عن ملحمة معركة المطار الخالدة
إنتصرنا عليهم حتى في السهم المكسور
..

﴿ الحلقة الثانية

 
 

شبكة المنصور

المقاتل محمود عزَام

أمي ..

لاتحزني عني وكفي البكاء..

فأنا مت شهيدا وخلدني الزمان..

 

بعد صفحة ليلتهم السوداء التي أبلى بها أبطال العراق بلاءا أصاب القوات الأمريكية بالذعر والخوف وبفعل القوة النارية الأمريكية الشديدة والمركزة والأسلحة والقذائف المحرمة والقصف الهمجي والعشوائي للقطعات العراقية وكل المناطق المحيطة بها والقريبة منها فقد أُضطرت القوة العراقية الى الإنسحاب بعد ان أدت واجبها حيث تركّز هدفها على تعويق وتأخير تقدم القوات الأمريكية بإتجاه هدفها..

 

عندها تمكنت القوات الأمريكية من الدخول الى المطار والإنتشار فيه وفي المناطق المحيطة به وبقوة أولى تعدادها أكثر من 4000 جندي أمريكي وتم تعزيزها لتصبح أكثر من  2000 جندي .. وأخذ دخول وإنتشار هذه القوات طابعا إستعراضيا وإعلاميا كبيرا ..

 

وحذّرَت القيادة العراقية مباشرة وبعد إحتلال المطار  وبشكل علني وعلى لسان وزير الإعلام البطل وأمام كل شبكات الإعلام والمحطات الفضائية بأن الموت ينتظر الأعداء الذين دنسوا أرض المطار وستكون صفحة غير متوقعة من صفحات المواجهة التي خطط لها العقل العراقي المبدع ..

 

لقد جاء إعلان القيادة عن ( صفحة غير متوقعة من إسلوب الرد العراقي في المواجهة ) في وقت كانت القوات الأمريكية مازالت تحمل في ذاكرتها هول المفاجأة وحجم الخسائر التي تكبدتها في معركة ذراع دجلة حيث كان الإقدام العراقي والإندفاع والضبط والتضحية والشهادة في سبيل الوطن .. فبدأت الأوهام والكوابيس والقلق والخوف والتحسب ينتشر كالنار في الهشيم بين القطعات الأمريكية التي تتواصل مع قياداتها الميدانية والخبراء في قطر والكويت والولايات المتحدة لمناقشة ( الأساليب العراقية المحتملة لتنفيذ هذا التهديد! )..

 

ووضع الخبراء العسكريين الأمريكان كل الإحتمالات والسيناريوهات التقليدية وغير التقليدية وناقشوا وثبتوا سبل التصدي لها ومعالجتها والوقاية منها مستندين الى المتيسر الكبير من المعلومات الإستخبارية وصور الأقمار الصناعية الثابتة فوق العراق وطائرات التجسس والمراقبة والإستطلاع والمعطيات من عوامل تتعلق بنقاط الضعف العراقي الميداني والنفسي والتجهيزات وقوات الإسناد والإمداد وطرقها وتأمين حمايتها ..ودراسة نقاط القوة العراقية ومفرداتها وملاحظة أن القوات الأمريكية المدججة بالسلاح  هي الجهة التي تمسك بالأرض (وتدافع عنها) بوجود القوة النارية الهائلة من مدفعية ونار وحركة الدبابات ومناورتها والسيادة الجوية الكاملة والمطلقة وشبكة الإتصالات والقيادة والسيطرة المتكاملة وسرعة ردة فعل القوات الساندة والمُعَزِّزة  وكفاءة وسرعة الدعم الجوي من الطائرات المقاتلة والقاذفة والسمتيات الهجومية والإسناد المدفعي وإنسيابية الإمدادات وسرعة تأمينها ..

 

وإتخذت القوات الأمريكية كل الإحتياطات الضرورية وبشكل إستثنائي وفوري وزادت من نسب التحصينات والإستعدادات والتهيئة الميدانية بأضعاف ولكل إحتمال من تفتيش ومراقبة وتعزيز بالأسلحة المناسبة وغلق وتحصين طرق ومنافذ وأنفاق ولكل الإحتمالات وحتى تلك البعيدة عن الواقع وحقيقة الإمكانات العراقية لمجرد انها تثير الشك كإحتمال!..

 

وكان هاجس الخوف والذعر من فعل المباغتة العراقية والإندفاع والقتال الملحمي والتضحية التي قام بها الجنود العراقيين في معركة ذراع دجلة راسخا في ذاكرة الجميع من قادة وجنود أمريكيين وهم ينتظرون فعل مباغت آخر جرى التهديد به علنا ومن على شاشات الفضائيات ووكالات الأنباء وعلى لسان وزير الإعلام العراقي البطل ..

 

وفي الوقت الذي كان العدو يتوقع إنه قد تَحَسَّبَ لكل شيء ولكل إحتمال وسيناريو ..

 

كانت الإرادة العراقية المدافعة والمقاتلة عن الحق تسير تحت الأرض !..

ليس في الأنفاق ولا في الممرات!..

بين أقدامهم وتحت سُرَف الدبابات وتتوزع على المدارج الرئيسية والثانوية والخدمات والثكنات وتنتظر الإشارة لتظهر وتملأ السماء بثورة غضب عارمة وثأر لكل الشهداء والدماء..

