خلايا نائمة ... أم قنابل موقوته ؟

 
 
 

شبكة المنصور

علي الكاش / كاتب ومفكر عراقي
الخلايا النائمة رغم كونها مصطلح جديد دخل عالم الحروب السرية لكنها في الحقيقة ترتبط بمفهوم آخر اشمل منه وهو الطابور الخامس او طابور العملاء, وهذه الخلايا أشد فتكا من القوات العسكرية وهي تخلف عنها في ان الأخيرة تمثل قوات منظورة في حين ان الخلايا هي قوات سرية متخفية بملابس مدنية، كما إن القوات العسكرية معروفة العدد والعدة ومميزة في تجهيزاتها العسكرية في حين ان هذه الخلايا من الصعب معرفة عددها وعدتها، والقوات العسكرية تجابه الأعداء في جبهات قتال خارجية معروفة في حين ان الخلايا تفتح عادة جبهات داخلية، وفي الوقت الذي ترتبط فيه القوات النظامية بوزارة الدفاع أو الحرب فأن الخلايا النائمة تربط بأجهزة مخابرات معادية وعدة واجهات منها السفارات وفروع الأحزاب الداخلية المرتبطة بأجندات خارجية. وعلى العكس من القوات النظامية لايوجد هيكل تنظيمي لهذه الخلايا فهي تشكل وحدات منفصلة عن بعضها وتوزع في عدة مناطق حيوية لذلك فأن التوصل الى خيط خلية ما لا يفيد في كشف بقية الخلايا. وغالبا ما تكون الخلية وحدة تنظيمية سرية صغيرة تضم عناصر لا تزيد عن عشرة أشخاص كي يصعب كشفها وتؤمن الحرية الكافية لتحركها, وتتكون عناصر الخلية من مواطني الدولة الزارعة لها من مواطنيها المتجنسين بجنسيات الدولة المزروعة فيها الخلايا أو من مواطني الدولة الأخيرة ممن يرتبط بالدولة المجندة لهم لنوازع دينية او مذهبية او عنصرية او المواطنين الأصليين من الذين يجندون تحت إغراءات مالية أو يوعدون بإمتيازات ومناصب لاحقة.


وغالبا ما تتواجد هذه الخلايا في مناطق التوترات السياسية أو الهديدات أو قبل بدء العمليات الحربية لتمثل معين قوي ويتم إيقاضها من سباتها خلال الحروب وهو ما يسمى بالطابور الخامس، وتترواح أعمار عناصر الخلايا ما بين 15-60 عاما، يوزعون على تجمعات سكنيه مختلفة ليسهل عليهم العمل من خلالها دون أن يشعر بهم أحد. واحيانا تكون تلك الخلايا تحت أغطية مختلفة كالمؤسسات الدينية وطلاب العلوم والمراكز الثقافية والمدارس الاجنبية ومؤسسات المجتمع المدني والمراكز الخيرية والصحية والتجارية وغيرها من الأغطية. وتوزع هذه الخلايا على صنوف حسب النشاطات المكلفة بها، منها معلوماتي أو إستخباري تقوم بجمع المعلومات العسكرية والأمنية والأقتصادية عن البلد الذي تتواجد فيه هذه الخلايا, وصنف دعائي يقوم بنشر الإشاعات الكفيلة بزعزعة الوضع الداخلي، و صنف قتالي يقوم بعمليات ارهابية من تفجير وقتل واغتيالات. وتكلف الخلايا بعدة واجبات الغرض منها إثارة القلاقل والفتن وزعزعة الأمن والإستقرار والقيام بإعمال عنف ويمكن إجمالي نشاطاتها بالآتي :-


1- ضرب المصالح الإستراتيجية الحيوية في البلد الذي تتخفى فيه كالمشاريع الصناعية الكبرى والمطارات والموانيء ومحطات القطارات والفنادق الكبرى والمناطق السياحية.


2- القيام بتفجيرات في مناطق مكتظة بالسكان لإثارة الفزع والهلع بين السكان وتحفيزهم على الهجرة من مناطقهم أو الركون في مناطق سكناهم دون حركة.


