هفف طائفي يلوّن صفاء علمانيّته وشيوعيّته بين آونة وأخرى

 
 
 

شبكة المنصور

طلال الصالحي

جميع ما يجري من  وقائع أحداث  سياسية تجرّ ورائها احترابات طائفيّة  أو تنظيميّة أو غيرها من التي تقع على  أرض  لبنان   وفلسطين  اليوم   , أو في العراق ـ ولندع  مصر والسودان وليبيا والجزائر والمغرب  جانباً  حاليّاً  ـ  فجميعها تنطق , خاصّة بعد  غياب العراق القويّ المحرّر والشرعي , بتمدد الذراع الإيراني , وباستفحال دورها  وتوسّعها  السياسي على حساب هذه البلدان وغيرها من بلدان عربيّة أو أفريقيّة غير عربيّة  تمتد إلى دول آسيويّة مثل ماليزيا وأندونيسيا !  سواء يأتي هذا التمدّد  بواسطة  سفاراتها في البلدان العربيّة  أو في سفاراتها  الصغيرة  التنظيميّة  الخاصّة  "الحسينيّات"  المنتشرة في  بلدان  أوروبّا  أو  في أميركا اللاّتينيّة والشماليّة واليابان والكثير من الدول الآسيويّة ,  أو يأتي هذا لتمدّد الحاصل بواسطة  ذراعها الأهمّ , أي  عبر ما يسمّى  بحزب "الله"  ,  الذي زرعته  , بالتعاون مع  "قدرة قادر!"  في  المساحة  الجغرافيّة  ذات الصراع  الأهمّ  والمصيري للأمّة العربيّة والإسلاميّة بأسرها  ـ  سوريا  ـ لبنان ـ العراق ـ فلسطين ـ الأردن ـ مصر , إذ لولا هذا الحزب الطائفي  المستمد  قوّته ومذهبه الصفوي  وتوجيه سياسته  من  طبيعة السياسة  الاستعماريّة الإيرانيّة الصفويّة ذات الخلفيّة  "الكسرويّة" بعد  المراحل  والطرق "العجيبة" الغريبة التي  تنقّل  بها  جنوب لبنان منذ سبعينيّات القرن الماضي الميلادي , وتقلّبه , بين  سيطرة أحزاب علمانيّة  قوميّة , عدوّها , كان , ولا يزال ,الأوّل والأخير ,  هو الكيان الصهيوني ,  ثمّ  وانتقاله  إلى تحت سيطرة "بقدرة قادر"  أحزاب  ترفع شعارات  دينيّة طائفيّة تنادي  بتحرير  فلسطين! , كانت قد استولت  ,  وبقدرة قادر أيضاً ! , على الجنوب اللبناني ,  لا تبتعد طرق وأساليب تأسيسها  , عن طرق  وأساليب   "الحلقة"  التي عملت على  صعود الأصوليّات الدينيّة  إلى واجهة الأحداث العربيّة  والإسلاميّة والعالميّة بتشجيع  غربي ـ صهيوني منذ عشرينيّات وثلاثينيّات  القرن الميلادي الماضي كان من ثمارها , ظهور تيّارات وقوى وأحزاب دينيّة  "سنّيّة" و "شيعيّة"  متصارعة فيما بينها حمت  "المصالح"  الغربيّة ,  سواء أدركت القوى والأحزاب ذلك  أم لم تدركه  ,  ثمَّ وصول خميني  للسلطة في إيران  , والذي كان من نتائج  ذلك الوصول ,  انشغال العراق , الناهض ,  بهذا المدّ الصفوي ,  وأيضاً   "تنغيص عيشة"  الاتّحاد السوفييتي  "الذي ينتمي إلى فكره الأستاذ  د.صباح الشاهر"  وغيره  من المطنبين  لعقيدته  , ويتفاخرون  بها  , رغم أن  ,  أبو فلاح ,  حسن نصر  "الله" , وحزبه , وُلدا من  رحم  خميني  "رحمه الله"  عدو الشيوعيّة الأوّل , كما يزعم أتباع الوليّ الفقيه !   ,  ولولا اجتياح الكيان الصهيوني , للجنوب  اللبناني , وقصفه للمفاعل النووي العراقي , والعراق مشغول بحرب دفاعيّة  ضروس  ضدّ  "وهج"  الثورة الخمينيّة  ,  كما يحلو للأستاذ الشاهر أن  يحدّد ملامح قيمتها المعنويّة !..  