اوباما
((
بين الجد الإنساني .. ولعبة  الحبل السياسي ))

﴿ الحلقة الأولى﴾

 
 

شبكة المنصور

أبو علي الياسري

في مقدمة المقال  لا بد لي أن أشير إلى  ردود الأفعال السريعة والمتوسطة والثقيلة التي صدرت  فورا  قبل  و بعد إلقاء الرئيس ( اوباما ) خطابه السياسي من على مسرح جامعة القاهرة ..ردود أفعال كثيرة لعناوين سياسية وإعلامية وثقافية ودينية وبجميع ألوانها وجنسياتها ودياناتها ومعتقداتها وميولها الطائفية  والسياسية كل وحسب وزنه .. الخ .. ردود أفعال  جعلت  بالمشاهد والمستمع والقارئ  ومن خلال  إصغائه أو قراءته أو مشاهدته للفضائيات التي بات شغلها الشاغل في نقل الخطاب كاملا وبدون حذف  في بعض مقاطعه  أن يصنف تلك  الردود من الأفعال  إلى نوعين وكما يلي  :-

 

1:- ردود أفعال متفائلة متسرعة كل وحسب وزنها في إصدار القرار السريع  عبر التصريحات وكتابات المقالات  والتحليلات واللقاءات  السياسية  الفضائية .. وهؤلاء نوعان :-

 

(أ).  جميع من هم في داخل قاعة جامعة  القاهرة وبمختلف  عناوينهم السياسية والمهنية والدينية والمخابراتية والإعلامية وما  لهم من فروع مظللة وكاذبة حيادية انتهازية تجارية , والمنشغلين فقط في التصفيق ثم  التصفيق ثم يأخذون فاصل ويتواصلون أيضا  بالتصفيق المخترق والمتقاطع مع أصوات المقاعد الخلفية لقاعة الجامعة  من الذين أعطي لهم واجب    (الهتافات الديمقراطية) .

 

(ب). جميع من هم خارج القاعة والمنتشرين على مساحة واسعة من الأمتين العربية والإسلامية سواء كانوا من ألأغلبية الحاكمة  للأنظمة السياسية  الرسمية العربية والإسلامية وبجميع وسائلها الإعلامية والمخابراتية .. والمؤسستين الرسميتين  المعروفتين ب ( الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ) .. وما يسمى برئيس  المؤسسة الدينية ( جامعة الأزهر ) المؤمن إيمانا كليا ومطلقا  بالديمقراطية  الاستسلامية .. والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية من القطاع الخاص والمشترك  من مروجي  الديمقراطية الأميركية ووسائلها الخاصة الإعلامية التجارية والمخابراتية .. وجميع  ألأقلام الفاسدة  الديمقراطية التجارية المؤمنة إيمانا مطلقا  بديمقراطية الشرق أوسطية . 

 

2:-  ردود أفعال متشائمة  :- وهم أصحاب الوزن الثابت في المبادئ والرؤيا  المتوازنة في التحليل الدقيق  لمجريات الأمور السياسية لما تحمل ضمائرهم  الحية  من تجارب التاريخ السياسي العربي والإسلامي لكونهم يمثلون  عوامل استنهاض جميع الحركات التحررية الوطنية القومية الإسلامية والذين لا يكنون العداء لأميركا وشعبها بقدر ما يكنون العداء لغطرسة وعنجهية وعداء سياسات  إداراتها الرعناء تجاه الأمتين العربية والإسلامية  ... متشائمين لكون ضمائرهم ودمائهم تنتسب  إلى سيد انساب الإنسانية المؤطرة  بالهوية العربية التي منها انتشر  ديننا الحنيف إلى جميع  أرجاء المعمورة وباختلاف الوانها ولغاتها وجغرافية دولها  .. دين المحبة والسلام والتسامح وحب الخير للإنسانية .

