مقاومة المقاومة ... الرهانات الخاسرة !

 
 
 

شبكة المنصور

الهادي حامد / تونس
إن الاستعمار الحديث سواء في شكله العسكري أو الثقافي أو السياسي أو الاقتصادي أو العلمي يكون دائما تتويجا لتسلسل عنقودي ومركب لترتيبات قصدية أو لاشتراطات تاريخية باعتباره مغايرا في قوانينه لقوانين ظواهر الطبيعة.لا تمليه ردود أفعال بل استراتيجيات.لا يوجهه أفراد مهماكانت درجة كاريزماتيتهم بل مؤسسات.لكنه أضحى اقل تأثيرا في مسار حركة التاريخ بحكم توفر إمكانيات المقاومة وتوفر بنى اجتماعية رافضة تأبى الانصهار في بناه وهياكله. فماعدنا نرى شعوبا تباد كما كان في السابق ولا أمما تزول من الوجود. كما لم نعد نرى مستعمرين ينجحون في تغيير الخارطة مهماكانت درجة قوة وبأس وشدة الفعل الاستعماري وبقدر الإمكانيات التي قد توفر له.وهي فروقات دقيقة قد تميزه عن الاستعمار القديم، على أن المبحث طويل عريض وعميق من الناحية الأكاديمية.


هذه الخصوصيات نلمسها في الحالة الاستعمارية الحية والجارية اليوم في العراق. فقد خطط لها المستعمر الأمريكي ومن ورائه الصهيونية العالمية منذ سبعينات القرن الماضي.إذ تم التضييق عليه اقتصاديا بعد خيبة الفرس في حرب الثماني سنوات. مرورا بالحصار الذي حرص عليه الرسميين العرب وشاركوا فيه بحماسة وتفاني منقطع النظير وانتهاءا بالغزو العسكري الذي دمر الحياة على الأرض تدميرا شاملا وحاقدا وفولاذيا سالت فيه دماء العراقيين انهارا ولا تزال. كما لا يزال الطرف العربي الرسمي يعتبر الهجمة الشيطانية الفولاذية تحريرا للعراق ...من أهله !.وأنبه إلى أن هذا الجرد للمسار العدواني السابق للعدوان في شكله المباشر لا يعبر إلا قليلا جدا عن حقيقته العنقودية والمركبة وعن خفاياه وتمفصلاته الصغرى والمتوسطة. إنما أردنا التوضيح بان استعمار العراق لا علاقة له بأسلوب التعامل العراقي مع المفتشين عن الأسلحة أو بشكوك حقيقية-كما تبدو للواهمين-إزاء تورط حكومة العراق في أحداث الحادي عشر من سبتمبر ولا بمزاج المجرم بوش أيضا.إن الغزو حملة عسكرية جرى التخطيط لها على مهل وشارك فيها من شارك وتعاون فيها من تعاون وتخابر على العراق ، إنجاحا لها، من تخابر....أما طرح المفكر السياسي والمناضل الكبير....صاحب الباع الطويل في النضال ضد الاستعمار....زعيمنا وحادي ركبنا السيد محمد حسني مبارك...الذي يقول فيه مامعناه وبشكل ضمني أن  صدام يريد من يصفق له لذلك فليتحمل مسؤوليته...فإننا لا نستطيع مجادلته فيه بحكم افتقادنا إلى العمق الذي يحتاجه جدال هكذا عباقرة ! وهكذا أسماء !.


