نافذة / ديمقراطية الاجتثاث او اجتثاث الديمقراطية

﴿ الجزء الخامس

 
 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي
انا اقول..انها مدرستين مختلفتين في المنطلق الفلسفي و بالنظرة للحياة ,وايظا مختلفتين في فهم الواقعية وكيفية استيعاب معطياتها وطريقة التفاعل معها من ناحية مهمة جدا وهي هل ان الواقعية تعني الاستسلام لحركة الواقع او التضاد معه والتصدي لفعله الظالم في الانسان و المجتمع,وهل نحن العراقين كعرب وجزء من الشرق الاوسط نؤمن باسبقية الفرد على المجتمع اوالعكس,و ايظا تختلف هاتين المدرستين في طبيعة تكوين القاعدة الفكرية, مادة وعوامل رابطة للوصلات التكوينية للفكر,بمعنى ادق و اكثر تحديدا,مثلا دور الدين وتعاليم السماء في صياغة السياسيات وطريقة الحياة للفرد والمجتع. وهل تاريخ هذه البلاد من حضارات ونظم سياسية واجتماعية والتي تكونت عبرحياتها كان داخلا في تكوين شخصية الانسان والمجتمع الىجانب تأثيرات البيئة المناخية والطبيعة الطبوغرافية,والكيفية الصحيحة التي يمكن ان تتبلور فيها الانظمة الديمقراطية فيها بناءا على ارهاصات انسانها وتاريخ المنطقة وما يحيطها من حضارات وتنوع منتجات هذه الحضارات.

انا اقول ان المشكلة الكبرى للفكر العربي المعاصر في شقه السياسي أو الديني أو حتى الاجتماعي ليست في السذاجة والسطحية في عرض التعقيدات ورسم الحلول لها,وإنما لكسل البعض ولهاثهم وراء السهل الممكن والذي يعكس حالت الانبهاربتجارب الاخرين الى الدرجة التي توصلنا الى ما يسمى بالتبعية سواء كان هذا الانبهار مذبحه باتجاه الغرب أو الشرق, ماركسيا أو ليبراليا, وثم ليتطور من انبهار الى تبعية ومن ثم يصف الى مصافي المقدسات ويبداء هذا البعض بنسج المحرمات حول هذه الايديولوجيات والتجارب بجملة من المصطلحات الحارة كحقوق الانسان والحريات وبكل ما تعنيه من الفوضى والتخبط والتيهان في البحث عن الهوية وليصلوا الى مستقر ابتدعونه اليوم يطلقون عليه ب(العولمة) لينقذ دولا تفتقد الى ماضي يؤثر في حاضرها ومستقبلهاوهوفي نفس الوقت يتيح لها الدخول الى مناطق العقل البشري لاعادة تأهيله ووفق ثقافات تتيح لهم من السيطرة على الانسان ,وفي نفس الوقت تعطي لهم بطاقات مجانية لشركاتهم العملاقةلغزو السوق وتحت عنوان تطوير المجتمعات اقتصاديا وكذلك تسطيح ازماتها المالية لتتحمل دولنا جزء منها فالمصطلح يؤكد على كون العالم الجديد سيكون أميركياً اولا,وان كل الذي وضعه العقل الامريكي في مصطلح العولمة سيكون متناسبا يسهل التطابق بين العولمة والأمركة. وهذا ما تنبهت له بعض من الدول الصناعية الكبرى مبكرا, وفي طليعتها فرنسا التي عقدت مؤتمرات عالمية لتصويب وسد الثغرات المفاهيمية للعولمة اي اجرت على مفهوم العولمة بعض تحويرات تخدم مصالحها وفي نفس الوقت لا تتقاطع مع الدولة الكبرى( الولاياة المتحدة الامريكية). أما الدول النامية فبعض منها دخلت الى عالم العولمة وتبنت فلسفتها دون أن تنتبه لخطورتها إلا بعد فوات الأوان. فكان( تجمع الدول ال 11 )وهو باتجاه التوسع الان ويدعواللانتباه الى اخطار تسريع صيرورة العولمة والى ضرورة إبطاء التحول الى هذه العولمة. ثم العقل الامريكي قد ذهب الى تقوية الرابطة والعلاقة بين العولمة والأمركة؟. وان هذا يصب في السعي الامريكي لجعل القرن الواحد والعشرين امريكيا و يقع في هذا الاتجاه ,وأنها إستخدمت ولازالت تستخدم كل الوسائل التي تقع في يديها لتحقيق هذا الطموح ومنها استخدام الطب النفسي لإختراق المجتمعات المرشحة دخولها في الشكل الجديد من العلاقات بين الدول ,فهي تبغي تهيئة هذه المجتمعات نفسيا للقبول بالعولمة والتي يحقق للولاياة المتحدة الكثير من الفوائد . والازمة الاخيرة التي تعرضت لها الولاياة المتحدة الامريكية ومن ثم الدول الغربية والتي رحلت جزء منها الى دول الاوبك,و الدول العربية المنتجة للنفط بشكل خاص ,مع العلم ان كل هذه الدول ليس لها اية علاقة لا من قريب ولا من بعيد بتعقيدات الاقتصاد الرأسمالي الغربي اوبأزماته. وبالمناسبة كان جزء من محادثات الرئيس اوباما مع العاهل السعودي في زيارته الاخيرة في الرياض تناول اسعار النفط ,لان الرئيس الامريكي كان لديه هاجس من اي ارتفاع باسعار النفط قد يسقط الغرب في الازمة مرة اخرى وهي الان تعيش حالة نقاهة اقتصادية, فالمطلوب من دول الاوبك واوابك والسعودية بوجه خاص المحافظة على اسعار متدنية للنفط!..وان هذه البدعة المصطنعةالعولمة ,تجعلنا نحن العرب ومعنا دول المنطقة التي تمتلك تاريخ حضاري مضئ نصطف مع مقطوعي الاصل والتأريخ ولصوص الاوطان,النتيجة تكون ربحا للاخرين وخسارة لاممنا ومنهم امتنا العربية المجيدة في خلق نقطة شروع جديدة للبناء الحضاري وفيه يمسخ الماضي من الاعتبار ,وبالضرورة ستتساوى في النظرة الاعتبارية والمشاركةالانسانية الامم ذات التاريخ المجيد في العطاء الانساني مع اي مكون (لملوم شعوبي هجيني كالمجتمع الصهيوني) قائم على الاغتصاب والاحتلال والاستعمار والذي ينطبق عليه المثل العراقي الشعبي (تساوت الكرعة ويه ام الشعر)!.هذا ليس مبداء فوقي او متعالي على الامم الاخرى ,ولكن حق انساني اعتباري ومادي في نفس الوقت ,اعتباري بقدر حجم المساهمة الحضارية للامم في ازدهار وتطوير الانسان في الكرة الارضية,ومادي في ان كل قواعد العلوم والاداب الحديثة الذي يتعامل معها عالم اليوم ,جذورها موجودة في الحضارات الانسانية في الماضي. وعليه ومن الانصاف لايمكن ان نحدد نقطة بداية جديدة للبناء والمساهمة الاممية تتوافق عليها عند البعض وتلغي وجودا لحضارات ساهمت في بلورة من المتحقق الحضاري الحالي وتحول هذه الحقيقة الى اطلالات محصورة بين جدران المتاحف فقط...
 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

السبت  / ١١ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٦ / حزيران / ٢٠٠٩ م