رعاة البقر يتحدثون عن انتهاك الحقوق

 
 
 

شبكة المنصور

احمد النعيمي

أثارت التصريحات التي أدلى بها الأسير الأمريكي في أفغانستان ، حفيظة الجيش الأمريكي الذين يسعى جاهداً للملمة خسارته ، التي يُمنى بها في وحل المستنقع الأفغاني ، فمن مقتل الستة عشر جندياً بريطانياً هذا الشهر إلى الأربعة جنود الأمريكان ، إلى سقوط عدد من الطائرات ومقتل من فيها ، التي حاول أن يزعم أنها سقطت لأعطال فنية ، بينما أكدت حركة طالبان أنها سقطت بنيرانهم ، وفي ظل تغطية هذه الخسائر الجديدة بالأكاذيب ومحاولة إقناعهم الإعلام بأنهم في وضع جيد هناك وإن معنويات جنودهم مرتفعة ، أطل عليهم الأسير الأمريكي ليفند أكاذيبهم الإعلامية التي يحاولون من خلالها تغطية ما يعانون من جحيم داخل الأراضي الأفغانية .

 

فمن خلال تسجيل مدته 28 دقيقة قامت ببثه حركة طالبان على موقع صديق للحركة ، خرج الجندي الأسير معلناً عن انخفاض معنويات جنود الاحتلال في أفغانستان ، ومناشداً المواطنين الأمريكيين الضغط على حكومة بلادهم كي تسحب جنودها من أفغانستان ، وقال الجندي الذي ظهر حليق الرأس وذا لحية خفيفة أنه أسر عندما تخلف عن قافلة من الجنود ، مضيفاً : " أنا خائف أن لا أعود لبلادي .. انه أمر مثير للأعصاب أن تكون أسيرا " . فما بال عشرات الآلاف الذين تأسرهم قوات الاحتلال من المسلمين في سجونهم وسجون عملائها ، يبدو أنهم ليس لهم أدنى أهمية ، ولا يثير سجنهم أعصاب احد !؟ .

 

فيما اعتبر جيش رعاة البقر – الذين يعيثون في بلادنا الفساد والقتل والأسر والتشريد - أن بث هذه اللقطات انتهاكاً للقانون الدولي ، فماذا تريدون أيها القتلة الذين تتبجحون بقانونكم الكاذب ، قانون الغاب ، ماذا تريدون !! أتريدون من طالبان أن تشد على أيديكم ، وتشارككم جرائمكم في ذبح المسلمين !؟ أتريدون للمجاهدين أن يستكينوا لسكينكم ، ويصمتوا !! أتريدون من هؤلاء الأبطال ، الذين لم تخيفهم دبابتكم ولم يرتعدوا خوفاً من طائراتكم ، أن يصفقوا لكم ويثنوا على شريعتكم شرعية الغاب ، ويرضخوا للذل والهوان ، كما فعل قرضاي وغيره !؟  فعلاً أنكم لم تعودوا تستحوا على أنفسكم ، يا فراعنة هذا العصر ، فأنيابكم لا زالت تقطر دماً ، وعاركم لا زال يفوح من جرائمكم التي ارتكبتموها بحق المسلمين في العراق وأفغانستان ، ثم وبكل وقاحة تتحدثون عن انتهاك للحقوق !! فأي حقوق تقصدون أيها القتلة ، الفاقدون لكل ذرة من شرف أو ضمير !!

 

وهل احتلال العراق تحت ذريعة الكذب والضلال التي لم يكن لها وجود ، ليس انتهاكاً لحقوق الإنسان !! أم إن الجرائم الجنسية والبدنية والنفسية التي مورست بحق سجناء غوانتانامو وأبو غريب ، ليست انتهاكاً لحقوق الإنسان !؟ وهؤلاء الأسرى الذين تعتقلونهم في سجونكم ، ويقبعون داخلها وسط الخوف والتعذيب ، ثم بعد سنوات ، يتم إخراجهم لبلدانهم ، من بعد أن تم تدمير نفسيتهم ، وتتبجحون بكل وقاحة بكل وقاحة أنكم ستعملون على تأهيلهم من أجل عودتهم للحياة من جديد ، فهل هذه التصرفات ليست انتهاكاً للحقوق !!