لما أرادت ايطاليا غزو ليبيا  لم ترسل مفتشين عن أسلحة الدمار الشامل بل أرسلت سنة 1910 بعثة علمية أثرية برئاسة الكونت " سفورزا " لإجراء حفريات أثرية ولكنها كانت في واقع الأمر تقوم بمسح الأراضي الليبية وتصميم خرائط دقيقة يحتاجها العمل العسكري المرتقب والقادم. كما عملت على تحييد العثمانيين وأرسلت لهم تحذيرا بعدم التعرض لها طالبة ردا في ظرف24ساعة.وأمضت اتفاقية مع فرنسا لتقاسم النفوذ على مستعمرات المغرب العربي. ويحظرني هنا الترتيب الذي قامت به أمريكا ومن ورائها الصهيونية حيث نجحت في شق الصف العربي وعسكرة الجيوش العربية في جزيرة العرب لكسر اذرع العراق العظيم. ولا تزال سوريا تنتظر ثمن تلك الفعلة المشينة ولا تزال تحلم بموقف أمريكي منصف لحقها في الجولان...لقاء ارتدائها جبة المحررين " للكويت " /الإمارة العراقية آنذاك....دون التغافل عما بذلته بعد الاستفادة من هذا الدرس المرّ في تعطيل الغزو الأخير وسحب المشروعية عنه لكن استنادا لحسابات جيوسياسية ولحساسية القضية في الشارع العربي وليس استحضارا للمبادئ المترتبة عن وحدة الانتماء .أمريكا أيضا قدمت الدولة العراقية بصورة معاكسة تماما للواقع أو أنها خلعت جبتها وألبستها لها حتى لتبدو دولة عدوانية ، ذات طموحات توسعية وميول نازية. وأنها الخطر القادم الذي سيعصف بجميع دويلات/مستعمرات الخليج. ويذكر التاريخ كيف أنها كانت تقدم لآل سعود صور مزورة للأقمار الصناعية ترصد حشود" صدام" على الحدود لإخافتهم وابتزازهم لأنها تعلم معدنهم وحدود ثقافتهم ووطنيتهم.فتهافتت الفتاوى التي تنزع عن الشهيد البطل ، ابن العرب المخلص، الانتماء للإسلام وتشترط عليه  "الكفر بالبعثية" ثم الدخول إلى الإسلام !!...وكان ايديولوجية البعث بعث للأصنام والديانات الوثنية دون أن ينتبهوا إلى شعار العلم العراقي وما خطه صدام بيده عليه !...بل وكان الإسلام هو مولاة أمريكا والصهيونية والسير ضمن حشودهم الصليبية الحاقدة.. !!..كل هذا عملت أمريكا من ورائه إلى تجريد مقاومة دولة العراق وشعبه وجيشه من الدعم العربي والإسلامي وحتى يكون المسرح مهيئا للجريمة التي نشهد إيقاعها اليوم أمام أعيننا ! وحتى تظهرنفسها في مظهر المسيح المخلص !.


لقد وعدت ايطاليا الفاشية شعبنا في ليبيا بتوفير الأمن والرعاية والتعليم لأبنائه من خلال مناشير باللغة العربية وضمن سياق استقطابي وإغوائي واحتيالي لكنها سرعان ماكشفت عن وجهها الاستعماري البغيض إذ قتلت من أهلنا 7آلاف مواطن ونفت نحو ألفين في ظرف 3ايام. وأبادت أهل المنشية على بكرة أبيهم وأطلقت طيرانها الحربي ومزنجراتها في الصحراء لتتبع القبائل والمجاهدين. تماما كما فعلت أمريكا في العراق العظيم وفي شعبنا العراقي العظيم. فقد أدخلت إلى الميدان منذ الأيام الأولى للغزو قنابل ال900رطل التي تصهر الحديد، أي مضادة للفولاذ !وأطلقت زهاء 2000طائرة في سماء العراق لاصطياد الإبل والإنسان والخيام فما سلم من حقدها وجريمتها الكبرى انهار العراق ولا نخيله وبساتينه.. فكيف بالبشر..؟؟ !!...لكن إذا كان شعبنا في ليبيا رغم فقره وقلة تعليمه وبدائية وسائل عيشه، ورغم انه شعب الصحراء ويسكن العراء في مواجهة القذائف والرمي من السماء قد صبر وقاوم وطاول وقدم الدم الذي تحتاجه الحرية والخلود، فان شعب العراق اكبر قدرة على الصبر والمقاومة والمطاولة، واكبر قدرة على أن يحفر لدمائه مجاري تخلد قصة جهاده وتقدمها سحرا و فنا وأساطير للأجيال الإنسانية القادمة.