3- تحريض الأقليات الأثنية والعنصرية والطائفية الموالية لدولة الخلايا ضد حكومتهم المركزية مما يساعد على فتح جبهة داخلية ترهق تلك الحكومة وتستنزف امكاناتها.


4- القيام بحملة من التصفيات والأغتيالات ضد أركان الدولة التي تعمل بها الخلايا وإستهداف كبار المسئولين والعسكريين والعلماء والشخصيات المؤثرة او المناوئة للدولة المجندة للخلايا.


5- نشر الإشاعات والبلاغات الكاذبة لأرباك القوات الأمنية وتشتيت قوتها وزعزعة الأمن الداخلي ونشر اشاعات حول شحة المواد المعيشية الأساسية كي يتدافع الناس على تخزينها وبالتالك خلق شحة فيها.


6- ضرب محطات الوقود والمنشاءات الأقتصادية ومحطات الماء والكهرباء لخلق أزمات إقتصادية تربك الدولة وتتثير سخط الشعب عليها.


7- تنظيم التظاهرات والمسيرات الاحتجاجية ضد السلطات المحلية ورفع شعارات لنصرة الدولة المجندة للخلايا.


خلال فترة تصدير الثورة الأيرانية لدول الجوار قبل أن يشن نظام الملالي حربه العدوانية على العراق قامت الخلايا الإيرنية بعدة نشاطات ضد الحكومة المركزية والشعب العراقي منها محاولة أغتيال السيد طارق عزيز والأعتداء البربري على مسيرة تشييع شهداء الجامعة المسنصرية بفتح الرصاص على المشيعين من داخل المدرسة الأيرانية في منطقة باب المعظم، ونشر الأشاعات المغرضة إضافة الى توزيع المنشورات المعادية والتحريضية ضد الدولة وإثارة الفتنة الطائفية وقد تبين بعد التحقيقات ان عناصر هذه الخلايا كانوا من المواطنيين العراقيين من أصول فارسية وبعض عناصر حزب الدعوة الاسلامية وكان تمويل هذه النشاطات الإرهابية عن طريق كبار التجار الإيرانيين, مما حدا بالحكومة العراقية الى طردهم الى الدولة التي ينتمون اليها ويكنون الولاء المطلق لها بعد ان تبين لها ان سنوات من العيش الرغيد في العراق لم تطهر أبدان هذه الشراذم البشرية من الحقد الفارسي المستوطن والمتجذر في عقولهم المريضة.


بعد الغزو الأمريكي الصهيوني الأيراني للعراق دخلت القوات الغازية الى العراق ودمرت كل مقدراته السياسية والأقتصادية والعسكرية والثقافية والاجتماعية, وقامت إيران بدفع فيلق القدس وافواج من الحرس الثوري والمخابرات الى العراق لموآزرة فيلق بدر والهيمنة على العراق بالإتفاق مع قوات الاحتلال الأمريكية التي سمحت بتدفق الأسلحة والذخيرة مع القوات القادمة من إيران, وتحولت الخلايا النائمة الى خلايا يقظة فاعلة وناشطة في ظل الوجود الأيراني ونزعت أقنعتها التنكرية فقد أنتفت الحاجة لها وبدأ العمل السافر, وقامت تلك الخلايا بتقديم المعلومات عن كبار البعثيين والقادة العسكريين والطيارين والعلماء لغرض تصفيتهم, ونفخت في رماد الفتنة الطائفية فأشعلتها, كما قدمت المعلومات عن مخازن الأسلحة والذخيرة وتم نقلها الى إيران بتوافق مع قوات الغزو الأمريكي حتى باتت إيران تسيطر على حوالي 70% من العراق.


