الحكومة العراقية تتوعد اللاجئين العراقيين

'' قف ! ليس ينجيك الهرب ''

 

 

شبكة المنصور

علي الكاش / كاتب ومفكر عراقي

أصبحت زيارات رئيس وأركان حكومة الإحتلال نوري المالكي المتداعية للإفول لدول العالم شرا مستطيرا ينهمر بغزارة على اللاجئيين العراقيين المغتربين قسرا من سعير الفردوس المفقود بعد أن زف الوطن قسرا على العام سام في حفل دولي صاخب شاركت فيه دول التحالف، ولبى الدعوة بعض الأشقاء المحسوبين على العروبة والإسلام فشاركوا في الحفل وقطع تورتة الوطن النازف، وعزفت فيه فرقة اوركسترا الأمم المتحدة سيمفونية شرعنة الاحتلال إرواءا لشهوة الطاغوت الداعر.

 

ما أن تطأ أقدام سكنة المنطقة الخضراء  الملوثة بغبار العمالة دولة ما، إلا وحملت معها شوائب اللؤم والحقد الأعمى والأنانية المفرطة والكذب والدجل لتنثره على أرض الدول المضيفة للاجئين العراقيين بلا حياء، ليحرضوها على إعادة مواطنيهم الى جحيم الوطن المحتل, ويبدأ  المالكي تاجر السبح بتلاوة جنجلوتية الأمن المملة مدعيا بأن العراق مستقر ويرفل بالأمن والخير والعز في كذبة صفراء كصفار البيض الفاسد, ومستجديا الحاجة الى عودة اللاجئين العراقيين ليساهموا في عملية البناء والتعمير السرابي. وبلغت الوقاحة بأحد وزرائه أن يصرح برعونة وحماقة عن الحاجة الى حوالي مليون عامل مصري للعمل في العراق! بالرغم من أدراك الجميع بأن حكومة المالكي فشلت في أعمار وإحياء معمل عراقي واحد توقف عن العمل بعد الغزو المشؤوم ليعود منتجا كما كان في سابق عهده, أو بناء مصنع واحدا في العراق الديمقراطي الجديد! وأن هناك جيشا عرمرما من العاطلين عن العمل يشكل مصدرا لا ينضب لقوى الإرهاب الميليشياوي تنهل منه ما تشاء وقت ما تشاء لتوريطهم وتطويعهم في صفوف الضلالة وعالم الإجرام.

 

أشار تقرير للأمم المتحدة بأن أكثر من ¼ شباب العراق يعاني من البطاله. كما قدرتها صحيفة الاشتراكي اللندنية بحوالي 40% من إجمالي القوى العاملة, أما منظمة (ARN) فقد قدرتها بحوالي 60% مضيفة بأن أكثر من 60% من العراقيين يعيشون تحت خط الفقر. لذلك كان الأجدى ان يوظف المالكي الأيدي العاملة العاطلة داخل العراق قبل ان يفاتح الدول الأوربية والعربية بحاجة البلد الى اللاجئين ليجد مبررا معقولا لطلبه, وعندما تتوفر فرصة حقيقية للعمل في العراق سيجد المالكي أن اللاجئين يرغبون بالتغريد داخل السرب دون الحاجة لإفتراءات وإرهاصات جوفاء لا جدوى منها.

 

 لكن ما فات المالكي إنه بدون تحقيق الأمن الفعلي و ليس الورقي لا يمكن تحقيق نهضة زراعية، صناعية، تجارية أوعلمية، وان نجاحه النسبي في تحسن الوضع الأمني قد بالغ به الاعلام العراقي المسير وهوله الأمريكان من حجم قزم الى حجم مارد، وهو لا يعكس حقيقة الوضع العام وإن تحسن الأوضاع الأمنية تلاها تفجيرات عديدة في الأشهر الاولى من العام الجديد مستمرة حتى الوقت الحاضر، مما يعني إن منحنى التحسن الأمني غير مستقر ولا يمثل حالة دائمة وإنما يتذبذب من شهر لآخر ومن مكان لآخر. وهذا الكلام لم يأت من فراغ وإنما من تصريحات أهم منظمة دولية وهي المفوضية العليا للاجئين ففي آخر تصريح جاء على لسان المتحدث بإسمها رون ريدموند هذا الأسبوع ذكر أفاد" إن العراق ما زال هشا للغاية بدرجة تحول دون إستيعاب مليون ونصف لاجيء يعيشون خارج حدوده. وإن عملية إعادتهم قسرا ستعرضهم للمخاطر". وأضاف ريدموند ان " التحسن الأمني غير مستمر بدرجة كافية تشجع على عودة العراقيين"