لقد هيأت أمريكا ومن ورائها الصهيونية العالمية نفسها مبكرا لغزو العراق والى كسر جناح الأمة العربية التي كان من المأمول أن تحلق به عاليا، حيث جمعت عملاء أجهزتها المخابراتية والأمنية وبالتعاون مع الأجهزة المخابراتية العميلة لها في وطننا العربي، وكونت بهم هيكلا حركيا قادرا على أن يظهر في مظهر رسمي باعتبارهم " قادة " أو" محررين" للعراق...ولما كان المحتل متحسبا لمقاومة الشعب له، فقد كان هذا الهيكل الاصطناعي قاعدته في مقاومة المقاومة. وبإمكاننا هنا أن نعرض لبعض مفاصل مواجهة المحتلين للمقاومة العراقية:


-1-إضافة للتكتيكات الحربية في شقها العسكري والإعلامي، فانه بإمكاننا اعتبار تحطيم تمثال الشهيد صدام حسين في ساحة الفردوس وإطلاق أيادي المأجورين لنهب مقتنيات المؤسسات والفضاءات العامة والرسمية تحت كاميرات الإعلام المرئي العالمي خطوة تتنزل في السياق الذي نحن يصدده. فالرسالة الغبية التي أوحى بها هذا المشهد السخيف هو أن " صدام " انتهى وان كل من يؤمن بوجود النظام كشرط لمواصلة القتال بإمكانه أن يلقي سلاحه. وكان الشهيد- على عظمته - فوق العراق أو انه القضية التي تصفى وتنتهي بانتهائه وبانتهاء النظام. وهي رسالة غبية باعتبار أن الأمريكان وعملاؤهم ومؤجوريهم لا يعرفون أن أي عراقي يعرف ماقاله أبو بكر الصديق عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وحدوث حالة الإرباك المشهودة. هذا فضلا عن كون عقيدة المقاتل العراقي هي العراق والأمة  الذين لا يختزلهما أي تمثال  أيا كان مدى رمزيته وعمقها. هذا إذا أضفنا بان الرجل الذي حطموا تمثاله كان يقاتلهم في مكان آخر وقتذاك وكان مع أبناء شعبه المخلصين في الميدان، متمسكين بالرسالة نفسها التي اقسموا عليها اليمين ووضعوها في سويداء القلب وفي مهجة الروح.


-2-تقديم " مجلس الحكم " كهيكل " عراقي وطني مستقل " وذلك لإبعاد شبهة العمالة عن عملاء المخابرات الأمريكية الذين جيء بهم كدمى لاحتلال العراق والاحتيال من خلالهم على العراقيين. وإظهار دور المندوب الأمريكي السامي جارنر كدور استشاري في إعادة صياغة الدولة العراقية ومؤسساتها وهي رسالة موجهة إلى البسطاء من إتباع العمامة السوداء...لكن عمالة هؤلاء لا تبددها قولة الزيباري الشهيرة في الأيام الأولى من وضعه في الوزارة والتي ضلت قناة الجزيرة تمررها في لقطة دعائية ثم تخلت عنها !...عمالة هؤلاء لاتحتاج إلى دليل..


-3-الدعاية الضخمة التي وجهت للشعب العراقي ولفئاته الفقيرة –خصوصا بعد سنوات الحصار المرير-بان أمريكا ودول التحالف ستقدم أموالا وتنشئ مؤسسات خدمية وتلبي احتياجات الشعب التموينية وتحل مشكلة البطالة ويعم الرخاء بعد عهود " كان خلالها العرب السنة هم المستأثرون بخيرات العراق" والملاحظ أن هذه الدعاية تورطت فعلا في خطاب يوتوبي حالم واحتيالي، بحيث انقلب سحرها على الساحر بعد أن وقف الشعب على السرقات والصفقات والنهب الطائفي ...وعلى الحيلة بتفاصيلها ...فما كان منتظرا منه أن يحبط المسعى الاستقطابي للمقاومة في علاقة بشعبها صار احد ركائزه !!.


