في ذكرى انتفاضة الثلاثين من تموز هل قتل الفلسطينيون عبد الرزاق النايف لانه التقى موشي ديان ؟ ولماذا امر الملك الحسين بمتابعة التحقيق مع الشرطة البريطانية ؟ وما جرى باجتماعه مع الشاه ؟.. عندما وجه ابو عدي مسدسه اليه قال لدي اربعة اطفال فاجابه  : لاتخف انت واطفالك

 
 
 

شبكة المنصور

 المحامي علاء الاعظمي

عبد الرزاق النايف وما حصل له ودوره في تفجير ثورة 17-تموز عام 1968 وبالتالي قضية مقتله تلوك على الالسن وتتداولها الكتابات بشيء من التحريف والتشويه الا اننا وبمناسبة انتفاضة 30 تموز 1968 نرجع للوثائق البريطانية التي افرجت عنها مؤخرا فيما يتعلق باغتياله في لندن

 

وقد نشرت القبس الكويتية   وثائق من الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1978 - الحلقة 23 وقالت فيه ان فلسطيني بجواز سفر جزائري اغتال النايف في لندن  

 

في التاسع من يوليو 1978قُتل عربي بأيد عربية في احد شوارع لندن وتبين ان القتيل هو رئيس الوزراء العراقي السابق عبد الرزاق النايف، الذي تسلم منصبه لاسبوعين فقط في عام 1968 وان القاتل هو فلسطيني يحمل جواز سفر جزائرياً.

 

في وثيقة ارسلتها دائرة الشرق الاوسط في الخارجية البريطانية الى السفارات البريطانية في بغداد وجدة وطهران وعمان وواشنطن، الروايات الآتية نقلاً عن ثلاث صحف بريطانية هي «ذي غارديان» و»مورننغ ستار» و»دايلي تلغراف» (...).

 

قالت « ذي غارديان» كان للنايف شبكة علاقات جيدة مع بعض الخونة  وبعض السياسيين العرب في اوروبا

وقالت «دايلي تلغراف»، التي روت ان قاتله في الخامسة والعشرين من العمر اسمر البشرة كان يرتدي نظارة سوداء واوقفته الشرطة بعد الحادث مباشرة، كما اوقفت زميلاً له ملامح شرق اوسطية في احدى شقق لندن التي لجأ اليها بعد اغتيال النايف في وضح النهار.

 

واشارت الصحيفة الى ان النايف كان قد حوكم غيابياً في بغداد في عام 1971 لكنه لجأ الى بريطانيا حاملاً جواز سفر اردنياً وتعرض لمحاولة اغتيال في منزله في مارلبورن ستريت في لندن عام 1972 لكنه نجا واصيبت زوجته بجراح. وكان اثنان من العرب وراء الحادث.

 

وقالت الصحيفة اليمينية المقربة من الاستخبارات «لم يعرف بعد ما اذا كان العراق امر بالعملية...

ونقلت الصحيفة عن مصادر ديبلوماسية عربية قولها «ان النايف كان مؤهلاً للعودة الى السلطة اذا تلقى الدعم الموعود من سوريا التي تناصب الحكم العراقي العداء».

 

وفي جواب على تقارير الصحافة البريطانية، قال السفير البريطاني في بغداد مستر ستيرلينغ «اعتقد ان نظام البكر اختار قتل النايف كي يحتفل الحزب بالذكرى العاشرة لتسلمه السلطة من دون اخطار يمثلها النايف الذي كانت له علاقات عربية جيدة وحصل على تمويل افضل من ضباط سابقين قد تمكنه من العودة بدباباته لتهديد حكم البعث».

 

اهتمام الملك حسين

وبدا من الوثائق البريطانية ان اللواء النايف كان على علاقة بالاردن، اذ سارع الملك حسين، الذي كان في العاصمة البريطانية، الى التعزية بوفاته عندما زار منزله ليل الاغتيال. كما طلب العاهل الاردني الاجتماع مع وزير الداخلية البريطاني في هذا الشأن، وامر وزير داخليته بالاتصال بالفرع الخاص في الشرطة البريطانية المكلفة حماية الشخصيات والديبلوماسيين والتحقيق بالحادث وابلاغه اولاً بأول بالنتائج.

 

ونقل التقرير، الذي حُذفت اجزاء منه وبعض الاسماء، والذي كتبه دافيد تاثام من دائرة الشرق الاوسط بتاريخ 11 يوليو 1978، ان الكوماندور نيفيل ورئيس الشرطة المفتش العام رادفورد زارا الملك وابلغاه بالمعلومات الاخيرة المتوافرة جراء تحقيقاتهما بالحادث، لكن يبدو ان الملك طرح اسئلة لم يستطيعا الاجابة عنها لانها تتعلق بمعلومات عن القاتل وبما اذا كان غيره لا يزال طليقاً في لندن.

 

والغريب ان اكثر من 60 وثيقة عن الحادث لم يرد فيها اي ذكر لصدام حسين وما اذا كان له دور في الامر بتصفية المعارضين العراقيين في الخارج.

 

باسل عقل

وفي الوثائق ايضاً برقية كتبها مستر واكفيلد من السفارة البريطانية في بيروت، وأُرسلت الى السفارات البريطانية في المنطقة، خصوصاً الى بغداد ودمشق، تناولت اجتماعاً بين الديبلوماسي البريطاني وباسل عقل ممثل منظمة التحرير في الامم المتحدة.

 

وقال عقل «ان منظمة التحرير جد مسرورة من اعتقال القاتل مباشرة بعد حادث اغتيال النايف، وان ياسر عرفات قرر ارسال مذكرة تشير الى مسؤولية ابو نضال عن الاغتيال، اضافة الى مسؤوليته ايضاً عن اغتيال سعيد حمامي في لندن ويوسف السباعي في قبرص وعلي ياسين في الكويت».

 

وأضاف «ان المذكرة شديدة اللهجة وتطالب العراق بتسليم ابو نضال»، متهما مسؤولين عراقيين بحمايته وتسهيل مهام قاتليه في عواصم العالم.

 

وكانت السفارة البريطانية في البحرين قد تلقت برقية عاجلة من لندن في التاسع من يوليو 1978 تطلب فيها معلومات عن صالح احمد حسن المولود في البحرين عام 1958، ويحمل الجواز رقم 8939 بعد اعتقاله بتهمة اغتيال النايف.

وافادت الوثائق لاحقاً ان الجواز مزوّر، ونقلت عن تقارير في الصحافة اللبنانية ان الشاب المعتقل فلسطيني يحمل جواز سفر جزائرياً، وانه عضو في المجلس الثوري التابع لصبري البنا (ابو نضال).

 

الميزان التجاري

وفي الوثائق ايضاً برقية من تاثام تفيد ان وزير الخارجية البريطاني طلب فور معرفته بالحادث تقريراً عن الميزان التجاري مع العراق، وما اذا كان قطع العلاقات معه يؤذي الصادرات البريطانية (...).

 

وافاد التقرير ان ما تصدّره بريطانيا الى العراق يصل الى 167 مليون جنيه استرليني، اي نحو 9.2% من واردات العراق. وتستورد بريطانيا من العراق ما قيمته 233 مليون جنيه استرليني، 90% منها لشراء النفط.

 

وافاد التقرير ان «العنف هو سمة الحكم الحالي في بغداد، وانه لا صديق دائماً للنظام، إذ تقوم علاقاته بالجميع على أساس المصالح الدائمة، ومن لا يخدم مصلحته يعتبره عدوا».

