة شنها الشر بزعامة امريكا والصهيونية العالمية ضد شعب العراق لانهم يعرفوا ومن خلال الكتب السماوية التوراة والانجيل والقرآن ان العراقيين هم جند الله الو البأس الشديد الموعود به اليهود،وكل وقائع التاريخ البشري وبالاخص العربي تؤكد من هو العراق في مساره ، وقد جاء البعث ليؤكد منهج العرب من خلال ادراك واع للاسلام ومبادئه وتبني الجهاد لتنفيذ تحرر الامة من الهيمنه والاستعباد والتخلف والنهب لثرواتها وتنصيب حكام هم مجرد حراس لمصالح الامبريالية وخدم لها ،فصار اضافة الى الاسلام العدو رقم واحد لمنهجهم الباغي الشرير لذلك استهدفوهما من خلال التزوير والتضليل والتشويه والتآمر وقد حققوا بعض النجاحات في اختراق مدعي الاسلام وانشئوا احزابا باسم الاسلام ومذهبه هي في حقيقتها لا صله لها بالدين ولا بالمذاهب الاسلامية ، واستطاعوا ان يمرروا فتن بين المسلمين ليس المقصود هنا امريكا فقط لان سينبري لي كثيرون من الذين يدعوا الاسلام ويقولوا ان امريكا اكتشفت وتكونت بعد ظهور المذاهب في الاسلام ، ان الصراع بين الخير والشر ازلي كما اسلفنا وهو ممتد عبر النكوين السياسي والولادة للاطماع والرغبة في الهيمنة فكانت الامبريالية هي حاضن ذلك والاستعمار واستخدام القوة الغاشمة وسيلتها ،فلو عدنا للتاريخ وبداية الصراع ومحاولة ضرب الاسلام والعرب (كونهم حاضن وجند الاسلام) لوجدنا ان اشد اعدائه كانوا اليهود والفرس المجوس ،وقد اكد الله علام الغيب والجهر هذه الحقيقة عندما قال في القرآن (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا) أي ان اليهود والمشركين بنفس درجة العداء للاسلام والمؤمنين ،وبما ان الكنيسة الانجيلية التي يتبعها بوش الاب والابن ومعظم اعضاء اداريتهما الفاشيين هي وليدة الفكر الصهيوني اليهودي ضد المسيحية كديانة فهي تندرج في العداء اليهودي للاسلام والمسيحية في آن واحد، وبمجرد نظرة معمقة لبداية البعثة النبوية الشريفة نرى ان اكثر الملوك ورجال الامبريالية والاستعمار في ذلك الحين كان موقف امبراطور الفرس الذي مزق كتاب الرسول له ومن ثم كانت اول حرب عند بدأ الفتح الاسلامي وامتدت لثلاثة عقود من السنين .

 

ما يزال المسلمين يعانوا من دسائس اليهود ومكرهم ما عاناه أسلافهم من هذا المكر ومن تلك الدسائس ،غير أنهم لم ينتفعوا بتلك التوجيهات القرآنية وبهذا الهدي الإلهي الوارد لهم بقول الله عو وجل: "أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون؟ وإذا لقوا الذين أمنوا قالوا: آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا: أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون؟ أو لا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون ومايعلنون؟"

 

إن أعداء الجماعة المسلمة لم يكونوا يحاربوه فحسب ولم يكونوا يؤلبون عليها الأعداء ويمولوا ويدعموا الخونة والعملاء إنما كانوا يحاربونها أولاً في عقيدتها!! كانوا يحاربونها بالدس والتشكيك، ونثر الشبهات وتدبير المؤامرات ،بل انهم ذهبوا الى تجنيد ابنائها من ضعيفي الايمان وممن ازلهم الشيطان كدعاة للفكر المعادي للاسلام.

 

ان الاعداء ادركو ان هذه الامة لا يمكن النيل منها وهزيمتها وهي متمسكة بهذه العقيدة العظيمة الاسلام التي كانت هي السبب والاساس لانبثاق كيانها وقام وجودها على اساس التشريع الراقي في السمو للحياة والتعايش البشري ،فعمدوا الى هذه العقيدة لتدميرها وهدمها تارة باسم محاربة الارهاب والتطرف واخرى باسم صراع الاديان وتطرف الاسلام في نهجه متناسين ان الاسلام ونبيه وقرآنه جاءوا مصدقين لما قبلهم ومهيمنين عليه ، فالاعداء ادركوا ان هذه الامة لا تهن الا اذا ضعف ووهن تمسكها بعقيدتها ولا تهزم الا اذا هزمت في روحها وقيمها وايمانها ،ولكن المؤسف ان ابناء الامة وجندها خصوصا العرب لم يدركوا ذلك ، ان المعركة في حقيقتها اكبرمن كونها معركة مصالح واطماع انها معركة وجود ولهذا كان منهجها في العراق واضحا تماما وهو القتل الجماعي وحرب الابادة ونشر الفتن وتمزيق وحدة الشعب وانتهاك المقدسات واهمها القيم الاصيلة فيه الايمان .. الشرف.. الاخاء.. وقتل القادة والعلماء والمفكرين والمؤثرين في المجتمع، تجنيد وشراء عقول واقلام كتاب ومفكرين وشعراء وفنانين وصحفيين وبعضهم ممن يدعوا العلمية في الدين (علماء ومراجع) وحكام  ليكونوا جنودها في هذه الحرب التي هي اخطر واشد علينا من الحرب بالسلاح .


ان هؤلاء اخطر على الامة ودينها من الاعداء فهم يعملوا لتشوية الدين وتدمير المسلمين من داخلهم بحجة كونهم مسلمين وهم ابعد ما يكونوا عن الاسلام ،اللهم الا اسمائهم العربيه الاسلامية التي يستخدموها للتضليل والعمل على تدمير العقيدة في النفوس باساليب مختلفة صور بحوث قصص شعر مسرح اغنية بحجة التطور والتخلص من التقوقع والرجعية وتطوير التشريع الاسلامي واندماجه بالعالم المتحضر وكأن الاسلام حاشاه خلق لزمان محدد وانتهى او تقوقع فلابد من تطوير لمفاهيمه وافكاره ، وساهم في ذلك بشكل كبير التطرف والفكر المنحرف الذي اوجده اليهود عبر دسائسهم ومفكريهم ومراكز بحوثهم وغزوهم الفكري لمجتمعاتنا الاسلامية خصوصا والفكريين المبتدعين الوهابية والتشيع الفارسي ونظريته البدعة ولاية الفقيه، والدور الواهن والعقيم لعلماء المسلمين بكل مذاهبهم في توعية المسلمين بحقائق الدين ومخاطر الفكر المعادي وتفنيده ، وبقائهم بالتفلسف والتركيز على الامور الشكلية ، ان تركيز الاعداء على وصف الاسلام بالسلبية والتخلف والارهاب وايجاد منظمات وجماعات تعمل بذلك باسم الاسلام والاسلام والمسلمين منهم براء لتأكيد صحة منهجهم وتحليلهم،كل ذلك الان تدور رحاه في معركة العراقيين دفاعا عن المثل والقيم والمقدسات كجند للرحمن وبين قوى الارهاب والكفر والتضليل والجريمة بقيادة امريكا ، فلله دركم ايها المجاهدون في عراق الاسلام والعروبة والبعث ،وان الله ناصر جنده.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاربعاء / ٢٤ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٠ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م