-4-الطائفية والتي لم يكن منتظرا منها تخريب  الفعل المقاوم ووضع حواجز أمامه وتناقضات قد يعجز عن حلها بين دوائر الانتماء والولاء بل يراد منها شل قدرة العراق على النهوض نهائيا وتجزئته إلى ثلاث دويلات أو إمارات كإمارات الخليج ودويلاته، بحيث تغرق في صراعات الحدود وتقسيم الثروة وتنازع السيادة وتباين الأحلاف والتوجهات السياسية والتنافس...وتنتهي إلى الأبد بلاد الرافدين فتصبح الأمجاد... وعلاقة الانتماء لأمة العرب نسيا منسيا...كما يصبح الفرس من جهة وإسرائيل من جهة أخرى وربما آل سعود أو آل مبارك في الوسط والجناح الأمريكي يغطي الجميع واليه يدفع الجميع الخراج في عصر اصطناع الدول والسيادة وفي عصر الحق في امتلاك دول !!!....ونحن نرى فرنسا في عهد زير النساء ساركوزي أخذت جزيرة في جزر القمر العربية وقالت هذه لي...بينما براقص ملوكنا الأشاوس المعتوه بوش ويعانقون كوندا رايس  والست ليفني بلهفة المرضى النفسانيين.. !!..و ضمن سياق عنصر الطائفية في إستراتيجية مقاومة المقاومة العراقية نشير إلى كونه يمكن بل يضمن للعدو الأمريكي المساعدة من الفرس على تخريب البنية الأساسية الاجتماعية للمقاومة. وإجبار العوائل العراقية الأصيلة والمتجذرة في العمق النضالي للعراق على الانشغال بتامين نفسها وان تطلب ذلك الهجرة داخل البلد أو خارجه ! إضافة لتصفية الكثير من الكفاءات العراقية التي تشكل رافعة نهوض العراق من جديد.هذا فضلا عن تصدير هذه النزعة إلى المجتمع العربي عموما وإحداث استقطاب طائفي يلهي الشعب العربي عن إسناد الفعل المقاوم ويورط مثقفيه في جدالات ماكان عليها أن تطرح تنصب حول أبي بكر وعمر وعائشة وعلي...ويؤثث مدخلا لأعداء المقاومة في محاولة لإلصاق شبهة الطائفية بها ونزع تمثيليتها لشعب العراق بكافة طوائفه وأعراقه....وأشير إلى كون شعب العراق بعد أن وضع ساقا في الوحل الطائفي...هاهو يعود إلى معدنه الحقيقي و يحسم في الطائفيين أيما كانت طوائفهم رغم أن هذه الورقة الأمريكية لازالت ورقة رئيسية في صراع العدو مع المقاومة.


-5-لعبة محاكمة القيادة ورجال الدولة والحزب، وهي ورقة أمريكية تزعم من خلالها أمريكا أنها دولة حقوقية وبعيدة كل البعد هن نزعة الظلم والحقد والتصفيات الخارجة عن القانون.كما تريد أن تلحق الاهانة بالشرفاء الأبطال وتبدد رصيدهم المعنوي وكاريزمائيتهم التي  تكونت في سوح الجهاد وبالعلم والثقافة . لكن الثبات الذي تحلى به هؤلاء والإيمان العميق الذي امتلأت به صدورهم وما ظهروا عليه من عزم الرجال حولهم إلى أغنية حزينة في هذا العصر الحزين والى أبطال لو لم نعش شجاعتهم ماكنا سنصدق حكي الذين عاصروهم عنها !...أما عن العدالة فهي ذاتها التي سجنت الصحفي البطل الزيدي، فلوكان الرجم الحذائي الذي قام به قام به أمريكي غاضب عن رئيسه المجنون واحتجاجا على جرائمه لرأيناه طليقا ومن المشاهير الذي لايكاد يفرغ من مقابلة صحفية حتى ينطلق في أخرى !..عدالة عصابات مقتدى البغل وفيلق الغدر...عدالة اغتصاب العراقيات الماجدات في سجون حكام" العراق الجديد"...عدالة مذابح غزة وأدمغة الأطفال المتناثرة...عدالة الصهاينة هي التي حاكمت أبطالنا في العراق وشنقتهم...وكثير منهم نفذت فيهم حكم المثقب الكهربائي أو حكم الساطور !!..هذا السحر أيضا انقلب على الساحر،فقد نجح قادة العراق ورجالاته في اختبار صعب جدا جدا، نجاحا لايوصف ولا تقدر لغتي على قوله، فأصبحوا شهداء بفضل الله ومنارات مضيئة للفعل المقاوم المستمر حتى النصر باذنه تعالى.


