مواقف الرجال في زمن الاحتلال

﴿ الحلقة الرابعة ﴾

 
 

شبكة المنصور

عبد الكريم الشمري

ان حياة الانسان في ساعة عز خير من حياته ألف سنة في ذل، وكل انسان مهما كان ..قائد للرعيه اومن عامة الرعية.. اذا سلم الأعداء قيادة نفسه وأمر نفسه فقد اصبح ذليلا لامحال حتى ولو كان ذا منصب رفيع ..

 

والشاعر يقول :

ومن تملك الاعداء زمامه تقوده  *****  فان طاع والا فالظبا البيض غالبه

ومن قيد بزمام فهو في مذلــــه  *****   ولو كان من فوق الثريا مناصبه

 

وموقف الذل هذا شبيه بحال الدكتورمحسن عبدالحميد الذي (داس الجنود الامريكان بالبسطال على راسه وهو رئيس مايسمى بمجلس الحكم وزعيم الحزب الاستسلامي..وهذا ما صرح به هوشخصيا في زمن الحاكم العسكري للعراق الصهيوني بريمر..) وهذا حقا جزاء من يتولهم ويقبل بهم امراء واسياد ويسلم امره للاحتلال الاجنبي  فان لم يسير وفقا لاهوائهم اهانوه واذلوه واجبرته سيوفهم على ذلك لذا في كل الاحوال اصبح الذل كسوته وردائه ..واي انسان يعيش ذليلا يعش مغبون وينظر له هكذا من قبل الاخرين  ....والغبن هلاك للنفوس.. فالرجولية الحقيقية الصحيحة عند المسلمين تاتي من قوة وعظمة الايمان في النفوس ، وانعدام الرجولية تعني ضعف الإيمان.. ومن امثال مواقف الرجال المتسلحه بالايمان والتي لازالت تذكر ولن تنسى ابدا ولايستطع احدا ان يمحوها من ذاكرة التاريخ  .. موقف عمر المختار البطل المقاوم المتسلح بالإيمان الذي وهب حياته من أجل حرية بلاده والجهاد في سبيل الله، وتمنى أن يلقى الله شهيدًا فحقق الله أمنيته.

 

جاهد حتى وقع البطل في الأسر.. ودعيت المحكمة إلى الانعقاد، ونصبت المشنقة، وجاءوا به مقيد اليدين بالسلاسل والقيود، وحكموا عليه بالإعدام شنقًا في محاكمة صورية لم تستغرق سوى ساعة وربع الساعة، وكان الشيخ آنذاك في السبعين من عمره، لم يفعل شيئًا سوى أنه دافع عن تراب وطنه وعزة دينه !! وسار المجاهد الكبير إلى حبل المشنقة بقدم ثابتة وشجاعة نادرة، لا يتوقف لسانه عن ترديد الشهادتين؛ حتى نفذ فيه حكم الإعدام، واستشهد البطل  وحقق الله ما تمناه، ورحلت إيطاليا عن ليبيا ، وحصلت على استقلالها 1951م ..ولكن العالم الإسلامي عامة والشعب العربي  خاصة لن ينسى واحدًا من أبرز مجاهديها، بعدما ضحى بكل ما يملك في سبيل نصرة الإسلام، واستقلال وطنه .وكذلك موقف الرجل البطل القائد الشهيد المجاهد صدام حسين رحمه الله الذي لايختلف موقفه  كثيرا عن موقف عمر المختار.. فما اشبه اليوم بالامس .. كلاهما رجل يتصف بكل معاني الرجولة الحقه وبكل صفات الرجال الابطال التي تمتلك شجاعة نادره وصبرا عظيم ..!!هكذا هي مواقف الرجال في المحن..

 

 اما الموقف الرجولي والفعل البطولي الذي اود ان اسوقه لكم والذي يجب ان يذكر في ارشيف بطولات الرجال ..فهو لاحد ضباط الجيش العراقي الابطال ..وهو برتبة عميد ركن قبل الاحتلال الامريكي للبلاد ..فبعد احتلال البلد من قبل الامريكان انصهرت القوات المسلحه العراقيه ضباطا ومراتب في فصائل المقاومة العراقيه بكل اشكالها الوطنية والقومية والاسلاميه دون التمييز في بادئ الامر بين صواب منهج هذا الفصيل الجهادي وذاك ..لان الهم الاول للجميع هو مقاومة الاحتلال الامريكي وطرده من ارض الوطن ..!! تمكنت القوات الامريكيه من اعتقال هذا الرجل وهو قائد لمجموعه مجاهده مقاومه للاحتلال الامريكي ابلت بلاءا حسنا في تدمير آليات العدووقتل جنود وعلوج العدو شر قتله  ..تمكن الاحتلال من اعتقاله وسجنه في سجن بوكا عام 2003 الى ان أفرج عنه نهاية عام 2008.. تعبان جدا لايملك شئ سوى عائلته الكبيره ..انتقل من مكان سكناه حتى لايستهدفه اعوان الفرس المجوس وحثالات السلطه العميله الى احد مناطق بغداد الحبيبه لكي يتجنب هذا ا لابتلاء الذي ابتلى رب العزة به اهل العراق  ولكن الحمد لله (ان الله لايبتلي الامن احب)..ففي احدى ليالي هذا العام جاءت مفرزه يقودها ملازم اول للحي الذي يسكن فيه هذا الضابط وبدات بتفتيش خمسة او ست بيوت في هذا الزقاق وجاء الدور للبيت الساكن فيه هذا الضابط .. طرق الباب عصرا ..تاخر شاغلي الدار قليلا بفتح باب الدار .