 

تحدث الاستاذ تايه عبد الكريم عن عبد الرزاق النايف قائلا

كنت طالب فى كلية الحقوق، مع أننى كنت مدرس بالإعدادية الشرقية وكانت بغيتى ان ادرس القانون لجانب تخرجي من دار المعلمين العالية ببغداد، وكان معى مجموعة، قسم عسكريين، وقسم متقاعدين، وقسم طلاب، ومن بين من تعرفت عليهم هو ابن مدينتى شخص اسمه صلاح القاضى رحمه الله كان برتبة ملازم وآمراً سرية للدبابات في القصر الجمهوري ضمن كتيبة القصر المدرعة، والكتيبة تضم ثلاث سرايا، كنت أنا وشخص اخر ايضاً توفى نقرأ معاً الله يرحمه، تطرق الموضوع للوضع الحالى وكان يشعر بشئ بأن الاتصالات مع عبد الرزاق النعيف وابراهيم الداود، وسبق وكانت اتصالات قبل ان يأتي هو مع اللواء المدرع الموجود بالقصر الذي كان قائده بشير الطالب، كان فى 66، وانا اتحدث فى أواخر 67 فتطرق الحديث للوضعالراهن والحزب الشيوعي وحزب البعث، وكان له موقف عدائى من حزب الشعب، فى عام 63 استلمنا السلطة كان هو آمر رعيل دبابات فى السليمانية وبسبب مصادماتنا مع الشيوعيين كانت بعض افراد عائلته شيوعية فاتهم بسببهم واحيل على التقاعد واعتقل، وبعد أن سقطت الثورة 63 وقادها عبد السلام عارف الله يرحمه، بعد كم عام التقيت به وعرفت أنه آمر سرية دبابات، حتى اكون دقيق اما كان ملازم أول او نقيب، فسار حديث عن الوضع السياسي وزمن عبد السلام عارف حتى مقتل عبد السلام عارف فى حادث طائرة، وبدأت أجُرُه تدريجياً إلى ان استطعت ان اقنعه بأن يكون جزء من الحركة التى نريدها، وعندنا تجربة مريرة عام 63 وخضنا حرب راح بها شهداء تطلعنا الآن نستلم الحكم خوفاً من سقوطه بيد قوى قد تكون رجعية أو ضعيفة أو مشبوهة، ونتمنى ان نصل لهذا الهدف باقل الخسائر، فما رأيك ان تكون جزء من هذه العملية، سألنى بعض الأسئلة وقال اعتقد انكم تنسقون مع عبد الرزاق النايف، قلت له هذا لا اعرفه، وانا اتحدث معك كإنسان وطني وغيور ورجل مربى تربية طيبة، واعرف مشاعرك الوطنية، قال كيف آتى معكم وأنتم انزلتمونى من دبابتى واعتقلتمونى واتعاون معكم ضد شخص تكرم علي واحضرني للقصر الجمهوري بمكان حساس، قلت له حقك، لكن عند مناقشة المصلحة الوطنية العليا للبلد يجب أن يخير الإنسان بين مصلحة البلد وبين مصلحة الأفراد، واعتقد أن تكون الأسبقية للمصلحة الوطنية، لأن المصلحة الوطنية لما نسعي لها تزيدك فخر ووفاء أكثر من خدمة شخص، فاقتنع، بس بقى متردد آخر شيئ وافق، أخبرت الرئيس السابق صدام حسين، وكان طالب بالقانون بالصف الثالث الصباحى وأنا بالصف الثالث المسائى، فكان جالس بغرفة مدير الإدارة المرحوم طه عالم، وسبق ان الرئيس صدام حسين اختفى فى بيته وقبلها اختفى عندى فى بيتى فى شارع الدهام بالأعظمية، وقلت له بعد ما هرب من السجن قلت له بعودة بيتى انا وأخواتى ستة، اربعة متزوجين واختى مزوجها، ما تاخذ راحتك، فبلغت صلاح القاضى وقلت له قال لي يخش بالعافية تتكلم في ايه يا أخويا، وعندى علاقة كانت تربتني قوية مع المرحوم عبد الله سلوم، صديقى ورفيقي بالحزب بالخمسينات فاخبرت عبد الله ان يبلغ المرحوم احمد حسن البكر في الموضوع واريد أن جعله يواجه صلاح القاضي، فراح خبره وقال لي هذه فرصة أوديك ليه، وكان في يوم من أيام رمضان، فالتقينا الساعة الثامنة مساء في بيت احمد حسن البكر رحمه الله، في بيته السابق بعلي الصالح الذى اصبح مقرا ، فرحب بي وسار حديث طويل عن الأمور فى أول لقاء قال لنا شوف يا وليدى عمرى 56 سنة وكم ساعيش لكن والله انا خايف على هذا البلد لئلا يسقط فى يد العملاء والاستعمار، فطموحنا أن نصحح ونكفر عن أخطائنا ونصحح المسيرة لخدمة هذا البلد، صلاح القاضي بضحكة وبنكته قال له سيدى، متى نأتي نستلم السلطة لنتعاون معكم مثل السابق تلدموها تكريتية من باب وزارة الدفاع للرئاسة، من الباب للمحراب، زعل أحمد حسن البكر وتجهم وجهة، أحمد حسن البكر كان جالساً مقابل صلاح القاض وأنا بالخلف، علقنا وكان يقشر له برتقال، وطلعنا، وثاني لقاء سار فى بيتى حضر المرحوم أحمد حسن بكر، والمرحوم صالح مهدي عماش والمرحوم صلاح القاضي، كلهم انتقلوا إلى رحمة الله، وتناقشنا بالامور، وصلاح القاضى عنده اشخاص موجودين ونحن لدينا بعثيين موجودين واشخاص اخرين وعدنان التكريتى ايضاً عنده مجموعة، ولكن قلة، فليس لدينا سوى طريقين، نحن الجهة الوحيدة المرشحة لاستلام السلطة والوضع كان ضعيف، عبد الرحمن عارف كان رجل مسالم، وليس مثل أخيه شرس، فسارت الأمور أن كتب البيان الأول للثورة وكنا ناويين ان نقوم بعملية مخططة للقيادة فى توقيت معين، فقرأ البيان الأول فى بيتي على صلاح القاضي، ولا اعرف من الذى كتبه.

 

