نافذة / ديمقراطية الاجتثاث أو اجتثاث الديمقراطية

﴿ الجزء السادس عشر ﴾

 
 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي
هل كان الغرب الامبريالي لديه مشروع تعددية يريدها إن تطبق في الوطن العربي أوفي العالم الإسلامي؟وماهي شكل وخصائص هذه الديمقراطية أو التعددية؟ولغرض إن تكون إجابتنا دقيقة وبعيدة عن المنطق الافتراضي والتصوري بل أقرب أكثر للمنطق ألتحققي وذلك من خلال التمعن في الستراتيجية الامبريالية الغربية ودراسة غاياتها وأهدافها في العالمين العربي و الاسلامي ,و بمزاوجة عقلية و ناضجة مع السلوك الامبريالي في المنطقة وبالخصوص في منطقتنا العربية,يمكننا نكتشف الغايات الحققية للمشاريع الاستعمارية في منطقتنا وبالاخص في مجال ايجاد انظمة ديمقراطية حقيقية . إن المنطق الذي يتعامل مع الديمقراطية لا يقر بتحقيق أية ديمقراطية في غياب الإرادةالحرة,وبمعنى ادق ان قدرة الانسان في الاختيارركن اساسي في تحديد مسارات حياته الصحيحة وادراكه لحقوقه ولواجباته ,وان هذه القدرة تتكون من خلال الوعي الكامل لدوره في الحياة وهذا الوعي يتأتى من مجموع الثقافة والتربية والتي يتأثر بهما الفرد والمجتمع وعلى حد سواء, وفي نفس الوقت تتبلور في ذات الفرد ومن ثم في المجتمع شخصية مدركة لما يحيط بها ومعرفة صحيحةللكيفيةالتي يؤثر بها والتأثربالبيئة المحيطة بهماويعمل على تطور ذاته ومجتمعه, وعلى تطور كل العناصرالتي يتلقاها الانسان من بيئته ومحيطه ليحولها في فعلها وتأثيرها لصالحه, وهي في نفس التي تمكنه من امتلاكه لارادته و خياراته.

 

وفيما يخص الديمقراطية,هنالك بديهة تقضي انه لا يمكن الدخول باي تجربة ديمقراطية (ومهما كان شكلها أو نوعها)والمجتمع غير مهيأ لاستيعاب التجربة الديمقراطية ,أي ان التجارب الديمقراطية لا يمكن ان تولد الا بصورة طبيعية وليست بعملية قيصرية أو مصنعة في عقول أو في صروف لتتقارب مع صروف المجتمعات المرشحة لاقامة أي نوع من هذه الديمقراطيات.واذا ما سقطنا هذه الحقائق على تطور حركة التأريخ العربي وحتى الاسلامي في موضوعة الديمقراطية ,فان هذا يعني عدم أهلية المجتمع العربي لاقامة التجربة الديمقراطية لان نظمة الحكم العربية فهي اما ديكتاتورية (ملكية أو جمهورية) أو اوليغارشية (طبقية أومذهبية) أو محتلة,فكيف تولد التجارب الديمقراطية بعد هذه العقود من هذه الإشكال التسلطية أو من الطغيان (هذا حسب التفسيرالغربي الاستعماري للانظمة الحكم الطاغية والمبني بالاساس على مصالحهاهي بالذات,وكذلك تصنيفاتها لديمقراطيات الأنظمة).

 

إي على الاقل لابد فترة انتقالية للمجتمع يعيد فيها ولو بنسبة من ارادته الحرة والتي هي بالتاكيد لاتباع ولايمكن شراءها ولامنحها من جهة لصالح المجتمع فهي تتبلور وتنمو ومن ثم يستطيع الفرد أو المجموع ان يتعامل بها ولو بنسب على الاقل تكون مقبولة.واعتقد ان كل الذي ذكر في اعلاه لا يختلف فيه معي أي مؤمن بالديمقراطية سواء كان يدين بالماركسية اللينينية او بالليبرالية أوباصحاب الفكرالوسطى أو التوافقي.. والان السؤال الذي يحيرني كيف فكرت الامبريالية الامريكية وحلفائها باقامة المجتمع الديمقراطي في العراق وبعد احتلاله عام 2003فهي اما ان تكون كاذبة في حشرها لمرحلة تأريخية في تطور المجتمع العراقي وهي نفسها تدين بالايديولوجية التي تؤمن بالتطور نحو اقامة الديمقراطية عبر المرور بمرحلة اقامة الثقافة الديمقراطية قبل تطبيق الديمقراطية.  وهي في نفس الوقت تقوم بالغائها لمرحلة تأريخية اخرى تكون مهمتها خلق ثقافة ديمقراطية بهدف تأهيل المجتمع العراقي لمرحلة الدخول للديمقراطية أوان العراق كان مهيء للدخول للديمقراطية حيث سبق للمجتمع العراقي ان مر بمرحلة الاعداد الثقافي والتربوي الديمقراطي!!ولم يكن امام المحتل سوى اعطاء الفرصة والايذان بدخول العراق في تجربة ديمقراطية .وفي هذه الحالة والمنطق يقول ان النظام الوطني في العراق قبل الاحتلال 2003كان يعمل على تهيئة المجتمع العراقي ديمقراطيا ولكن بسبب الظروف الموضوعية ( والتي ذكرناها في الجزء الثالث عشر من هذا الموضوع)لم تسمح بالدخول الى المرحلة الثانية من تحقيق الديمقراطية في العراق.

