الأستاذ المناضل الرفيق : علي الريح الشيخ السنهوري عضو القيادة القومية لحزب البعث العربي الإشتراكي و أمين سر قيادة قطر السودان لصحيفة أخبار اليوم

﴿ الحلقة الرابعة ﴾

 
 

شبكة المنصور

 

فاروق حمد الله بخلاف كل الدعايات لم يكن بعثيا ..ولو كان لاعلناها

أنفي مشاركة حزب البعث في أي انقلاب عسكري في السودان ضد الديمقراطية

الحزب الاتحادي الديمقراطي لا أستطيع ان احصي الاحزاب التي انشقت عنه لانها رمال تحركة !!

جماهير شعبنا لا تتطلع للديمقراطية إلا لاعتبارها مرحلة انعتاق للتعبير عن قضاياها

 

شعب واحد .. وأرض واحدة 

ما هو رأي حزب البعث في اتفاق أبيي الأخير عن طريق المحكمة الدولية الدائمة ؟! رؤيا عامة

ودن الدخول في الجزئيات والتفاصيل ؟

 

إتفاق أبيي.. الآن أمامي الأوراق التي تضمنت الاتفاق لكنني بصراحة لم اطلع عليها بدقة .. وفي نفس الوقت تحتاج إلى مداولة مع المختصين داخل الحزب للوصول إلى قرار دقيق حولها..ومع كل ذلك نحن في الحزب نعبر عن ارتياح كامل لهذه التسوية التي حقنت دماء أبناء شعبنا في منطقة أبيي من المسيرية ومن الدينكا لأن خسارة الأرض لاتسوي خسارة الأنفس ولانه لاتوجد خسارة حقيقية.. فشعبنا واحد وأرضنا واحدة. سواء حسبت للجنوب أو حسبت للشمال . وحتى لو صار انفصال بين الشمال والجنوب فهنالك  قبائل متداخلة تتحرك بين الشمال والجنوب وينبغي أن نحفظ لهذه القبائل حقها في هذا التداخل. وكذلك ينبغي أن تكون هناك أفضلية للمواطن من أي جزء من الجزأين للعيش والاقامة والتملك .. الخ حتى نعمق علائق الإخاء الوطني وحتى إذا ,لا قدر الله, حدث إنفصال أن نعمل مستقبلاً لاعادة الوحدة بين شقي القطر.. ولكن علينا الآن ان نوظف ونحشد كل امكانياتنا في سبيل التأكيد على الوحدة.

 

وأنا شخصياً اعتقد أن غالبية أبناء شعبنا في الجنوب  ليسوا مع الانفصال ..هم مع  وحدة  السودان.. لأن هذا قدرهم , ولأن مصالحهم ومستقبلهم يرتبط بالسودان الواحد الموحد .. ولكن لا استطيع أن أراهن على موقف النخب التي تسيطر على القرار وأنت تعرف إن الانتخابات والاستفتاءات في بلادنا لا تعبر حقيقة عن ارادة شعبنا بقدر ما تعبر عن ارادة النخب والقوى المهيمنة على المجتمع السوداني.

 

 دعنا نقترب من المصطلحات المتداولة في الأجواء السياسية إستشرافاً للمرحلة القادمة.. كيف نقرأ الديمقراطية ومفهومها عند الجماهير من خلال تجربة الماضي .. القريب ؟

 

جماهير شعبنا لا تتطلع إلى الديمقراطية إلا باعتبارها مرحلة للانعتاق في سبيل التعبير عن قضاياها ومصالحها وتطلعاتها .. ونحن لا ننظر للديمقراطية باعتبارها جدول انتخابات للوصول إلى مجلس وطني وإلى سلطة تشريعية.. أو وزارة أو سلطة سياسية.. بل ننظر للديمقراطية باعتبارها فرصة للتفاعل بين القيادات وبين الجماهير فإذا لم تحس هذه القيادات بآلام وآمال الجماهير وتعبر عنها في برامجها فلا يمكن لبلادنا ان تخرج من ازمتها وسوف تفقد الديمقراطية  قاعدتها الشعبية كما فقدتها عدة مرات لانها لم ترتبط بالانجاز الذي يحدث حولها إلتفافا من قواعد الشعب.

 

نعود ثانية إلى عملية الانشقاق في حزب البعث التي تطرقنا إليها سابقاً باقتضاب .. هناك بعث آخر .. في الساحة فأين تكمن الحقيقة بين الأصل والصورة وأيهما هو البعث المنتظر؟

 

إعتدل في جلسته وارتسمت إبتسامة على فمه ليقول مؤكداً حزب البعث حزب لا يقبل الانشقاق !!