وقد اشار العديد من الرافضين للوجود الأيراني في العراق الى خطر هذه الخلايا ومنهم عضو البرلمان محمد الدايني الذي حذر من" وجود خلايا إيرانية نائمة" ليس في العراق فحسب بل في كل الدول العربية, وان حكومة الملالي خصصت مليارات الدولارات لتمويل نشاطاتها ، منوها بأن في محافظة ديالى ألقي القبض على(11000) أيراني دخلوا البلاد بطريقة غير قانونية لكن وزارة الداخلية الخاضعة للمجلس الأعلى وليد نظام الملالي أطلقت سراحهم وأخفت ملفاتهم، إضافة الى وجود حوالي(32) ميليشيا مرتبطة بإيران وتنفذ أجندتها. وكانت النتيجة كما هو متوقع فقد لفقت حكومة الإحتلال الموالية لإيران تهمة ملفقة للنائب الدايني ولم يعرف مصيره لحد اللحظة بسبب تضارب آراء المسئولين في الحكومة حول مصيرة وهي إشارة تحذير رسمية لكل من يفضح التدخل الإيراني في العراق فالأيادي الخبيثة التي تطيل عضو برلمان من السهل عليها ان تطيل غيره!


كما أشار آية الله العطمى حسين المؤيد بأن لديه معلومات موثقة عن وجود خلايا إيرانية نائمة في العراق ومنطقة الخليج وإن توقيت نشاطها مرتبط برؤية صانع القرار الأيراني، واضاف آية الله المؤيد" ليس لدي فكرة عن عددها ولكني متأكد من وجودها، ويقودها شيعة، ولكن قد تختلف من بلد إلى آخر، وقد لا يقودها شيعة في بلدان فيها تواجد ضئيل للطائفة الشيعية، فيجندون كل من يمكن أن يتعامل معهم، ويتواصلون مع إيران مخابراتيا" عبر السفارات والمراكز الثقافية والتجارية وغالبا ما تشرف فروع حزب الله على نشاطات الخلايا النائمة.


من جهة أخرى سبق أن حذررت الهيئة العراقية الجعفرية من فروع حزب الله المنتشرة في الدول العربية وأكدت بأن فروع حزب الله على صلة وثيقة بالخلايا الإيرانية النائمة التي تنفذ أجندة ولاية الفقيه, وشددت بأن الدمار الذي لحق بلبنان يمكن أن يمتد الى دول الخليج العربي بفعل الخلايا النائمة الموجودة على أراضيها. ورغم معرفة معظم اجهزة مخابرات الدول العربية بشكل عام ودول الخليج بشكل خاص بهذه الخلايا النائمة لكنها لم تتخذ إجراءات فعلية أو فاعلة لمعالجتها وكانت بعض الحكومات تشيح بوجهها عنها بسبب نقص الأدلة أو مخافة ان تستدعي العفريت الفارسي من قمقمه ولا تعرف بعد ذلك كيف تصرفه وتقي شره, وربما خشيت البعض من إثارة البلبلة والقلاقل بين صفوف الشعب فداوت الداء بالداء، مهما يكن فقد أذيع أمر هذه الخلايا من مسئول إيراني هذه المرة وليس عراقي كما جرى في السابق, فقد عبر مسوؤل رفيع في الحرس الثوري الإيراني عام 2007 عن إستعداد البسيج للقيام بأعمال عنف في دول الخليج العربي، وهو نفس ما أكده الجنرال(علي فداوي) قائد القوات البحرية للحرس الثوري بقوله" يمكننا أستخدام إنتحاريين عند الضرورة".


