تأملات / لكي لا تضيع ثورية المبادئ بين زحام الانفعالات

﴿ الجزء العاشر ﴾

 
 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي

وهنالك ناحية مهمة في حياة الثورات,هي في مدى قدرة الثورة في الثبات على مبادئها, واذا ما اخذت الثورة الى الركون والاستسلام في معاركها البنائية والتنموية وتنجح القوى المعارضة للثورة ومدعومة بالرجعية والامبريالية الى جر الثورة الى معارك تنهك قوى الثورة المادية والنضاليةوبالتالي تضعفها وفي نفس الوقت تشاغل الثورة وقواها المناضلة في محاحجات فكرية وفلسفية عقيمة وتضطر الثورة الى اجراء تغير في فلسفتها ونهجها الثوري وليصل الامر بتغير في اهدافها,ومن ثم انكفائها ولتتحول من الثورة الدائمةالى كيان قائم محكوم أما بالتزامات جبهويةأو بقضبان الدولة و مؤسساتها, وهنا يكمن الانحراف,وتحت مبررات قد يقبلها البعض ممن صعد في قطار الثورة من محطات وفي فترات لم يتم تدقيقها مبدئيا ولاجل مكاسب ضيقة,وقد يتطور هذا البعض الى التكيف النوعي في سعيه لابعاد الثورة عن منطلقاتها ومسيرتها النضالية وايظا للتكيف العددي في كسب وتوسيع قواعد للعقول اللاثورية وتضييق اكثر في تمثيل الثورة لجماهيرها,والى الحد الذي يحق ان نحكم على سلوك هذا النوع من الثورات بالانحراف أي التنازل عن اهدافها التي قامت من أجلها.وتتحول المبادئ التي قامت عليها الثورة الى معيقة لتقدمها وهذا المنطق هو ذاته الذي يتشدق به الغرباء عن الثورة ومبادئهاو ينهي الثورة وتطورها في حين ان الايمان البعثي يقوم على إن الاستيلاء على السلطة لا يضع حدا للثورة بل يفتتحها.

 

والثورة التي تمتلك السلطة يمكنهامن بناء مجتمع ديمقراطي أشتراكي وضمن برنامج مسبق ومدروس سواءفي الاهداف أو الخط الستراتيجي للثورة,فمثلا ما يخص تحقيق المجتمع الاشتراكي ,لا يمكن فهم البناء الاشتراكي إلا على أساس الصراع مع الاعداء وعلى الصعيدين الداخلي والخارجي,فالداخلي والمتمثل بالامية والفقر ونقص الخدمات الضرورية لاستمرار الحياة,والخارجي والمتمثل في الطامعين في سلب السيادة والهوية وبهدف الاستحواذ على الثروة القومية,وكلا هذين التحديين مترابطين جدليا ولا يمكن الفصل بينهما وأن أي تنازل أو تباطئ في الخطوات باتجاه هذا البناء سوف يعطي اشارة للجماهير بان الثورة ستتحول الى مجموعة من طلاب السلطة وبالقدر الذي تمثله خطوات التوقف أو التراجع.

 

ولكن حال الثورات التي يقودها حزب ثوري مؤمن بالجماهير كغاية ووسيلة, صعب ان تنحرف ثورته بهذا الشكل لوجود بوصلة فكرية و فلسفية قائمة مادامت العقيدة والايمان بها متحقق.

 

ان الحاجة لنضوج الثورة أوثوارها وعبر مراحل زمنية نضالية هي ضرورية بقدر ما يمثله حجم التراكمات النضالية في مسيرتها النضالية فهي حاجة تأريخية,بل هي ترتقي الى مستوى وضعها ( هذه الحاجة ) بالحتمية قبل تفجير الثورة و من ثم بعدها,اما نظرية القفز الى قيادة الثورة وبحكم ضرف محدد للثورة فهي نتاج لعقلية يمكن اقل ما نقول عنها بالمراهقة الثورية,لان الثورة هي سبب ونتيجة,فهي سببا للاوضاع الشاذة التي يعيشها الشعب أو الامة وهي نتيجة لتنامي حالة الرفض الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للوضع الجمعي( شعبا كان أو امة ),

 

وعليه لايمكن ان تنجب الثورات قيادات ضرفية الولادة .وهذا لا يعني نفيا لهذا الاحتمال لان حالة التغير الكبير والشامل في الاوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية قد تتيح للبعض ان يستغل هذه السخونة في الشعارات وجراءة الاجراءات لينزع بافكارونظريات تتجاوز سخونة الافكار الثورية الى حماوة في الشعارات والدفع بحدية الاجراءات وخاصة تجاه خصوم الماضي لتبداء الثورة مرحلة الانفعالات المتبادلة وتنسى قيادة لثورة انها تتمتع بميزة عن الخصم وهي الصفة القيادية للمجتمع بكل الوانه واطيافه السياسية والاجتماعية والدينية وهذا يحتم عليها ان تصرف بعقلانية واكثر نضجا في المواجهة مع خصومها,وأن كل الذين يحاولون سحبها الى ساحة المواجهة وجعلها تتصرف بتهور وعفوية بالتأكيد عارفين الى أين يريدون وضع الثورة من منطقة القتل.

 

الامر الذي يجعلهم يظهرون امام الرأي العام ( الوطني والقومي والدولي ) بالمظلومين وبحشر الثورة وقواها في خانة الحاكم الظالم بحكم امتلاكها للسلطة وبغض النظر عن الحقيقة,واقول انا بغض النظر عن الحقيقة لان القائد في هذا العالم وفي هذه الفترة الزمنية من حياة الانسانية لابد ان يتمتع بذهنية متقدة تجاه المتغيرات الدولية وعقلية بذات قدرة استيعابية واسعة للتغيرات في القوانين والمبادئ ,ويدرك و بحكم المسؤولية ان القرن الواحد والعشرين قرن لا يتعامل بالمبادئ ولا بالاخلاق, وليس هنالك اي حضور لهما في التعاملات الدولية في هذا اليوم , فالحق مع من يمتلك القوة بل القوة المفرطة ,والاكيف يمكننا ان نفسر غزو العراق وهو دولة مستقلة وذات سيادة وتحت أكاذيب لم يكذبها الشعب العراقي والعرب الشرفاء فقط بل كذبها مجرموا الحرب انفسهم وبكل وقاحة وصفاقة يعترفون بأخطائهم بل بكفرهم وهم لا يخافون ولا يهابون أي قانون يحاسبهم على جريمتهم في احتلال العراق , أمام ما فعلوه بالعراق وبشعبه في موضوعة الكويت والى الان يعاني شعبنا من عقوباتهم , وهذا هوالكيل بمكيالين وبدقيق العبارة والمفهوم والاجراء.  وابدا لا يفهم انها دعوة للمساومة أو التنازل عن الاخلاق أو المبادئ ابدا , لانهما من حصة من هو اكبر من الامبريالية والصهيونية وكل الاشرار والشيطان نفسه انها من عند الله رب السماء والارض, ورب كل ما يرى و مالايرى .. أمين

 
 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس  / ٠٨ شعبــان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٣٠ / تمــوز / ٢٠٠٩ م