 

سبق ان كشفت المفوضية العليا للاجئين(UNHCR) بأن اكثر من(2) مليون عراقي هربوا من سعير الإحتلال وحكومات الإحتلال المتعاقبه وحوالي (1,9) مليون داخل العراق! وهنا تفغر أفواهننا دهشة من دعوات المالكي بعودة اللاجئين! فلماذا لا يقوم بحل مشكلة المهاجرين في الداخل قبل ان يتولى مهمة إعادة من هم في الخارج؟ أليس هؤلاء داخل العراق ومن السهولة إعادتهم لديارهم وان هذه العودة من شأنها أن تطمن اللاجئين في الخارج وتجعلهم يأمنون شر الميليشيات وأجهزة الحكومة القمعية, وتسجل حينذاك نقطة في صالح الحكومة بشأن جديتها في معالجة مشكلة اللاجئين والمهجرين! وبالتالي يمكن دحض تصريح المتحدث بإسم المفوضية العليا ريدموند" إن معظمهم - يقصد اللاجئين العائدين-  ليسوا في أمان ولا يمكن دعمهم"!

 

اليست الحقيقة كما عبر عنها بعض النواب والوزراء بأن حكومة المالكي فشلت في حل مشكلة المهجرين في الداخل ومازال عددا كبيرا ممن أستلب مسكنه وماله من قبل عناصر الميليشيات فشلوا في إستعادة حقوقهم! وان القضاء العراقي فشل في بسط نفوذه على هذه العناصر التي رفضت إخلاء منازل المهجرين بعد عودتهم. وتؤكد المفوضية العليا للاجئين هذه الحقيقة بالقول" إن بيوت الذين فروا من البلاد بعد الإجتياح الامريكي وعنف المسلحين الذي أعقب ذلك قد دمرت ولم يعد هناك مأوى يعودون إليه"! الم تشر الاخبار بأن عددا غير قليل من العائدين لمناطقهم قد قتل بمعنى ان الحكومة فشلت في تأمين الحماية لهم خلافا لتعهداتها فأخذوا على حين غره؟ ألم تعلن مصادر حكومية إنه لغاية عام 2008 بلغت الهجرة الداخلية(60000) شخصا شهريا؟ وإن  إستمرار الهجرة الداخلية يعني ليس الفشل في حل المشكلة فحسب بل الفشل أيضا في وضع حد لها أو إيقافها.

 

زيارات الطالباني والمالكي والزيباري لدول العالم إنعكست سلبا على أوضاع اللاجئين فقد وجدت الدول الأوربية في نهجهم الشاذ وإدعائهم المزيف بتحسن الأوضاع الأمنية حججا ومبررا لرفض طلبات لجوء العراقيين وإعاداتهم للعراق قسرا ليكونوا تحت نقمة الميليشيات الطائفية وقوى الإرهاب الحكومي وغير الحكومي، أو تركهم عالقين ما ين السماء والأرض فلا هم منحوا اللجوء ولا هم رفضوا كما جرى في السويد وفنلندا وهولندا وغيرها من الدول. ويعلم الجميع بإن موضوع اللاجئين بالنسبة للملكي وحكومته هي مسألة سياسية الغرض منها تمويه الحقائق لإظهار إن حكومته قد تمكنت من تحقيق الأمن وأنجزت واجباتها على أكمل وجه، وان الظروف الأمنية تسمح بإجراء الأنتخابات خلال العام القادم! وكي لا نتهم بأننا نصطاد في الماء العكر سنأتي بالدليل من البرلمان العراقي هذه المرة لنضع النقاط على الحروف فالنائب محمود عثمان صرح لوسائل الإعلام " نطالب الحكومة بأن تطبق إسلوبا أكثر مسئولية تجاه اللاجئين, وعندما يسافر المالكي لخارج البلاد فأنه يستمر في دعواه لعودة اللاجئين لديارهم, وقد أصبحت المسألة قضية سياسية".