ولولا  انسحاب شارون من جنوب  لبنان , بعد أن استطاع   حزب  "الله"  أن يرتّب أوضاعه  فيه ويحتلّه بالكامل فيما بعد  تحت إيقاع  العمليّات  "البطوليّة"  لحزب الله  ضدّ  قوّات شارون , والتي تبنت  عرض عمليّاتها  في حينها , على  المشاهد العربي ,  مصاحبة  لـ"حركات"  فرنسيّة ,  تذكّرنا  بحركات كارتر في صحراء لوط ,  قناة  "المنار"  الفضائيّة ! ,  والتي أقضّت تلك العمليّات , مضاجع  الكيان الصهيوني ,  في حين ,  لم تستطع أن  تقضّها مئات العمليّات الفدائيّة والعسكريّة  الأخرى التي قامت بها  جبهة التحرير الفلسطينيّة  والكتائب الفلسطينيّة الأخرى وعمليّات الفدائيين البطوليّة   في داخل تل حبيب , وفي داخل  حيفا  ويافا , والتي كان يُعتّم عليها إعلاميّاً أشدّ التعتيم  طيلة  عقود  طويلة  من الزمن ! ,  حتّى قبل أن يولد حسن نصر الله  , بكثير !  ..  فلولا  هذا  كلّه , وغيره ,  لما سمعنا صرير أقلام  أصحاب الضمير  الإنساني  والمداد القومي  والأممي  اليساري , من  المحسوبين على مثقفي أمّتنا العربيّة , وخاصّة أصحاب الأقلام اليساريّة ,  الذين  خطل بهم  الزمن  وكشفهم  بعد أن أصبحوا أبواق  تخلط الحق بالباطل  دائماً وتبحث عن قوى تعوّض  بين طيّات  فتوّتها الشعور بالغربة  الحاصل لديهم  , في جميع تنقلاتهم  , الارتزاقية منها أو الإعلاميّة , وأينما ولّوا وجوههم  الإنتمائيّة الجديدة , حاملين معهم  هاجس "اغتنام الفرصة"  تتقاذفهم   فيما بينها أطراف القوى  المسيطرة  في ساحة  صراع التجاذب , للأقوى ,  بين المكوّنات الإقليميّة  السياسيّة والحزّبيّة , فأصبحوا  يميلون  مع الريح  حيث  تميل ,  خاصّة إذا كان الميلان  , يأتي  تحت تأثيرات حرث طائفي عميق يثير شجون الطفولة والمواكب  "الحسينيّة" !  التي  كان يقودها  لمئات من السنين داخل المحافظات الجنوبيّة  التجّار الإيرانيّون ,  وبالأخصّ منهم  الذين أضفوا على أنفسهم بطريقة  "ذبّ الجرش"  ألقاب العشائر العربيّة , كالزيدي والزبيدي والربيعي  والعلواني  والأسدي والشمّري والعنزي والخزاعي الخ  , إضافة إلى الأسماء الفارسيّة المكشوفة  ,  والتي  تركت  بصماتها  وآثارها  تلك  المواكب  في نفوس أجيال متلاحقة من العرب  العراقيين  خاصّة  ,  لم تمحها  من وجدانهم المغيّب بترّهات  شعائر  ما أنزل الله  بها من سلطان  جامعات  ولا معاهد  ولا مؤسّسات  فكريّة  ولا  آيديولوجيّات  يساريّة حتى ولو  كانت  ترعاها قوى عظمى ! , فبدت  لهم  ,  الآن , وفي جوّ التغيير  السياجغرافي  الذي سيطر على العالم  بعد  سقوط  منظومة الدول الإشتراكيّة ,  هذه  المثيولوجيّات  التي عافتها  في ما  مضى أنفسهم , الثوريّة  اليساريّة ,  ولم تدخل عقولهم  أو تلجها  سوى كقصص  للتندّر ! , أصبحت  الآن  وسط  هذا الجوّ المشحون بالطائفيّة وبالعنصريّة , وكأنها أصل من أصول الدين الحنيف التي كان  محمّد  صلّى الله عليه وسلّم  , بواسطتها ,  ينشر  "أهازيجه"  القرآنيّة  ووحيه القرآني  بسرادقات  لطميّة  تمرّ مواكبها من أمام عتاة قريش  تنطلق من وسط  "حسينيّات"  مكّة ! , لذلك   حاول الحسين رضي الله عنه   "استعادة"  دين  جدّه   "هذا !"  