أل '' جنب إلى جنب '' اللعينة ... في خطاب الملاعين !

 
 
 

شبكة المنصور

الهادي حامد / تونس
ليس ثمة عبارة تهدني هدّا ، وتمرّغ انفي في التراب ، وتجعلني أتقزز ومقبل على القيء أكثر من عبارة " الجنب إلى جنب " في خطاب سياسي فلكلوري ومسرحي و فضائحي!!.   خطاب استغبائي واحتيالي وتضليلي!..خطاب يسكر بعشق المخنثين والشاذين من رسميينا...وكلما يتلبس بهم يدخلهم إلى قبو طلبا لستر العورة وعورة الفعل المشين!!...إن صيغة " جنب إلى جنب " بوشية بالتأكيد... فلا اذكر أن أحدا استعملها قبله أو على الأقل بنفس القدر من الكثافة...يريد هذا المجنون من خلالها أن يظهر بعض الود والحب والعاطفة المتدفقة لأغبياء العرب من العرب الرسميين وغير الرسميين والتابعين للمطبعين والطامعين المرتشين وكل الملاعين أعوذ بالله منهم ومن الشيطان الرجيم..!!.. ايروتيكية التعبير السياسي المسموم يراد لها أن تزيف التاريخ والجغرافيا وان تضع مكانهما تاريخا وجغرافيا بوشيين ، يعكسان حلم الصهاينة و التزام اليمين الأمريكي المتصهين بتحقيقه. المجنون بوش يتجاسر على المس بتاريخ العرب وعلى أحقيتهم بأرض فلسطين التي عاشت مختلف الأديان في رعايتهم وحمايتهم . مثلما أراد أن يفرض علينا صورة مزيفة للبطل صدام تظهره كمجرم وجبان و طماع و جاهل خائن لشعبه وأمته...لكن صدام فضحه ويفضحه ومن تآمر معه أو اتخذه وليا من دون الله كل يوم وفي كل آن. أما تاريخنا وحقنا في فلسطين ، كل فلسطين فهو في الضمائر والصدور...في الكراسات القديمة...في أقفال البيوت المهجورة والتي هجر أهلها قسرا وعدوانا...في مزارع الزيتون...والتلال التي تحمل آثار سنابك خيل صلاح الدين...فلسطين في قسمات الوجوه الكالحة والمرهقة والثابتة على العهد والوعد....في وشم العجائز العربيات...وذكريات أوجاع فلسطين والنكبات...هذا حق غير قابل للقسمة ولا المساومة...اقتلونا جميعا لو قدرتم...أبيدونا فعلى الأقل نستريح من وجع العجز و طول الانتظار...أطلقوا علينا كلابكم إن تبقى لديكم بعضها لم يطلق بعد أو تبقت لبعضها أسنان وأنياب...سيظل العهد والوعد إلى أن يكبر لكم أولادنا أيها الأوغاد الملاعين...!!!

 
حينما يتفاخر من يتفاخر ، بالعدل المزعوم في تعاطيه مع قضية العرب فلسطين ، ينفخ صدره و يكشر عن أنيابه قائلا بان الحل الذي في اعتقاده يفرح العرب و يبهرهم ، رغم مافيه من قسوة على الصهاينة فيما يظن ، هو دولة فلسطينية" جنبا إلى جنب" مع دولة إسرائيل. ماعهدنا هذا العدل من قبل..!!.. ماتوقعناه يوما...!!...هكذا المنصفون يتصرفون!!...وهكذا يوعدون و يجابهون غطرسة المحتل و عناده وجحوده..!!.." جنبا إلى جنب "...مااحلاها عبارة...العرب سيتلذذونها لأنهم أصحاب ذوق وخيال وعاطفتهم " الجنبية " قوية ومتدفقة دوما!!..سنمرر أناملنا على رأس يتيم ونطمئنه " بحذو الجنب للجنب " ، سنكفكف دموع المعوقين و المهجرين منذ 1948 والمعتقلين منذ عشرات السنين ونقول لهم لقد انتهت معاناتكم بفضل الخطة " الجنبية " المحكمة التي تعيد لهم حقوقهم الضائعة..!.. المسئول العربي الرسمي حينما يسمع الوعد " الجنبي " من المسئول الأمريكي تتحرك مشاعر الأنوثة فيه ويتراخى!...يشعر بالحاجة إلى الاتكاء على كتفه..والى العناق على عادة بوتفليقة كلما التقى مسئولا أمريكيا!...الوعد هو انجاز عباس منذ قتل عرفات...وقتل عرفات كان طريقا إلى الوعد البوشي الفذ والشجاع...كلاهما انجازا شجاعا لصالح فلسطين وشعبها المشرد والمذبوح!!..ألا نلاحظ ماذا تفعل السلطة الموعودة بالعلاقة الجوارية " الجنبية " مع إسرائيل..وكل الواعدين والمصدقين للوعد...ذبح المقاومين وسجنهم و تقديمهم أهدافا سهلة مضمونة الوصول للعدو وميليشياته الأمنية !!..باسم الوطنية ووفاءا لبوش ولماما أمريكا وشالومها!!..بلا حياء ولا أسف ولا خجل ولا أمل في صحوة الصاحي وفي الحساب!!..خربوا قضيتكم. اقتلوا شعبكم. أبيدوا مقاومته. تكونوا جديرين بالجوار " الجنبي " الموعود!!..وبالرئاسة مدى الحياة و بالأموال وبالحضور في الحفلات و المحافل الدولية حيث العدل أكواما بلا حساب لمن له قضية يبغي تصفيتها !!..في علاقة بهذا الوعد ، وبالحلف الذي تحدثت عنه في مقالي الأخير (الحلف الجديد...خدعة صهيونية جديدة ) ، وبالمطلوب أمريكيا وإسرائيليا زار عباس إقليم كردستان ، وتحادث مع مسعود...الذي له شان لدى الصهاينة وهو عضو في نادي الأصدقاء.فعلا ، الطيور على أشكالها تقع!! والشبيه يحن إلى شبيهه!!

