البيشمركة والمليشيات الطائفية - تحالف المتآمرين
أهالي كركوك يقدمون القرابين للحفاظ على الهوية الوطنية

 
 
 

شبكة المنصور

عبد الناصر الدليمي

لا نريد هنا أن نندفع وراء منطق الأقاليم والمناطقية والمحاصصة الاثنية والطائفية وربما حتى القبلية التي بذر بذرتها الأولى بريمر " الحاكم المدني للعراق" مع أنه جنرال مع سبق الاصرار والترصّد , الا أن كركوك محافظة التأميم منذ اليوم الأول للاحتلال وحتى كتابة هذه السطور دفعت وما تزال دماء طاهرة وزكية بسبب جملة من العوامل و الدوافع العنصرية المبيتة من قبل الحزبين الكرديين اللذين وقعا تحت نشوة الغرور وتوهما أن الدعم الأميركي لهما مشفوعا بمباركة صهيونية

 

لم تعد خافية على كل ذي بصيرة بسبب التسهيلات غير المسبوقة التي قدماها للموساد كي يتخذ من شمال العراق منطلقا" للتحرك و ادارة عملياته القذرة وفرق الموت المرتبطة به تدريبا" وتسليحا" وتمويلا" لتنال بعد ذلك من كل وطني شريف تطاله وخصوصا أصحاب الكفاءات والعلماء والأساتذة الجامعيين والضباط والطيارين والاعلاميين وشيوخ ووجهاء العشائر ممن لهم مواقف مناهضة للاحتلال المركّب الذي يعاني من وطأته كل العراقيين الأباة, هذا الوهم جعل من زعيمي العمالة جلال ومسعود يتماديان في تقديم دماء العراقيين  واسترخاصه على أمل أن تفي الادارة الأميركية بتحقيق الحلم المريض في الانفصال عن العراق الوطن الأم والوحيد الذي كان يتعامل معهم بكل احترام ويسمح لهم بممارسة حياتهم بشكل أكثر من الطبيعي بل نستطيع أن نؤكد أن الأكراد كانوا قبل احتلال العراق يتمتعون بامتيازات لا يتمتع بها العراقي العربي فعلى سبيل المثال لا الحصر كانوا يرتدون زيّهم الشعبي من دون ان يتعرّض لهم أحد على عكس بقية دول المنطقة وهي في معظمها لم تكن تسمح لهم حتى باستخدام اللغة الكردية

 

بينما كان العراق يطبع لهم الكتب المدرسية باللغة الكردية ويوزعها على الطلاب بالمجان فضلا عن ادخال مادة اللغة الكردية كدرس أساس في مدارس العراق عموما

 

ويكفي أن نتذكر أن النظام السابق الذي ما يزالون يتباهون أنهم كانوا رأس النفيضة في التعاون مع الأميركان في ازاحته يكفي أن ذاك النظام قد أعفى أولادهم من الخدمة العسكرية الالزامية وقت الحرب الايرانية العراقية بينما كان أولادنا يزفون الى جنان الخلد بالآلاف وهم يدافعون عن البوابة الشرقية للأمة العربية .

 

وباختصار كان كل شيء مسموحا" للأكراد ومتاحا" وميسرا" حتى التملّك في قلب العاصمة بغداد باستثناء الخيانة والتآمر فهذا هو الخط الأحمر الوحيد الذي اختطته ليس حكومة صدام حسين وحدها وانما كل الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق منذ تأسيسه في عشرينيات القرن المنصرم.

 

ولكن أبناء مصطفى البرزاني وجلال الذي خرج من عباءته قد ورثوا الصنعة  وأدمنوا الخيانة والدسائس  والارتماء في احضان الصهيونية ومن لم يكتشف ذلك بعد فليكلف نفسه عناء البحث في شبكة المعلومات "الأنترنت " ويطلع على الصور والوثائق التي تؤكد بما لا يقبل الشك غرق هذه الزمرة في مستنقع الخيانة وتلقي التدريب والدعم بكل أشكاله من زعماء الصهيونية مناحيم بيغن وغولدا مائير وموشي ديان ليس اليوم فقط وانما العلاقة تمتد منذ أكثر من ستين عاما.