 

شعار حكومة الملالكي تجاه اللاجئين يمكن إيجازه بـجملة " لا أرحمك ولا أسمح لغيري أن يرحمك" فلا هي قادرة على حل مشكلتهم ولا هي تاركتهم تحت رحمة الحكومات الاوربية ومعاييرها الغريبة في التعامل معهم. وقد نسي المالكي بأنه كان لأكثر من عشرين عاما لاجئا ولم تلاحقه الحكومة الوطنية السابقة. و أنه كان يعمل بحرية وأمان في تجارة السبح رغم ان عمله الرئيسي كان تزوير جوازات السفر وهي جريمة في كل الأعراف والقوانين الدولية. ومع هذا فقد شمل خلال فترة لجوئه الطويل بالعديد من قرارات العفو التي اطلقتها الحكومة آنذاك ولكنه لم يرجع للوطن! ولم تمارس الحكومة آنذاك اية ضغوط عليه أو على غيره من المعارضين أو حتى على الحكومات التي تأويهم ضغوطا لإجبارهم على العودة، رغم إنه كان من السهولة أن يتم لها ذلك لو أرادت، فالمصالح العليا تسمو على هذه الأعتبارات الجانبية! كما أن الأوضاع الأمنية كانت جيدة وفرص العمل متوفرة وقرارات العفو تضمن الحصانة الكاملة من أية ملاحقات قانونية أو قضائية.

 

يعلم المالكي قبل غيره ان اللاجئين العراقيين لم يصلوا الى أوربا إلا بشق الأنفس، فبالإضافة الى المغامرة الجريئة التي كلفت بعض المهاجرين حياتهم على سواحل تركيا واليونان وايطاليا واسبانيا فان معظمهم صفى ممتلكاته في العراق وحولها الى دولارات لتكون مصدرا ماليا كبيرا لمهربي البشر. بمعنى إن اللاجئين لم يعد لهم سكن أو مورد مالي يساعدهم عند العودة للعراق وسيرجعوا "بخفي حنين" ليبدوأ مشوار العمر من جديد في ظل الظروف القاسية التي يعيشها العراق. وقد جاء في تقرير بعنوان" توقعات كئيبة بشأن عودة اللاجئين " ترجمه الأستاذ الفاضل عبدالوهاب حميد رشيد بأن " بعض العائلات عبّرت عن ندمها لعودتها، ذلك لأنهم يواجهون إيجارات مرتفعة و فرص عمل محدودة، نقص في الكهرباء، مياه الشرب، التعليم، والرعاية الصحية.. هذا فضلا عن التهديدات المستمرة وعدم الاستقرار السياسي".

 

وفي الوقت الذي تدعم دول بعض أوربا اللاجئيين العراقيين بمبلغ حوالي(2000) دولار ليستردوا البعض من عافيتهم فإن حكومة الفساد المالي الملياري تدعمهم بمبلغ يثير الإشمئزاز وهو(100) للفرد و(900) دولار للعائلة. وحتى هذه المساعدة الزهيدة توقفت عن دفعها بدون ذكر الأسباب فأخلت بتعهدها معهم. وقد نقل عن النائب أزهر عبد المجيد عضو اللجنة البرلمانية لشؤون المهجرين والمشردين" بأن الحكومة لا تتابع وعودها عندما يعود المهجرون والمشردون إلى بيوتهم. فعائلات عديدة لم تتسلم في الواقع، المساعدة التي وعدت بها".

 

ألا يعرف المالكي وزبانية الإحتلال إن مشاكل اللاجئين العراقيين لم تنوقف عند هذا الحد! فهناك مشكلة الوثائق العراقية الثبوتية فمعظم اللاجئين لا يمتلكون وثائق رعوية أو فقدوها خلال مغامرة السفر. يضاف الى ذلك مصيبة الجوازات العراقية بنكهاتها المزيفة المتعددة! وربما الرحله القادمة ستكون برفقة الجواز الجديد طبعة (A ) عسى أن تنتهي تلك الرحلة المملة والمخزية خلال بضع سنوات بالجواز(Z) بعد استكمال كافة حروف الأبجدية الانكليزية في الجوازات العراقية بهمة المالكي وحكومته الراشده!

