نـظـريـة الأمـن الـقـومي ... وأهــلــية الحكـام الـعــرب

 
 
 

شبكة المنصور

الـــــوعـــي الـــعـــربـــي
رحم الله الشاعر الكبير فؤاد حداد والشيخ سيد مكاوي الذي غني للأرض العربية قائلا ً الأرض بتتكلم عربي ولم يدر في خُلده وهو يغني لهذه الأرض أنه سوف يأتي يوما تتكلم فيه الأرض انجليزي وفرنسي وايطالي او حتي فرانكو آراب ، هذه هي الحقيقة فاليوم الحكام العرب فرطوا في أرضهم للأجنبي ولم تعد الأرض تتكلم عربي أو حتي تسمع عربي ، هذه هي نكبة العرب في القرن الحادي والعشرين التي تعيشها الأمة العربية في ظل زمن التخازل والتواطؤ وتراجع دور الأنظمة و الحكام العرب عن واجبهم الوطني نحو قضايا أمتهم التي أصبحت أوطانا منقسمة علي نفسها وفي حالة حرب مع بعضها البعض بعد أن كانت الأمة العربية في الماضي يجمعها فكرواحد و مقيدة بميثاق واحد للدفاع العربي المشترك ، مؤخرا تحولت فيما بينها الي جبهات متقابلة ومتقاتلة وبينهما خطوط نار ومن المفارقات أن حكامنا العرب وجدوا أنفسهم في وضع من يقدم التنازل وراء التنازل عن سيادة أرضهم الي الأجنبي بعد أن تراجعت شعارات زمن العروبة والقومية والأمة الواحدة والأستقلال ، ومن جديد يؤكد القادة والحكام العرب من أصحاب الفخامة والجلالة في هذه الفترة السوداء من تاريخ الأمة بانهم بعيدون كل البعد عن الأحداث التي تدور من حولهم ،

 

فلسطين تذبح كل يوم من الوريد الي الوريد والعراق يرزح تحت إحتلال وغزو أنجلو سكسوني صهيوني ، ومع كل هذا ما زالوا يثقون في الأمريكي والأنجليزي والفرنسي عن طريق أقامة التحالفات العسكرية مع هذه القوي الإستعمارية والإمبريالية التي تربطها بالمنطقة مصالح وأطماع خاصة مقابل دعم هذه الأنظمة والحفاظ علي عروشهم الهزيلة ، ففي الوقت الذي تنادي فيه الشعوب والقوي الوطنية الشريفة بإنهاء التواجد العسكري الأجنبي علي الأراضي العربية والحفاظ علي المصالح القومية والأمنية للأمة العربية من خلال إحترام إرادة الشعوب نجد هولاء الحكام يفتحون ويستبيحون الأراضي العربية أمام القوي الأجنبية والإستعمارية كما لو كانت هذه الأراضي ومن عليها من شعوب هي من ضياعهم واملاكهم الخاصة فاقاموا القواعد العسكرية الأجنبية عليها وكانت آخر هذه المهازل العربية هي مهزلة إقامة قاعدة عسكرية فرنسية علي أراضي دولة الإمارات العربية المتحدة علي الشاطئ الغربي من الخليج العربي وقد تم أفتتاح هذه القاعدة يوم الثلاثاء الماضي في إحتفالية رسمية بمشاركة الرئيس الفرنسي ذوالأصول الصهيونية ساركوزي وبحضور ملوك وأمراء هذه الدول وبصورة إستفزازية للشعب العربي فما الذي يدعو هذه القوي الأجنبية الإستعمارية أن تأتي عبر البحار والمحيطات لكي تقيم علي هذه الأراضي قواعدها آلم يسال أحدهم نفسه ما هو هدف هذه القوي من أقامة هذه القواعد ؟

 

وما الذي يدعو دولة عربية لبيع جزءاً من سيادتها لصالح هذه القوي لكي تأتي بعتادها وعديدها وعسكرها لتقيم أعوام وسنوات ولن يستطع أحداً أن يزحزحها من هذه الأرض ، وتدريجيا تفقد الشعوب سيادتها وأمنها علي أرضها وثروات شعوبها ، أما آسفة الأسافي أن حكام أمتنا العربية أصبحوا يتفاخرون ويقيمون الأفراح والليالي الملاح والمهرجانات من أجل إقامة هذه القواعد العسكرية الأجنبية الدائمة ، آي مصيبة وآي نكبة وآي نكسة تعيشها الأمة مع هؤلاء الحكام في أن يأتي ساركوزي لكي يقص شريط أفتتاح القاعدة العسكرية الفرنسية في الإمارات كما لوكأنه جاء لافتتاح عرضاً للأزياء او مشروعاً تجارياً خاصاً له في وسط صخب وأحتفال عربي غير مسئول من أجل التفريط وجلب الخزي والعار للأمة العربية ، فهل من حق أي دولة كانت او حاكم كان رئيساً او ملكا له مُطلق التصرف في أي جزء من أرض بلادنا باعتبارها عقاراً او تراثاً ورثها من أجداده وأصبحت ملكاً خاصا له دون الرجوع الي المجتمع العربي او مناقشة هذه المواضيع داخل القمم العربية او طرح هذه الأمور علي الشعوب في إستفتاءعام ،