من بين  براثن يزيد بن معاوية ! كما سعت  وتسعى القوى الصفويّة  القمقميّة  منذ مئات السنين الطرق عليها بغرض التفرقة بين مكوّنات الأمّة  العربيّة  بهذه الخزعبلاّت والريزخونيّات  بقصد  إعادة استعمارها فارسيّاً  فيما  بعد ,  وكمقدّمة  لاستدعاء  شركائهم  القدماء  قوى  "الروم"  مجدّداً  إلى المنطقة  , وذلك  ما  قد  حصل فعلاً  !  ولماذا  لا يحصل  إذا كان  ربّ العلم  والدكترة والشيوعيّة والعلمانيّة  لا زال على ذلك الدفّ  ناقرُ !  ... فمع الأسف  أنّنا  , وكمثال , نجد عراقيّاً  وطنيّاً مخلصاً  كالأستاذ المذكور أعلاه  لا نشكّ لحظة واحدة  بانتمائه الوطني , خاصّة  وأنّه  كان  قد  ارتمى وسط أحضان المقاومة العراقيّة منذ اليوم الأوّل لسقوط الاحتلال  في بغداد  , يدافع  عنها , منذ  بداية  الغزو ,  يؤمن بالعلمانيّة  وبالديمقراطيّة الحقيقيّة  ويؤمن أشدّ الإيمان  بالفكر  النقيض تماماً  للفكر القمقمي  الفارسي , هذا القمقم  الصفوي  المتعاون على طول الخط  مع الشيطان  الأكبر للقضاء   المبرم   على  الفكر  "الملحد" الذي يحمله الشاهر وقتله هو شخصيّاً  لو  وقع بين  أيدي عائلة الحكيم  أو  الصغير  أو  لو  كان  قد  وقع  بين  يدي الطفل المعجزة الذي هو نفسه  أبو فلاح  الملقّب  بـحسن نصر  "الله"  الذي يذوب  السيّد  الشاهر وغيره  بهواه  تربطه بهم وشائج ولاية الفقيه والتنافس  على تقبيل  يد  الوليّ الخامنآي  الأعظم  يد الله كوكب الله  آية الله  حجّة الله , ناقة الله ,  أبو حسين "علي"  خامنآي , فهل من المعقول أن من يدافع  يساري  معلمن حدّ النخاع  عن مثل هذه العقول  الغارقة بالغيبيّات  وبالرجعيّة  البعيدة عن روح الإسلام  وجوهره  ويمكنه في نفس الوقت أن يدافع عن المقاومة العراقيّة ويدافع عن وحدة العراق في كل مناسبة  يظهر بها  على وسائل الإعلام !  , بل   ونجده  في نقاط معيّنة  وهو في  أعلى درجات  التألق  الإعلامي المقاوم  يعبّر  , من دون أن يدري  بكلّ تأكيد ,  ينافح  ويلوي عنق الحقائق  من أجل  التعبير عن ولهه الطافح  بـ "سيّد"  المقاومة  اللبنانيّة والعربيّة  واللاتينيّة  والفيتناميّة  والكهربائيّة  أبو فلاح  حسن  نصر  "الله"  ويسوق  "الأدلّة"  على  صحّة ما يقول ! , هل  يجوز , والأستاذ , وهو العلماني  الديمقراطي  المتعلّم بأعلى درجات التعلّم , وأنا شخصيّاً من  المتابعين لأحاديثه القيّمة خاصّة وهو  يدافع عن وحدة العراق وعن الكفاح المسلّح   المقاوم للاحتلال منذ بداية الغزو وإلى الآن  ...  فهل  يجيز  لنفسه  ذلك ! , فإذا كان  الذي دفعه لأن يدافع عن  حسن نصر الله كونه قد أنزل هزيمة  حدوديّة  بالكيان الصهيوني , ولأنه  أصبح  مصدر  تشفّي  بالدول "المعتدلة"  كما ناصره الكثير , وأنا منهم , فيمكن القول بصحّة الهدف  وكونه أيضاً  شكّلت حربه وصمة عار  كبيرة  على جباه دول  الدمار العراقي  " دول الجوار المعتدلة"  , ولكن نتائج  تواجد  حزب الله  بجنوب لبنان  في نهاية الأمر , عادت بالنفع  على الكيان الصهيوني ! ,  وتبيّن ذلك في أكثر من مناسبة , ألا ترون ذلك   يا أعداء  الأحزاب  الطائفيّة ! ليس  لأنّ وجهة نظر دول الدمار  العراقي كانت  صحيحة , بالتأكيد  لا , ولكنّ  وجهة  نظر وليّ نعمتهم  في  البيت الأبيض  كانت صحيحة !...