 

اذن كان نظام الحكم يسير باتجاه الديمقراطية ووفق الاستنتاج اعلاه وعلى الغرب الاستعماري الاعتراف بذلك ,وانا على يقين انه سيفعل ذلك كما فعل في تكذيبه لمبرراته لغزوه العراق سابقا ,فهم يدينون بالبراجماتية وهي تتيح لهم سلسلة بل سلاسل من التراجعات ووفق مؤشرات واتجاهات مصالحهم واما المبادئ فهي مرتبطة صعودا ونزولا ويمنة ويسارا بقدر مردودات ماديتهم المقرفة لهم. اذن غزو العراق في عام 2003 وبالمبررات الامريكية الجديدة باقامة الديمقراطية في العراق وهي مبررات تؤارثها اوباما من بوش الخائب وبعد فشل هذا الاخير باقناع حتى الطفل الرضيع بان مبرر غزو العراق لامتلاكه اسلحة دمار شامل,وبقوة ربنا والاذرعة القوية التي تحمل بندقية النضال ذات الفوهتين ستصل الامبريالية الامريكية وحلفائها الى الخيبة الثانية والتي تتبجح بها وتعمل خائبة على اقناع العالم بان ورطتها في العراق بسسب بحثها عن الديمقراطية.

 

وبهذا يحق لي وبكل تواضع ان أتسأل ماهي اسباب الصحوة الامريكية المفاجئة على ما تسميه هي بالدكتاتوريات في منطقتنا والعالم ؟وهي بذلك تستخف بعقول من ينبهر بأمريكا فقط,لاننا والاخرون نعرف ان امريكا الامبريالية هي التي ساهمت وعلى مدى اكثر من ستون عاما على نشر الديكتاتوريات المختلفة الشكل واللون في منطقتنا,بل في العالم وكذلك في حبك والتخطيط للمؤامرات, والمساعدة في الانقلابات العسكرية,والاتيان بالعسكرية في سدة الحكم,والتغاضي والسكوت عن كل التجاوزات والحروب في العالم,ومشاركتها والدول العظمى الباقية في صناعة الخنادق وتقسيم العالم ابان الحرب الباردة.فهل كانت الصحوة الامريكية للديمقراطية بفعل ضربات الثورة في العراق على الاطماع الامريكية وليس المصالح الامريكية,وهل الثمن الذي دفعته ثورة العراق العظيم في الوقوف بوجه اطماع الصهيونية الامبريالية غال بمتسوى هذه الصحوة.

 

انها ليس صحوة بل غفلة وورطة وحماقة , وهم لايزالون يعتقدون ان لا وجود لاحمق مستقل واحد في هذا العالم يؤمن بان امريكا واذيالها جاءوا بالديمقراطية في العراق وخاصة بعد اعترافات غالبية بل كل الذين ساهموا و نفذوا جريمة غزو العراق عام 2003..وهم الان يتوارثون الحماقة العقلية فيما بينهم,وذلك لان المخطط الاستراتيجي الامريكي الذي تم وضعه قبل اكثر من ثلاثين سنة لايزال يعمل ولكن الفشل اجبرهم بتغير طاقمهم التفيذي,وسلوكهم الوحشي تجاه شعوبنا, وايظا لكي يتمكنوا من خلق فسح للمناورة وانقاذ حماقاتهم .

 

وفي العراق اجبرتهم هول صدمتهم بتصدي مقاومة الشعب العراقي لهم وانكشاف حجم تورطهم وكل الذي فعلته السياسة المتصلبة الامريكية في العراق هو تحقق في نمو وازدهار في مقاومة الشعب العراقي للجبروت الامبريالي ,وكل قوانين الاجتثاثات التي صنعها العقل الامريكي الخائب واؤرثه لعملائه الصغار, رسخ البعث العملاق قائدا وزاده رونقا ثوريا وخاصة بعد ان تخلص من ادرانا اثقلت مسيرته النضالية بانتهازيتها ومصلحتها .فشكرا للرب ان حمى حزب الامة من ضبابية البعض الذي لم يعرف من البعث العظيم الا ماديات وسخة لم تكن من قريب ولا من بعيد لها علاقة بعقيدة البعث  ونضاله الثوري الشريف,فشكرا للرب على هذه المنة وليبقى البعث فاديا لامته وللانسانية جمعاءو جدارا صلبا لاطماع الاجانب من الشرق أو من الغرب في وطننا وطن الشرفاء الامناء ... امين

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الجمعة  / ١٠ رجــــب ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٣ / تمــوز / ٢٠٠٩ م