حِزْبُ البَعْثِ العَرَبي الاشْتِرَاكي   أُمةٌ عرَبِيةٌ وَاحِدَة   ذاتُ رِسالَةٍ خَالِدَة
قيادة قطرالسودان   وحدة    حرية   اشتراكية
     
 

بيان إلى جماهير الشعب السوداني حول أحداث غرب كردفان

 
 
 

شبكة المنصور

 

في الوقت الذي انشغل فيه أركان النظام على المستويين المركزي والولائي بالترتيب للاحتفالات الصاخبة والمهرجانات البذخية من عرق الشعب لزيارة رأس النظام لولاية جنوب كردفان، واجتماعات مجلس الوزراء في عاصمتها (كادقلي)، وإستقبال الوالي الجديد ونائبه الأسبوع الثالث من مايو 2009م المنصرم، كان مسرح الولاية وبشكل خاص في المنطقة التي زارها رأس النظام (غرب كردفان) يتهيأ علناً لصدامات قبلية مأساوية بين أبناء شعبنا من قبيلتي الرزيقات والمسيرية، إندلعت بعد أسبوع واحد فقط من تلك الزيارة التي لم تتجاوز كونها خطباً رنانة وأهازيج طنانة. وقد خلّفت هذه الأحداث المؤسفة المئات من القتلى والجرحى وخسائر  مادية وجراحاً  عميقة كان يمكن تلافيها كلها قبل وقوع الكارثة بزمن طويل.  فخلفية النزاع بين القبيلتين تعود إلى ثلاث سنوات خلت حيث بدأ في شكل مشاحنات واحتكاكات عادية من النوع الذي يمكن أن يحدث بين أي قبيلتين على الموارد والمسارات والرعي والزراعة ، رافقتها مساعي عديدة لنزع فتيل الفتنة وإنهاء الصراع، آخرها مؤتمر الصلح بمدينة (الأبيض) في نوفمبر 2008م الماضي، والذي حضرته قيادات من قمة السلطة بزعم إنفاذ مخرجاته (التي لم تبرح قاعة المؤتمر) لكيما يتجدد النزاع من جديد بعد أقل من عام من حدوث النزاع السابق (أغسطس 2008م) ، ولكن بوتائر تصعيد أعلى من كل التصورات. فلو أن نتائج وتوصيات هذا المؤتمر من ديات وتعويضات وعقد التصالحات وترسيم الحدود وتقديم الخدمات وتدابير سيادة حكم القانون ودعم الإدارة الأهلية وتفعيلها، قد تم العمل بها وأخذت بمأخذ الجد لما تعرضت المنطقة لهذا الحريق الدموي، خاصة وأن المعلومات عن إعداد مسرح العمليات والتحرشات كانت متوفرة لدى السلطة بشقيها المركزي والولائي منذ مدة ، ولها علم كامل بخطورة الموقف ونتائجه الكارثية ما يؤكد حالة اللامبالاة والاستهوان وعدم الجدية حتى في مثل هذه الأمور الكبيرة.

 

كما أن حالات المناوشات والصدامات المتعددة في المنطقة والتي لم تجد هي الأخرى أي معالجات ناجعة كانت تقود بالضرورة إلى هذا الحدث الكبير. ونشير في ذلك على سبيل المثال لا الحصر إلى أحداث (أبو جابرة الاستقرار، وقد ترافقت معها مؤتمرات للصلح والأجاويد وكثير من الفعاليات، كانت كفيلة بإستتاب الأمن وتحقيق تمرات بما تستحق لاسيما  كفالة دفع الديات لحقن الدماء، حيث ظهرت كأحد أبرز الأسباب والدوافع المباشرةالسلام والتعايش السلمي الخلاق، هذا إذا كانت السلطة على مستوى المسئولية الأخلاقية، وتعاملت مع نتائج 2007م، وحادثة اختطاف الصينيين في أكتوبر 2008م، وأحداث أبيي ، واختطاف عربة بنك النيلين، وأحداث أبو جنوك، والخيرصان، والميرم..إلخ). كل هذه الأحداث كانت تشكل حالة من الاضطراب الأمني وعدم هذه المؤ في التصعيد الأخير .

