وحدة البنادق وشخصنة المواقف

 
 
 

شبكة المنصور

الدكتور محمود عزّام

( هذا الحديث ليس للذين في غيّهم يعمهون ويعرفون ماذا يفعلون بحملة المنهج التسقيطي والتخويني المبرمج.. وليس لِمَن يروج أنه في خندق المقاومة ويزرع فيه الألغام ) ..

 

( ونعي جيدا ومقدما بأنه لن يسمع نداءنا هذا أحد منهم )!..

 

بدأت شدة رياح شخصنة المواقف وتخوين المقابل وإطلاق الأحكام وكتابة المقالات التحليلية الطويلة في إجترار الحكايات وربما تأليفها أو إختلاقها تزداد حدة وهي تهب على أرض العراق المحتلة والمسلوبة الإرادة !..

 

وأخذت حدة الإتهامات تأخذ منحى بعيد عن أخلاقيات المناضل الحقيقي والمقاوم والمضحي والحريص على سمعة ومستقبل الجهد المقاوم ..

 

بعض هذه الرياح فيها الكثير من التجريح الشخصي عملا بقاعدة ثابتة في (نضال العراقيين المعروف ) عبر عشرات السنين ومع الأسف وهي :

( أن أغلب المواقف المبدأية والأخلاقية تستند في تبنيها على مواقف شخصية)!..

 

فلو شتم سياسي من الحزب (س) العراق سيكون أسهل بل وأفضل ( للعراق ومستقبله وأمنه وحتى سيادته!) مِن ان يشتم قائد في الحزب (ص) !..

 

وكذلك في حالة تعاملنا مع الدول!..

 

فعندما (يتهجم) رئيس دولة خارجية على العراق بقوله :

(إن العراق دولة فاسدة وشعب جاهل)!..فلن يكون رد فعل الدولة قويا وحاسما بل ومتهورا ومتعصبا وفوريا عندما يكون القول:

( إن رئيس العراق فاسد وجاهل)!..

 

وهذه حالة تُشكل في نموها وتوارثها وتأثيراتها واحدة من أهم مصائب العراق !..

 

وفي حالنا اليوم ونحن في قمة حاجتنا للوحدة ..

وحدة البنادق ..أو وحدة المقاومة ..

وحدة المواقف .. أو وحدة الأهداف..

وحدة الرؤى ..أو وحدة المناهج والسياسات..

والأهم من كل ذلك..

وحدة الموقف من تشخيص العدو!..

 

نسمع ونقرأ هذه الأيام (تحليلات طويلة ومتعوب عليها جهدا وزمنا وأرقا ) في التقزيم والإتهام ومن جهات تتبنى الجهد المقاوم ..حتى وصل الأمر الى ترديد ما يردده العدو من أقاويل مثل (لماذا لم يقاتل الجيش العراقي في المواجهة مع الأمريكان !)..متناسين بطولات العراقيين في الجيش العراقي الأصيل الباسل في معارك الصحراء والسيدية والمطار والنجف وحجم النار الأمريكية التي كانت تُذيب الدبابات وتُبخرها!..

 

فإذا كان عدوي هذا الذي أقاتله ..

وعدوي أيضا هذا الذي يقاتل معي وبجانبي..وهو قد أصبح عدوي لأنه تعرض لي أو إدعى (وإن صح ذلك أو لا ) أنه أكفأ مني في قنص العدو ..

وعدوي أيضا من ينصحني ..

وحتى من يعقب على ما أقوله ..

وستكون بندقيتي جاهزة ..وقلمي حاضر لأستدير بهما صوب رفيقي وزميلي وصديقي او من يقاتل معي ..فقد أسدينا لعدونا المشترك خدمة طالما كان يحلم بها!..

 

والغريب أن البعض ممن يقولون أنهم يقاتلون عدوا مشتركا جنبا الى جنب مع بعضهم البعض  يتقاذفون اليوم تهما شخصية لا تليق حتى بِمَن يجمع (القوانات الفارغة) من أرض المعركة وليس مقاتلا فيها ودمه النازف وجرحه المفتوح يشهد له بذلك!..

 

وليزعل مَن يزعل من المتمكنين في مفردات اللغة او التشهير والسخرية  إذ أقول :

 

لماذا لا يزعجكم ما يجري في العراق وما يحدث من إمتهان لكرامة وحقوق وتأريخ العراقيين وشرفهم وأعراضهم وأرواحهم وتهبوا كالأسود الكاسرة المتوثبة لتمزيق من يقف أمامها لمجرد أن الإساءة جاءت شخصية لكم ؟..

 

ولماذا (والعدو يراقبنا)  نحوِّل بنادقنا وأقلامنا لتصول وتجول بحثا عن أمور داخلية تخص تيار أو حزب أو تنظيم لا شأن لنا به؟..

 

إن المتابعة المضنية لساعات وأيام في البحث عن مفردات قالها فلان ورددها علان لتشكيل جمل وعبارات لإدانة تنظيم مقاتل وإختيار ما يناسب الحدث من إفرازات التنجيم والغيبيات وإستخدام أغلظ الأيمان بوفاة قائد أو حضوره وبناء المواقف عليها إن كان من مستفيد لها فهو العدو ..وإن كان من خاسر فهو العراق وشعبه !..

 

ولماذا يكون الحديث في ( موضوعة القيادة في الجهد المقاوم ) بهذه الحساسية ؟..

وخاصة في ظروف لا يّجبر الجميع على القبول بها ؟..

 

أليس الأفضل أن نشيع ونروج لكل المقاتلين بأن رصاصة واحدة تصيب هدفا في العدو أفضل من عشرين يوما في البحث والتنقيب والتحليل لتخوين الآخرين وودفن الأحياء المقاتلين؟..

 

وعندما يبحث القاصي والداني في سبب هذه الفرقة وأصلها وشدة هذه الرياح سيرى خلفها نفس العدو ..

 

نفس العدو الذي عَرَفَ أن الحديث عن هدم العراق وسرقته وتدميره وقتل أبناءه وسلب إرادته لن يُحرك أقلام (قادة المقالات)..

 

ولكن إشارة بسيطة شخصية أو عائلية واحدة ستشعل حربا تجعل من كل البنادق وسيلة لنارها ..

 

وأخيرا ..

 

تحية لِمَن  يؤمن حتى وإن كان اليوم أو غدا ..بأن الزمن العراقي اليوم أثمن من أن نضيعه برد السفاهة ومناقشة جَهَل مداد الأقلام!..

 
 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

لاثنين  / ١٢ شعبــان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٣ / أب / ٢٠٠٩ م