 

ولذا نعتبر أن كل هذه التصرفات باطلة قانونا لانه كمن يتصرف في ما لا يملك لان هذه الأراضي هي ملك الشعوب وليست ملك الحكام وكل تصرفات تخالف مصالح الشعوب هي تصرفات باطلة قانونا ًويجب الحجرعلي تصرفاتهم باعتبارهم فاقدي وعديمي الأهلية لان إقامة هذه القواعد العسكرية الأجنبية تهدد كل المصالح العربية القومية والأمنية ولا تتفق مع دروس التاريخ التي تعلمناها عن الإستقلال والسيادة والوطنية فالقاعدة العسكرية الفرنسية التي أعُلن أنها لاغراض تدريب القوات الإماراتية سوف تصبح ضمن شبكة من القواعد الأمريكية والبريطانية في منطقة الخليج العربي وبحر العرب من أجل أمن الكيان الصهيوني فيما لو أقدُم علي ضرب إيران, ولا بد لها من أن تكون غطاءاً للقوات الأجنبية في مياه الخليج وفق قواعد التحالف التي يجمعها حلف الناتوالذي أصبح قوة دولية ضاربة تستخدم لاغراض التدخل السريع وأعمال الردع, وغيرها من المهمات الأخرى ، وهذه القواعد العديدة المنتشرة في المنطقة كلها تعمل في نسق واحد لا يمت بصلة الى المصالح العربية القومية, وآي إحتكاك عسكري بين هذه القوات وبين إيران, ستكون نتائجه سيئة على المصالح العربية,

 

ومهما قيل عن الخطر الإيراني وهو صحيح في المدى البعيد, فان الخطر الصهيوني هو الذي يهدد الأمن والسلم العالميين ولكن يبدو أن التاريخ يُعيد نفسه ففي القرن الماضي تحالف " الشريف حسين بن علي " شريف مكة وأمير الحجاز وأبرز السياسين العرب في ذلك الوقت مع الأنجليز وأن يقف بجانبهم لقتال الأتراك المسلمين والقضاء علي الخلافة الإسلامية مقابل مساعدته علي تنصيبه خليفة علي المسلمين في أنحاء العالم فكانت هذه هي بداية ضياع أرض فلسطين فخرج العرب من الخلافة ودخلوا الي ذل الأحتلال والعبودية وبداية الأطماع والتحالفات التي ربطت بين حماة المسلمين وأعدائه وبعد الشريف حسين " جاء خليفتة " الأمير فيصل جد الملك حسين ملك الأردن " ليتفق مع رأس الصهيونية "الدكتور حاييم وايزمان " وقام بتوقيع إتفاقية توطين وهجرة لليهود علي أرض فلسطين وهكذا أثبت الواقع العربي الجديد بعد إنفراط عقد الخلافة العثمانية إنصراف العرب والمسلمين عن واجبهم المقدس حيال فلسطين والقدس الشريف وإتجاه ملوك العرب للتحالف مع الأنجليز طامعين في المساعدة من أجل ترسيخ الحكم لهم وزيادة رقعة ملكهم ولو علي حساب المقدسات الإسلامية ودخلت القضية في مفترقات كثيرة وهكذا يثبت بالدليل القاطع أن القوي الإستعمارية التي نستعين بها لا يمكن أن تكون حليفة لنا وكيف لنا أن نصدق حكامنا العرب الذين يتباكون علي ما يجري علي أرض فلسطين والعراق في الوقت الذي نجدهم يفتحون أرضهم وديارهم وقصورهم لهؤلاء القتلة ، ومهما قيل من تبريرات من هذا الطرف او ذاك, حول وجود القواعد العسكرية الأجنبية فوق الأراضي العربية, فانها تشكل خروجا عن الخط والنهج الوطني وإنتقاصاً من السيادة الوطنية, وهي بالتالي تعبير عن فقدان الأمن القومي المشترك, ودليلا علي الفرقة والإنقسام, وأرتضاء العيش ضمن أسوار القطرية الضيقة،

 

ومن الصعب أن نتكلم عن أمن قومي مع وجود هذه القواعد العسكرية الأجنبية ومع وجودالإحتلالين الصهيوني والأمريكي في فلسطين والعراق.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاثنين  / ٠٦ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠١ / حزيران / ٢٠٠٩ م