 

وفي لحظة التنفيذ نفَذَت القيادة العراقية عملية تعبوية لإشغال القطعات الأمريكية المنتشرة في كل أرجاء المطار ..هذه العملية التي ساهم فيها العقل العراقي المبدع والفنان والمخترع والمصمم الذي صنَعَ تيارات هوائية قوية ومَزَجَ هذه التيارات بمواد خاصة لخلق سحب تنتظر مَن يخرج اليها من تحت الأرض التي تنتظره ليمتزجوا ويتعانقوا ويهتفوا بأسم العراق العظيم وينتظروا بعد ثانيتين وصول موجة القَدَح الثالثة التي إمتزجت معهما ليعلو صوت الله أكبر إنفجارا مدويا وحارقا ومدمرا لكل أرجاء المطار ومَن فيه من الأعداء..

 

وكانت ضربة كارثية لكل القوات الأمريكية المتواجدة في المطار وحتى لإولائك الذين يختبئون في ملاجئهم ودباباتهم وحصونهم ..

 

وفورا ظهر أبطال العراق من رجال الحرس الجمهوري والقوات الخاصة والفدائيين والمتطوعين ومناضلي الحزب من بين الرمال والأعشاب ومن وسط الإنفجار ليقاتلوا قتالا ملحميا لا يمكن وصفه ولايخطر على بال ..

 

ثم بدأ الهجوم الشامل والكاسح من قبل قوات الحرس الجمهوري من الأمام والمتطوعين من الخلف وتم إطباق الجانبين الآخرين من قبل فدائيي صدام وقوات الجيش العراقي وتم تطهير منطقة المطار بالكامل في وقت وجيز ولم يخرج أي امريكي من هذه المعركة وهو على قيد الحياة ..بعدها قامت قوات من  الحرس الجمهوري بالتقدم الى اليوسفية لمحاصرة بقية القوات الأمريكية.

 

وقد وصف الشهيد القائد صدام حسين هول هذه الخسائر في معركة المطار بقوله :

 

( كان النزال في معركة المطار نزالا عنيدا جبارا لأبناء العراق في الجيش والشعب حتى بلغت خسائر المجرمين الامريكان أكثر من آلفين قتيل وأعداد اكثر من الجرحى ومعدات لو سمحوا للمصورين ان يلتقطوا فيها الصور لكانت صور محرقة قد تمت لهم، في هذه المنازلة ) .

 

وقد أفقدت هذه المعركة صواب القيادة الأمريكية السياسية والعسكرية في واشنطن وقطر والكويت والعراق ! ..

وبدأت القيادة العسكرية الأمريكية بإصدار أوامرها الفورية التي أصابتها الهستيريا بالبدء بقصف جوي كثيف جدا لكل شيء على الأرض والإستعداد لشن هجوم مدرع وجوي مقابل كبير على القوات العراقية التي ليس لديها طائرة حماية جوية واحدة!..

 

وعندما بدأت المعركة الرهيبة وغير المتكافئة ..كان القائد الشهيد صدام حسين يقود هذه المعركة كما قاد معركة ذراع دجلة ..من داخلها ولهيب نارها وفي قلبها !..

 

كانت كفتها تميل منذ بداياتها لصالح رجال الحرس الجمهوري البطل والمتجحفلين معه ..وحاولت الموجات الكثيفة من الطائرات القاذفة الأمريكية وبكل ما كانت تحمل من قتل ودمار أن تثني هذه القوة الجبارة عن الصمود والقتال و لكن دون جدوى..

 

وكان تدمير الموجات المتعددة للدبابات الأمريكية المتقدمة وجنود المارينز ورغم الطيران الكثيف والقصف الجوي والمدفعي يوحي وكأن المعركة قد حسمت لصالح العراق مما يزيد الأبطال صمودا وتفاني وتضحية وصبر ومقاومة ..

 

وقاربت المواجهة على أرض المطار على النهاية بنصر عراقي حاسم !..

وهو الأمر الذي جعل القيادة الأمريكية في الولايات المتحدة تقرر فورا الإنتقال الى صفحة (التدمير التام لأرض المعركة ) والذي يعرف في مفاهيم العمليات العسكرية الأمريكية (بالسهم المكسور) ..

 

وفي الوقت الذي كان فيه أبطال العراق شامخين صامدين قريبين من النصر..

أقلعت من أرض الكويت الطائرات..

تحمل الموت في قنابل..

طائرات ..

كل طائرة لاتقوى على حمل أكثر من قنبلة واحدة !..

طائرة واحدة تحمل جحيما واحدا..

جحيم توجهه الأقمار الصناعية ..

 

ونقول للمتقولين الذين يتندرون بعدم تصدي ومقاتلة وصمود الجيش العراقي العظيم ..

 

المجد كل المجد للواء 23 واللواء 26 وكتائب دبابات الحرس الجمهوري..

زهوا وعزا بهم .. وإجلالا لهم أبطال الجيش العراقي الباسل والقوات الخاصة والحرس الخاص ومناضلي البعث والفدائيين وهم يلبسون الأكفان ..

وينتظرون الشهادة..

ويقودهم الشهيد القائد صدام حسين بنفسه..

لقد إنتصرنا عليهم في ذراع دجلة..

وإنتصرنا عليهم في معركة تحرير المطار ..

وفي السهم المكسور..

عندما صمدنا ..

ولبسنا الأكفان ..

ووقفنا جميعا كالجبال .. ونحن في وسط النار التي حولت الفولاذ الى سائل وبخار ..

فقد نلنا الشهادة وفزنا بها ..  

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس  / ٠٩ رجــــب ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٢ / تمــوز / ٢٠٠٩ م