 

وقد حدثني أحد أصدقائي الذي كان معتقلاً في سجن أبو غريب - سيء الصيت –  والذي عاصر فضائحها : " أنه قضى 16 عشرا يوماً بدون ملابس ، وكان يتجول داخل مخيمه هو ومن معه عرايا ، بدون ملابس كما ولدتهم أماتهم ، حتى أنهم كانوا يصلون عرايا كل هذه المدة " كل هذا ليس انتهاكاً للحقوق !؟

 

وكذلك حدثني آخر من الذين تم نقلهم من سجن أبو غريب إلى المطار ، من أجل التحقيق معهم ، ومن ثم تم إعادتهم إلى سجن أبو غريب : " أنه نقل إلى المطار بعد أن تم وضع كيس على رأسه ، وتقييد يديه إلى الخلف بشريط بلاستيكي كلما حاول أن يحركه كلما ازدادت قوة شده على يده ، وتم وضعه داخل زانزنة صغيرة طولها على قدر ما يمدد به جسمه ، وعرضها أقل من متر واحد وارتفاعها متران وجدرانها مغطاة بالسواد ، وداخل الغرفة لا يوجد سوى فرشة رقيقة ، ولا شيء غيرها لا بطانية ولا شيء آخر ، يتبادر إلى ذهن قاطنها أنه موجود داخل قبر ، وتم تبديل قيده البلاستكي بقيد حديدي ، واستبدل الكيس الذي على رأسه بنظارة سوداء لا يرى منها شيئاً ، وكان يقضي وقته مقيداً إلى الخلف وعلى عينيه تلك النظارة داخل تلك الزنزانة ، وإذا ما أتى وقت الطعام فإنه يتبدل القيد إلى الإمام ويترك له مدة ربع ساعة لتناوله ، ثم يعود بعدها إلى الوحدة والظلام من جديد والوضع السابق نفسه ، وأما عن نومه بهذه الطريقة وهو مقيد إلى الخلف وبدون بطانية فالحديث عنه أمر آخر .. ولا يعرف وقته أهو ليل أم نهار ، مغرب أم ظهر ، عشاء أم فجر ، وإذا أتى وقت الحمام كذلك ، فيتم تحويل قيده إلى الإمام ، ويقاد والنظارة على عينيه ويؤتى به إلى مكان التبول ، ويطلب منه أن يتبول أمامهم ، دقيقة واحدة لا أكثر وينتشل بعدها من مكانه ، ويعاد به إلا الزنزانة وسط النجاسة التي لحقت به من هذا الحمام البغيض ، وبما أنه لا يستطيع سوى التبول فكان عليه أن يتناول القليل من البسكوت ويشرب بعضاً من الماء الذي يسد رمقه فقط ، وأما عن صلاته فحدث ولا حرج فكان يصلي لا يعرف أين يتجه ولا إي وقت صلى ، ولا كيف يصلي وهو مقيد ومطمش ، كل ما كان يعرفه انه كان يصلي والنجاسة تملأ جسده ومكانه الذي هو فيه ، من البول الذي كان يصيبه لدى ذهابه إلى الحمام والنظارة على عينيه ، ثم يطلب إلى التحقيق ويستخدم معه كل أنواع الترغيب والترهيب والتخويف ، ويعرض على أجهزة فحص الكذب ، ويخبر أنه إذا اعترف سيتم أخذه لغرفة أخرى بيضاء أوسع ، فيها فرشة أفضل وبطانية ومخدة ، ولكنه يفضل هذه الغرفة ، ويبقى مقيداً إلى الخلف تسعة أيام على هذه الوضعية ، ولا شيء سوى التبول فقط وأمام الجنود وهو لا يرى شيئاً ، سوى أن يقاد إلى مكان التبول ، ثم يعاد به إلى سجن أبو غريب من جديد ، ولما أراد أن يقوم بالإخراج لم يستطع القيام بهذا ، حتى تم له الأمر بمساعدة المهدئات والمسهلات ، طبعاً وكما ذكر لي فإنه كان قي  كل مرة يتنقل فيها من مكان إلى آخر ، يتم تجريده من ملابسه كاملاً كما ولدته أمه " ، انتهى . فهل أخرجت طالبان هذا الأسير عارياً ، كما وتفعلون بأسرى المسلمين ، وتنتهكون حقوقهم ليل نهار يا رعاة البقر !؟

 

أم إن جرائكم بحق المسلمين وتصفيتهم في الشوارع والبيوت كل هذه لا تعد انتهاكاً للحقوق !؟ ومن هذه الجرائم البشعة مقتل نصير عبد الله وكامل سهيل نجم ونجم ساهي نجم في جريمة نكراء .. بتاريخ 25 / 11 / 2008م وهم حراس في أبراج شركة آسيا سيل قرب مشروع الغاز في محافظة التأميم .. حيث تم تصفيتهم وبدم بارد ، وكسر رقابهم وقد وثقت هذه التقارير في الطب العدلي للمحافظة ، نقلا عن مقال " تعذيب وتنفيذ حكم الإعدام من قبل القوات الأمريكية بالأبرياء من أبناء العراق " للمحامية سحر الياسري .