 

وبموجب هذين النوعين  ومن وجهة نظري أن  أعطي حق كل نوع من هذه الأنواع وبما يستحق كل منها   وكما يلي :-

 

أ‌.    المتفائلين بالخطاب  :- هم  النوع ألخفيفي  الوزن سياسيا واجتماعيا  , متلونين كالحرباء ... رائحتهم كريهة ... غير مؤمنين بأي مبدأ ولا قضية ومهما تكن تلك المبادئ سواء كانت  عائلية أو اجتماعية أو وطنية أو قومية أو إنسانية والسبب في ذلك يعود إلى  ضمائرهم  الميتة العفنة ... فاقدي الغيرة والحياء العربي الإسلامي ... منافقين  ... هوايتهم اللعب على  جميع حبال ميادين السياسة الداخلية والخارجية , هدفهم الحصول على أي  مكسب  مادي لإغراض سياسية أو جغرافية لأية جهة ومهما تكن صهيونية أو أجنبية وعلى حساب دينه  وأمته وأرضه  وشرفه إن كان له دين أو امة أو ارض أو شرف .

 

ب.المتشائمين من الخطاب :- هم  طيبي الجاه والاتجاه والميول والأفكار ... ثقلاء بمعاييرهم الشخصية ... ذوي  عقول واسعة ونيرة  لدهائهم ومعرفتهم وتجاربهم لمراحل  التاريخ السياسي العربي والإسلامي   ... يتصفون بهيبة جماهيرية  ... مؤمنين مدافعين  لقضاياهم المصيرية ... مجاهدين في   جميع الميادين السياسية لنيل الأهداف التي يؤمنون  بها .. رائحتهم تفوح بوجدان وضمير الأمتين العربية والإسلامية ... يقولون الحق ويكرهون الباطل  ... هدفهم إنساني من خلال وقوفهم بالدفاع عن جميع القضايا الإنسانية ...  مقتنعين   بما أعطاهم  الله وأمتهم من رزق ومكانة وجاه متواضع اجتماعيا وجماهيريا وإنسانيا  .

 

لنعود إلى موضوع عنوان مقالنا...( اوباما..بين الجد إلانساني ..ولعبة الحبل السياسي ).... لأوضح  بما جاء في  مفردات الخطاب  الذي أدركته  وتدركه الأمتين بأنه  تم  صياغته وفق تكتيك مدروس  من قبل دوائر القرار السياسي الأميركي وبنوعين من الأساليب  وهما  :-

 

الأول :- أسلوب خطابي إنشائي عادي  يوعد جميع  المتفائلين وبفرعيهم ( داخل القاعة وخارجها) بمستقبل أفضل ومشرق  للأمتين العربية والإسلامية ... أي بمعنى آخر أسلوب عاطفي ترغيبي يتصف  بالموهبة التي  يفتقر إليها  الكثير من  رؤساء الإدارات الأميركية لحنكة غبائهم السياسي ... أي انه خطاب  يختلف قليلا عن لهجات  التهديد والوعيد لجميع الخطابات التي ألقيت قبل أكثر من ستة عقود ماضية  لرؤساء الإدارات الأميركية السابقة والتي تتصف بالحقد والكراهية والوعيد بالانتقام والتهديد المستمر للأمتين العربية والإسلامية والشعوب المستضعفة ودليلنا على ذلك  الخطابات التي ألقاها  مجرم الإنسانية ( بوش الأرعن ) رئيس الإدارة الأميركية المنكسرة المنهزمة عندما وصف الحرب على العراق وأفغانستان بالحرب (الصليبية)  وتهديده العالم عندما قال  ( من معنا في هذه الحرب فهو منا  وكل من يقف ضدها فهو عدو لنا ) .

 

الثاني :- أسلوب  سوقي كونه يتصف  بنوع من  الترهيب المبطن من خلال الدفاع والحفاظ على  عنوان  دولته  كدولة عظمى واستعمارية وهذا أصبح واضحا من خلال  تباهيه أمام العالم  بإعطاء الأمتين العربية والإسلامية دروسا في العبر الدينية والعاطفية المتعاطفة  مع  الإنسانية في أغلبية  فقراته وبالتحديد عندما وصف أميركا بالدولة العظمى وراعية الولاء والحقوق الكاملة  للكيان الصهيوني .