حتى كشف السفير الإيراني عادل الأسدي أمر هذه الخلايا معترفاً بها ومقدما تفاصيل دقيقة بشأنها من حيث وجودها وتوزيعها وارتباطاتها ونشاطاتها وتمويلها والغرض منها مؤكدا بأنها لا تقتصر على طائفة محددة, وشغل عادل الاسدي مناصب عدة منها سفير بلاده في لشبونه ومستشارا لوزير الخارجية وقنصلا عاما في دبي، وهذا المنصب الأخير سمح له بالإطلاع بدقة على الخلايا الموجودة في الخليج العربي والتي ترتبط بخيوط مع السفارات الأيرانية.
وجزم الأسدي بأن هذه الخلايا موجودة في كل دول الخليج العربي غير مستثنيا أحدا، موضحا بأنها ترتبط بالحرس الثوري الإيراني من خلال ما يسمى (قسم حركات التحرر) الذي ترأسه المقبور مهدي هاشمي الذي فضح أمر لقاء رفسنجاني بمبعوث الرئيس الأمريكي(ماك فرلين) في طهران للتنسيق ضد العراق خلال الحرب العدوانية الإيرانية على العراق (إيران غيت) فاعدم نتيجة ذلك، وبالطبع المقصود بالتحرر ليس من الإستعمار والقواعد الأجنبية وإنما من زعماء دول الخليج للإنضواء تحت خيمة الأمبراطورية الفارسية الكبرى. ويقوم المكتب التحرري بتجنيد المواطنين المتطرفين والغارقين بعشق الفرس على حساب الولاء لأوطانهم عبر إرسالهم عن طريق دولة ثالثة لإيران لتلويث أدمغتهم وزجهم في دورات مخابراتية وتدريبهم على أعمال الإرهاب! ويستطرد الأسدي" بعد عودتهم إلى أوطانهم يتم تنظيمهم بحيث يتحول كل منهم إلى عنصر ناشط في خدمة أجهزة الاستخبارات الإيرانية في هذه الدول. ويضطلع بدوره بمهمة تجنيد عناصر جديدة لصالح شبكاتهم السرية التي تنفذ أوامر وتوجيهات طهران". وأشار الأسدي ان هذه الخلايا لا تقتصر على العناصر الشيعية المتطرفة بل تمتد الى بقية الطوائف, فكل من له القدرة على مقايضة تراب وطنه بالتومان سيجد الباب مفتوحا للولوج والترحيب بعمالته! أما عن موعد إيقاظ هذه الخلايا فقد أوجزه الأسدي " حينما تقتضي مغامرات النظام الإيراني وليس مصالحه، لأن تشكيل مثل هذه الخلايا أساسا لا تتلائم مع المصالح الحقيقة لإيران".


مع إن وزير الدفاع الإيراني مصطفى النجار نفى وجود هذه الخلايا غير الخاضعة الى وزارته والمرتبطة بالحرس الثوري معتبرا إنها" مجرد أكاذيب وتصريحات مفتعلة من الأعداء" لكن هذا النفي طبيعي ومتوقع من وزير مسئول ولا يستطيع أن يتفوه بغيره, لكنه تجاهل بأن الأسدي ليس عدوا خارجيا وانما سفيرا لبلاده, كما انه يتقاطع مع تصريح الجنرال علي فدوي " لدينا خطط لتعزيز قدرات البسيج وسيتم ملاحظة ثمارها عندما يرتكب الأعداء حماقة" محددا منطقة الخليج بأنها ستكون مسرحا لأعمال العنف هذه! ومن المثير ان الاسدي قدر عدد عناصر هذا الطابور في الكويت يزيد عن(30000) عنصر! والكويت إمارة صغيرة ولها ضوابط محكمة بشأن العمالة الأجنبية فما بالك بدول الخليج الأخرى إذا علمنا انه فقط في إمارة أبو ظبي يوجد اكثر من نصف مليون إيراني حسب تقديرات السفير لإيراني في الأمارات، وكذلك الأمر بالنسبة لبقية الدول العربية؟ هذا يعني أن بإمكان هؤلاء العناصر أن يدمروا الكويت دون الحاجة الى تدخل جيوش غازية فالموجود داخليا يفيض عن الحاجة!


