شعب الاحواز ... قضية عربية منسية !!

 
 
 

شبكة المنصور

الهادي حامد / تونس
السواد الأعظم من الشعب العربي ومن مثقفيه وسياسييه وقادة الرأي فيه لا يعرفون شيئا عن القضية الاحوازية ، وعن هذا الجزء من امتنا العربية المسلمة المبتلية ببلاء عظيم، في كيانها وحريتها ودينها ومستقبل أجيالها وحقها الطبيعي في الحياة.بل كثير من هؤلاء لا يسمعون بالاحواز أو لم يسمعوا بها إلا مؤخرا مثل كاتب النص، فالتعاطي مع قضية شعبنا في العراق هو الذي وفر لي فرصة الاطلاع على القضية الاحوازية وان كنت اعلم بوجود عربي تحت الهيمنة الفارسية، دون معطيات كافية وواضحة ومؤطرة تاريخيا على الأقل.


الاحواز( عربستان/عيلام/سوزيانا) هي ارض عربية يقيم عليها مايقارب خمسة مليون عربي، أي مايفوق مجموع عدد مواطني الكثير من الإمارات أو الدويلات العربية مجتمعة. فتحها القائد العربي أبو موسى الأشعري سنة 637م، احتلها المغول بعد الإطاحة بالخلافة العباسية في بغداد سنة 1258م...ثم احتلت عاصمتها الحويجة على يد شاه إسماعيل ألصفوي سنة 1509م...اثر اكتشاف النفط سنة 1908م، بدأت عربستان تتمتع بجاذبية اقتصادية ملفتة شجعت الانجليز على التقارب مع أميرها خزعل الذي منّت عليه بأوسمة وبألقاب عديدة...لكن مع حصول الثورة البلشفية في روسيا القيصرية سنة 1917م مالت بريطانيا إلى تقوية إيران الفارسية ضد المد الشيوعي المتوقع وسهلت ضم الإمارة العربية إلى الفرس...علما وان الإمارة تعرضت في20 ابريل 1925م إلى اجتياح فارسي قضى على حكم الشيخ خزعل الكعبي، وانطلقت عملية فسخ المعالم العربية للإمارة وزرع المستوطنات الفارسية ومحاولة التصرف على المستوى الديمغرافي تماما مثلما يفعل الصهاينة اليوم ومن قبل فيما يتعلق بتهويد القدس والإمساك بالورقة الديمغرافية على أمل أن تغيّر المعادلة لصالح نواياهم وأحلامهم الشّريرة.

 
حينما نتأمل التركيبة الاجتماعية القبلية للشعب العربي الاحوازي نخال أنفسنا نتحدث عن العراق أو عن الحجاز...وهذا يعود إلى كون تاريخ شعب الاحواز متفاعل مع التاريخ العربي عموما وتاريخ المنطقة (شرق الوطن العربي)خصوصا،فنجد قبيلة بني كعب ، بني ربيعة ،كثير ،بني تميم...وفي مشاهد بثتها قناة الجزيرة مؤخرا بمناسبة الانتخابات الرئاسية الإيرانية نلاحظ بسهولة ووضوح أن مجلس الضيافة يشبه إلى حد بعيد ، بل يكاد هو نفسه ، مجلس الضيافة في العراق من حيث شكل الجلوس ونمط الحركة في الفضاء بل وتأثيث الفضاء نفسه...فعلا...الاحواز جزء من امتنا...وهو ماتؤكده مواثيق قواه السياسية، إذ نجد على سبيل المثال ، في المادة 6 من إستراتيجية الحزب الديمقراطي الاحوازي، المحور2 مايلي : {المحور العربي :لا يجوز إهماله أو تجاهله بأي شكل من الأشكال، باعتبار أن الاحواز جزء لا يتجزأ من الوطن العربي }..انتهى الاقتباس...بل إننا نجد ضمن القوى الممضية على اتفاقية 14بين القوى السياسية الاحوازية تحقيقا للوحدة الوطنية ووحدة التمثيل السياسي للشعب العربي الاحوازي فصيل سياسي مقاوم يسمى : " الاتحاد الناصري الاحوازي " من ضمن 7 قوى أخرى.