 

لقد أظهر التصعيد الأخير مستوى غير مسبوق وغير مألوف في النزاعات القبلية في المنطقة على مر التاريخ، من حيث التحشيد والتنظيم (أكثر من ثلاثة ألف مقاتل) ، ومن حيث مستوى التسليح (مدافع ، ودوشكات ، ودانات ، وعربات مجهزة) ، وأسلوب متقن لإدارة المعارك، ومن جهة أخرى فقد أظهر أن هناك أطرافاً عديدة يمكن أن تكون متورطة في هذا النزاع، كلها تسعى إلى خلق نوع من  الفوضى الأمنية، ونقل الصراع من دارفور إلى كردفان لتوسيع دائرة الحرب الأهلية. وهذا يلتقي مع رغبات بعض الحركات المسلحة وفقاً لما ظلت تعلنه مراراً ومن خلال محاولاتها المتتالية على كردفان لجرها لأتون الحرب، يتناغم ذلك مع رغبة الشريكين في توتير الأوضاع والتهرب من مسئولياتهما في التنمية وحفظ الأمن والاستقرار ، كما يلتقي ذلك أيضاً مع رغبات جيوب معينة داخل النظام لديها المصلحة في تأجيج مثل هذه النزاعات، إلى جانب من ينفذون مخططات التفتيت بوعي أو بدون وعي. وبهذا الفهم فإن الحدث يصبح أكبر من كونه مجرد نزاعاً قبلياً أو عمليات ثأرية أو حدوداً إدارية .

 

أيها الشعب الأبي

إن حصيلة الأحداث المأساوية المتكررة والمنتشرة في المنطقة ، وحجم الخسائر البشرية والمادية وسط كل الأطراف ، وأمام عجز النظام وتجاهله وطبيعة تعامله غير المسؤول مع الأحداث من زاوية تأمين منابع البترول فقط، تفتح الباب لتداعيات خطيرة وعميقة يتجاوز نطاقها جغرافية الإقليم وحدوده الإدارية لتهدد كل الوطن من بينها على سبيل المثال :

 

· توقع تصعيد مضاد وبنفس المستوى والقوة كحملات إنتقامية .

· تساع دائرة الصدامات والصراعات القبلية وتمددها كما هو دائر في منطقة أبو جنوك وما حولها، والتفلتات الأمنية في المناطق الأخرى.

· فتح شهية التكوينات القبلية الأخرى لرفع معدلات التجييش والتسليح، تحسباً للهجمات المباغتة، وبما يهيئ المسرح لاحتمال انتقال الصراع  وبكل تفاصيله الدارفورية إلى إقليم كردفان، وما يتبع ذلك من تمزيق للنسيج الاجتماعي وضياع فرص التنمية والخدمات.

· كما يمكن حدوث كوارث إنسانية بأشكال مختلفة.

· إلى جانب فتح المجال للتدخلات الأجنبية بما يهدد وحدة تراب وسيادة هذا الوطن واستقلاله.

 

أيتها الجماهير الوفية

إننا في حزب البعث ومن موقع المسئولية التاريخية ومن خلال موقفنا الثابت والمبدئي من قضايا الصراع السياسي والاجتماعي في المنطقة ندعو كافة القوى الحية والحريصة على وحدة وتلاحم هذا الشعب سواء كانت قوى سياسية أو ديمقراطية أو تكوينات إجتماعية أو شخصيات أو منظمات إلى تدارك هذه التداعيات والاسهام الجدي في معالجتها عبر أطر وفعاليات صادقة تطرح معالجات جادة كمخرج للأزمة الراهنة ، ونحن بدورنا نطرح المحاور التالية كمفاتيح عمل :

 

أولا :  تكوين لجنة وطنية من شخصيات قانونية وسياسية وأهلية مشهود لها بالحكمة والنزاهة، وتتمتع بثقة الأطراف المختلفة، وذلك من أجل إحتواء النزاع وإيجاد حلول جذرية ومعالجات عاجلة للمنطقة تتولى السلطة تنفيذها.

 

ثانياً: إتخاذ تدابير عدلية وأمنية عاجلة وفاعلة لاحتواء المشكلة وتدارك آثارها المحتملة (معالجة الجرحى، خطوط او فواصل بين المتنازعين ، تعويض الخسائر المادية ... إلخ ) .

 

ثالثاً : السيطرة على وضبط حركة التسليح خارج نطاق القوات النظامية مع تفكيك المليشيات المسلحة.

 

رابعاً: ضرورة تحمل الحكومة لمسئولياتها الكاملة في دفع الديات وتعويض الخسائر المادية وحفظ الأمن والاستقرار.

 

خامساً: تنفيذ برنامج خدمات إسعافي وإستراتيجي (مياه ، صحة، تعليم ، طرق، ومسارات رعي) بما يمنع الاحتكاكات وتجدد الاشتباكات .

 

سادساً: إشراك التكوينات الأهلية في كل خطوات الحل والمعالجات مع تفعيل دور الإدارة الأهلية ورفع الوصاية السياسية والسلطوية عنها.

 

حزب البعث العربي الاشتراكي
قيادة قطر السودان
يونيو  ٢٠٠٩م

 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاحد  / ١٩ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٤ / حزيران / ٢٠٠٩ م