 
لو نعود قليلا إلى الوراء ،إلى زمن النظام الوطني في العراق ، حيث كان الشعب العراقي يتعرض لأقسى حصار سياسي واقتصادي وعلمي والى القذف بالفولاذ...بما لا عهد للتاريخ البشري به.كيف كان الشهيد صدام يعامل عوائل شهداء فلسطين..؟؟!!..والثابت كما تعرفون أن الأمريكان قد سألوه عن هذا في تحقيقهم معه خلال الاعتقال..!..هل كان يرسل لهم رسائل تهديد حتى يرفع عن شعبه الحصار مثلا..؟؟..هل كان يوظف حركة التحرير العربية للوشاية بالمجاهدين إلى المحتل..حتى يكسب وراء ذلك...وهو في أمس الحاجة إلى الكسب..؟؟!!..في رسائله خلال المقاومة ، وبعدها ،في قاعة المحكمة ، الم يكن يرسل التحايا إلى الشعب الفلسطيني مذكرا بعروبته وبعدالة قضيته ومشروعية النضال الفلسطيني والقومي لأجلها..؟؟!!..أليس موقفه العقائدي الذي لا يلين تجاه فلسطين هو من الأسباب التي أدارت حول رقبته الحبل!! اذكر أني شاهدته مرة ، خلال الحصار، يتجول في معرض لأعمال فنية فيما اذكر ، مسك بالمصحف وفتحه وحيثما فتحه قرأ منه وقبله ووضعه على جبينه ثم وضعه والتفت جهة فلسطين وطلب الله أن يمكنه من شرف المشاركة في تحريرها..!!..هذا مسئول عربي رسمي ، ولكنه ابن الشعب أولا وأساسا ، في أبهى صور الانتماء ، ابسطها وأنقاها.فما الذي يمنع المسئول العربي من أن يتصرف باعتباره ابن الشعب..؟؟!!..إنها التربية والعقيدة و الأصل وميزات شخصية خاصة لا تكتسب ولا تلقن!...بعد كل ذلك ، وبعد تضحيات الكثيرين من أبناء الأمة الخلّص...يأتي عباس إلى اقليم كردستان!!..اعترافا بالكيان الكردي الانفصالي ، وبحثا عن تمتين الوصل مع الأمريكان والصهاينة ، وتطليقا للقوى المجاهدة بلا رجعة..!!..وهو الذي كرر عبارة " الجنب إلى جنب" مليون مرة  معتقدا أنها مفتاح فتح القدس والمقدسات و كلمة السر إلى التحرير!!..متماهيا مع النظام المصري ، أبو" الواقعية " و السلام على الطريقة الشارونية الشاذة!..النظام الذي لايكفيه تخريب مصر والحكم على شعبها بالسّكن في المقابر ، بل عمل ويعمل ليلا نهارا على تخريب قضية فلسطين واحلامنا القومية كافة في اكبر عملية إجرام سياسي يتعرض لها الشعب العربي في ظله ومن قبله.