 

أم إن التحقيق الذي نشرته مجلة " ذي نيشين " الأمريكية الذي تناول شهادة خمسين عسكرياً أمريكياً خدموا في العراق وشهاداتهم التي ارتكبتها قوات الاحتلال في حق المدنيين العراقيين ، كل هذه ليست انتهاكاً لحقوق الإنسان !؟

ومن هذه الشهادات التي جاءت في تقرير المجلة ، شهادة الجندي " جيف انغلهارت " العائد من العراق ، حيث يقول : " حين شاهدت هذه المذابح ومقتل المدنيين ورأيت جثثهم المهشمة ، بدأت أتسأل لماذا !؟ " ويضيف : " اعتقد أنه حين كنت هناك كان الجو العام هو أن نقول أن إي عراقي يقتل هو مجرد رقم إضافي " .

 

ويروي السيرجنت " تيموثي ويستفال "  : " اذكر أني قلت لنفسي أننا نحمل الرعب إلى منازل الآخرين تحت غطاء العلم الأمريكي ، ويضيف أنا لم انخرط في الجيش لأقوم بهذا " .

 

ويقول الجندي " جوش ميدلتون " البالغ من العمر 23 عاماً : " كان من عادتنا في غاراتنا التفتيشية لمنازل المواطنين – التي عادة ما تكون بعد منتصف الليل وقبل الفجر – أن نهجم على الزوجين في فراشهما ونسحب الزوج أمام زوجته ونضع رأسه إلى الجدار تحت تهديد السلاح ، ونأتي ببقية أفراد العائلة في صورة مهينة ، ثم نبدأ بسؤال صاحب المنزل تحت تهديد السلاح عما إذا كان في منزله أسلحة أو منشورات ضدنا ، فإذا كان الإجابة ب لا ، دمرنا مفروشات المنزل وأفرغنا كل ما في الثلاجة ودروج الملابس ومزقناها إرباً أمام أعينهم ، فإذا لم نجد شيئا – كما هي الحالة الغالبة – اعتذرنا إليه ، وقلنا : نأسف لإزعاجكم ، مساءً ممتعاً " .

 

ويقول الرقيب " جون بروهنز " من فيلادلفيا : " في معظم الحالات ، لا يوجد في الجانب الآخر من الباب سوى عائلة خائفة ، وفي المرات التي تعرض فيها مدنيون غير مسلحين لإطلاق النار وقتلوا في هذه الغارات ، التي تحدث بشكل مستمر ، من المعتاد أن يقوم الجنود باعتقال الناجين بتهم باطلة هي المشاركة بالتمرد " .

 

الجندي " ايدان ديلغادو " ، خدم في الناصرية في قاعدة الإمام علي لمدة عام منذ بداية الغزو الأمريكي ، يقول : " كانت الصورة واضحة جداً ، فتح الجنود الأكياس التي تحوي على جثامين المساجين الذين أطلق الرصاص على رؤوسهم ، وأمسك أحد الجنود ملعقة واقترب بها من رأس أحد القتلى لإخراج جزء من دماغه ، ونظر إلى الكاميرا .. وابتسم " .

 

وتعلق مجلة ذي نيشين : " إن العديد من المقاتلين السابقين عادوا إلى الولايات المتحدة مضطربين بسبب الفرق الشاسع بين واقع الحرب على الأرض ، والطريقة التي تتحدث عنها الحكومة ووسائل الإعلام الأمريكية " نقلاً عن " جرائم رعاة البقر بالعراق .. مجلة ذي نيشين الأمريكية تكسف وبالصور جرائم الحرب الأمريكي " شبكة المنصور ، مؤكد أن جيش رعاة البقر لا ينظر إلى كل هذه الدماء التي تسقط على أراضي المسلمين ، ولا هؤلاء الأسرى الذين يقبعون داخل سجونهم وسجون عملائهم ، ولا الأمهات اللواتي بتنا أرامل ، ولا الأطفال الذين باتوا يتامى ، كانتهاك لحقوق الإنسان ،  فالإنسان المسلم بات مجرد رقم فقط !!

 

أليس من السخرية والاستخفاف أن تتهم الضحية التي تدافع عن نفسها وحقوقها بانتهاك حقوق الإنسان ، ويبقى المحتلون من رعاة البقر مطلقي اليد في انتهاك الحقوق والاعتداء على الحريات واحتلال البلاد ، وقتل المسلمين وأسرهم وتشريدهم ، وترويع الآمنين في بيوتهم .. ولكن بإذن الله ورغم كل أكاذيب رعاة البقر أصحاب شريعة الغاب ، فإن أنوفهم ستمرغ في التراب قريباً على يد المجاهدين وسيخرجون من حيث جاءوا صاغرين ، وإن نهايتهم باتت جد قريبة ، كما وسقطت من قبلهم الإمبراطورية الروسية ومزق شملها شر ممزق ، وهذه الاعتداءات السافرة على المسلمين لن تذهب بدون حساب ، وصراخهم وعويلهم وأكاذيبهم ليست إلا مقدمة لهذه الهزيمة .

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاثنين  / ٢٧ رجــــب ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٠ / تمــوز / ٢٠٠٩ م