 

اللاجئون العراقيون هم الوحيدون من بين عباد الله الذين تشن حكومتهم عليهم حربا بلا هوادة وإينما ولوا شطرهم ستنصب عليهم قذائف العودة بمدافع الحكومة النشطة في هذا المجال فقط! من خلال مطالبة حكومات الدول التي تستضيفهم بوضع قيود على إقامتهم أو إعادتهم قسرا للعراق في مخالفة صريحة للقانون الدولي. ولم تشفع لهم الغربة للتخلص من براثن حكومة الإحتلال حتى وهم في اقاصي الأرض لسوء حظهم. وقد نجم عن هذا الوضع الشاذ للمطالبة بعودتهم قيام الحكومات التي تستضيفهم  بوضع قيود شديدة عليهم فقط  دون غيرهم من بقية الجنسيات. وهذا ما جرى في السويد ولاحقا في الدنمارك بعد زيارات المالكي غير الميمونة, أو  من خلال الإتفاقيات التي يعقدها أزلام النظام الحالي مع وزراء وسفراء الدول المستضيفة للاجئيين, وتمثل هذه الأتفاقيات إنتهاكا صارخا لمواثيق حقوق الإنسان وتوصيات المفوضية العليا للاجئين.

 

فقد تعرض اللاجئون العراقيون دون خلق الله في الدنمارك الى الطرد، حيث أخطرت السلطات الدنماركية (280) عائلة عراقية بالأبعاد القسري مستندة في تلك الخطوة التي تنافى مع توصيات المفوضية العليا للاجئين الى إتفاقية أبرمتها وزارة الزيباري مع نظيرتها الدنماركية. ووصلت صلافة حكومة المالكي الى حالة فريدة من نوعها فقد جاء مؤخرا في الأخبار " أكدت مصادر عراقية في دمشق أن السلطات المختصة منعت مئات العراقيين من مغادرة سورية عبر مطار دمشق الدولي إلى الولايات المتحدة ودول أوروبية بهدف التوطين فيها. وأوضحت المصادر أن عشرات الأسر العراقية والأفراد منعوا من السفر رغم حصولهم على موافقة للتوطين في الولايات المتحدة أو أحد الدول الأوروبية بمساعدة وإشراف المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة". نترك التعليق للقاريء الكريم. ولكن نقول بصوت جاهر، هنيئا للمالكي وحكومته الراشدة للنخاع فقد تكللت جهودهما الجبارة بأيذاء اللاجئين العراقيين بالنجاح الباهر!

 

من المؤسف إن الدول الأوربية لم تتعامل مع موضوع اللاجئين بشكل موضوعي ومنصف مستندة في ذلك على إدعاءات حكومة الإحتلال، ونفس الأمر فيما يتعلق بالمفوضية العليا للاجئين, فطالما إن الأوضاع في العراق قد تحسنت بموجب منطق الرئيس الطالباني والمالكي والزيباري فمن الأولى أن تعيد تلك الدول اللاجئين العراقيين السابقين المعارضبين للنظام الوطني السابق للعراق! فالمعارضة السابقه هي التي تحكم العراق حاليا ولا مبرر لبقائهم في تلك الدول لأنتفاء الأسباب الموجبه ولكي يتحول نضالهم السابق كما يدعون من سلبي الى إيجاني ويخدمون العراق الديمقراطي الجديد! أو على الأقل يستمتعون بدفء الحرية والديمقراطية التي حرموا منها سنوات خلت كما يدعون.