 

من هنا فوجئ  (المتشائمون)  من الخطاب بسؤالين مطروحين من قبل  الأخوة القراء والمستمعين  والمشاهدين وهما  

 

س/ 1:- لماذا رتبت كلمات وجمل  الخطاب بالإطار الديني المبني على آيات من القران الكريم ؟.

س/2:- وما هي الأسباب التي جعلت من أصحاب القرار السياسي الأميركي أن يصيغون  خطابا سياسيا للسيد ( اوباما ) بهكذا لهجة وجمل استعراضية  تفوحها رائحة المودة والاحترام  والعاطفة للأمتين العربية والإسلامية  ؟.

فكان جواب (المتشائمين)   للسؤال الأول  وكما يلي :

 

لقد اتخذ أصحاب القرار السياسي الأميركي اختيار تكتيكا مؤقتا ومدروسا بدقة متناهية  ليخدم سمعة دولة وشعب  ووسائلهم الإعلامية التي افتضح شانها واكتشف زيفها وكذبها  أمام الشعب الأميركي والإنسانية جمعاء بأنها دولة ذات سياسة  كاذبة تعتمد على  إعلام كاذب ظلل  ويظلل الرأي العام الدولي الرسمي والشعبي .. فأرادوا من خلال هذا  التكتيك أن يغيروا وجهة نظر الإنسانية بان السياسة الجديدة  ووسائلها ألإعلامية الجديدة  في إدارة (  اوباما ) هي ليست السياسة السابقة  ذات الأعلام المظلل الكاذب في عهد  الإدارة الإرهابية في زمن ( بوش ) الأرعن ..ومن هنا اتخذ أصحاب القرار السياسي الأميركي تكتيكا جديدا بالشروع والدخول قبل كل شيء  إلى قلب الأمتين العربية والإسلامية ... وهذا التكتيك لم ينجح  إلا عن طريق الدين  ... والسبب معرفتهم الدقيقة بالصفات الخاصة والعامة  للعرب والمسلمين الذين يتصفون بالتسامح  والتعاطف والقناعة السريعة  التي تولد  الثقة العمياء بكل من يشيد  ويتكلم ويحترم  الدين الإسلامي ... من هذا المنطلق تم  ترتيب خارطة وقتية وجديدة لمرحلة معينة  هدفها  تغير الكثير من  العقول العربية  والإسلامية الذين كانوا ينظرون إلى أميركا بأنها الدولة المعادية للإسلام وأمته العربية المحمدية . وهذه الخريطة تبدأ من خلال تنظيم  خطاب سياسي يلقى من قبل  السيد  ( اوباما ) .. خطاب فيه  كلمات وجمل مبرمجة ونابعة  من التاريخ الإسلامي تعززها آيات من القران الكريم...خطاب ذات أسلوب فني ترتبط  بين كلماته وجمله  وعلى التوالي جميع المقومات الأساسية لجذب الكثير من الجهلاء أو الانتهازيين  الذين لم يقرؤوا  تجارب  التاريخ السياسي واللا إنساني  للولايات المتحدة الأميركية وما قامت به ضد المسلمين والعرب من مذابح وتشريد وقتل وتقسيم وطائفية بدليل وقوفها ودعمها الكامل مع الكيان الصهيوني في احتلال فلسطين منذ عام ( 1948 ولغاية اليوم ) والحرب على العراق وغزوه واحتلاله احتلالا عسكريا , والحرب على أفغانستان واحتلالها أيضا احتلالا عسكريا . ... وسنكمل المقال في الحلقة الثانية إن شاء الله .

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاحد  / ٢٦ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢١ / حزيران / ٢٠٠٩ م