لانه حزب قومي فأي طرف أو أي مجموعة تنشق من حزب البعث  لا تستطيع ان تعمل كحزب بعث! لأنها تفتقر إلى شرعية مجموع الحزب في الاقطار الأخرى . وتفتقر إلى الشرعية التي يمكن ان تضفي عليها من القيادة القومية.. وبالنسبة للسودان لايوجد انشقاق بمعني الكلمة .. هناك تنظيم نشأ باسم حزب البعث (منظمة السودان) في مطلع السبعينيات من القرن الماضي من طلاب تخرجوا من سوريا جاءوا إلى السودان وانشأوا هذا التنظيم ويقوده الاستاذ التجاني .

 

ما هي علاقتكم مع هذا التنظيم؟

 

علاقتنا بهذا التنظيم علاقة طبيعية ليست علاقة تناحر أوتصادم.. وهناك مجموعات وعناصر تساقطت في مسيرة الحزب لأسباب مختلفة لكل منها سببه. لايوجد سبب واحد يجمع بينهم الذي يجمع بينهم هو التساقط أو الخروج من الحزب.. وعادة في كل القوى السياسية وبشكل خاص في الاحزاب الثورية . عندما يختلف عضو مع الحزب إما أن ينصاع للوائح الحزب التي تنظم الصراع داخل الحزب.. لأن لوائح الاحزاب الثورية تقريباً متشابهة في التزامها بنظرية المركزية الديمقراطية .

 

ما هو فحوي نظرية المركزية الديمقراطية تحديداً؟!

 

نظرية المركزية الديمقراطية تنص على ان قيادات الحزب كافة تنبثق من القواعد عبر الانتخاب الحر المباشر وأن رأي الأكثرية في أي هيئة حزبية يشكل القرار الحزبي وعلى الإقلية ان تخضع لرأي الأكثرية وأن تلتزم به وتتبناه وتنفذه بدقة وان من حق الأقلية ان تحتفظ برأيها ومن واجب الاكثرية ان تحترم حق الأقلية في الاحتفاظ برأيها لانه قد يكون رأي الاقلية هو الاصوب ويأتي يوم تعدل الأكثرية رأيها ! ولكن حتى يكتسب الحزب فعاليته والقدرة على اصدار القرار ينبغي على الأقلية أن تلتزم برأي الاكثرية . وكذلك ينبغي على القيادات الأدني أن تلتزم برأي القيادات الأعلى. لأن القيادة الأعلى منتخبة من مؤتمر أوسع يضم فروع أوسع من مؤتمر القيادة الأدني. ووفقاً للنظام الداخلي للحزب تمتلك صلاحيات اكبر من القيادة الأدني ولانها باشرافها على قاعدة أوسع تمتلك المعلومات التي تمكنها نسبياً من إتخاذ القرار الصائب. هذه النظم تقيد كل التنظيمات الثورية تقريباً وبدونها لن يكون هناك وجود لحزب ثوري متماسك وفاعل.

 

فمن لا يتحمل رأي الاكثرية او رأي القيادة الأعلى عليه أن يحترم الحزب الذي ناضل فيه  لسنوات من الزمن وأن يلزم بيته أو ان يشكل حزباَ جديداً ببرنامج جديد باسم جديد ولا معني لانتحال اسم الحزب لان هذا يحدث إرتباكا في الشارع.. كل مجموعة تحترم نفسها بهذا الصدد تلجأ لتسمية جديدة تميزها حتى يكون لرأيها صدى.. إذا كانت جادة فعلاً في شق طريق للعمل السياسي في البلاد وعلى كل حال نحن قلنا وكررنا مرات عديدة بان معركتنا ليست مع أي طرف قومي.. كل القوميين .. ناصريين وبعثيين وغيرهم. طالما التزموا بالفكر القومي وبالمباديء القومية هم أقرب لنا من غيرهم من القوى السياسية واذا كنا نحن ندعو إلى وفاق وطني في السودان وليقبل الناس بعضهم البعض رغم التناقضات القائمة الفكرية والسياسية فمن باب أولى ان نقبل من هم أقرب الينا فكرياً إذا كانوا مخلصين لهذا الفكر وبعيدين عن التجني على غيرهم .. لان بعض القوى تنبت وتتكون وتجد دعما من قوى معادية للفكر القومي ولحركة الثورة العربية بغرض إيذاء حركة الثورة العربية منتحلة أسم الحزب في مثل هذه الحالة فان هذه القوى لا يمكن ان تكون في خندق النضال القومي بل هي في خندق العدو...ان الذين يجارون الحملات الإعلامية الأمريكية والصهيونية ضد البعث على الصعيد القومي والوطني حتى إذا وضعوا صور القائد المؤسس أحمد مشيل عفلق وصدام حسين على رؤوسهم فهم مجرد أدوات مناهضة للمشروع القومي وتعمل مع القوى المعادية لتقويض هذا المشروع.