 

أما من حيث الأهمية الاقتصادية للاحواز (عربستان ) فتكفي الإشارة إلى كونها تملك مع بداية الحرب العالمية الأولى مايفوق 200بئر نفطي، وأنها اليوم تنتج مايقارب 4 مليون برميل يوميا و ثلث إنتاج الدولة الفارسية من الحبوب وربع إنتاجها من الأرز...لهذا ولأسباب أخرى سياسية وإستراتيجية وربما طائفية تصر إيران الفارسية على تأبيد احتلالها للاحواز وتحويلها إلى محافظة فارسية أبدية لكن من الدرجة الثانية، رغم كونها تتمتع بمواصفات غير فارسية في مستوى لغتها وقيمها وتاريخها و عقيدتها الدينية وحتى في مستوى موقعها الجغرافي من جهة كونها امتداد للهلال الخصيب الذي يمتد من فلسطين وينتهي إليها مرورا بسوريا ولبنان. فإيران الفارسية لم تكتفي بالنشاط الاستيطاني منذ 1925م والى اليوم، ولا إعدام المناضلين الاحوازيين والنشطاء السياسيين في مذابح تحصل في الظلام وفي غفلة من العالم، بل عمدت إلى تغيير أسماء المدن الاحوازية ، فقنطرة القلعة أسمتها "دزفول "، الخفاجية أسمتها "سوسنكرد" ، الصالحية أسمتها "اندمشك" ، الحميدية أسمتها "فرح آباد " والخزعلية "خزعل آباد "، ولقد بات واضحا اليوم أن الصهيونية العالمية ومؤسستها الكبرى أمريكا لا همّ لهما إلا التّحوط من نهضة عربية شاملة وكاملة وفاعلة.لذلك فانه من الأفضل لهما أن تبقى الاحواز تحت الاحتلال الفارسي ، كورقة احتياطية للتعامل مع الفرس على المستوى الإقليمي، بدل أن تعود إلى الحضن العربي وتتمكن من استقلالها وتصبح ثرواتها خارج السيطرة في مستوى رهاناتها البعيدة المحتملة.انه مثلما تصر هذه القوى على تخريب العراق و محاولة إخصاء قدرته على النهوض بتسريب تقاليد جديدة يرتكز عليها نسيجه الاجتماعي،والعبث بقضية فلسطين حيث فرضوا على السّاقطين مناقشة باطلة من أساسها تتعلق بدولة منزوعة السيادة(!!!!!)، يصرّون على فرض حصار على قضية الاحواز وعلى المظالم القاسيةالتي تلحق يوميا بالشعب الاحوازي ، بحيث يظل الطرف الفارسي يلعب بهذا الشعب العربي الأبي والمناضل كما يلعب القط الشبعان بالفار بدافع غريزة النيل من فصيلة الفئران ايماكانت وكيفما كان الحال....هكذا نحن في زمن الهوان العربي..والعدل الأمريكي البوشي الذي باركته السماء...في زمن الصلف الصهيوني والتكتيكات الفارسية الحربائية المخادعة والمضللة...نحن فئران طالما لا نمسك بمقود التاريخ...وعلى عتبات أبوابنا ترقد القطط في انتظار من يخرج عن الصف وعن النمط ويرفع بندقية.


من اجل صدى أوسع لقضية شعبنا الاحوازي المناضل ، أدعو قواه السياسية إلى فتح عربي جديد. إلى إنشاء توأمات مع قوى وأحزاب سياسية في الساحة العربية بمايمكنها من التحسيس بقضية شعبها وتشريك المواطن العربي والمثقف على وجه الخصوص في همهم ونضالهم وتطلعاتهم إلى الحرية والاستقلال...أما طريق الحكومات فهو لا يؤدي إلا إلى طنب الكبرى وطنب الصغرى!!...

 

حيث يمنع التدخل في الشؤون الداخلية للشعب الإيراني الفارسي الشقيق!!.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاثنين  / ٢٠ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٥ / حزيران / ٢٠٠٩ م