وكانت دعوة لعبد الرحمن عارف من قبل فرنسا لزيارة إلى باريس، فقررت القيادة ان تختار فى هذا الوقت الشهر الخامس، وتستغل غياب عبد الرحمن عارف عن العراق والقيام بعملية ثورة، ويومها كنت نائم بالبيت الساعة الرابعة والنصف جائني والدى رحمه الله وقال لي ابو هيثم (الشايب) وصالح ينتظرونك، ونزلت ووجدتهم وقلت ماذا حدث، قال لي اليوم الأربعاء، والخميس سيسافر عبد الرحمن عارف لباريس وعليها نتوكل على الله ليلة الخميس، وتبلغ صلاح القاضى ومجموعته والبقية نبلغهم، قلت نعم، وثاني يوم الصبح ذهبت لأبي هيثم وسألنى عن كل شئ، قلت له كله تمام، ورجعت بيتى اتصلت بصلاح وقلت له اريد ان اراك، بلغته والتقيته بالمقهي برأس الجسر، وقلت له يا ابو عامر ترى انك بلغت انه راح تكون ساعة السفر بعد سفر عبد الرحمن عارف ورجعت على البيت، فى وقت كنا نخاف وكل طرف معنا يخافون من صلاح لأنه شرس وجسور، فراح صلاح وكان يوم اربعاء، وجائنى وقت المغرب وعيونه برأسه يكفر، ربك، دينك، انت تسئ بي، تذبحنى، قلت له ماذا بك يا صلاح، قال لي لماذا ابلغتم عبد الرزاق النايف، واتصل بي عبد الرزاق النايف وبهدلني وأنبني، وكان عبد الرزاق مدير الاستخبارات العسكرية، قال لي يا بيه بتنسق من خلف ظهورنا، قال لى لا اطلع ليس هناك ثورة ولا أي شيئ، واحد الرفاق كان عنده سيارة وانا كنت بعت سيارتي، واحضرت سيارة رفيق لى وذهب بي للقيادة وكانت كل القيادة موجودة والأمن يشعرون بحركة فبحثت عن طريق فرعي ووصلت وقلت لرفيق أذهب انت، ورأيت القيادة جالسين بس ابو هيثم وابو عدي جالسين في الداخل، سلمت عليهم وقلت له (مو خوش خبر) يا ابو هيثم تأجلت، قال لماذا، قلت له جاء صلاح كهرب الدنيا وعنفه عبد الرزاق النايف، وحكى عليه هذا الحكى، رأساً سار عصبي انعل ابو وسب وشتم على واحد، ابوعدى قال له مش قلت لك ما تقول لحردان والمقصود به أن ابو حردان سرب المعلومة، وليس بقصد الكشف الذي فهمته انها تأجلت لأشعار اخر. وكان عبدالرزاق يعرف وقال لهم خلونا هناك موضوع يجب أن نحسمه أولاً خايفين من صلاح القاضى فهو من سرية الدبابات واكيد يمكن أن يعمل لنا مشكلة، فقال لعبد الرزاق إذا انتم خائفين من صلاح، صلاح عندنا فجن جنون عبد الرزاق لأنه كان لديه طموح ونعرف ارتباطاته المشبوهة، ولكن لم نكن خائفين اذا جاء معنا عبدالرازق وابراهيم الداود بعد ان نستلم السلطة سيتحولون لاشخاص عاديون، وهذا ما سار، فإذن حردان لم تكن نيته سيئة ولكن كان تبريراً لدفع الموافقة على ساعة الصفر، فقال لي اذهب وبلغ ابو هدى عن ان ساعة السفر تأجلت، وقلت له والله ما عندي سيارة، فقال لكريم الشخلي قم أوصله كان عندهم بالحزب سيارة عتيقة، قلت له اوصلني للقهوة وانا اكمل، كلمت هذا الشخص السيد حسن طه وهو اصلاً فلسطيني وانعدم فى هذه العملية ايضاً، وانتهت عند هذا الحد وسافر عبد الرحمن عارف ورجع وليس هناك شئ، فى شهر تموز استئنف النشاط وسار عندنا من القوة والثقة في انفسنا.

 

وكان اعضاء القيادة القطرية  الذين كانوا موجودين، طه الجزراوي، عبد الخالق السامرائى، صلاح العمر، ابو هيثم، صالح مهدى عماش، وصدام حسين، فكانت ساعة السفر الساعة الثالثة، ونحن كنا واعضاء المجلس العسكري كلهم كانوا موجودين، وكان مسئول المكتب العسكري هو صدام حسين وكان نائباً آنذاك، فبُلغت قبلها بيوم بأن أهيئ ربعك المباشر عليه طبعاً، والتعليمات ان لا تبلغوهم ان عندنا ثورة، بلغوا الجهاز الحزبي ان عندنا انذار ونكبس احدى الطابعات العائدة لتنظيم البعثيين (المنشقين)،

 

وذهبت دبابة على باب الجسر وتم السيطرة على الإذاعة وفى حدود الخامس أتى صدام، وقال اصعد روح استلم سلاح وعزز رفاقك، فهو كان يسوق سيارة اوبل مديل 56 ، فبالطريق قال بالنص: رفيق تايه: (حققت امنيتي أووف هسه الف راسي وانام). انا جاوبته امنيتك هي امنية كل الوطنين، بس تلف راسك وتنام يا ابو عدي، عملية التغيير سهلة ولكن الحفاظ على التغيير وتطبيق المبادئ هي المرحلة الصعبة، قلت له المرحلة الأخطر التى سنواجهها، حتى الأن سيعلن البيان ما حد سيعرف من نحن، لكن عندما يعرفون ان حزب البعث العربي الاشتراكي هو الذي قام بالثورة راح يبدأ التآمر على الحزب من القوة المعادية للحزب أو الاستعمارية ، ويبدأ التآمر من اللحظة التي تعرف به هوية القائمين بالثورة، ما علق الرجل، قال المهم ان حققت امنيتي فوصلنا ووصلنا للقصر قف، قلت لهم نحن ثوار، ووصلنا لأبو هيثم وبعدها اذيع البيان.

 

عبد الرحمن بعد أن قال أهدم القصر على رأسكم، نزلوا له دبابة وضربت الغرفة بقذيفة، فاتصل بنا وقال اتنازل ولكن تحافظون على حياتي، فاتوا به بكل احترام ووضعوه فى سيارة إلى المطار فطائرة خاصة.

 

وعبد الرازق النايف كان مخطط أن الوثبة الثانية له ان يستلم السلطة، وكان يعتمد على عناصر من الكتيبة ومن اللواء أكثرهم من المحافظة، محافظ الرمادي الذي كان يحضر هو واخرين من حاشية الرئيس، فكنا نحن خائفين كل الجهاز الحزبي من متقاعدين والعسكريين إلى المدنيين نيمناهم بالكتيبة، وبقينا ماسكين الدرك ونزلنا كل الضباط المشبوين اعتقلناهم.

 

والمرحلة الثانية مرحلة 30 تموز فلما بلغنا بساعة الصفر بعد القاء القبض على عبدالرزاق ومجموعته ووزعناه على الجهاز الحزبى كل واحد أخذ مواقعه وكان رئيس وزراء ووزير الدفاع ابراهيم الداوود من الموالين له.

 

ومن قام بالقبض عليه كان مستدعى للقصر وحصلت مواجهة مع الرئيس احمد حسن البكر، وصدام ومجموعة دخلوا عليه وقالوا له سلم، قال: دخيلكم لا تقتلونى، فقالوا لن نقتلك وأخذوه فى سيارة للمطار ولا ندري اين ذهب. المهم طار خارج العراق وابراهيم الداوود لما سمع هرب، واستلم الحزب السلطة واصبحت الهيمنة للحزب.

 

في التقرير السياسي الصادر عن المؤتمر القطري الثامن لحزب البعث العربي الاشتراكي في العراق عام 1973 نقرأ هذه الفقرة فيما يتعلق بتفجير ثورة تموز المجيدة :

 

كل شئ اصبح منتهيا الان الخطة جاهزة للتنفيذ الرفاق مستعدون.ساعة الصفر تحددت والاوامر على وشك ان تصدر من القيادة بالبدء في التنفيذ بعد ساعات قليلة.

 

ولكن جرس الباب دق ويذهب احمد حسن البكر ليرى من يدق الباب في هذه اللحظة الشديدة الحرج والخطورة ثم يعود لهم بعد برهة وقد بدأ على وجهه القلق العنيف والتعب النفسي البالغ حاملا بيده رسالة طرحها امام اعضاء القيادة المجتمعين وهو يقول :اسمعوا هذه الرسالة التي جاء بها (احمد مخلص) الضابط بالاستخبارات العسكرية:

 

(اخي ابو هيثم) بلغني انكم ستقومون بثورة بعد ساعات تمنياتي لكم بالتوفيق واتمنى ايضا ان اشارككم...التوقيع عبد الرزاق النايف مدير الاستخبارات العسكرية.