 

لذا فان كل من يربأ بنفسه من أن يتحول إلى اداة معادية لحركة الثورة العربية ويخلص للمباديء القومية لن ندخل معه في صراع أو تناقض على الأطلاق . فوجود تنظيمات مختلفة ومتعددة أصبحت ظاهرة سودانية ... الحزب الحاكم نفسه تشقق إلى اكثر من اربعة أقسام.. حزب الامة إلى خمسة أو ستة أحزاب ..الحزب الإتحادي الديمقراطي لا أستطيع أن أحصى عدد الاحزاب التي تشققت عنه لأنها رمال متحركة ..كل القوى الموجودة ..والحزب الشيوعي خرج منه حق واتحاد القوى الوطنية الديمقراطية  ومجموعة الشيوعيين الثوريين . وغيره كل القوى وكل الاحزاب خرجت منها مجموعات واسست تنظيمات جديدة.. تلتزم بذات النبع الفكري أوتختلف معه . فهي ليست ظاهرة خاصة بحزب البعث أو بالناصريين أو بالتنظيمات القومية في السودان.. كذلك نحن قلنا من قبل ان اختلاف الاجتهاد المخلص يثري حركة النضال القومي في السودان ولا يضعفه فإن كانت هذه التنظيمات مخلصة للقضية القومية ولكن لها اجتهادات مختلفة عن اجتهاداتنا وعن اجتهادات التنظيم الناصري أو غيره فهذا يثري القضية ولا يضعفها .. وأن هذا يؤكد أن فكر هذا الحزب وتراثه النضالي ورصيده التاريخي هو محل اعتزاز  حتى من الذين يخرجون عليه.. وهذه تحسب لنا وليست علينا.

 

وحدة النضال:

 

نحن لا ندعو إلى وحدات قهرية أن كل القوى القومية أن تتوحد في حزب واحد .. نحن لا ندعو إلى ذلك .. ولكننا نعتقد أن كل القوى القومية يفترض أن تتآزر وأن تتعاون وأن تنسق جهودها في سبيل الدفاع عن الهوية القومية في السودان وفي سبيل الدفاع عن القضايا القومية في الوطن العربي وفي سبيل تعزيز بعضها الآخر .. لانني أفضل أن يتقدم تنظيم منظمة السودان بقيادة التجاني مصطفى على ان يتقدم الحزب الشيوعي أو الأخوان المسلمين .. أفضل أن يكتسح الناصريون الانتخابات في نقابة ما أو في اتحاد ما على ان يكتسحه غيرهم فهؤلاء اقرب إلى .. هؤلاء يطرحون ذات الأفكار وان اختلفوا في الاجتهادات هذا هو موقفنا المبدئي والثابت تجاه مختلف التشققات أو العناصر التي لها تنظيمات قومية..

 

الم تحاولوا الدخول في حوار معهم؟!

 

دخلنا في حوار مع الناصريين ومع التجاني مصطفى حزب البعث ونعمل لتعميق هذا الحوار.. لتتوحد رؤانا الاستراتيجية في مواجهة قضايا النضال الوطني والقومي.

 

ما هي نقطة الاختلاف المركزية مع البعث الآخر؟

 