 

كنّا في السابق  نتلمّس  لهذا  اليساري  ولذاك , رغم أنّ  انفعالاتهم الحواريّة  لا تخلوا من نفس طائفي أيضاً , إذ  ما الفرق  بينه  وبين  د.  "وليد الحديثي"  أوغيره في الاصطفاف العلماني  العروبي  الإنتمائي  الرابط  الذي  ينتمي إليه لتيّار الصدري لو أردنا أن نحسبها من منظار الانتماء القومي الذي هو فوق الانتماء الطائفي ! ما الفرق؟  كنّا  نتلمّس  لهذا  اليساري  العذر  فيما  يخصّ التيّار  الصدري , رغم سلبيّة  الانفعال  الذي يعلو محيّاه  إذا ما  حضر النقاش جهات طائفيّة  يظنّها  هو مقاومة ! , والسيّد الشاهر نسوقه نموذجاً  ,  فنقنع أنفسنا بأنّ ما يحقّ للشاهر ولغيره دوناً عن  المرحوم "نافع الديج" ابن مدينة الرمادي , بأنّ التيّار الصدري يحتاج  إلى مساندة إعلاميّة  يتصدّى لها  من  مثل  بعض هؤلاء اليساريين  لاعتبارات جغرافيّة بيئيّة تجمعهم بهم  ليس إلاّ , جعلته أقرب  لهذا  لقائد  مكانيّاً  لكي  يدافع  عن  هذا  التيّار  بأكثر واقعيّة  من دفاع  "فتّاح سلالة"  ابن مدينة الرمادي أيضاً أو رشيد الكببجي ابن الفلوجة ,  أو من غيرهم , الأبعد جغرافيّاً  , ثمّ  ,  فالأبعد عن سحنة بيئيّة كان التيار قد ترعرع فيها  , فلهذا  السبب , نراه , وليس الانتماء الطائفي , الذي حدا  بمن مثل هذا اليساري أو الشيوعي  أو ذاك لأن  يبذلوا جهدهم  بكل ما أوتوا  من وسائل  يستطيعون  بها  فرز  التيّار  الصدري الحقيقي  عن التيّار  الذي شكّله  المجرم الدولي  " نغربونتي"  مؤسّس  "جيش مهدي"  آخر , غير  الجيش الذي  انتفض ضدّ الاحتلال في مدينة  النجف رغم ما اعتراه فيما بعد  , اختارهم من بين  لصوص ومن  بين  قتلة  وانتقاهم  كسائر ما أسّس  من ميليشيّات طائفيّة  وأشرف عليها كانت  مقدّمة ملائمة  لتأسيس  ميليشيّات أخرى على شكل "صحوات"  طالت أيديها ما لم تستطع أن تطالها  أيدي ميليشيّات نغربونتي !  ,  فكما كنّا  نحاول أن نبرّر  ذلك  للبعض من هؤلاء اليساريين  وغيرهم  بتلك  التبريرات ,  وبغيرها ,   إلاّ أنّنا  نجد أن هذا الدفاع والمنافحة  عن  التيّار الصدري  من قبل  خط  يساري غارق في اللينينيّة  والستالينيّة  والذي  نستشعر عطور العشق والتلذّذ  تفوح من بين أسطر كتاباتهم إذا ما تناولوا موضوعاً  يخصّ  "كييف"  أو لينينغراد أو الشتاء الروسي القارص  أو  نهر الفولكا , فانقلبوا  , ولا نعرف لحدّ الآن بقدرة من هذه المرّة ! , يتحدّثون عن حزب الله وسيّده المقاوم  بنزعة  طائفيّة  تثير الاستهجان ولا تتلائم  وتأريخ  هذا اليسار المناضل ! , إذا  لا زالت  تنهض على  ألسنتهم  تخرج من أعماق  طفولة  "رادوديّة"  لا زالت تسكنهم , سرعان ما  تثار مع أي ملامسة  لتطفو  عليها ,  كلّما أثير  موضوع  أبو فلاح   أو  إذا ما أثير  موضوع  يتعلّق  بالتيّار الصدري , أو إذا  ما  كان  أحدهما  أحد طرفي  لحوار  ما ! أليست هي  آثار  من طائفيّة  مترسّبة تغشاهم  بين حين  وحين !   فكم كان أكثر من جهة  تأتيهم بالأدلّة الملموسة  على تورّط  التيّار الصدري  بالعمالة  وبالخيانة  المزدوجة  لطرفي  الاحتلال في العراق ـ الأميركي  الإيراني ـ   وكم حاججوهم  بذلك  "والدكتور سرمد عبد الكريم  قد بحّ صوته بهذا الخصوص!"  بحلقات  وحلقات  من برامج حواريّة سياسيّة  , وكم  أوضحوا لهم ,  بالملموس , التأثير السلبي  والخطير   لهذا  التيّار على المقاومة العراقيّة , بشقّيها ,  العسكري  أو السياسي , وضلوع  هذا التيّار  بعمليّات تصفية كبيرة  طالت الكثير من  التنظيمات المقاومة للاحتلال  ومطاردة المجاهدين  وتصفيتهم ,  وكم  عرضت عليهم  صور  سيّد المقاومة  وهو يقبّل يد  سفّاح إيراني ,  وليّ ,  فقيه ,  لا يتوانى  عن  نحر  ماركس  نفسه  بسكّين عمياء  لو أتيحت  له الفرصة  ! , ولكنهم ,  ومع كل  ذلك  , نجدهم  لا زالوا  تنتابهم  "الرعشات"  , ولا نقول شيء من الطائفيّة  الخفيفة! ,  تطغي على  تحليلاتهم  ورؤاهم , ربّما  لا يستشعرونها  وهم  مندمجون بالحوار ,   تبعدهم   بنظر  المشاهد المستمع  , مسافات طويلة  عن  تلك الصور  المشرقة  المرسومة  لهم  في  ذاكرة النظال الثوري  ,  الذي , هم ,  أنفسهم ,  خاضوا النضال لأجله طويلاً  ودفعوا أحلى سنوات  عمرهم  من الغربة  في سبيله  , كما هم يردّدون ذلك باستمرار! ,  وفي  سبيل توعية المجتمعات العربيّة  وغيرها  للخروج  بها  من ضيق  أوكار  الرجعيّة  والتخلّف والطائفيّة  الدينيّة المعمّمة  والتمذهب  الوهّابي  المغتـّر  والصراع الحوَزي ؛ إلى آفاق رحبة من  الوعي  والنضوج  الثوري ـ المحمّدي الحسيني  التيميّي الجيفاري  الصدّامي الماوي  الرصافي  اللينيني الكاظمي العفلقي  الخالصي  الناصري ـ ولمن  المستغرب  أيضاً  أن نرى مثل هؤلاء  يعتبرون  الكارثة الطائفيّة  الخمينيّة  "بالمناسبة !  لم  نرَ لهذا اليساري موقفاً لغاية الآن من جدليّة صدّام  وحبل المشنقة , ولكنّه يحنّ إلى خميني الذي تجرّع السمّ  بعيداً عن روح الإسلام!" التي ركبت  روح التغيير  التي عصفت  بشباب إيران  واستغلّها  خميني  الطائفي  ,  وبمساعدة  "قدرة قادر .. !"   بما  مكّنه   من  سرق نضال حزب  "تودة"  الذي ينتمي إليه هذا اليساريّ العتيد  وذاك ! ,  فنراه  يطنب  اليوم  في  مقالاته  بالروح "الثوريّة"  التي جاء بها  الخميني !  , كما  ويوصي , هذا الممثل  للشيوعيّة , ويعتب  عتاب أخ  في الدرب ! على  بعض القادة الإيرانيين , يقصد الذين دمّروا العراق ! ,  الذين  تركوا  "الوهج الثوري"  الخميني   ليشغلوا  أنفسهم  بسرقة  "الثورة"  على الطريقة  "اليلتسنيّة"  التي كشفها  "نجاد" !   كما  يصف  ذلك هذا العراقيّ  الشيوعيّ حدّ النخاع  والذي  هو نفسه  من المفترض أن يتحسّس رأسه  دائماً  كونه من المطلوبين  ميليشياويّاً  وعلى رأس  قوائم التصفية  التي يوصي بذبحهم  فيها  خميني  وطباطبائي ومحسن الحكيم  ويوصي بذبحهم  مفتوا آل سعود  وغيرهم على اعتبار أنهم   "ملحدون" , وذلك  يعني  مرتدّون , والمرتدّ بحسب  "الشرع"  يستوجب قتله  !  , وإذا ما سألت البعض من هؤلاء اليساريين أو من الذين قد  حسبوا , وأمرنا إلى الله , على الخط اليساري ؛  من سيستطيع بعد الآن , من شباب المخيّمات الفلسطينيّة  اللبنانيّة  أو من بقايا  أصحاب ضمائر  لا زالت حيّة  ترفع  ألوية الكفاح المسلّح , أن يخترق  الحدود الصهيونيّة من  جنوب  لبنان   الذي يسيطر عليه  حزب  سيّد  المقاومة  ,  ليقوم بعمل عسكري  ضد الكيان الصهويني  ,كما  كاه عليه الحال أيّام  زمان ! ,  سنراه  سرعان  ما سيبدأ بمطمطة لفظيّة  وتهرّب  من الإجابة بدون ردّ شافي ! ,   ثمّ  ,  لو سُئل أحدهم ؛ هل  حزب الله , دولة  ,  لكي يعقد اتفاقيات مع  الكيان الصهيوني !  ثمّ  وما  الفائدة المرجوّة من حزب  يتبنّى  حرب  عصابات  يعلن  عن نفسه ويكشف وجهه  ويلقي الخطب الرنّانة من الفضائيّات لا تفصله   سوى بضعة أمتار عن  الدولة التي يحرّض على قتالها !   أليس الأوجب , وعلى الأحوط  الأعمّ ,  أن  لا يعلم العالم   من هو الذي يقود الكفاح المسلح  ضدّ أخطر كيان مزروع  عرفته البشريّة  مدجّج  بأحدث آلات الكشف الراداري والاستخباري وبأحدث آلات الدمار  والقتل ! ... أين  كتائب فلسطين القتالية التي كانت  لا  يمرّ عليها  يوماً واحداً  إلاّ  وصوت  الانفجارات  والقتل  التي يقوم بها رجالها  تقض مضاجع   العدو الغاصب , ليل  نهار ,  لولا  شارون  ولولا  هروبه "خوفاً"  من عمليّات  سيّد المقاومة  المناريّة  التي انتصرت عليه !  واستعادت  مزارع  شبعا !  وليقفل بعدها  السيّد  حدود  جنوب لبنان  , وإلى الأبد   ,  بوجه الكيان  الصهيوني  "الغاصب"  ,  وبذرائع  شتّى ,  بعد  أن حرّره ! ...