 

واسقط في يدهم دارت رؤوسهم ومادت الارض من تحت اقدامهم وكأن كرة الحديد قد مستهم وبدا أن كل شئ قد صار الان قبض الريح كل الامال الكبيرة تتقوض في لحظة كل الخطط والترتيبات والنضالات الطويلة باتت هشيما تذروه الرياح بل ان الكارثة تلوح شيئا فشيئا اكبر وافدح ان الحزب كله اصبح في هذه الساعة مهددا تهديدا خطيرا بالتصفية الشاملة فضلا بطبيعة الحال عن ان الجالسين هنا الان سوف يواجهون بعد لحظات عقوبة الاعدام.

 

ونهض بعض الرفاق من اماكنهم واخذوا يمشون في الغرفة جيئة وذهابا. وكانهم يتحركون في قفص حديدي صغير وانطلق واحد منهم وقد بدت امامه النهاية المفجعة واضحة وضوح السطور القليلة الحاسمة التي حملتها الرسالة صارخا في وجه الاخرين مدينا تلك التحالفات – التي كان يوافق عليها منذ لحظة – والتي ادت الى هذه النهايات المدمرة واعتبر التحالف مع (الداوود) امر لواء الحرس الجمهوري هو الذي قاد الى افشاء اسرار الثورة وافضى الى هذه الكارثة.

 

ولكن الان؟ليست هذه الساعة ساعة لوم او ندم والعجز في النهاية لا يليق برجال يوشكون على القيام بثورة لابد من مخرج ولكن من يقود الى المخرج؟

 

تكلم صدام حسين واوقف المناقشات التي تولول بعبارات اللوم والندم وقال في حسم مطلوب ومفتقد في تلك اللحظة : انا اقترح ان نقبل مشاركته.ونظر اليه الجميع وقد عقدت الدهشة السنتهم ولكنه – كمن يتلو قرارا اكمل :

اقترح ان يذهب اليه الرفيق احمد حسن البكر ومعه حردان التكريتي وصالح مهدي عماش او اثنان منهما ويقولون له :نحن نقبل حياك الله...وما كنا نتصور من قبل انك تريد تشاركنا ويعرضان عليه الموقع الذي يرضيه بعد الثورة فيما عدا رئاسة الجمهورية.

 

ولكن بشرط هو تصفيته فورا اثناء الدخول الى كتيبة الدبابات او بعد ذلك.انني اذ اقترح هذا فانني ادرك بانه ماكان من الممكن ان نفعله لو ان هذا الرجل قد شاركنا العمل وفق صيغة طبيعية ولو كنا متاكدين من وطنيته وانه يريد المشاركة لانقاذ الشعب وانما فرض علينا وهو يريد ان يطعن الحزب خدمة لجهة ما مثلما طعنه من قبل عبد السلام عارف ولذلك فانه لامر مشروع واخلاقي ان لايغدر الحزب والثورة مرة اخرى وان ندفع عنهما الاذى في حالة الرفض وان ندفع عنهما الاذى في حالة القبول..ومن الان نتفق...

 

انني اخجل ان اقترح نفسي في يوم ما لأية مهمة ولكن هذه المهمة لا اظن انني اخجل منها..انني اقترح عليكم ترشيح الرفيق صدام حسين للقيام بهذه المهمة.وبدون مناقشة بالتفاصيل ويترك له اختيار اللحظة المناسبة..اعتبارا من دخول كتيبة الدبابات وما بعدها لتصفيته وبالطريقة التي يراها ويعتبر هذا القرار نهائيا.غير جائز ان يوضع موضع المناقشة في المستقبل.

 

وافاق الحاضرون بعد ان انتهى من كلماته – او قراره – وكأنه قد انتشلهم من غرق ورفعوا ايديهم بالموافقة على قراره بالاجماع.

 

وانفض الاجتماع على موعد – بعد ساعات – مع الثورة.

 

وفي تلك الساعات الاولى من صباح 17 يوليو – تموز 1968 فتح صدام حسين المخبأ السري في بيته واخذ يخرج الملابس العسكرية وبعض الاسلحة والقنابل اليدوية منه وكانت (ساجدة) تقف الى جانبه وتساعده حتى عدي الصغير كان ساهرا هذه المرة لم يكن يحمل الرسائل في صدره بل كان يجري ليمسك يقنبلة يدوية تتدحرج هنا او هناك ليجلبها لابيه ويتعلق بكتفه وهو يظنها لعبة

 

وكان الرفاق الذين حددتهم القيادة في الاماكن التي خصصت لتجمعهم ينتظرون الامر بالتحرك بينما كان اعضاء القيادة نفسها قد تكامل عددهم في منزل (كريم الندا) حيث سوف تنطلق منه بعد لحظات فرقة الهجوم الاولى على القصر الجمهوري كانوا جميعا في ملابسهم العسكرية الحقيقية او (الزائفة) وبينهم كان يقف الملازم صدام حسين وخلفه تماما يقف الملازم (برزان) اخوه – الذي اصر على ان يصحبه وهو في الثامنة عشر من عمره.

 

في الثانية وخمسة واربعين دقيقة تحركت سيارة مؤسيدس بيضاء يقودها صاحبها (حردان التكريتي) والى جواره (احمد حسن البكر) ومن خلفهما (صالح مهدي عماش) من امام بيت (الندا) وتحرك من ورائها مباشرة لوري عسكري كان يحمل صدام حسين وبقية اعضاء القيادة فضلا عن مجموعة قليلة من الرفاق الاخرين بينهم برزان زجعفر الجعفري وذياب العلكاوي وعزت الدوري الذي زعم انه خبير وقتها في قيادة الدبابات حتى لا تفوته المشاركة في الهجوم على القصر.

 

وكان احمد حسن البكر هو قائد الحملة وعلى راس الموكب الصدامي وما اقترب الموكب من باب كتيبة الدبابات حتى لاح وجه سعدون غيدان وهو واقف ينتظرهم وفجأة صاح (سعدون) في الحرس الخاص بباب الكتيبة : قف هؤلاء جماعتنا.افتح الباب دعهم يدخلون...الى الامام.

 

فتح الباب اصبحوا داخل الكتيبة تقدموا نحو الدبابات في (جراجاتها) وبدأ الرفاق يحركونها ويسلمونها للاخرين ثم يعودون سريعا ليحركوا غيرها وعندما سمع صوت الدبابات نهض الضباط والجنود من القاعة المجاورة وجاؤوا يركضون وفجأة صاح بهم صدام حسين ومن خلفه برزان : تجمع تجمع.تجمع وقادهم الى القاعة مرة اخرى ثم عادا مسرعين وتسنما ظهر دبابة على القور ومعهما ذياب العلكاوي فاذا ببرزان يلمح جنديا يحمل بندقية (كلاشنكوف) الى جانبه فانتزعها منه عنوة بعد ان القاه على الارض وراه صدام فقال له (اعطي المسدس ل (ابو خليل) يالله معنا ابو خليل يالله ابني انت معنا فعلا.ابني ملازم برزان مايعرفك.انت معنا (سحب برزان المسدس واعطاه للجندي الذي اخذ منه مدفعه والجندي لم يغضب واكتشفوا – لحسن الحظ – ان هذا الجندي يعرف كيف يقود الدبابة.