-6-مسرحية الانتخابات والسيادة والشرعية والديمقراطية والتي تريد من ورائها أمريكا وحلفائها ومساندوها في احتلال العراق بمافيهم الفرس والرسميين العرب الإيحاء بان هذا الشعب هو شعب حر وبأنه يبني مستقبله ويتفاعل مع بعضه البعض ضمن حراك جديد عليه وجدير به...لكن المنصفين والعارفين يدركون...وشعب العراق يدرك ...أنها شعارات وعناوين مرحلة في عمر الاحتلال. لاشيء فيها حقيقيا وأصيلا ويصب في مصلحة البلد. فمن غير المعقول ولا المنطقي أن تأتي أمريكا غازية من وراء البحار وقد صرفت في سبيل هذا الغزو بلايين الدولارات وآلافا من جنودها بين قتيل وجريح من اجل أن يمارس الشعب العراقي الديمقراطية !!..هذا الكلام لايصدقه المجانين  أو الأطفال حتى !.وقد تبين أن هذا الهذيان لم يؤثر على الفعل المقاوم ولا على إستراتيجيته في التحرير، بل خلق حالة اظافية من النقمة على المحتل وعملائه.


-7-ظاهرة الصحوات والتي تشكل الاختراق الأخطر والأقسى للمقاومة العراقية، بحيث تم تشكيل فرق (ليس بالمفهوم العسكري للفرقة) بحسب الاقضية أو الأحياء أو المحافظات مرتبطة تنظيميا بالأمريكان مباشرة مهمتها المعلنة محاربة تنظيم القاعدة والخفية تصفية المقاومين أو الوشاية بهم والتنكيل بعوائلهم وأقاربهم والتضييق على نشاطهم دعائيا/ تعبويا وعسكريا.لكن المقاومة تحلت بالصبر والحكمة في مواجهتها وكان لابد أن تصحو هذه الصحوات من وحل العمالة والإجرام في حق بلدها ومستقبل شعبها خصوصا بعد أن ارتكبت العمامة السوداء الحاكمة سلسلة من الأخطاء القاتلة في التعامل مع عناصرها. وأدعو في هذه المناسبة بقاياها الباقية إلى الإسراع في اللحاق بالركب المظفر وإعلان التوبة وتوجيه البندقية نحو صدور العلوج الحمر وحماتهم وخدمهم قبل فوات الأوان.


-8-التصريحات التكتيكية والبالونية التي تطلقها العمامة السوداء الحاكمة مثلما صدر عن السيد الرئيس، عاشق الويسكي والممسك بسبحة التقوى، جلال الطلباني وأيضا عن المملوك المالكي حول استضافة بابا الفاتيكان وكان العراق صار" جديدا بالفعل" وكأنهم " رؤساء ورؤساء وزارة بالفعل"..أو كان البلد تحرر فعلا من الاحتلال واستعاد سيادته.. !!..وهي الرسالة الخاطئة والمضللة والمخادعة ، الموجهة إلى المراقبين والى قوى الداخل وخصوصا إلى المقاومين. إضافة لتصريح غادر الشهيد صدام والممضي على شنقه بسعي " العراق الجديد " إلى امتلاك التكنولوجيا النووية السلمية والحال انه لايستطيع أن يتخلص من الكلاب السائبة أو من جرذان المزارع !!..والغرض من هكذا هذيان هو التظاهر بان البلد يعيش ربيع أيامه ومن ثمة لاموجب للمقاومة لأنها ستصبح عندئذ تخريبا وتعطيلا لنسق التنمية الهائل الذي يشهده !!..ونذكر كما يذكر الجميع من المتابعين تصريح لطلباني بأنه يبغي مغادرة " القيادة " لكن الآلاف من الشعب العراقي متمسكون به، ولا اختلاف على الإطلاق بأنه قدم هذا التصريح  وهو في غمرة الانتشاء بالهدايا الزجاجية لأصدقائه محرري العراق...من أهله !!. ضمن هذا الإطار تتنزل أيضا استضافة المملوك المالكي في القمة العربية الأخيرة ومستوى التجاوب الذي أبداه الحكام العرب مع جرذ وسخ وعميل مخابراتي حقير مثله. ولا عجب...فالعمالة ليست جريمة في عرف هؤلاء جميعا !!..