 

خرج العميد الركن.. وهو رجل مهيب ذو شيبه ..!! 

قال للضابط (امر المفرزه  وكان برتبة ملازم اول كما قلنا سابقا):اهلا وسهلا تفضلوا

قال امر المفرزه : لماذا تاخرتم بفتح الباب ..؟؟ الاتعلمون عندنا تفتيش ..!!

رد العميد الركن صاحب الدار : صحيح لكن الدار فيها عائله ونساء رتبنا امرهم وجلسن في زاوية من الدار ..الان تفضل نحن مستعدين للتفتيش ..الدارواهل الدار في خدمتكم ..!!

الضابط امر المفرزه الظاهر غير مؤدب بدا يصيح في وجهه الرجل ..ويطلق كلمات بذيئه لاداعي لها ..مثل.. لوتعرف نعتقلك .. او لوتعرف نكسر الباب ..جان بسرعه فتحت الباب وصرت انعم من حبة الدخن ..!!(وهذا مثل شعبي عراقي ووصف يستخدم لاستصغار المقابل لان حبة الدخن صغيره وناعمه..)

رد الضابط العميد الركن .. قائلا: ليش انت عصبي ..حسن الفاظك ابني.. آني بكد ابوك ..وآني هم كنت عميد ركن بالجيش واعرف السياقات الصحيحه ..ماحدث شئ خطأ لاسامح الله ..!!

ردعليه امر المفرزه (الملازم الاول)..قائلا: .. تقصد عميد ركن بجيش  صدام المنبوش ..!! (عذرا لك سيدي القائد الشهيد فانب مجبر على ان أتلفظها كما قالها هذا اللقيط ابن المتعه)

هنا يبرز الفرق بين الرجال وبين  اشباه الرجال ..!!

رد عليه العميد الركن (بعنف شديد ارهب هذا اللقيط الجبان حتى انه ذهل من شدة وقساوة الرد وبالحرف الواحد) قائلا:.. احترم ياكلب ياابن الكلب ..الرئيس الشهيد صدام تاج على راسك وراس اللي خلفك.. وانبش ابوك وابو المالكي اللي خلاك بهذا الجيش ياساقط الغيره والناموس..!!

وكلام كثير لسنا بصدد ذكره.. فبهت هذا اللعين ولم ينبس بكلمه واحده ..!!

 

رجع هذا اللعين قليلا عن الداروخبر المرجع الاعلى له بما جرى .. جاء بعد فترة قصيره ضابط برتبة رائد لكن سبحان الله .. انقلبت الامور بالعكس ..ادى هذا الرائد التحيه للعميد الركن وناداه بكلمة سيدي ..كيف الحال ..؟ واتضح ان هذا الرائد كان يعمل بامرة هذا البطل العميد الركن لفتره طويله ..!!ناقشه باستحياء كبير وعرف منه ماجرى وما حدث .. القى باللوم على هذا الملازم الاول الارعن اللقيط  ولكن قال له بصوت واطئ ..احسبها عليه لان هذا الضابط صاحب فضل كبير عليه ..وكان امر وحدتي المباشر ارجو ان لاتخبراحد في  منظومة الاستخبارات بما جرى..!! ..ويقصد بمنظومة الاستخبارات (منظمة بدر المجوسيه الايرانيه ).. انتهى الامر وسارت الامور تلك الليله على مايرام ..!!

 

وفي اليوم الثاني جاء الرائد المذكور .. وحذر العميد الركن من مغبته هذا الامر وعواقبه الوخيمه وان هذا الملازم الاول رجل كان يبيع الخضروات والفواكهه في سوق الكاظميه وليس له علاقه لامن بعيد ولامن قريب بالجيش وليس خريج  من الكليه العسكريه .. ولكن هذه رتبه اعطيت له لانه معين من قبل المجلس الاعلى الصفوي الايراني وهو على مقربه من الزنيم رئيس هذا المجلس وهو فعال في منظمة غدر الصفويه..

 

وابدى النصح للعميد الركن قائلا: سيدي ..سيضمرون لك الحقد الدفين فعليه يجب ان تغير مكان سكنك حفاظا على سلامتك وسلامة اولادك وعائلتك ..(هذا نص ماقاله الرائد للعميد الركن )..عمل العميد الركن بنصيحة الضابط الرائد .. ولكن بقى هذا الفعل البطولي لهذا الرجل منار عز ونبراس مضئ على مر الزمن ..له ولاولاده ولاهله وعشيرته  كونه لم يسكت عن الحق ..ولم يقل القوله المشهوره التي يقولها البعض ( آني شعليه وشدخلني ) .. والله لقد قال لي بالحرف الواحد:(( والله لو كان عندي مسدس لقتلته ..)).. هكذا هي مواقف الرجال التي تستحق الذكر والحديث على مر الازمنة والعصور ..فتحية لمواقف الرجال الشجعان التي يخلدها التاريخ .. والله من وراء القصد ..

الله اكبر .. الله اكبر .. وليخسا الخاسئون ..!!

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الثلاثاء  / ٢١ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٦ / حزيران / ٢٠٠٩ م