إلى متى يستمر صمت الأنظمة العربية تجاه ما يجري في العراق ؟

 
 
 

شبكة المنصور

أبو محمد العبيدي

قد يتساءل البعض عن هذا الصمت العربي تجاه ما يحدث في العراق ولا اقصد هنا صمت الجماهير العربية ,بل صمت الأنظمة العربية والتي لم نرى منها ما قد يعطي بعض الأمل بأنهم ما زالوا يحتفظون ببقايا من النخوة العربية والتي قد تحركهم يوما ما لمناصرة إخوتهم في العراق , ورغم معرفتنا بان موضوع احتلال العراق قد تجاوز القيم والمفاهيم والأخلاقيات العربية والإسلامية بالنسبة لهذه الأنظمة حيث امتد ليصل إلى مرحلة تهديد الوجود ومستقبل هذه المنطقة بل نقصد تحديدا مصير هذه الأنظمة,ولن نقول مصير الشعب العربي أو أية تسميات أخرى لان كل هذه التسميات مهما كبرت يبدو إنها لا تعني هؤلاء الحكام من شيء ولذلك سنتكلم بما يخصهم ويهمهم ,أي مصالحهم كأنظمة ومستقبل عروشهم الذي لا يهمنا ولكن يبدو أن الزمن قد فرض علينا ذلك شئنا أم أبينا, أي إن نكون في قارب واحد رغم كل تناقضاتنا معهم ورغم كل ما قاموا به تجاهنا ورغم إنهم مسئولون عن جزء كبير من ما حدث ويحدث لشعبنا ووطننا والذي هو البداية فقط للمخطط المعادي لامتنا ولوجودها ورغم علمنا وادعائهم بعلمهم بهذا المخطط ,إلا إن الحقيقة هي إنهم لا يريدون الاعتراف إلا بنصف الحقيقة مما يجعلهم اقرب إلى النعامة ,ونقصد هنا محاولتهم(وبطريقة خاطئة) الوقوف ضد المد الفارسي في العراق وفي المنطقة العربية عموما و في نفس الوقت إغفال الدور الأمريكي في المساعدة على تنمية هذا الدور أي الدور الفارسي بقصد أو بدون قصد(باتفاق أو كنتيجة) من خلال إتباع سياسة تسهل وتساعد تنمية الوجود الفارسي الاستيطاني والذي يثبت تلاقي استراتيجي ما بين مصالح الامبريالية الأمريكية مع الطموحات الفارسية غير المشروعة في المنطقة العربية وخصوصا في العراق والخليج العربي ولتتلاقى هذه الطموحات الفارسية والمصالح الأمريكية مع المشروع الصهيوني في تفتيت الأقطار العربية والانتقام التاريخي من العرب ومن العراق خصوصا .


سنستعرض بعض الأمور التي تثبت خطا الأنظمة العربية في إستراتيجيتها لإيقاف الزحف الفارسي من خلال :_


1_الإغفال إن ساحة الصراع الحقيقية ما بين الأمة العربية والنظام الفارسي هو العراق وهي المنطلق للتغلغل إلى المنطقة العربية .


2_إن العملية السياسية والمتمثلة بجميع الأحزاب المشتركة فيها والحكومة الحالية وبالمفاهيم التي استحدثتها مثل المحاصصة والفدرالية وتوزيع الثروة والطائفية وبالدستور والتي أوجدهم جميعا المحتل الأمريكي ,ما هي إلا أدوات بيد النظام الفارسي أكثر مما هي بيد المحتل,رغم ادعاء  الجميع عكس ذلك بل وإظهار البعض تمسكهم بالعلاقة المصيرية مع المحتل .


3_ إن جميع الإجراءات التي اتخذتها الدول العربية رسميا سواء التي أقامت علاقات جيدة آو التي ابتعدت عن النظام الطائفي العميل تصب في صالح الاستيطان الفارسي وهي غير مؤثرة على الحد من استمرارية هذا المد الفارسي بل العكس حيث استغلت من قبل الأحزاب الطائفية التي ادعت إن هذه الإجراءات بسبب استلام الشيعة للحكم وسمحت باستغلال ذلك ضد القومية العربية.