 

وقاد بهم الدبابة بالفعل وفي الطريق مابين باب الكتيبة والباب النظامي للقصر وقفت الدبابة وبدأت تطلق نيرانها وتعلم صدام حسين ساعتها كيف تطلق نيران الدبابة علمه الجندي الذي اخذت بندقيته عنوة منه..قال له صدام (ابني اترى اني ضابط مشاة) مااعرف استخدام الدبابة ماتعلمني شلون يستعملون الدوشكة للرمي؟ قال له الجندي (سيدي هذا فقط تسحبه بهذا الشكل وهذا تضغط عليه من هنا وهذه اعتيادية هكذا) ولكن الجندي الذي لم يكن يفهم من الامر شيئا عاد يسأله (سيدي ماذا في الامر؟قال صدام (طاهر يحيى (الذي كان رئيسا للوزراء) يريد يسوي انقلاب على عبد الرحمن عارف.على الرئيس واحنا نفزع له ونفك عنه الحصار..قال الجندي (بارك الله فيكم).

 

وعندما اقتربت الدبابة من الباب النظامي بدأت تطلق نيرانها على مبنى القصر وفي نفس الوقت كان حردان التكريتي يتصل تليفونيا بعبد الرحمن عارف ويطلب اليه (ان يسلم نفسه).

 

بعد فترة قصيرة خرج عبد الرحمن عارف واعلن تسليم نفسه طبقا للوعد بأن لا تمس حياته وتوقف اطلاق النار.

وعند الفجر اعلنت الجمهورية العراقية على الشعب العراقي والامة العربية والعالم اجمع نبأ قيام ثورة 17تموز – يوليو المجيدة في القطر العراقي.وبيانها الاول موقعا باسم مجلس قيادة الثورة وانتقل (الرئيس) احمد حسن البكر الى مكتبه في القصر الجمهوري وتالفت الوزارة الجديدة طبقا للمخطط الذي كان قد وضع من قبل واحتل عبد الرزاق النايف منصب رئيس الوزراء وابراهيم الداوود منصب وزير الدفاع وحردان التكريتي رئيس اركان الجيش وصالح مهدي عماش نصب وزير الداخلية.

 

وخلع صدام حسين بدلة الملازم العسكرية وارتدى بدلته المدنية العادية وحمل بدلا من الرشاش مسدسه عيار 13 العادي.ولم تكن اللحظة مواتية لتصفية عبد الرزاق النايف.كان الضباط الرجعيون يسيطرون تقريبا على معظم المواقع داخل القصر بينما كان اللواء المدرع العاشر معسكرا في منطقة ابي غريب على حدود بغداد بعد ان رفض اوامر عبد الرزاق النايف بالعودة الى موقعه السابق كما توقع صدام حسين بالضبط وبدأ حردان التكريتي يجري – بوصفه رئيسا للاركان – بعض التغييرات في مواقع الضباط وينقل ضباط الصف المنتسبين من خارج بغداد الى بغداد نفسها وبعدها بقليل التحقت دفعة اخرى من ضباط الصف بمواقعها الجديدة في داخل العاصمة ايضا وصار الوضع افضل بالمعنى النسبي.

 

ولكن (صدام) كان مهموما قلقا في تلك الايام كما لم يكن كذلك قط في حياته كان يجتمع مع اعضاء قيادة فرع بغداد ويوجههم باتجاه وحدة الحزب والتركيز عليها ويشير الى ان الحزب ليس وحده في الثورة وان هناك (جهة) متحالفة معه دون ان يوضح هذه الجهة حتى لاتكثر التأويلات والتفسيرات يبعا للوى.

 

غير ان (حماد شهاب) ايضا كان مهموما وقلقا فرغم انه كان امر اللواء المدرع العاشر فانه لم يكن عضوا في مجلس قيادة الثورة واذ رأه صدام في هذا الوضع النفسي في الايام الاولى للثورة سحبه من يده وكانا جالسين بغرفة في القصر وخرجا الى الردهة الخارجية يتمشيان قال له صدام : لماذا انت لست عضوا في مجلس قيادة الثورة؟انهم الان مجتمعون.ادخل عليهم غرفة الاجتماع فورا.وقل لهم :اما ان تكون عضوا بالمجلس او ان تقلب الدنيا فاذا قبلوا (زين) واذا رفضوا (زين) ايضا..ودخل حماد شهاب غرفة الاجتماع في التو.وخرج منها عضوا بمجلس قيادة الثورة.

 

ومع ذلك ظل الهم والقلق يلازمانه والخوف على الثورة لم يزايله قط.صحيح انه في مكتب رئيس الجمهورية يجلس الرفيق احمد حسن البكر ولكن اولئك الذين تسللوا الى الثورة في (حصان طروادة) الجديد السافر هذه المرة يمثلون اخطارا جدية على الثورة وتهديدا حقيقيا لها في اي وقت بل ان كل لحظة تمر ترسخ اقدامهم كل لحظة تمر في وجودهم هي لحظة مخصومة من عمر الثورة وفضلا عن ذلك فان تاريخهم الخاص غير النظيف يلقي بظلاله على افق الثورة ويحيلها في الوجدان العام الذي لم يكن يعرف ماجرى وما يجري الى حركة شبيهة باي انقلاب عسكري.واكثر من ذلك فان استمرارهم كان يعني ببساطة اعقام الثورة ووقفها عن النمو بل ودفعها الى الوراء كلما امكن فحتى شركة النفط الوطنية التي تاسست في عهد عبد الكريم قاسم يريد عبد الرزاق النايف الان صراحة وفي اجتماعات مجلس الوزراء ان يحلها.

 

فما عساه يبقي للثورة بعد ذلك؟وماذا بوسعها ان تحقق من اهدافها التي قامت من اجلها؟ لم يكن الوصول للسلطة من اجل السلطكة لذاتها والحزب الذي ناضل عشرات السنين ودفع مئات او الوفا من الشهداء على طريق نضاله. ودرس وخطط وقرر وقاد وشارك بقيادته الكامله في تنفيذ الثورة.كيف يمكن له ان يظل اسيرا لاتنين من المتطفلين والدخلاء..لا على الثورة فقط بل على الشعب العراقي نفسه بجماهيره المذلة والمهانة والمضحية والباحثة في الثورة عن خلاصها النهائي؟

 

كان القلق يتصاعد في نفسه يوما بعد يوم وكل ساعة بل كل لحظة تحمل الى نفسه مخاوف جديدة على الثورة ومصيرها (أم عدي) تنظر الى وجهه وتتعجب تقول له (انتم قمتم بالثورة ولكن وجهك ليس وجه منتصر ماذا بك؟ ولكنه يتخلص من الرد ولايعلق بشئ وعندما يخرج من باب بيته يلقاه جاره فيسأله بطريقة عفوية (ابو عدي) يقولون مشبوه عبد الرزاق النايف هذا (وهو يتجاهل السؤالب ولا يرد).

 

ولكن حتى متى؟وما هو الضمان في ان (الاخرين) الدخلاء والمتطفلين واذنابهم لايفكرون الان وتدبرون امورهم للخلاص من اصحاب الثورة الحقيقيين؟ان الزمن في خدمة المبادر وان لم تبادر الثورة فلسوف يبادر اعداؤها بالحتم.

وحينذاك..من يستطيع ان يغسل يديه من الدم ويقتلع من قلبه اشواك الندم وهو يواجه تاريخا لايرحم.

