نافذة / ديمقراطية الاجتثاث أو اجتثاث الديمقراطية

﴿ الجزء السابع عشر ﴾

 
 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي
ان كل الذي قيل عن الديمقراطية واجتثاثها في الاجزاء السابقة يقودنا للاستنتاجات التالية:


1- الديمقراطية قبل ان تكون صناديق اقتراع وانتخابات وشعارات انتخابية فهي اولاسلوك وقناعة,و ان كل الاحزاب أو التشكيلات والشخصيات التي دخلت في لعبة ديمقراطية المحتل في عراقنا اما لكونها جزءا من اجندة المحتل أوان الاستيحاء الذي تعيشه بسبب التطورات الحاصلة والمتطلبات الجديدة في عدم قدرتهم بامتلاكهم للمرونة السياسية في مواجهة الضغوط الشعبية التي وعودها بديمقراطية بديلا عن ما ادعوه (بالديكتاتورية)وهي نفس الضغوط التي تتعرض لها الاحزب الدينية والطائفية,فالبعض منها وخاصة المتشددة يسلكون سلوكا ((دكتاتوريا)) ومن حيث لايعملون أو يعملون ويتغافلون عن هذا السلوك , بل يحركون مرجعيات دينية لتعطيهم الغطاء الشرعي لهذا السلوك أو تتجه الى تعقيدات الواقع الامني في العراق لتحول هذا التعقيد الى مبررللسلوك الفردي أو ديكتاتورية المجموعة.

 

وهم وبكل قباحة ينتقدون النظام الوطني العراقي ويصفونه وبتجرد الاغبياء ب(الديكتاتورية)ليكون تعليم السيد المسيح الموجه للكتبة والفريسيون اليهود (لماذا تنظر القذى في عينك اخيك وأما الخشبة التي في عينيك فلا تفطن لها .أم كيف تقول لاخيك دعني أخرج القذى من عينيك. وحينئذ تبصر جيدا ان تخرج القذى من عين أخيك) مناسبا لتشخيص ازدواجية تعاملهم . المشلكة التي تواجه الاحزاب الدينية والمشاركة في لعبة المحتل,انهم لايؤمنون بالديمقراطية وهذه حقيقة ومستنبطة من فكرهم وتكوينهم السياسي والتنظيمي و المرجعي,واهم ما في ديكتاتوريتهم هو ان المرجعية عندهم سواء في الامامة كمنصب الهي أو في وقورية المرجعية وهو في كلتا الحالتين لا ينتخب من قبل الشعب أو المجموع, أو في فهمهم لتطيبق الشرائع الذي يأخذ صفة الالزام وليس حسب محاورة المجتهد ووفق الدين ومصدريه الشرعيين(القران الكريم و السنة النبوية الشريفة) بل حسب اجتهادات المرجعية أو رجل الدين وهذا سيتبع الاجتهاد الشخصي وليتبلور الى شبه تشريع يأخذ صفة الالزام ولا يتحمل أي اجتهاد أو نقاش..

 

وان افتراضا في تغير فيما اذا حصل في هذه الاحزاب الدينية باتجاه الديمقراطية ولو لخطوات متواضعةوبسيطة ,فاني اسجلها امامي خطوة ايجابية وتقدم وانفتاح للاحزاب الدينية وخاصة الطائفية منها و كنتاج ايجابي لما يسمونها بالعملية السياسية,وهو صعب جدا لان القيادات الدينية لا تسمح باي فسحة للديمقراطية فهي تميل الى التكور المذهبي بل للتقوقع من اجل المحافظة على المقلدين أو التابعين,ومثل الانتخابات الايرانية الاخيرة شاهدا قويا على لوي أي اتجاه ولو متواضعا باتجاه الديمقراطية, وان القساوة التي جوبهت بها المظاهرات والاعتراضات على نتأئج الانتخابات ومن ثم التهديدات بدفعها الى خانة التأمر وخيانة الدين وبموجب فتوى دينية والتي ترتقي الى مستوى اقوى من القانون بتجريم من يعارض الفتوى وصاحبها ,وبنفس المنطلقات والاساليب تم تجريم المناضلين البعثيين لمناهضتهم للتخلف الذي ارادوا ان يصدرونه للعراق منذ ثلاثين عاما وتكفيرهم للفكر البعثي لانه يدعو للانفتاح والتفاعل مع كل الاديان والقوميات واستخدام كل الوسائل الحضارية في التحاور الفكري و القيمي في المجتمعات العربية والاسلامية ومع الامم والشعوب الاخرى .