4_إن محاولة بعض الأنظمة القيام ببعض الفعاليات المعادية للنظام الفارسي من خلال الحد من تأثير حزب الله في لبنان أو إلقاء القبض على شبكات للنظام الإيراني تقوم بالتشييع هنا وهناك أو طرد السفير الإيراني أو غيرها ما هي إلا هروب من مواجهة المشكلة الحقيقية والمتمثلة بالعراق .


5_ تصديق الدول الغربية وخصوصا الولايات المتحدة بأنها ستدافع عن هذه الأنظمة والدول ضد أي اعتداء خارجي أي اعتداء فارسي ,وربما هذا صحيح ,ولكن من السذاجة تصور قيام إيران بالاعتداء العسكري على أية دولة بما فيها البحرين ,لجملة أسباب لا يمكن عدها والاهم إنها أي إيران لا تحتاج ولا ترغب بذلك لان لديها الطريقة الأفضل وهي التغلغل إلى هذه الدول والسيطرة عليها من خلال مواطنيها وبصراحة من خلال استغلال شيعة هذه الدول ,وهذا ما لن تستطيع أن توقفه الولايات المتحدة الأمريكية حتى لو أرادت ذلك مما يعيدنا إلى السؤال عن أهمية حماية الغرب لهذه الدول عسكريا إذا كان العدو المقصود سيأتي من الشباك وليس من الباب .


وحتى لا نطيل لان الموضوع واضح لنا ولهم نقول بصريح العبارة إن المحدد الأساسي وربما الوحيد الذي يحد من تحرك هذه الأنظمة ضد التغلغل الاستيطاني الفارسي في العراق هو ما يلي 


ا_إن أي تحرك حقيقي من قبل الأنظمة العربية يعني تقديم العون إلى القوى المتصدية للمشروع الفارسي في ساحة المواجهة والتي هي ارض العراق ,أي دعم المقاومة والتي هي الوحيدة القادرة على القيام بهذا الدور.


ب_ إن أي دعم للمقاومة يعني وقوف هذه الأنظمة ضد الاحتلال الأمريكي وهذا ما لا تستطيع تحمله ولا اتخاذه لقنطار من الأسباب لا نريد الخوض فيها .


ج_من ذلك يبدو إن هذه الأنظمة في أزمة حقيقية في كيفية معالجة هذا الوضع أي إيقاف المد الفارسي دون إغضاب المحتل الأمريكي ,حيث إن جل عملها لحد الآن هو التحركات الدبلوماسية والإعلام وهذا غير مؤثر لعدة أسباب أهمها:-


(1)  التأثير المحدود للإعلام العربي على ساحة الصراع الحقيقية أي العراق بسبب التداخلات الطائفية بل العكس حيث أن اغلب السياسات الإعلامية العربية الموجهة ضد المد الفارسي تولد ردود فعل عكسية من قبل شيعة العراق لان البعض منهم يتصور إنها ضد الشيعة وليس ضد المد الفارسي .


(2)إن أداة التدخل الاستيطاني الإيراني في العراق هم جرذان العملية السياسية والذين هم أيضا جرذان المحتل الأمريكي والذي يعطيهم حصانة وجواز سفر دبلوماسي إلى المنطقة العربية .


6_الخطأ الاستراتيجي لهذه الأنظمة في محاولة تحجيم حماس لوقوفها حجر عثرة أمام السلام المزعوم مع العدو الإسرائيلي وإتاحة الفرصة أمام النظام الإيراني لاحتضان حماس لتبييض وجهها أمام العرب وخاصة المثقفين منهم باعتباره المدافع عن فلسطين والتي هي بلا شك قضية العرب والمسلمين الأولى .


7 _إعطاء المبرر للحكومة السورية على المضي في علاقتها المتميزة مع النظام الإيراني بل والتغافل ولا أقول الدفاع عن كل أعمال ومواقف إيران القذرة اتجاه كل ما هو عربي ,وذلك من خلال اتخاذ موقف بعيدة عن الخط العام  المعادي للصهيونية وكل ذلك من اجل التسوية مع العدو الإسرائيلي وبأي ثمن وكان الأجدر بهذه الأنظمة احتضان سوريا العروبة بدلا من تركها لقمة سهلة بيد الفرس ولتكون شيء من حصان طروادة للفرس في المنطقة العربية وداخل العقول العربية المثقفة .


