زهور المذلّة والهوان على قبورالقتلة الأمريكان

 
 
 

شبكة المنصور

محمد العماري

من التقاليد المتعارف عليها في الزيارات الرسمية لرؤساء الدول والحكومات هو وضع أكليل من الزهور على نصب أو قبر الجندي المجهول. ويتم هذا بطبيعة الحال بين دول مستقلّة وذات السيادة فقط, وليس بين دولة محتلّة خاضعة بالكامل, كالعراق الجديد وحكومته العميلة, الى دولة أخرى تحتلّها وتسيطر فيها على الأرض والسماء والماء وما بينهما. ولا يُسمح لمسؤوليها مهما عظُم شأنهم وكبُرت كروشهم وإرتفعت عمائمهم بالخروج من البلد الاّ باذن ومرافقة وتفتيش قوات الاحتلال الأمريكية التي تتدخّل, فضلا عن ذلك ,في أدقّ تفاصيل حياتهم اليومية.


وعليه فان ما قام به"دولة"رئيس الوزراء العميل نوري المالكي في زيارته الى واشنطن ووضعه أكليل من زهور العار والذلّ على قبور قتلة الشعب العراقي ومغتصبي حرائره وسارقي ثرواته وميتّمي أطفاله, أكثر من أربعة ملايين يتيم حسب آخر إحصائية, هو قمّة النفاق والتملّق ولحس الط... بشكل فاضح ومبتذل. ووصمة عار جديدة سوف تُضاف الى السجل المخزي الطويل لهذا المالكي العميل. والأسوء ما في تصرفه المشين هو أنه قرأ سورة الفاتحة على أرواح هؤلاء الجنود القتلة. ولم نرَه ولو لمرّة واحدة في مقبرة عراقية يقرأ سورة الفاتحة ويترحّم على أرواح شهائنا وضحايانا وهم بالألاف ومعظمهم نساءوأطفال وشيوخ, والذين قُتلوا بلا ذنب على أيد مغول العصرالأمريكان.


بل أن زيارة العميل نوري المالكي الى مقبرة )أرانغتون( لقتلى القوات الأمريكية في العراق يعد خروجا عن الأعراف والتقاليد المتّبعة في العلاقات بين الدول التي تتعامل عادة بالمثل في الحالات المماثلة. فهل سأل العميل المالكي نفسه كم مرّة قام المجرم بوش الصغير أو الرئيس الجديد أوباما أو المسؤولون الأمريكان الكبار, في زياراتهم المتكررة والتي تتم تحت جنح الظلام وبسرّية تامة, بوضع أكليل من الزهور على نصب الجندي العراقي المجهول أو بزيارة مقبرة عراقية من مئات المقابر التي زرعتها ديمقراطيتهم الدموية في أكثر من مدينة وبلدة, أو حتى بزيارة مستشفى لجرحانا الذين يسقطون كلّ يوم بالعشرات نتيجة غريزة القتل من أول نظرة المتأصّلة في الجندي الأمريكي العديم الأخلاق والقيم والمشاعر الانسانية.


وإذا كان الساسة الأمريكان, الذين يعتبرون أنفسهم من ذوي الدم الأزرق, وقواتهم الغازية في العراق يتعاملون مع المواطن العراقي وكأنه هدف مشروع للقتل والابادة لأنهم يرفضهم, وقد أزهقوا حتى هذه اللحظة أرواح أكثر من مليون إنسان بريء وشرّدوا ملايين أخرى, فعلى أي أساس, إن لم يكن التزلّف والاستجداء والنفاق, يقوم رئيس حكومة المنطقة الخضراء بالانحاء أمام قبورأكثر القتلة إجراما وبشاعة في التاريخ؟ لكن"قادة"عراق اليوم يتنافسون على ما يبدو فيما بينهم وبسبل أفضلها الخنوع والمذلّة من أجل كسب رضا أسيادهم الأمريكان والصهاينة, كما يفعل العملاء الطلباني والمالكي والبرزاني, أو دولة الملالي في إيران والتي هي بمثابة القِبلة الأولى والأخيرة بالنسبة لعبد العزيزاللاحكيم ومن لفّ لفّه من عمائم الدجل والتخلّف والحقد الطائفي.


وبما أن هؤلاء جميعا مدركون, رغم كلّ ما قدّموه من خدمات مختلفة بما فيها العهر والفساد بمختلف أنواعه ودرجاته, على أن نهايتهم البائسة تقترب رويدا رويدا, فلم يبقَ أمامهم غير المزيد من الانحناء والركوع على عتبات البيت الأسود في واشنطن والتملّق لساكنه الجديد, الذي يعتبرهم من حثالات وقاذورات مرحلة المجرم بوش الصغير, لعلّه يطيل في أعمارهم السياسية بضعة أشهرأخرى ويتركهم يتمتعون بمفاتن وملذات وترف حياتهم, التي لا تشبه حياة العراقين إطلاقا, في محمية المنطقة الخضراء.


ولعلّ العميل نوري المالكي, باعتباره هوظّف كبير بدرجة رئيس وزراء تابع للسفارة الأمريكية في بغداد, أراد إيهام الشعب الأمريكي الرافض منذ البداية لهذه الحرب العدوانية المكلّفة ماديا وبشريا ومعنويا, بأن الشعب العراقي, ممثلا برئيس حكومته المنتخب"ديمقراطيا" راضٍ عن قوات الاحتلال الأمريكية وما قامت وتقوم به, من مجازر ومذابح وإنتهاكات لم يسلم منها حتى الموتى في قبورهم, منذ أن وطأت حوافرهم القذرة أرض العراق الطاهرة ليكشفوا للعالم أجمع بشاعة وجههم الديمقراطي القبيح وطبيعتهم الاجرامية.


وبالمناسبة, فقد ذكرت وكالات الأنباء اليوم أن وزير دفاع أمريكا روبرت غيتس, طبعا دون سابق إنذار أو علم"دولة"رئيس الوزراء نوري المالكي أو ضخامة "رئيس" العراق جلال الطلباني. وصل فجأةً الى العراق. وقيل إن"دولة" المالكي علم بالخبر عن طريق التلفزيون. وسؤالنا الوجيه هو, هل يقوم وزير دفاع أمريكا برفقة نظيره العراقي مثلا, بوضع أكليل من الزهور على نصب الجندي المجهول في بغداد أو يترحّم على أرواح أكثر من مليون عراقي بريء راحوا ضحية غطرسة وهمجية ودموية أمريكا؟ أم أنهم مجرد أرقام منسية في سجلات الفوضى الخلاّقة؟

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الثلاثاء  / ٠٦ شعبــان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٨ / تمــوز / ٢٠٠٩ م