 

ولكن الامر اختلف هنا في ان الفتوى لم تعلن بل كانت مرادفة ولا زالت في تقوية قانون الاجتثاث و تكفيرالبعث كفكر,والبعثيين المناضلين ,ففي العراق صاحب الفتوى امريكي والفتوى سموه هم قانونا,والحق(الفتحة على القاف) بتثبيت للقانون بفتوى فقهية دينية,اما في ايران فالفتوى صدرت ومن ثم تحولت لقانون,كلا الحالتين قلع واجتثاث لاي نفس أو توجه للديمقراطية ولو ربطنا في علاقة الاحزاب الدينية في العراق بمرجعية ولاية الفقيه نكون قد اصبنا في تشبيهنا للحالة في العراق بالوضع في ايران.


2-ان الديمقراطية كمفهوم وتطبيق لايمكن فصلهما او انتقاء ما نريده منها ونترك أو نؤجل الباقي,أي لايمكننا ان نتعامل مع الديمقراطية بانتقائية حزبية أو مذهبية أو عرقية,فعلى سبيل المثال لا الحصر ان نعطي الحق لقومية أو اقلية ان يعيشوا الديمقراطية و بكل ابعادها ونحرم اقلية ومهما كان حجمها في تشكيلة النسيج الاجتماعي العراقي صغيرا أو محدودا وهذا يظهر في سلوك البعض من الاحزاب المتنفذة في شمال العراق تجاه القوميات الاخرى أو الاديان,وهذا وبالضرورة ينسحب على الحركة الوطنية السياسية العراقيةوتحت أي مسميات أو قواعد تختلق اوتصنع وطنيا أو في عواصم الاجنبي.

 

فانا أومن بان جزءا اساسيا من العملية الديمقراطية يكمن في تبادل حزبي للسلطة سلميا ومن خلال صناديق الاقتراع ,والعمل على احترام حقوق الفرد والجماعات وبشرط ان لا توضع أي خطوط حمراء على أي فكر أوحزب أو جماعة الا بحسب القانون أو الدستور,وهذين المشرطين لايمكن ان يصوغا الا في وضع وضروف طبيعية وسليمة ,خاصة الدستور والقوانين فكل الذين شاركوالامريكي المجرم بول برايمر في صياغة قانونه السئ الصيت(اجتثاث البعث وحل الجيش العراقي)اقول وحتى الادارة الامريكية الحالية والتي قبلها وتقريبا كل المنصفين بدءوابنقدهما للقرارين وصلوا الى استنكارهما بل البعض ذهب الى تحميل هذين القرارين صفة الشوفينية ويعزيان في كونهما السبب الرئيسي للوضع المتدهور في العراق.

 

وان الاستمرار في هذين القرارين يعطي دلالة اكيدة على ان العقلية التي تتعامل بهما لا تفهم من الديمقراطية الا عد حروفها الحادية عشر فقط.فان كانت هنالك رغبة في اقامة الديمقراطية وحتى حسب المفاهيم والتجارب الغربية,فانا اقول هل استطاع صاحب الرغبة ان يفهم هذه الأنظمة بداءا من تكوينها وتطورها الى اشكالها المختلفة,واهم ما في هذه التجارب حقيقة اساسية وهي ان الديمقراطية الغربيةتعني تبادل حزبي للسلطة وهي في حقيقتها انعكاس لموازين قوى اقتصادية سياسية، و ايظا ادراك ان العلاقةبين الحرية كمفهوم أقصى، وبين المجتمع المدني كوسيط بين الدولة والجمهور وكوسيط بين المؤسسات التمثيلية والمطالب الشعبية,وان كل التفاعلات تجري في ضوء فقرات دستورية يعترف بقانونيتها كل الاطراف المشاركة في العملية الديمقراطية ,سواء كانت احزابا ليبرالية أو ماركسية أو حتى شوفينية متطرفة لحد العنف,وان دستاتيرها صيغت عبر سنين من التجارب والمعاناة ولم توضع ( تطبخ ) كما الحال في العراق في اشهر ثلاثة لاسقاط فرض يحتاجه المحتل بان العراق دخل الديمقراطية ,وهي شهادة عزيزة عليه لتبررغزوه لبلد مستقر ومستقل.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الجمعة  / ١٠ رجــــب ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٣ / تمــوز / ٢٠٠٩ م