 

ليس من المنطق ان تعيش عائلة وزير عراقي أو برلماني أو مسئول كبير في خارج العراق وهو يحتل منصبا حكوميا رفيعا في الوقت الحاضر داخل العراق فالأولى أن تشاركه عائلته فرحته وتزهو بمنصبه الرفيع! وليس من المنطق أيضا ان يحتفظ بالجنسية الأجنبية أو الإقامة لنفسه ويحارب الآخرين! فعندما يطالب الطالباني والمالكي والزيباري وبقية المسئولين بإعادة العراقيين, من الأصوب ان تسألهم  حكومات الغرب بإعادة عوائلهم أولا، ليكونوا قدوة لغيرهم وليستغنوا عن جنسياتهم الاجنبية بما يتماشى مع نصوص الدستور الذي وافقوا عليهم والذي يمنع تبوأ المناصب الرفيعة من قبل حملة جنسيات أجنبية! وإذا كان الوضع في إقليم كردستان جيدا وهذا الأمر صحيح ولا غبار عليه، فلماذا لا يقتصر الطالباني والبرزاني دعوتهما في إعادة الأكراد فقط لأقليم كردستان ويتركوا العرب لشأنهم دون تدخل منهم؟ وكيف يفسران لدول أوربا إستمرار الاكراد بالهجرة بعد الغزو الامريكي للعراق وبأضعاف مضاعفة عما قبل؟ ولماذا تأخذ الحكومات الأوربية بدعوات لجوئهم طالما ان قادتهم يرغبون بعودتهم؟ أي لماذا ينافس الأكراد بقية اللاجئين من العرب والمسيحيين والصائبة والأيزيديين على اللجوء؟ ألم يكفيهم انهم منذ الثمانينيات من القرن الماضي يهيمنون على اللجوء في أوربا بدعوى ظلم النظام وإسطورة حلبجة وغير من الأسطوانات المشروخه المملة؟ الا تعلم الدول الأوربية ان مافيات تهريب البشر في تركيا واليونان معظمهم من الأكراد العراقيين والأتراك؟ ومع هذا فانها تتغاضى عن هذا الأمر ولا يتحدث به أحدا إكراما لعيون الزعماء الأكراد أو عدم الرغبة في إثارة ما يكدر صفهم أو يفضحهم بعد عقود من الدعم والتعاطف المبني على الأوهام والضلال!

 

من الغرائب ان تقوم الدول الأوربية بمنح المتعاونين مع قوات الإحتلال الأمريكي اللجوء بدعوى أنهم مهددين من المقاومة العراقية وهذا مصير طبيعي وحتمي للعملاء؟ ولكن ما يثير الجدل ان الولايات المتحدة الأمريكية والدول المتحالفه معها هي التي يفترض ان تعطيهم اللجوء لأنهم خدموا أجندتها الاحتلالية وليس الدول الأوربية التي لم تشارك بالأحتلال؟ ومع هذا لم تسأل دول أوربا أو المفوضية العليا للاجئين أنفسهم لماذا مساهمة الولايات المتحدة هي ألاقل من بين دول العالم في منح اللاجئين العراقيين حق اللجوء؟ ولماذا تمنح الأطباء والعلماء العراقيين اللجوء وتمنعه عن المتعاونين معها؟ وهل من المنطق أن تمنح السويد غير المشاركة في غزو العراق اللجوء لما يزيد عن (100) ألف عراقي في حين لا يزيد عدد  اللاجئين العراقيين في الولايات المحدة عن (5) آلاف لاجيء! هل من المنطق أن تتخذ بولندا إجراءات افضل من الولايات المتحدة الامريكية فتخير المتعاونين معها ما بين منحهم اللجوء على أراضيها أو مبلغ(40000)ألف دولار؟

 

الأمر الأشد وطأة! لماذا تعطي دول أوربا اللجوء للمتعاونين مع قوات الأحتلال ومازال الإحتلال جاثم على صدور العراقيين ويمكن للإحتلال أن يؤمن لهم الحماية أسوة ببقية العملاء؟ اليس من الطبيعي ان يمنحوا اللجوء بعد إنسحاب قوات الغزو حيث لا يوجد من يحميهم على خيانتهم الوطن؟ كما ان الحكومة الحالية هي من صنع الاحتلال نفسه لذلك من الأجدى أن توفر الحماية لبقية العملاء من شاكلتها؟ أو أن تطالب حكومة المالكي الدول الأوربية بإعادة اللاجئين من المتعاونين مع قوات الاحتلال فقط على إعتبار ان الأحتلال وحكومة الإحتلال ما زالا قائمين وليس من المنطق ان يتمتعوا باللجوء وأعوانهم في الحكم!