-9-التعاطي مع اتفاقية الإذلال ومع الانسحاب الأمريكي المرتقب من المدن العراقية، فقد لاحظنا في الأيام القليلة الماضية أن العميل المالكي يصرح بان هذا الأمر يعد " نصرا عظيما للشعب العراقي" وأشير إلى أن هذا التصريح هو مااوحى لي بكتابة هذا المقال، لأني رأيت فيه أسلوبا جديدا في مقاومة المقاومة العراقية البطلة...فلما حدس هذا المعتوه الكذاب والمجرم المحترف بان خروج المحتل خائبا مدحورا حقيقة حتمية آتية بلا ريب، وحدس حجم الإحراج الذي سيتنابه وعصاباته الطائفية جراء مسار الانكماش في الوجود العسكري الأمريكي بحيث سيكونوا جميعا في ورطة على مستوى الميدان أراد أن يتقمص دور المقاوم على طريقته المخادعة ويرتدي جبة الآتي " بالنصر العظيم "....لكنه نسي النصر الذي يتبناه وعصاباته المجرمة...نسي أن نصره وإياهم  هو يوم " سقوط بغداد "...نسي احتفالاتهم وزغاريد نسائهم بتحطيم أضلع العراق العظيم ودخوله تحت سلطة المندوب الأمريكي السامي في القرن الحادي والعشرين !!..نسي تغيير علم العراق الذي قاتلت تحت رايته النساء والرجال في نزالات مشهودة لصالح العراق والأمة والإنسانية ودفاعا عن الحق والعدل...نسي أن ذكرى دخول العلوج الحمر هي بالنسبة له ولأمثاله وحلفائه الفرس والرسميين العرب والجامعة العربية هي ذكرى للاحتفال، للرقص والغناء والسهر حتى الفجر !!..اليوم يتحدث عن النصر العظيم لمجرد أن أسياده ينوون إعادة نشر قواتهم وإعادة تنظيم وجودهم في بلاد الرافدين اتقاءا لضربات المقاومة البطلة وتحجيما للخسائر المادية والبشرية.

 

وأنبه هنا إلى كون الأمريكان لن ينسحبوا...لن ينسحبوا...وإنما سيتجنبون الظهور في العلن والتقدم نحو واجباتهم التقليدية كقوة محتلة تقاتل مقاومين راسخين في الميدان مقابل الدفع بعصابات " الداخلية والدفاع" التي تعود ملكيتها للمجلس الأعلى والدعوة...كما أقول للمالكي : نصرك غير نصرنا..أنت أعلنت من زمان نصرك واحتفلت به...أما نحن فليس ثمة في العراق اليوم إلا لما يدعو للنحيب وطلي الوجوه بالسواد حزنا على شرف شعب عظيم عبثت به الضباع !..ونصرنا هو ألآت... الذي سيشاركنا فيه كل الشعب العربي من المحيط إلى الخليج وشعوب اروبا وآسيا والأمريكيتين..وكل البشر في يوم  كأنه الحشر !!..نصرنا هو الذي تنسجه الآن وفي هذه اللحظات كما في كل حين سواعد مؤمنة مابدلت وما باعت وما ساومت وما ترددت وما جبنت !..سواعد رجال لايغمض لهم جفن وأهلهم سبايا العلوج الحمر والعمائم الجاهلة والعفنة...

 

لاتنتظر أن يسجلك التاريخ إلا غادرا بشعب العراق وبرئيسه البطل صدام حسين المجيد وخادما ليليا للمندوب الأمريكي السامي وفي النهار لأجهزة مخابراته وأدواتها الأخرى في العراق والأمة... وإننا ننتظر من  المحتل وعملائه تكتيكات أخرى غبية كالتي رصدناها ولكننا لن نكشف عنها حتى نترك لهم سبيل التعامي مفتوحا والتخبط  إمكانا تراجيديا حقيقيا. لكن بقدر ما يسعون إلى قطع الطريق على المقاومة العراقية البطلة تقطع شرايينهم وأوردتهم وينقلب عليهم سحرهم...وهذا حال من يحتل العراق...فهو لا يكون إلا غبيا بامتياز !..

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الجمعة  / ٠٣ رجــــب ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٦ / حزيران / ٢٠٠٩ م