وييدو ان الكويت تعي حجم هذه الخلايا التي قدرها احد النواب الكويتيين بحوالي(25000) عنصرا وهو رقم مقارب لما ذكره الأسدي، لكنها لا تع مقدار الخسائر التي يمكن ان تتحملها نتيجة لذلك! رغم ان دروس محاولة القيادي في حزب الله المقبور عماد مغنية بخطف الطائرة الجابرية ومحاولة إغتيال أمير الكويت ما زالت مطبوعة على الذاكرة. أما تصريحات علي جنتي السفير الإيراني في الكويت بعمق العلاقات بين البلدين فهي ليست سوى ذر الرماد في العيون بدأها بكذبة وأنهاها بأخرى عندما إدعى بأن بلاده " لا تتدخل في الشؤون الداخلية للعراقيين"! ولم تجد الحكومة الكويتية مع الأسف تفسيرا لوجود أكثر من (40000) سائح كويتيا لإيران سنويا؟ ولم تاخذ بنظر الأعتبار المخاوف من حزب الله الكويتي! ومن المعروف أن فروع حزب الله في الدول العربية هي التي تشرف عمليا على الخلايا النائمة وهذا الحزب سبق أن اتخذ في الكويت أسماءا متعددة لغاية في قلب يعقوب منها" طلائع التغيير" و" صوت الشعب الحر" و" منظمة الجهاد الإسلامي" و" قوات المنظمة الثورية" وغيرها من التمويهات. وفي السعودية قامت خلايا من حزب الله فرع الحجاز بتدمير الممتلكات العامة واعمال عنف ضد الحجيج وتنظيم تظاهرات معادية ضد الأسرة الحاكمة والتمهيد لما سمي بثورة القطيف تحت شعارا" مبدأنا حسيني وقائدنا الخميني" وما أعمال البقيع الأخيرة إلا حلقة من سلسلة أعمال عنف ستزداد يوما بعد آخر طالما أنه لم تتخذ إجراءات رادعة للحيلولة دونها وقطع أذرع الأخطبوط الفارسي في المنطقة العربية.


في البحرين تنشط الخلايا بقوة وفاعلية أكثر مما هي عليه في بقية دول الخليج العربي وفعلا قامت هذه الخلايا بأعمال إرهابية من أغتيالات وتفجيرات وأعتداءات على قوات الأمن ولكن غالبا ما كان الاعلام البحريني يحجم من قوتها ويخفف من وطأتها، لغاية ما طفح الكيل عندما كشف برلماني بحريني عن وجود هذه الخلايا طالبا من حكومته ان تفتح هذا الفايل وأن لا تتستر عليه. سيما بعد أعمال العنف التي انلعت عام 1994 حيث إتهمت البحرين رسميا نظام الملالي بمسؤوليتها. وقد تمت بتحريض من حزب الله فرع البحرين، حيث أعلنت الحكومة عن أكتشافها لهذا التنظيم عام 1996 وهو مرتبط بإيران وفضحت محاولتة لقلب نظام الحكم. وقد اتخذ حزب الله طريقة الحية في نزع جلدها فعمد الى إتخاذ عدة تسميات في محاولة يائسة لطمس هويته المعروفة للجميع مثل" حركة أحرار البحرين" و" حركة الوطن السليب" ولا نعرف معنى السليب كيف سلب ومن قبل من؟ وان كانت البحرين هي الوطن السليب فماذا تبقى لفلسطين إذن؟ ومن المؤسف ان البحرين لم تتخذ الإجراءات الوقائية لمنع إستفحال هذه الخلايا فاعلام وصور حزب الله ونشر خطب السيد حسن نصر الله وتوزيعها بشكل مثير للشبهات يقابل ببرود وربما بتواطؤ من قبل بعض الجهات المتنفذة في الحكومة.


بإستثناء الرد القوي للفريق ضاحي خلفان قائد شرطة دبي فإن بقية رود الفعل الخليجية لم ترتق لمستوى الحدث، فقد أشار الخلفان في ندوة نظمتها صحيفة( الإقتصادية) بأن امر زرع خلايا نائمة في إيران ليس بالأمر المستعصي أو العسير على دول الخليج بما لديها من إمكانات كبيرة! محذرا إيران من التمادي بهذه اللعبة وإنها ان" تمكنت من فتح ثغرة في دول الخليج العربي فبإمكاننا أن نفتح ألف ثغرة". وبتحدي باهر ضاربا على الوتر الحساس ذكر الخلفان بأنه " يوجد في إيران أكثر من (15) مليون مواطن من إصول عربية وبمقدار دول الخليج أن تحركهم" في إشارة الى الأحواز العربية المحتلة من قبل الإيرانيين. مضيفا بأن" عربستان تعني أرض عربية وتضم عربا من إصول عربية وهم تحت وطأة من سوء المعاملة ومحرومون من أشياء كثيرة" وهدد الخلفان بأن دول الخليج " لا تريد تأجيج هؤلاء، وعلى إيران الا تلجأ لهذه اللعبة، لأنها ليست من مصلحتها، كما هي ليست من مصلحتنا أيضا، ولا ينبغي أن يأتي ذلك من دولة جارة ومسلمة، ولذلك نحن ندعو العقلاء الى تحكيم العقل، لكن في حال حركت خلايا ساكنة أو نائمة سنحرك ألف خلية"! والحقيقة ان هذا أول تصريح من مسئول عربي يرتقي الى مستوى التحدي ويقدر حجم المخاطر على بلاده ويهدد بإستخدام مبدأ المقابلة بالمثل، وهو موقف أثلج صدور العرب الشرفاء من المحيط الى الخليج.