 

المدهش ان تصل الأفكار الأمريكية بشأن مصير اللاجئين العراقيين لحد السخف كما عبرت صحيفة الواشنطن تايمز" أما إذا لم تتحسن الأوضاع بالعراق بما يسمح بعودة هؤلاء اللاجئين فقد ينبغي إقناع أو إجبار سورية والأردن على إبقاء هؤلاء اللاجئين" وكأنما سوريا والاردن هما من غزا العراق وليس الولايات المحدة الأمريكية!

 

هناك لغز يصعب حلًه: لماذا لا تسأل الدول الأوربية نفسها من يحكم العراق حاليا؟ ومن هي الفئات الأكثر تعرضا للأضطهاد والقتل والإقصاء والتهجير! وتقرر على ضوء ذلك سلم الأفضلية ودرجة الأسبقية في منح اللجوء لمن يستحقه؟ وكيف يفسر الطالباني والمالكي لدول أوربا إن النسبة العليا من اللاجئين في الدول الأوربية هم من الاكراد والشيعة طالما إن من يحكم العراق فعليا هم الشيعة والأكراد؟ ومن المعروف ان الزعماء السنه الممثلين في حكومة الإحتلال كطارق الهاشمي وعدنان الدليمي وأياد السامرائي وغيرهم من الأمعيين ليسوا سوى شلة فاسدة من المتحذلقين والإنتهازيين لا يمثلون إلا انفسهم وأحزابهم وليست لهم أية صلة بالطائفة التي ينتسبون لها!

 

 ثم كيف تثق الدول الأوربية بحكومة المالكي وتطمئن لأدعاءاته بتوفر الأمن وفرص العمل في الوقت الذي لا يثق به مواطنوه من اللاجئين العراقيين وهم يمثلون حوالي 1/6 الشعب العراقي كما تشير التقارير الدولية؟

 

هل يمكن للمالكي ان يفسر للدول الأوربية كيفية حصول العديد من العرب والأكراد من غير العراقيين على وثائق الرعوية العراقية والجواز نوع(ج) سواء كان من داخل العراق أو من خلال السفارات العراقية في الخارج. في حين يفتقر العراقيون الأصلاء لهذا الجواز؟ علما ان الكثير من الفرس والعرب من غير العراقيين علاوة على أكراد إيران وسوريا يحملون جوازات سفر عراقية!

 

ولماذا تصر الدول الأوربية على طلب الجواز(ج)  وهي تعلم ان هذه الطبعة من الجوازات سرقت عشرات الالوف منها حسب اعترافات وزارة الداخلية العراقية ونقلت الى الجارة إيران. وأن حكومة أقليم كردستان والميليشيات المتنفذة بإمكانها إصدار هذه الجوازات بسهولة. وبإمكان أي مسئول من دوائر الهجرة في أوربا أن يحصل على هذا الجواز بأسم عراقي بعد ان يدفع(500) دولار أمريكي لموظف في دائرة الجوازات! وهل تعلم دول أوربا أن نسبة الفساد الإداري في مديريات الجوازات في العراق وصلت الى 57% بمعنى أن(57) جواز من كل(100) جواز هي مزيفة أو غير قانونية.

 

 الا تعلم الدول الأوربية ان الجوازت الصحيحة هي كافة الجوازات السابقة نوع (M-N-) و(S) النافذة المفعول قبل الغزو حيث كانت الضوابط مشددة لأصدارها في حين انها ترفض التعامل بهذه الجوازات وتطالب اللاجئين  العراقيين بالحصول على الجوازات المشبوهه نوع(ج) في تصرف يثير علامة إستفهام كبيرة؟

 