 

ويقول امير اسكندر في كتابه عن  صدام حسين اثني عشر يوما لم ينم فيها الا نوما متقطعا قلقا سرعان ماكان يفيق منه ويفتح عينيه في الليل وكانه يحاول ان يزيح من امامهما كابوسا في منامه تلك كانت من اقسى ايام حياته.

 

لا لم يعد ثمة معنى للانتظار اكثر من ذلك ومابقي في قوس الصبر منزع.. خرج مبكرا من بيته في الصباح وطلب عقد اجتماع للقيادة القطرية وبعد فترة قصيرة كان كل اعضاء القيادة يجلسون في اماكنهم فيما عدا الرئيس احمد حسن البكر الذي كان منثبه الجديد يحول دون خروجه من القصر في ذلك الوقت وفيما عدا ايضا عزة مصطفى وعبد الله سلوم..اللذين سافرا الى القاهرة قبل قيام الثورة وعندما عرفا بتوقيتها بعد ان زعم كل منهما ان لديه عملا هناك لايستطيع ان يؤجله.كان اجتماعا قصيرا لم تتردد فيه سوى بضع كلمات قليلة وحاسمة قال لهم صدام حسين - انني لم اجتمع بكم يارفاق لكي نعيد مناقشة القرار الذي اتخذناه في اليوم السابق على الثورة بشأن تصفية عبد الرزاق النايف فهذا القرار لايناقش ولكنني اردت فقط ان اقول لكم انه قد حان الوقت والمسألة تعتمد على الجانب الفني السريع..)

قالوا :اننا موافقون تماما واختر الوقت الذي تراه مناسبا قال : غدا هو الوقت المناسب.وانفض الاجتماع السريع الطارئ

 

بعد الاجتماع بدأ يتصل بمجموعة من الرفاق يثق بهم شخصيا ويطلب اليهم التواجد في القصر الجمهوري غدا قبل الظهيرة وكان من بينهم برزان.جعفر الجعفري وسعدون شاكر وصلاح صالح وكامل ياسين وعجاج الاحمد الهزاع.ثم اتصل بحراسة الباب الخارجي للقصر وطلب منهم ان يسمحوا لهم بالدخول في الموعد المحدد.

 

ومرت ليلة بطيئة ثقيلة كانها تحمل فوق كل لحظة من لحظاتها جبلا من الصخر وماكادت شمس الثلاثين من تموز - يوليو تبزغ حتى كان صدام حسين يتهيأ للتوجه نحو القصر ودخل على الفور الى مكتب رئيس الجمهورية الرفيق احمد حسن البكر وعرض عليه ماتم في اجتماع القيادة نهار الامس فوافق على قرار القيادة وشرح له صدام الخطوط العريضة لما سوف يحدث بعد.تناول طعام الغداء في هذا اليوم.كان طعام الغداء يومها غزالا مشويا ذبحه حماد شهاب وجلبه الى القصر..ولكن قبل ان يدخلوا الى غرفة الطعام توقف صدام حسين مع حماد شهاب..قليلا وانتحى به جانبا وقال له :ابو رعد (هذه المسألة...ستتم اليوم...اليوم سأتخلص من هؤلاء) قال ابو رعد وهو يضحك : هل ضبطت الامور كلها؟ قال ابو عدي : (كل شئ قد ضبط)... ثم نظر في عينيه نظرة مباشرة وقال سريعا في حسم : عندما نخرج من غرفة الطعام وتراني ادخل الى مكتب الرئيس لاتدخل انت ليس لك حاجة بها.توجه الى اللواء المدرع العاشر على الفور وطوق القصر ادخل رعيل الدبابات الى داخل السياج الخارجي للقصر لان عبد الرزاق النايف لاينبغي ان يفلت فاذا حاول الافلات سأقتله ومن المحتمل ان تحدث مضاعفات ونقتل نحن هنا فوحدات القصر تدين كلها بالولاء له.بما في ذلك الحراسات الداخلية في القصر بالاضافة الى حراسه الشخصيين وهم اثني عشر حارسا مسلحا بالرشاشات يحيطون به.فاذا حدثت تلك المضاعفات وقتلنا هنا فانك تستطيع انت ومن يتبقى من الحزب ان تتسلموا السلطة وتتوكلوا على الله..

 

على مائدة الطعام كان الرئيس احمد حسن البكر يجلس والى جانبه عبد الرزاق النايف وحردان التكريتي وصدام حسين وحماد شهاب وسعدون غيدان وصالح مهدي عماش وكان حماد شهاب يضحك وهو يقول :طعام اليوم غزال كله...

 

انتهى الطعام وخرج من الغرفة سريعا كان حردان التكريتي يسير الى جانبه وهو لا يعرف..نظر اليه صدام حسين وقال له ((ابو سعد)) اليوم تكون المسألة منتهية قال حردان اليوم؟ ابا عدي نتفاهم صعدا الدرج المؤدي الى مكتبه جلسا لحظة..نظر اليه صدام في عينيه مباشرة وقال له : ابو سعد المسألة لاتحتاج الى تفاهم..قال حردان.. حسنا ولكنه لايتوقع ان تتم العملية في نفس اليوم ومع ذلك عاد يقول : ابو عدي..انت تريد ان تقوم بالعملية في هذا النهار. اخوي سوف تقتلنا.كيف يمكن اتمامها في هذا الظهر؟الحرس كله يدين بولائه لعبد الرزاق النايف..قال له صدام :كل شئ تم ترتيبه..

 

تركه جالسا في مكتبه وهو يظن انه اقتنع بتاجيل العملية الى ساعة اخرى غير هذه الظهيرة وهبط الدرج مسرعا لايلوي على شئ..دخل غرفة المرافقين..وقعت عينه على الرفاق الذين واعدهم قال لهم دون ان ينظر الى وجوههم :اتبعوني....واجتاز بسرعة غرفة السكرتير وكان يقف بها الى جانب السكرتير..سعدون غيدان.ودخل مباشرة الى مكتب رئيس الجمهورية.كان الرفيق البكر جالسا الى مكتبه وصالح مهدي عماش جالسا امامه.اما عبد الرزاق النايف فكان جالسا وظهره نحو الباب الخارجي للغرفة.

 

سحب صدام حسين مسدسه ووجهه نحو عبد الرزاق النايف وصاح به : ارفع يديك..التفت النايف اليه وقال : لماذا؟ فلما رأى المسدس موجها اليه وضع يديه على عينيه وقال : عندي اربعة اطفال..قال له صدام :لاتخف انت واطفالك لن يحدث لكم شئ اذا سلكت سلوكا طبيعيا.عبد الرزاق انت تعرف انك دخيل على الثورة وانت حجر عثرة في طريق الحزب وهذه الثورة دفعنا من اجلها دم القلب حتى رايناها.ان قرار الحزب هو ازاحتك من طريقه.

 

انتزع مسدسه من جانبه وهو يسمع المسدسات في ايدي رفاقه من خلفه تسحب طلقاتها ووقف صالح مهدي عماش يريد تخفيف الموقف قائلا :انتظروا ودعونا نتفاهم...توجه اليه صلاح عمر العلي وجره من يده.واجلسه على مقعده.فجلس دون ان يحاول التحرك مرة اخرى.

 

قال عبد الرزاق النايف بعد اقل من لحظة :ماذا تريدون مني؟سحبه صدام من يده ودخل به الى الغرفة المجاورة وهو يقول له :عبد الرزاق نحن لن نقتلك هذا هو ما لك علينا..اما الذي عليك لنا فهو ان لا تحاول ان تتحرك اية حركة تدفعنا الى قتلك ولابد لك من ان تخرج من العراق..فأن تريد ان تتوجه؟في اي سفارة؟

 

قال النايف : اذهب الى لبنان  

قال صدام :لا..  