وفي اليمن يوجد فرع لحزب الله تأسس في بداية التسعينيات من القرن الماضي قام بعدد من الاغتيالات كشفت عنها الجهات الامنية اليمنية مما إضطر الحزب الى أن يغير واجهته بأسم آخر هو" حزب الشباب المؤمن" ويرتبط هذا الحزب بعلاقات وثيقة مع جماعة الحوثي.


ونفس الأمر في مصر حيث يوجد فرع لحزب الله يشرف على الكثير من الخلايا النائمة وخاصة في القاهرة والأسكندرية ويضم عدد من المصريين واللبنانيين والسوريين بأغطية مختلفة وعدد من العراقيين من عناصر قوات بدر والتيار الصدري المتواجدين بصفة لاجئين, وقد كشفت التحقيقات مسئولية الحزب عن التفجيرات الأخيرة التي طالت مصر والتي اعترف بمسؤوليته عنها حزب الله نفسه، وهي رسالة تحذيرية من إيران بأن يدها تطيل مصر وغيرها وبأمكانها أن تعبث بأمنها وإستقرارها وهذا دليل متواضع!


في لبنان حيث الخلية الأصلية لحزب الله والمقر الرئيسي لرئيسه السيد حسن نصر الله ويسيطر حاليا الحزب على مقدرات لبنان السياسية, ورئيس الحزب لا يخفي لقه بنظام الملالي فهو أبنهم البار والمنفذ الرئيسي للمخططاتهم الشريرة في الدول العربية ويشرف الحزب على معظم الخلايا النائمة, وقد لخص حسين شريعمداري رئيس حرير صحيفة كيهان وابرز مساعدي مرشد الثورة علي خامنئي وظيفة حزب الله في إفتتاحية تحت عنوان (حربنا هذه) نشرت في شهر آب عام 2006" لا يقاتل حزب الله من أجل السجناء ولا من أجل مزارع شبعا وحتى القضايا العربية الأخرى، وإنما يقاتل من إجل إيران في صراعها مع الولايات المحدة".


في الاردن نشط حزب الله في السنوات العشر الأخيرة نشاطا ملحوظا وبدأ بزرع الخلايا النائمة في معظم محافظات الأردن مسفيدا من اللاجئين العراقيين الذين توفدوا مئات الآلاف على عمان , وكذلك عن طريق الأكاديميين العراقيين في الجامعات الأردنية, والمراكز الثقافية والمؤسسات الخيرية التي تقدم الإغاثة والمعونة للمحتاجين. ويتم تمويل هذه الخلايا من كبار التجار العراقيين والأيرانيين والسوريين واللبنانيين وعدد من العوائل العراقية الميسورة والمعروفة في عمان وكذلك من مؤسسة الخوئي .وكذلك الأمر بالنسبة لبقية الدول العربية.