 

ان الدعوات الانفصالية منبوذة من قبل كل أحرار العالم و على وجه الخصوص في العراق بسبب أنهار الدماء الزكية التي أريقت وما تزال  ومن المؤكد أن أي مشروع انفصالي سيلاقي الفشل الذريع بسبب وعي الجماهير وحرصها على الوحدة الوطنية ونفورها من هذه المشاريع التي أرهقت البلاد والعباد وتسببت في اراقة دماء آلاف الأبرياء لفك عرى الروابط الوطنية من خلال تمكين الموساد من استهداف دور العبادة لكل الطوائف فلم يسلم من هذا الاستهداف مسجد أو حسينية أو كنيسة لدفع واستدراج الساذجين والبسطاء نحو الاحتراب الداخلي بغية تمهيد الأجواء لقوات الاحتلال لتمرير مخططاتها لافراغ العراق من طاقاته وثرواته لكي لا تقوم له قائمة كما يتمنون وهذه هي بالتحديد نقطة التلاقي التي جمعت ( الأضداد )  فكل القوى والدول والتي تبدو أحيانا" على طرفي نقيض وان كان ذلك على مستوى الاعلام فقط , نؤكد أن جميع هذه القوى ( اسرائيل) و أيران التي تعلن أنها تريد مسحها من الخارطة ,

 

كذلك أنظمة الخليج التي ما تزال تتباكى وتعلن ذعرها من التمدد (الشيعي) المدعوم من ملالي قم وطهران, والعديد من المنظومات السياسية والاقتصادية والعسكرية المتخالفة حد التناقض والتصادم التقت جميعا على هدف واحد وهو تفتيت العراق كقوة عربية  فمن مصلحة الجميع أن يفرط عقد هذا البلد لكي يسهل تنفيذ المخططات الدنيئة لصياغة شرق أوسط جديد تذبح فيه الوطنية على مقصلة الطائفية وتتحول فيه الأقطار العربية الى مجموعة من الأقاليم المفرزة والمتناحرة على أساس المذهب أو الملّة وبذلك نخرج جميعا خاسرين بينما يربح الصهاينة والأميركان ومؤسسة الملالي في قم وطهران وهي التي تراهن بكل ما تملك على اختراق المنطقة من خلال مغازلة البسطاء وذرف دموع التماسيح على أهل التشيّع وحب أهل بيت النبوة الأطهار لكي يلبسوا مشروعهم الاستعماري الفارسي لبوسا" طائفيا" قد ينطلي على بعض السذج لبعض الوقت ولكنه  ومع الايغال بدماء العراقيين ومبيت كبيرهم نجاد في المنطقة الغبراء في بغداد وتحت حراسة القوات الأميركية وعقد العديد من جلسات التفاوض العلني فضلا عن السري مع قوات الاحتلال على الملف العراقي  لم يعد مقبولا" أن تختلط الأوراق فالصراع كبير والمؤامرة أكبر ولماذا يستغرب البعض أن يكون لنا أكثر من عدو في وقت واحد وقد حسمها أبو الطيب المتنبي عندما قال لأبي فراس الحمداني:

 

وسوى الروم خلف ظهرك روم       فانظر على أي جنبيك تميل

 

ومن الغريب والعجيب فعلا" أن تتفق كل هذه الأطراف على موقفين متناقضين غاية التناقض ولعل ذلك من كيد الله لكي يسقط ورقة التوت عن سوءات الخونة والعملاء فكلهم كان وما يزال يبرر العمل المسلح ضد مؤسسات الدولة العراقية وأجهزتها الأمنية وقواتها المسلحة بما فيها وفي مقدمتها الجنود البسطاء من المكلفين بأداء خدمة العلم وللتذكير فقط فان تضحيات الجيش العراقي الباسل في حرب الشمال للقضاء على جيوب التآمر والتمرّد في عقد السبعينيات من القرن الماضي بلغت قرابة ثلاثين ألف شهيد ومع ذلك يتغنى الخونة ببطولات البيشمركة معتبرين التمرّد المسلح على الحكومة العراقية أمرا" مشروعا" ومقدسا" مع أنها أي الحكومة السابقة في أسوء حالاتها لم تكن صنيعة احتلال أو نتاج مفروض بقوة أجنبية غاشمة كما هو حال الحكومات الكارتونية التي تم انتاجها واخراجها في استوديوهات هوليود وتل أبيب بدعم الملالي في ايران و امراء وملوك البترول ورغم ذلك يتباكى جميع هؤلاء على تجربة الدم ...قراطية الأميركية في العراق ويكفّرون ويجرّمون أي عمل مقاوم ضدها حتى وان كان موجها " وبشكل مباشر لقوات الاحتلال علما" أن مقاومة قوات الاحتلال أمر مشروع في كل القوانين السماوية والوضعية خصوصا" بعد الفضائح والجرائم التي وصمت جبين أميركا ومن لف لفها في سجن أبو غريب وغيره مما خفي وهو أدهى وأمر, فما بالهم كيف يحكمون ؟