البعث الآخر كما ذكرت لك نشأ نشأة مختلفة وتأثر باطروحات القيادة السورية وانشأ تنظيمه وفقاً لذلك ولم نجد ما يشكل تناقضا جديا أو حقيقيا بيننا وبينه  وليس هناك صراع بيننا وبينه فالاختلاف هو إختلاف في النشأة كما هو حال التنظيمات الناصرية والفرق بيننا وبينهم هو اختلاف في النشأة وفي النظرة وفي تحديد طبيعة التنظيم . لأن الناصرية في منشأها كانت ترفض الحزبية.. وأنت تعرف ان القذافي رفع شعار ولازال يرفعه إلى اليوم وهو من تحزب خان وطرح الناصريون نظرية تحالف قوى الشعب أي الاتحاد الاشتراكي العربي وهذا الاتحاد الإشتراكي العربي ينشأ في كل قطر بمعزل عن رصيفه في القطر الآخر بينما نحن من البداية رأينا ان التكوين الحزبي هو أمر ضروري. وأن الحزب هو تعاقد طوعي لمواطنين يؤمنون بفكرة محددة ومباديء محددة وانه طالما أننا نناضل من اجل وحدة هذه الأمة ينبغي ان يكون لنا تنظيم واحد في الوطن العربي.. لأنك لا يمكن أن تناضل من اجل توحيد الأمة بينما أداتك النضالية نفسها مجزأة .. فتوحيد الأداة النضالية والدعوة لوحدة النضال العربي هي الاساس لتحقيق الوحدة العربية فهذا اختلاف في الرؤى .. هذا الاختلاف أدى لوجود تنظيمات متعددة .. ولكن التعددية هذه ينبغي أن تكون مصدر قوة لاطراف الفكر القومي وليس مصدر ضعف.

 

هنالك إتهام أن حزب البعث كان وراء اكثر من انقلاب عسكري فما مدى صحة هذا الإتهام ؟!

 

نحن ما شاركنا في أي انقلاب على الديمقراطية في السودان ..لم نشارك في أي انقلاب على الديمقراطية في السودان.. وبالعكس حتى في فترة جعفر نميري طرحنا قضية الديمقراطية في ذلك الحين بالمفاهيم الثورية .. ورفضنا الديكتاتورية .. وفي هذا الأمر كان عبدالخالق محجوب عليه الرحمة أقرب للحزب في هذا الطرح ولذلك حينما فشلت يوليو في عام 1971م اعتقل البعثيون في كل السودان كما اعتقل الشيوعيون.

 

كان هناك اتهام واضح ان حزب البعث كان وراء انقلاب هاشم العطا في يوليو 1971م؟!

 

لا لم نكن وراء انقلاب هاشم العطا . انقلاب هاشم العطا قامت به مجموعتان .. مجموعة الحزب الشيوعي بابكر النور وهاشم العطا ومجموعة فاروق حمد الله . ولكن عندما حدث الانقلاب كان فاروق حمدنا الله في لندن ! أي بمعني أن فاروق حمدنا الله لم يشارك لا بالتوقيت ولا في التخطيط للانقلاب . بينما كان فاروق حمد الله في الأصل هو رئيس التنظيم أو قائد التنظيم واثناء وجوده في لندن قرر هاشم العطا ومجموعة أخرى معه القيام بانقلاب وكان الاسناد الاساسي للانقلاب في القصر  ,الحرس الجمهوي وغيره, هو من جماعة فاروق حمد. الله.

 

هل كان فاروق حمدالله بعثيا ؟

 

فاروق حمد الله خلافاً لكل الدعايات لم يكن بعثياً .. وإنما كان صديقاً لحزب البعث.. ولكنه لم يكن منتمياً لحزب البعث وكان ضابط وطني تقدمي مستقل منفتح على القوى التقدمية مع علاقة مميزة مع البعث ولكنه لم يكن بعثياً ولوكان بعثياً لما ترددنا في اعلان ذلك لاننا نعتز بفاروق حمد الله .. هذا للحقيقة والتاريخ.

 

فنحن لم نشارك لافي 25 مايو التي كانت انقلاباً قام به جعفر نميري تعزره مجموعة من الناصريين والتحقت بهم مجموعة من الشيوعيين فيما بعد هاشم العطا.. وبابكر النور . وأيضاً مجموعة من الضباط المستقلين التقدميين على رأسهم فاروق حمد الله ...فلم نشارك لا في مايو ولا في يوليو ولعلمك أن حزب البعث لم يلجأ للقوة والعمل داخل القوات المسلحة إلا بهدف اجهاض الإنقلابات العسكرية .. فعل ذلك في سوريا .. فعل ذلك في انتفاضة مارس أبريل الشعبية المجيدة 85 في السودان .. وتعاون مع القوى الوطنية داخل القوات المسلحة ولكنه لم يقم بانقلاب عسكري أي أن كل نشاط حزب البعث في كل البلدان العربية داخل القوات المسلحة كان بهدف إجهاض الانقلابات العسكرية ومقاومة الديكتاتورية وإعادة الديمقراطية . وسبب ذلك أن حزب البعث حزب محظور في اكثرية البلدان العربية.. لذا هو الحزب الأول المناهض للدكتاتورية في البلدان العربية .

 
 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الثلاثاء  / ١٣ شعبــان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٤ / أب / ٢٠٠٩ م