قال النايف : طيب الجزائر  

قال صدام : لا  

قال النايف : اذن اذهب للمغرب  

قال صدام : موافقون.

 

رفع صدام حسين سماعة التلفون فرد عليه عامل السويتش :نعم سيدي.فقطع السلك على الفور ونظر الى برزان وجعفر الجعفري وقال لهما : انتما تقفان هنا الى جانبه ولا تتحركا من هذا المكان حتى لو انتقل الكون من موضعه واذا حاول ان ينهض من مقعده او اذا سمعتم صوت اطلاق نار في الخارج ومقاومة.اطلقوا عليه النار فورا.هل سمعت ياعبد الرزاق الاوامر؟قال :نعم سمعتها..

 

خرج من الغرفة بعد ان اغلقها وتوجه الى مكتب الرئيس سحب صالح مهدي عماش من يده وخرج به من المكتب الى غرفة السكرتير فوقعت عيناه على سعدون غيدان.فاندفع نحوه صدام وقبله..وهو لايدري ماذا جرى.قال سعدون : ابو عدي ماهي القصة؟ قال له صدام : انتهينا من عبد الرزاق النايف حسب اتفاقنا ابو سمرة.هذا صالح مهدي عماش معك.تذهبان الان مباشرة الى كتيبة الدبابات وتجلسان هناك فذهبا رأسا

 

نشرت "الحياة" بعض ما كتبه الراوي في مفكرته عن اجتماعه والنايف بالملا مصطفى البارزاني ثم انتقل إلى المحطة الإيرانية. قال: "عدنا إلى طهران وكان لكل منّا رأيه (أنا والنايف) في الخطة التي يقتضى اتباعها لإنقاذ العراق من حكم "البعث" .

 

جرت مقابلة الشاه محمد رضا بهلوي في قصره على بحر قزوين لغرض مناقشة الخطة، يرافقني عبدالرزاق النايف وسعد صالح جبر بحضور الجنرال نصيري والمترجم محسن فارس (وبقي الآخرون في غرفة الانتظار قرب الباب النظامي وهم الجنرال معتضد وفرازيان ومنصور بور وعباس آزرمي وضابط كاتب الاختزال برتبة مقدم).

 

أولاً - كانت خطة عبدالرزاق النايف ويسنده سعد صالح جبر بأنه يكفي أن نشتري ذمة العقيد الركن محمد علي سعيد (مدير الحركات العسكرية وقائد القوات المدرعة وقوات بغداد وعضو مجلس قيادة الثورة في الوقت نفسه)، ثم يجري الانقلاب داخل البعثيين لمصلحتنا. أما نحن فنركب الطائرة من طهران إلى بغداد، فإذا تفضلوا علينا باعطائنا مسؤولية أي وزارة، فهذا فضل منهم، وإلا فالعودة إلى بيوتنا سالمين.

 

ثانياً - وكان رأيي عكس ذلك تماماً، حيث شرحت بالتفصيل بأن احتمال نجاح أي انقلاب ضد البعثيين لا يتجاوز 50 في المئة، وبأن الخطة الأصح هي في ذهابنا إلى شمال العراق مع الثوار الأكراد والبارزانيين، ومن هناك نجري الاتصال بالضباط من أوامر الوحدات والتشكيلات، بل وحتى الوحدات الفرعية (أمراء الفصائل والسرايا) ثم بتوقيت موحد نسيطر على القطاعات العسكرية في شمال العراق ووسطه وجنوبه، خصوصاً تلك القطاعات القريبة من الحدود، ثم نزحف بها (وفقاً للخطة) إلى بغداد، وفي الوقت نفسه نشعل الثورة لدى العشائر المحيطة ببغداد وجنوبها وشمالها، وفي الوقت ذاته تزحف فصائل الأنصار للثورة الكردية البارزانية وفقاً لخطة موحدة مع زحف قوات الجيش العراقي. وهذا لا يمنع من شراء ذمة محمد علي سعيد ليقوم بانقلاب داخل قيادة حكم "البعث" في بغداد، وأن يجري توقيت هذا الانقلاب ضمن الخطة العامة، حيث ان اعتماد الخطة هو على زحفنا بالقطاعات العسكرية وفصائل الأنصار وبالعشائر، وسواء نجح محمد علي سعيد بانقلابه أم فشل، فإن زحفنا من الشمال والجنوب مع قيام الثورات للعشائر المحيطة ببغداد وفي الفرات الأسفل وفي الحويجة (كركوك) وفي الجزيرة (ما بين دجلة والفرات) سيقرران نجاحنا في سحق حكام "البعث" والانتصار عليهم بإذن الله تعالى.

 

لقد أيّد الشاه خطتي بعد مناقشة استمرت ساعتين وخمساً وعشرين دقيقة (بينما كان مقرراً ان تكون مقابلتنا مع الشاه لمدة عشر دقائق قد تطول لتبلغ اثنتي عشرة دقيقة أو خمس عشرة دقيقة كحد أقصى). عدنا ليلاً الى طهران حيث طلب سعد صالح جبر ان يسافر فوراً الى اميركا مباشرة (وقد أخبرني وبعد أكثر من ثلاث سنوات ونحن في لندن بأنه كان يسافر الى هناك ليقدم تقريره وبعلم من ايران وهي التي كانت تسفره وتستدعيه)".

 

وأضاف: "وتدور الأيام ويعود سعد صالح جبر من أميركا ويحضر السيد مهدي الحكيم والسيد حسين الصدر ويلتحق سعد صالح جبر للسكن معهما. (يتركنا وقد نزلنا في القصر المنيف حيث حوض السباحة والحدائق الكبيرة ليسكن معهما في فيلا في طهران بارس). وشيئاً فشيئاً أصبحت أجهل ما يجري حولي لعدم اخباري بالأشياء المهمة (مع منتهى التقدير والاحترام لشخصي الفقير) بينما عبدالرزاق النايف يصول ويجول ويذهب يومياً الى الاجتماع بهم في دوائرهم (التي أجهل مكانها ولم أرها في حياتي). كما سافر عبدالرزاق النايف مرتين الى أوروبا (لا أعلم الى أي البلدان ولا من قابل ولا فحوى ما دار بينهم ولا مدة بقائه في كل سفرة وان كانت لبضعة أيام حسب تقديري، ولربما لدى ابراهيم عبدالرحمن الداود زميله، علم بها)، كما سافر النايف مرتين الى قرب الحدود العراقية ـ الايرانية ولم أعلم بسفراته هذه في حينها ولا أسبابها ولا الغاية منها ولا أسلوب التنقل فيها.