 

قتال جيش وطني ومحاربته أمر مطلوب ومبارك أما مقاومة الاحتلال فما هو الا ارهاب و جرائم اتباع النظام السابق!!

 

حامد نموذج بسيط

 

حامد عبد الله صالح النعيمي شاب بسيط جدا" من أهالي قرية عبدالله غانم الكبير وهي قرية تابعة لقضاء داقوق في محافظة التأميم وهو مجرد نموذج حي وبسيط من عشرات آلاف الضحايا الذين طالتهم يد فرق الموت المسماة البيشمركة, فبعد احتلال العراق باشرت هذه المجاميع باجتياح جميع المناطق في كركوك وبالتحديد المناطق ذات الطبيعة السكانية التي تسودها الهوية غير الكردية وأخذت تقتل وتشرّد وتختطف وتبيع وتشتري بأرواح العباد وبممتلكاتهم والذريعة معروفة سلفا" : أتباع النظام السابق والارهاب.

 

فقتلت هذه المليشيات المجرمة الشيخ ابراهيم النعيمي رئيس عشيرة السادة النعيم ثم كنعان النعيمي وسيد عطا النعيمي وكذلك علي أحمدابراهيم وصلاح أحمد ابراهيم وحسين علي أحمد وكلهم من أقارب المواطن حامد الذي فرّ الى بغداد بعد أن أحسّ أنه عاجز عن مواجهة هذه الفرق خصوصا" وأنه شخص مسالم لم يعرف في حياته صنعة سوى المطاعم وادارتها ففتح مطعما" متواضعا" في العاصمة بغداد متوهما أنه قد وصل برّ الأمان الا أن البيشمركة خطفوا والده وراحوا يسامونه على شروط تعجيزية لاطلاق سراح والده وبعد أخذ ورد انتهى الأمر الى اغتيال الوالد فما كان من حامد الا الهروب الى خارج العراق ليطرق أبواب السفارات ومكاتب المفوضية العليا لاغاثة اللاجئين, فكم ألف حامد قدمت لنا ديمقراطية الشركات العابرة للقارات وأذنابها من مليشيات الحزبين الكرديين الغارقين بدماء العراقيين الأبرياء ومعهما مليشيات بدر و  جيش المهدي وحزب الله وثأر الله وبقية الله و سلسلة المجرمين الذين يلبسون جرائمهم العمامة الاسلامية ولا يتورعون عن تدنيس اسم الجلالة للتغطية على أعمالهم الاجرامية, فلا حول ولا قوة الا بالله.

 

المواطن مجرد رقم في صفقة حكومية !!

 

مازالت المعلومات المتسربة من أوساط مقربة مما يسمى بالحكومة في العراق تؤكد أن مساع حثيثة تبذل لعقد صفقات مع عدد من الدول التي تحتضن اللاجئين العراقيين من أجل أن تقوم الأخيرة بطرد أو تضييق الخناق على العراقيين على أمل عودتهم الى العراق لعل الصورة القبيحة التي طبعت في أذهان الناس بسبب معاناة المهجرين والتعاطف معهم الأمر الذي سبب احراجا" كبيرا" للادارة الأميركية وصنيعتها حكومة المالكي في بغداد, والمثير للدهشة حقا" هو التساؤل المشروع والملّح : ماذا فعلتم أيها السادة للمهجرين داخل العراق لكي تعقدوا الصفقات وتعرضوا الاغراءات لاعادة المهجرين من الخارج؟

 

الجواب واضح وبسيط فالمهجرون في الداخل لا يشكلون فضيحة اعلامية بقدر أولئك الذين في الخارج وبالتالي فهم لا يستحقون مجرد الالتفات لهم.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الجمعة  / ١٠ رجــــب ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٣ / تمــوز / ٢٠٠٩ م