 

سُئل  القائد العربي  العروبي  المسلم  الرسالي  خالد ابن الوليد  ذات مرّة  , وكان  حينها  قد غادر عاطفته  التي تربطه  بجاهليّته  وإلى الأبد ؛ ما السرّ  وراء انتصاراتك  المستمرّة على جيوش  العدوّ , من جيوش  الفرس والروم  وجيوش الردّة  , يا أبا الوليد ,  رغم أنّ أعداد كلّ منها , عند المواجهة  القتاليّة  , تفوق أعداد  جيشك  بأضعاف كثيرة  من الجنود  وعدّة وعدداً ؟ .. قال :  إنّني  انتصر عليه  من قبل أن أشتبك معه  حين  أكون  قد  عرفته تماماً !  ..

فأين من هذا   قادة وجنود اليسار ! .. هل انتصروا على  بقايا ترسّبات جاهليّة  في داخل كلّ منهم  بعد أن يكونوا قد شخّصوها  جيّداً  وغادروها  إلى الأبد , أم  هي  هذه  التي  لا زالت تنعر في دواخلهم  منذ الطفولة هي السبب وراء  هزائمهم  في  أوساط مجتمعاتنا العربيّة ... ! ...

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاربعاء  / ٢٢ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٧ / حزيران / ٢٠٠٩ م