 

وفي أواخر عام 1969 أخذ عبدالرزاق النايف حاجياته ولوازمه وسافر الى لندن (يرافقه هلال بلاسم الياسين) مصطحباً معه أغلى أنواع السجاد الايراني. وحين طلبت ايران منه العودة رفض وأسمعهم فاحش القول، فطلب الملا مصطفى البارزاني أن يسمع من النايف أسباب رفضه العودة والعمل (حينما أخبرته ايران بذلك) لذلك ارسلوا وفداً يضم ممثلين عن الأكراد والشيعة والمسؤولين الايرانيين. وفي لندن أبلغهم صراحة رفضه العودة الى ايران، وأسمع الايرانيين فاحش القول ثانية.وفي يوم من أيام كانون الأول (ديسمبر) 1969 وبصورة مفاجئة طلب الجنرال نعمة الله نصيري (رئيس السافاك) أن يزورني في اليوم التالي (بعد انقطاع دام أشهراً عدة). وأبلغوني بانسحاب عبدالرزاق النايف ومغادرته الى لندن وقصة الوفد الذي ارسلوه اليه من دون علمي. وقالوا ان نتيجة زيارة هذا الوفد الى جميع الأشخاص الذين ادعى النايف بأنه يمثلهم ويتكلم باسمهم بأنه رئيس لهم وللموجودين في أوروبا وشمال افريقيا والشرق العربي كشفت أكبر كذبة. وعند حضور الجنرال نصيري في اليوم التالي ومعه معتضد وفرازيان والمترجمون وكاتب الاختزال أكدت مجدداً على ما كنت طلبته مراراً بأن أغادر طهران الى شمال العراق لغرض الشروع بإكمال ما يلزم لتنفيذ الخطة".

 

في اجاباته الأف بي آي مع الرئيس في اسراه بتاريخ 15 فبراير 2004  رد الشهيد صدام حسين على سؤال بخصوص مقتل القادة العراقيين في مختلف أنحاء العالم، إن كان ذلك صدفة، أو من أجل غرض ما، أو إن كانوا يمثلون تهديداً للعراق، رد بالقول "إسألوا الكويتيين" وذلك في ملخص المقابلة الخامسة من مقابلات الأف بي آي التي أجرتها عبر عميلها جورج بيرو في مركز الإحتجاز العسكري بمطار بغداد الدولي. وتحدث ابو عد  في المقابلة عن ظروف ثورة  17 تموز، وأعطى تفاصيل جديدة عن الطريقة التي تم فيها التخلص من عبد الرزاق النايف رئيس الوزراء العراقي السابق في عهد عبد الرحمن عارف وفي الأيام الـ 13 الأولى من الثورة العراقية، ورد على سؤال بخصوص من قتل عبد الرزاق النايف بالقول انه الله.

 

واكد في المقابلة ان الداوود (الذي كان يعيش في السعودية حتى سقوط بغداد في 2003) والذي طرد ايضا الى جانب النايف في 30 يوليو، لم يكن خائنا للعراق ولم تسجل اية حادثة عليه في هذا الموضوع، ووصف دور الداوود والنايف في ثورة 17 تموز بالهامشي وان الثورة كانت ستقوم من دون مساعدتهما، وانه طلب ان تكون الثورة بيضاء بلا دماء ولهذا تم ارسال النايف والداوود سفراء الى الخارج في 30 يوليو.

 

 واضاف تلقينا انباء في ظهيرة يوم قبل الهجوم بأن النايف يعرض نفسه للانضمام الى الثورة، وكما يبدو فقد ابلغه الداوود عن خططنا رغم اننا ابلغنا الداوود ابقاء هذه الخطط سرية، وبالنتيجة، العديد من الاعضاء طلبوا تأجيل تنفيذ الخطة، في المرحلة الاولى من الثورة، اكتشفنا ان الداوود والنايف كانوا يخططون بينهما وانهما اتصلا بالعديد من الضباط خارج خط اتصالنا، لذلك قررنا ان نتخلص منهم في 31 يوليو، وكنت انا من قدت العملية".

 

حادي عشر: بحسب حسين، تم ارسال الداوود الى الاردن في مهمة عسكرية، واضاف حسين "كان بامكاننا الحصول عليه في اي وقت، ذهبت الى النايف مع مسدس، ولم اكن املك سلاحاً اوتوماتيكياً، وبمسدس واحد اخذت كل الاسلحة من النايف ومن كان يعمل معه"، وبما ان الداوود كان يعمل مع العسكر في الاردن، ارسلنا بعثيون من اجل القاء القبض عليه واعادته الى بغداد "على العموم، كان الداوود والنايف عبارة عن سكين في خاصرتنا".

 

وقال  بالعكس من القصة الشعبية الرائجة عن اعتقال النايف، ان النايف لم يكن مدعواً الى الغداء في منزل البكر الرئاسي، بل ان الاعتقال تم في القصر الرئاسي تناولنا الغداء في القصر الرئاسي كل يوم خلال الـ 13 يوماً بعد الثورة، لاننا كنا بحاجة لاصدار قرارات تحتاج وجودنا في القصر على الدوام كما كان حال الرئيس البكر، الباقون كانوا يحضرون حينما يتم تجهيز الوجبات، وحينما وصل النايف، سحبت المسدس عليه حيث كان يحمل مسدساً ايضاً، كان الامر مثل الافلام، ووضعت برزان ابراهيم الحسن اخي غير الشقيق في الغرفة ليحرس النايف، وحينما اعتقلته قال: لدي اربعة اطفال، لذلك قلت له انه سيتم الاعتناء باطفاله، واخبرته ان يجلس هناك وسألته اين يريد ان يتم ارساله كسفير".

 

وفي البداية نايف قال انه يريد الذهاب الى لبنان، وبما ان لبنان مكان يتم حبك المؤامرات فيه، اخبر النايف ان يختار مكان اخر، حيث طلب النايف الذهاب الى الجزائر، لكنني رفضت هذا الطلب لان الجزائر كانت تعيش ثورتها، ثم طلب النايف الذهاب الى المغرب، فوافقت، حيث رافقته  الى المطار في سيارة وجلست خلفه، وبقية اعضاء حزب البعث كانوا في السيارة ايضاً، وقلت له  "حينما اعد بشيء فانا افي به، لقد وعدنا بأنه لن يجري شيء على الرئيس عارف ولم يحدث شيء، الاصدقاء يعرفون انني التزم بكلمتي" ، وستكون في مأمن وانه لن يلحق احداً به الاذى، لكنه في المقابل عليك الانصياع".

 

يقول المحقق الامريكي :

ضحك حسين حينما تذكر قصة النايف، واراد تزويد محاوره بالمزيد من التفاصيل، تذكر نفسه وهو يقول للنايف "حينما يحيك الحراس، يجب ان ترد عليهم التحية، اذا فكرت في فعل شيء، تذكر انني مقابلك" ، وقال للنايف "حينما تذهب باعتبارك سفيراً، تصرف كما لو كنت سفيراً، سوف نلاحظ ان كنت تخطط لشيء او لا تقوم بذلك" ، وتذكر حسين انه في الوقت الذي كان يغادر فيه النايف فأن (حزب البعث) فشل في الطلب من السلطات المغربية الحصول على اذن قبل مغادرته، ففي ذلك الوقت كان الحسين والاخرون من الطلبة الشباب الثوريين ولم يكونوا على علم بهذه التفاصيل.

 

يقول ابو عدي مع مغادرة النايف على متن الطائرة الى المغرب من خلال معسكر الرشيد (مطار عسكري) اعدت للنايف مسدسه ويقول ابو عدي  ان النايف قتل على عتبه بابه في لندن، تم طرد 13 دبلوماسيا لهذا السبب، وقالان  "الله قتل النايف، لقد بدأ بالتصرف بطريقة ما ضد البلاد، لقد اعطى كلمة بأنه لن يكون ضدها، لقد ذهب الى ايران، والتقى البرزاني في شمال العراق، وبحسب المعلومات، فقد التقى مع موشي دايان (وزير الدفاع الاسرائيلي) ، وهذه كانت تعتبر تصرفات سيئة، اما فيما يتعلق بمن قتله، فأن الامر مختلف، فالله وحده يعلم"

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الجمعة  / ٠٩ شعبــان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٣١ / تمــوز / ٢٠٠٩ م