مواقف الرجال في زمن الاحتلال

﴿ الحلقة الثالثة

 
 

شبكة المنصور

عبد الكريم الشمري

من يتصفح كتب التاريخ يجد ان تاريخنا مليء بالمواقف الرجوليه التي يحتذى بها على مرالازمنة والعصور والتي شهد لها الجميع وخاصة عندما تتعرض الامه للمحن وللغزو والاحتلال من قبل الاجنبي  .. وغالبا مانسمع عندما يسال عن شخص يقول البعض ان هذا فعلا رجل ..وكثيرا مانقول عن شخص اخر انه ليس برجل اوشبه رجل .. وكلاهما يتصفون بصفة (الذكوره) ولكن هناك فرق بين الرجولية والذكوره فليس كل ذكرا رجلا .. ولاكل اصحاب العضلات المفتوله رجالا.. ولاتقاس الرجولة بكثرة الأموال وبكبر حجم الجسم ولابطول الشوارب ..ولاكل الذكور في امتنا العربيه والاسلاميه رجالا.. ولاحتى كل المؤمنين رجالا كما جاء في قوله تعالى : { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً } (الأحزاب 23).ولم تقل الاية الكريمه من المؤمنين ذكورا.. فوصف الرجال في القرآن منح لصنف معين من الناس، وهم الذين صدقوا ولم يغيروا ولم يبدلوا، ولم يهادنوا ولم يداهنوا ولم ينافقوا، ولم يتنازلوا عن أرض الإسلام ولا عن حكم شرعي واحد..!! والرجل موقف كما قيل، فقد يكون الموقف كلمة حق تقال.. أو عملاً جليلاً يقوم به الإنسان يخلد اسمه ويصبح مثلاً يحتذى به وسنة حسنة إلى يوم القيامة..!! اخوتي الاعزاء لانريد ان نطيل عليكم  ولكن بودنا ان نروي لكم هذه القصة التي تستحق ان نقف لابطالها اجلالا واكبارا لهم ولموقفهم الشجاع الذي اكرمهم الله به وجعلهم من الشهداء فهنيئا لهم ولامثالهم وقفة العز والرجوله من اجل الوطن حد الاستشهاد والتضحية بالنفس والجود بالنفس اسمى غاية الجود..

 

في احد القرى باطراف غرب بغداد الحبيبه وتحديدا بيوم 10/4/2003 نهض الشاب ابو محمود (كان في ريعان شبابه متزوج وعنده اولاد) نهض عندما سمع صوت المذياع يقول بان هناك فتاة اسمها( ميسون )من اهل ذي قار (الناصريه) قد دمرت كذا مدرعه للعدو الامريكي في احد مناطق جنوب العراق ..خرج ابو محمود عازما على التعرض للعدو الامريكي حيث كانت ارتاله تمر بمحور قريب من عند القرية التي يسكن فيها ابومحمود..اعترضه بعض من عمومته وابناء عمومته ليتدارسوا معه الامرحتى لايكون طعما سهلا للعدو المحتل .. قال لهم بالله عليكم ..ميسون ..امراه في الناصريه اشجع منكم ..!! اعترضت ارتال العدو ولن تخاف منه ..!! ونحن هنا حالنا لايساوي شئ عند الله  .. والله لن ارتد الاان اذهب واقاتلهم حد الاستشهاد .. اراد امين سرالفرقه للحزب الموجود في تلك المنطقة ان يقنعه بان سلاحه ليس متكافئ مع سلاح العدو وعليه يجب ان نحصل على صواريخ لقاذفه (ار بي جي سفن) والتي كانت موجوده عندهم حينها لنتمكن من ضرب آليات العدو ..!! ابو محمود شاب عنود  قرر الذهاب ولم يأبه ويصنت لما يقولون ..تبعه اخوه واحد ابناء اخوته..وكان الثلاثة سلاحهم البندقيه الكلاشنكوف فقط ..!!انقضى الليل ولم يعودوا.. ذهب البعض في اليوم الثاني  ليعرفوا اين استقر بهم الحال .. انقطعت عنهم الاخبار ..!! الحركه قليلة جدا في تلك الاماكن بسبب كثافة طيران العدووتحرك آلياته ..!! يقول المتحدث والله لقد ذهبت بنفسي مع ثلاثة من الرجال  واصبحت على مقربه من اربع دبابات للعدو كانت على عقده لاربع شوارع رئيسه في احد نواحي اطراف بغداد وكان معي في السياره  ناظور دبابه وقد استخدمته على مسافة متوسطه من العدو.. فوجدت ابو محمود ملقى على مقربه من احد الدبابات وآخر الى جانبه ولم ارى الثالث .. حملت راية بيضاء وسرت باتجاه الدبابات الاربعه وعندما وصلت الى هناك ..

 

قال المترجم الذي برفقة القوات الامريكية الغازيه ( وكان كويتي الجنسيه)::

أتعرف هؤلاء ..؟؟

قلت : نعم هم ابناء عمي.. اخوتي ..!!

قال: (لااعتقد ان هؤلاء من جنس البشر ويقصد على ابو محمود وجماعته)

قلت:: لماذا..؟

 قال:: كيف يقاتلوا الدبابه ببندقيه ويركضون علينا وكأن لم يكن هناك دبابات امامهم ..؟؟..عجيب امرهم !!

قلت :: هؤلاء بشر ومن اسمى وارقى البشر..!! الم تقرا وتسمع بان اجدادهم العراقيين ابناء ثورة العشرين قاتلوا الانكليز واستولوا على الطوب الانكليزي (المدفع) بالمكوار ..وهوسوا.. الطوب احسن لو مكواري ..!!

(توضيح لمن لايعرف المكوار.. هو:عصى طويله تحمل في اليد وبراسها كره كبيره مدوره من القير..)

 سكت المترجم : وقال لاحول ولاقوة الابالله ..!! لان لم يكن لديه مايجيب به..!!

 

..اما الثالث وهو اخو ابومحمود فقد وجدناه ميتا بعد يومين في المناطق الزراعيه المجاوره على بعد 700متر عن مكان العدو ..ملقى على وجهه والسلاح على كتفه وماسكا بيده اليمنى يده اليسرى بعد ان قطعت نتيجه الرمي الكثيف من رشاشة دبابه العدو ..(انتهى الحديث)

 

هؤلاء الابطال ماتوا ميتته شرف واجههوا الاعداء مقبلين غير مدبرين ..اذهلوا الاعداء بشجاعتهم وعدم ترددهم عن المواجهه واصرارهم على الصمود .. كان لهم موقف شرف وعز وكرامه موقف رجولة وشجاعه... حقا كما قال الشاعر

 

العمرْ يفنى والذهبْ والماسْ           ويبقى الفِعلْ للرجلْ شاهدٍ له

 

لازال ذكراهم موضوع حديث في مجلس العشيرة ومضايفها .. كذلك ذكرى الابطال الاخرين الذين باعوا انفسهم لله ورسوله.. وللدين والوطن .. هنيئا لهم تلك الوقفة التي لايقفها الا الرجال وهنيئا لهم ذلك العز وتلك الشهاده .. والله من وراء القصد..

 

الله اكبر .. الله اكبر.. وليخسأ الخاسئون

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس  / ١٦ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١١ / حزيران / ٢٠٠٩ م