الا تعلم دول أوربا ان سجلات الجوازات والوثائق الثبوتية نهبت أو أحرقت جميعها اثناء الغزو البربري، كما سرقت كافة الأختام والجوازات غير المستعملة وأمست بيد الميليشيات وليس بأمكان الحكومة العراقية ان تمييز بين الصحيح والمزيف من هذه الوثائق! أي ان كافة الوثائق بما فيها الجوازات التي صدرت بعد الغزو الأمريكي للعراق هي مثار للشبهة و الشكوك؟ وان عناصر غير قليلة من المجرمين حصلوا على هذه الوثائق باسماء مستعارة أو تغير في الأسم أوالأحرف وهم يتمتعون حاليا بحق اللجوء السياسي لا سيما في السويد حيث الفوضى القصوى في أسلوب منح اللجوء الذي يجري بطريقة تثير السخرية ولا تتناسب وسمعة البلد وخبرته في مجال اللجوء. في حين إن دول أخرى كالنرويج وألمانيا وإيطاليا تعاملت بشكل علمي ودقيق ومنصف مع اللاجئين العراقيين.

 

إلا تعلم دول أوربا بأن صكوك الرعوية الكردية الصادرة من بنك كردستان هي مصدر ريبً بعد أن ادخل المصرف اكثر من (350) ألف عميل كردي من دول الجوار لتكريد المحافظة ردا على عملية التعريب؟ وإن هؤلاء يحملون وثائق عراقية مزورة غير خاضعة لسيطرة أو إشراف الحكومة المركزية؟

 

إذا كان هناك تحسن أمني فعلي في العراق كما تدعي الحكومة العراقية! فلماذا تعزف الدول الأوربية نفسها وعدد من الدول العربية عن فتح سفارات لها في العراق؟ ولماذا تتعذر عن فتحها؟ وإن فتحت فنتيجة صفقات تجارية كما جرى مع السويد وعمان والدنمارك! ولماذا تكون السفارات داخل المنطقة المحصنة(المنطقة الخضراء) حصريا وليس خارجها؟

 

ولماذا لا تطالب الدول الاوربية والأمم المتحدة ممثلة بالمفوضية العليا لللاجئين حكومة المالكي بضمانات وتطمينات حول سلامة اللاجئين العراقيين بعد عودتهم؟ أو أن تشكل مركزا لمتابعة عودتهم بسلام و أن يكونوا بمنأى عن مضايقات الميليشيات أو أجهزة الدولة. وتستشف فيما إذا ستوافق حكومة المالكي على هذا الإجراء من عدمه. مع معلومة بسسيطة بأن فريق عمل لجنة منظمة الهجرة الدولية( YOUNES) بعد أن قضى ثلاثة اسابيع في العراق وإلتقى بالعديد من المسئولين العراقيين بسأن معالجة موضوع اللاجئين العراقيين خرج بنتيجة مذهلة هي" إنهم يدفنون رؤوسهم في الرمال"!

 

لماذ لا تستضيف الأمم المتحدة أو الإتحاد الأوربي وزير الهجرة والمهجرين للأطلاع على خطته بشأن عودة اللاجئيين؟ وتسأله عن سبب توقف الحكومة عن دفع المنحة المالية السخية لحد السخافة للعوائل العائدة للوطن. وترى بأم عينها هلامية وهشة اجراءات الوزارة بل وتفاهتها وعدم جديتها. وأن الوزارة ليست سوى مزرعة من قش والوزير لا يتجاوز دوره خراعة الخضرة! أليس من سخرية الأقدار أن تنتعل وزارة الخارجية وزارة المهجرين فلا يكون للأخيرة دور بل علم بالإتفاقيات التي عقدها الزيباري مع دول أخرى بشأن إعادة اللاجئين العراقيين, وجاءت آخر الأخبار تشير بأن وزير الهجرة والمهجرين عبد الصمد رحمن شكا من تصرف الزيباري هذا مطالبا إياه بإلغاء الأتفاقيات التي عقدها في هذا الجانب! وأي حكومة صعاليك تلك التي يعقد وزير خارجيتها الزيباري إتفاقيات لعودة اللاجئين في حين رفضت سلطات مطار بغداد إستقبالهم( أول وجبة من العائدين قسرا) وكذلك رفضت سلطة إقليم كردستان السماح بهبوط الطائرات التي تحمل اللاجئين العراقيين!