 
حينما تفتك من جيبي مبلغ مائة دينار. ماهو العدل هنا..؟؟...هل العدل في أن نتقاسم المبلغ..؟؟..أو أن تأخذ مادون النصف وتعيد لي أكثره..؟؟..كيف يصبح الغاصب أو السارق أو الناهب أو المعتدي أو الغازي صاحب حق في مااخذه عنوة وعلى غير وجه حق ؟؟!!..إسرائيل اليوم ترفض العودة إلى حدود 67...ترفض اخذ النصف أو مادونه..يعني أنها تريد الاحتفاظ بمااخذت. هذا هو العدل في منظورها. طالما أن الرسميين ارتضوا أن يدخلوا معها في لعبة اقتسام الحق.مابها امة العرب لا تحاسب رموز القضاء غير العادل في قضيتها..؟؟..مابها تسلم أمرها للمتآمرين والتجار والسماسرة ولكل من هب ودب..؟؟!!!..أهي امة ميتة لهذا الحد!...امة عريقة ومجيدة ومعطاءة لاتجد إعلاما منصفا لقضاياها في مؤسساتها الإعلامية التي تتوالد كل يوم وكل ثانية!!..حتى " الجزيرة " أصبحت تتلون كالحرباء وتركت الميدان وقيم الإنصاف وصارت بوقا للمتآمرين...ويكفي أن نتأمل تعاطيها مع قضية العراق حتى يخيب أملنا فيها!!..أما أبواق المجرمين ، عباس ومبارك والملك الصغير والملك الكبير وصبيانهم وعلانا وفلانا وفلن الثاني و الشيخ الأول والثاني و... فحدث ولا حرج!!. هنا أدعو المؤسسات الإعلامية العربية إلى الكف نهائيا عن التعاطي مع معجم المتآمرين والتجار السياسيين. الكف عن الخطاب الايروتيكي التبشيري ، الخطاب التآمري والتضليلي. الكف تحديدا عن استعمال تعبير " جنب إلى جنب "...لأنه فارغ وبالوني ويحشو العقول بالسموم التي شاء الأعداء أن ينشروها في كل مكان وفي عقل كل عربي. نريد أن يرسخ إعلامنا حقوق شعب فلسطين المهدورة ، حق الحرية ، حق العودة ، حق المقاومة ،....ونهمس في أذان الرسميين العرب ، بان ترديد الوعد " بالجوار الجنبي " مع العدو...لا يزيدهم إلا احتقارا في أعين الشعب العربي ، ولا يزيدهم إلا ذلا و تفاهة ورخصا في أعين أسيادهم الصهاينة والأمريكان. وان" واقعيتهم" تجعلهم في الدرك الأسفل في الدنيا والآخرة ، فيخسرون رضا الله والشعب ولا يسجلهم التاريخ إلا كسماسرة فاشلون!..أدعو مقاومة فلسطين أن لاترحم من لا يرحمها. وان تسحق من يتآمر عليها ويعمل جهرا وصراحة لفائدة العدو. وان تصمد وهذا انجاز في حد ذاته. كيف تنتصر مقاومة العراق وهي تواجه كوكبة من الأعداء لايحصى لهم عددا بسلاح حرب النجوم والأقمار الصناعية. في حين تغرق مقاومة فلسطين في وحل الشاب حسني وقتلة عرفات وعشاق كوندا رايس وليفني، رغم أن مقارنة الإمكانيات والظروف لصالحها؟!!

 
إن قضية فلسطين مقبلة على مرحلة جديدة من المماطلة والإسفاف والتمويه.فالسماسرة سيحتفلون باوباما على طريقتهم. وسيحتفل به نتن ياهو على طريقة مغايرة. هم يفرشون السجاد وهو يضرب برجله على الأرض!..وقبل أن يتكلم هذا النتن سيتكلمون عن قصة الجنب إلى جنب و " يناضلون " من اجل إحيائها!..سيدرس اوباما وجه الخلاف...ويأخذ وقته..ويصرح بان قدر " الشعبين الجارين هو العيش جنبا إلى جنب " حينها سيطل علينا مناضلونا مرددين : " لقد انتصرنا!! ". ويتواصل هذا الخطاب الايروتيكي ويتناسل ، إلى أن تتغير أسماء وتظهر أسماء ، ورحلة جديدة مع الخطاب " الجنبي " القديم الجديد!!.أو ربما يفكر " المناضلون " في تقسيم جديد لفلسطين إلى ثلاثة دول : دولة في غزة ، دولة في رام الله وأخرى إسرائيل.فإسرائيل حلفت يمين بان تقسم كل قطر عربي حيوي إلى ثلاثة دول!!..ومن حلف يجب جبر خاطره!!..في هذه الحالة ، فحيثما التفتت إسرائيل ، وعلى أي جنب تنام ستجد مصدرا للمتعة...وعطاءا عربيا في زمن العطاء العربي.. من غير حساب!!.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الثلاثاء  / ٠٧ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٢ / حزيران / ٢٠٠٩ م