أن خطورة هذه الخلايا تكمن في أنها ليست نائمة كما يشير المصطلح أو يتصور البعص وإنما هي يقظة ومحترسة تنتظر الإشارة لتقوم بتنفيذ المهام الموكله بها وهي لا تتورع عن تنفيذ أشد الأعمال الإرهابية دون ان يحيدها رادع ديني أو اخلاقي أو انساني إنها ضمائر ميته مسلوخة من الضمير والمواطنة تسير بإتجاه واحد كالحمير المسيرين بلجام يقيدهم ويمنعهم من النظر الى الجوانب, ويترتب على ذلك ان تأخذ الحكومات إجراءات قوية لكشف هذه الخلايا وتجريدها من اسلحتها وإيقاف نشاطاتها قبل ان تزف ساعة ايقاظها فعقارب الساعة لا تدور الى الوراء. ومن تلك الوسائل:-


1- الحد من ظاهرة التجنس ووضع ضوابط مشددة أمام المتجنسين ومعرفة ارتباطاتهم وتوجهاتهم السياسية, وتجريدهم من التجنس إذا ثبت إنحرافهم عن الولاء الوطني.


2- الحد من ظاهرة تدفق العمالة الإيرانية وخاصة في دول الخليج العربي ومحاولة الإستعانة بعمالة عربية أو شرق آسيوية لتحل محلها.


3- مراقبة اللاجئين الذين تدفقوا الى الدول العربية وتدقيق أسباب لجوئهم فغالبا ما يزج بعناصر من الخلايا النائمة بين صفوفهم.


4- مراقبة تحركات المؤسسات المشبوهة كمؤسسة الخوئي وكذلك المؤسسات الخيرية ومراكز الإغاثة والمراكز الثقافية الإيرانية ومعارض الكتب حيث غالبا ما يراودها عناصر هذه الخلايا.


5- من اجل تسمية الاشياء بأسمائها الصحيحة لا بد من مراقبة فروع حزب الله بشكل رئيسي وبقية الاحزاب كثأر الله وبقية الله وغيرها الموالية لإيران والمنتشرة كالسرطان في الجسم العربي بأعتبارحزب الله هو المشرف الرئيسي على عناصر الخلايا النائمة وتدقيق هوية العناصر المنتمية له ومراقبة أنشطتهم. فالموافقة على فتح فرع لحزب الله مثل دعوة مصاص دماء الى بيتك.


6- متابعة الزائرين للسفارات الإيرانية عن بعد بما لا يتعارض مع الحصانة الدبلوماسية فغالبا ما يتوافد على السفارات بعض عناصر الخلايا بذرائع شتى كأشغال قنصلية او تجارية أو ثقافية.


7- مراقبة الحسينيات والمساجد والمزارات التي يرتادها عناصر من الخلايا النائمة وتفتيشها لضمان خلوها من الأسلحة والمتفجرات.


8- تشخيص أسماء من يقف خلف تنظيم التظاهرات والأحتجاجات ضد الحكومات المركزية ومسك الخيوط التي يمكن أن تساعد في كشف عناصر الخلايا.


9- رفع مستوى الوعي والحس الأمني للمواطنين وإرشادهم بالتبليغ عن أية تحركات يقوم بها مواطنون أو أجانب مثيرة للشبهات أو تبدو غير طبيعية.


10- مراقبة المطارات والموانيء والمراكز الحدودية للكشف عن الأسلحة المهربة للداخل, وتضييق الخناق على مهربي الأسلحة.


11- مراقبة رجال الدين المتطرفين والذين أعتادوا على إلقاء الخطب التحريضية والإشادة بالثورة الإيرانية أو غلمانها المروجين لطروحاتها في الدول العربية.


12- مبدأ المقابلة بالمثل بزرع خلايا مماثلة في إيران من العرب الموجودين فيها سيما ان الحكومة الأيرانية تطمس هويتهم القومية وتذيقهم الأمرين مما يسهل إستمالتهم وتجنيدهم وكما يقول المثل" الواحده بواحده والباديء أظلم".


من المؤكد ان بأمكان الدول ان تتخذ تدابير فعالة أخرى لكبح جماح الخلايا النائمة وأن تجعل أمر مكافحة هذه الخلايا الجرثومية من أولويات مهام الأمن الوطني, فأحداث البقيع في السعودية والتفجيرات الأخيرة التي حصلت في مصر دقت أجراس الحذر ولات ساعة ندم.


والله والوطن والشعب من وراء القصد .

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاثنين / ٢٢ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٨ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م