أي إننا ابتلينا بواحد يريد محاربة الاستيطان الصهيوني من جهة ويسهل استيطان آخر هو الاستيطان الفارسي .
والآخر يريد محاربة الاستيطان الفارسي من جهة ويسهل الاستيطان الصهيوني .


والنتيجة هل ننتظر وكما حصل في فلسطين ,ربما يتصور البعض بأننا نبالغ من خلال تضخيم الدور والتطلعات الإيرانية في المنطقة العربية وذلك لأنه لا يشاهدها كما نعيشها ونشاهدها في العراق واعتقد إن عدم فهمهم للأساليب الفارسية والتي تعتمد على الزمن الطويل في تنفيذ إستراتيجيتها أي الصبر والعناد الفارسي ,فهي تراهن على الزمن أي إنها غير مستعجلة مادامت الأمور تسير في صالحها فكل يوم جديد تمد جذورها المسمومة باتجاه الأراضي العربية ولا يوجد من يوقفها بل الأدهى إن المحتل حبيب وصديق الزعماء العرب يبارك ويلتزم التزام كامل معتوهي العملية السياسية في العراق والذين هم عبارة عن أدوات أساسية لتنفيذ الإستراتيجية الإيرانية بما فيهم السنة (وبالذات الحزب اللا إسلامي) المشتركون فيها .


إذن هل ننتظر موافقة العدو الامبريالي الأمريكي لكي نتحرك وبعد أن تخلق لنا فلسطين جديدة ,وأنا اذكر الزعماء العرب بموقف الغرب من الأردن ,ورغم كل ما قدمه الملك حسين للغرب وحتى للصهيونية ورغم ذلك لم تسلم الأردن من احتلال الأراضي الفلسطينية الخاضعة لسلطتها أي الضفة الغربية من قبل الكيان الصهيوني وبمباركة الغرب ,وهنالك العشرات من الأمثلة على غدرهم لعملائهم قبل أصدقائهم ,ألا يجعلكم هذا أن تحتاطوا للأمر وهل إن مناوشات الغرب الإعلامية مع إيران تخدعكم إلى درجة العمى,ورغم كل ذلك ألا توجد طرق أو حلول يمكن معها وكما يقولون مسك العصا من الوسط ,أم تريدون الانتظار للدقيقة الأخيرة وأنا شخصيا غير متفائل بكم ولا بقراراتكم ولا انتظر أية بادرة شريفة وشجاعة لحماية الأمة والوطن من هؤلاء فنحن مجبرون على البقاء حتى اللحظة الأخيرة ندافع على الأمة والوطن حتى وان كان ذلك يعني الدفاع عن عروشكم ,لأننا لا نفكر بمن ولمن, بل بمصير ومستقبل هذه الأمة ونعي أن الخطر الفارسي لا يشملنا فقط بل نحن البداية فقط ,ولم نتعود أن نهرب من مسئوليتنا اتجاه امتنا ولا واجبنا اتجاه وطننا وقيمنا ومبادئنا وسندافع عن عروبة العراق ضد المد الفارسي وسننتصر بعون الله كما انتصرنا على المحتل الأمريكي بمساعدة العرب أو بدونها أو نستشهد دونها .

 

وهنالك سر لا تعلموه أو لا تصدقوه وهو إن سنوات الاحتلال قد منت علينا بإظهار الحقيقة للكثير من البسطاء من شيعة العراق ,بان إيران الصفوية أقذر وأتعس ربما حتى من الاحتلال الأمريكي  بعد أن كانت هذه القناعة موجودة لدى المثقفين فقط بل إن الإحساس بالخطر الإيراني على العروبة ورفضه قد نمى ربما لدى الشيعة أكثر من السنة نتيجة المعاناة المباشرة منهم ومن أساليبهم الخبيثة ,ولذلك فعندما نقول بأننا واثقون من النصر النهائي على الفرس وكما على الأمريكان فلأننا نقف على أرضية صلبة وهي وحدة شعبنا ووحدة هدفه في الدفاع عن العروبة وعن الوطن .    

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس  / ٣٠ رجــــب ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٣ / تمــوز / ٢٠٠٩ م