 

لماذا لا تتساءل دول أوربا عن السبب الذي يدفع العراقي للمغامرة بحياته ويدفع ما لايقل عن (25000) دولار لكل فرد من عائلته كي يصل الى برً الامان الأوربي مفلسا لا حول له ولا قوة؟ -علما ان هذا المبلغ يساوي عشرة أضعاف ما تمنحه له تلك الدول في حال العودة الطوعية- وهو مبلغ كبير يؤمن له مشروعا بعائد جيد في العراق؟

 

لماذا لا تستفسر الدول الأوربية من المالكي عن سبب إلحاحه على عودة اللاجئين العراقيين وهو الأمر الذي تستغرب منه منظمة الهجرة الدولية نفسها كما جاء في صريح لها " بدلاً من اصطناع أساليب لدفع الناس للعودة، على الحكومة أن تخلق ظروفاً تولد الرغبة الذاتية لعودتهم. لقد صار المالكي واضحاً جداً بأنه يُريد عودة جميع اللاجئين إلى البلاد. وعلى المرء أن يتعجب لماذا هو في هذه الحالة الشديدة من العجالة!" فإذا لم يكن هناك إستعداد لإستقبال العودة من قبل الحكومة بإعتراف أعضاء البرلمان ووزير الهجرة نفسه فكيف نحل مسابقة الكلمات المتقاطعة هذه؟ مع إستبعاد حسن النية لدى الحكومة.

 

كيف تقيم الدول الأوربية تقرير منظمة الهجرة الدولية بعد زيارة فريقها للعراق وإعلانه بأن" الحكومة العراقية إنتهكت قانون الهجرة الدولية عندما طلبت من سوريا العام 2007 غلق حدودها بوجه العراقيين، حيث كانت جرائم القتل الطائفي متفشية ونشطة. وكذلك الحال مع دول أوربية من خلال عقد اتفاقات معها لإعادة اللاجئين العراقيين قسراً إلى وطنهم." كما جرى مع السويد والدانمارك؟

 

تساؤل أخير لقد تبرعت الدول الأوربية عدة مرات لمساعدة اللاجئين العراقيين أقلها مبلغ(7) مليون دولار حسب ما ذكر المفوض الأوربي(لوي ميشيل) المكلف بشؤون التنمية والمساعدات الإنسانية, في حين بلغت مساعدة الحكومة العراقية للاجئين العراقين خلال عام 2008 مبلغغ قدره (5) مليون دولار فقط! فهل هذا التبرع المثير للسخرية يعكس جدية حكومة المالكي بحل أزمة اللاجئين العراقيين؟ في الوقت الذي يزيد حجم الفساد المالي عن(200) مليار دولار منذ الغزو الأمريكي للعراق؟

 

أسئلة كثيرة تتضارب كموج البحر الغاضب ولكنها تبقى تدور حول نفسها في متاهات ودوائر مغلقة.

لم نتحدث عن الدول العربية والإسلامية وموقفها من مسألة اللاجئين العراقيين! لأنها تثير الألم والشجون وتحز في النفس, لكن كل ما نقوله أن العالم الأوربي المسيحي كان أكثر تسامحا وكرما من العالم الإسلامي والعالم العربي تجاه اللاجئين العراقيين ولا نريد ان نتوسع في الموضوع لأن من شأنه أن ينكأ جراحا ليس هذا وقتها ومكانها المناسب. سيما ان البعض يعاني من حساسية مفرطة عند ملامسة الحقائق! وحتى الدول التي تعتبر نفسها قد فتحت أبوابها تجاه اللاجئين العراقيين فهي تدرك جيدا إن هؤلاء اللاجئين قدموا لها وهم يحملون معهم مواردهم المالية التي تقدر بمئات الملايين من الدولارات ولم يأتوا كشحاذين رغم أن اكثرهم عوملوا بهذه الطريقة.

 

كان الله في عون العراقيين فهم في حيرة بين جزرة المفوضية العليا للاجئين وبين عصا المالكي الغليظه.

فلا هم في راحة داخل العراق ولا هم في راحة خارجه! فحقد وخبث حكومة الأحتلال عليهم مثل غيمة سوداء تغطي سماء كل دولة فيها لاجئين عراقيين ... والعياذ بالله.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاربعاء  / ٠٨ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٣ / حزيران / ٢٠٠٩ م