ليس من المفروض أن تمر تصريحات الكذّاب بريمر بدون تعليق !..

﴿ الحلقة السابعة

كان بريمر يعرف إن الفساد سيكون مشكلة في العراق !

 

شبكة المنصور

الدكتور محمود عزام

بتأريخ 10 مايس 2009 أجرى محرر صحيفة الشرق الأوسط  حوارا مع الحاكم المدني الأميركي وكبير الكذّابين ومن بين أكثر المستفيدين من تدمير وإحتلال العراق الدجال بول بريمر ..

 

وتخلل سيناريو إجراء هذا الحوار بعض من التزويق الإعلامي عن طبيعة هذا المسؤول الأمريكي وكيف إنه كان يرفض في السابق إجراء مثل هذه المقابلات وخاصة بعد إصدار كتابه عامي في العراق وكيف إن التطرق للسياسيين العراقيين يمثل (خط أحمر له) !..

 

ومن الطبيعي أن يتصور البعض من القرّاء إن بريمر وبعد مرور كل هذه السنوات من ديكتاتوريته في العراق وما أفرزته إدارته الفاشلة وقراراته الخائبة ونتائجها الكارثية وما نتج من تداعيات مزقت الشعب العراقي وخلقت اجواء مثالية لنمو الصراع الطائفي والعنصري وشيوع الحديث عن محاصصة متنوعة لا تأخذ مصلحة العراق بعين الإعتبار قد يعود لرشده ويتكلم بصراحة ويعترف بفشله!..

 

لكن الكثير من المتابعين والمعنيين بالشأن الأمريكي والعراقي يعرفون جيدا بل ومتيقنين بشكل كامل بأن هذه السنوات الست لم تزد بريمر إلا صلفا وإصرارا ومكابرة على الخطأ ودجلا وكذبا وسذاجة وسطحية في الفهم والتحليل ..

 

وهذا هو السبب الذي جعله لليوم يردد نفس مفاهيم (القوة المفرطة وسلب حقوق الآخرين ) و(العداء وفقا للمنصب واللقب والوظيفة) وتعابير الراحل بوش ومقولات تشيني الخائب وعبارات رامسفيلد وكونداليزا رايس الطائشة في (صحة كل الخطوات والإجراءات والقرارات )التي قامت بها الإدارة الأمريكية بدءا من التخطيط والتنفيذ وإنتهاءا بما آل اليه الوضع العراقي وقيمة وسمعة الولايات المتحدة اليوم !..

 

لقد أضاف هذا الحوار تأكيدا للقناعة الراسخة لدى الكثيرين بأن كل إدعاءاته وتخرصاته وقراراته كانت برمتها عبارة عن أداء سيء كان مطلوبا من قبل الإدارة الأمريكية إما لكي يصل العراق الى ما وصل اليه أو هو برهان على هذا الحقد الهائل والإنتقام الوحشي من شعب وحزب ونظام وقف بوجههم  في وقت كان الجميع يطلب رضاهم!..

 

ومثل أي مجرم وسارق غبي يحاول بريمر أن يتستر على جرائمه وبعد ان دافع عن قراراته الخائبة في الفصل وحل المؤسسات وإجتثاث الوطنية العراقية فهو اليوم يتحدث عن الفساد الذي (كان يتوقعه!) في العراق..

 

 

الإحتلال هو الذي خلق مشكلة الفساد في العراق

 

وعن انتشار الفساد في العراق قال بريمر: (كنا نعرف أن الفساد سيكون مشكلة وقمنا بأربعة إجراءات للتعامل مع هذا الموضوع وهي إنشاء قضاء مستقل، انشانا لجنة تفتيش مستقلة، وانشانا هيئة وطنية للشكاوى ، وتمت الإستعانة بلجنة مراقبة المال العام ).

 

سوف لن ندخل في موضوع قدرة بريمر على التنبؤ!.. وخاصة إستنتاجه وهو في الطائرة C 130 التي أقلته للعراق من (الكويت!) في رحلته لإستلام منصبه كحاكم مطلق للعراق من إن الفساد سيكون مشكلة في العراق !..

 

وسوف لن نناقش إحتمالية وجود هدف في منهجه بنشر الفساد في العراق من خلال تشجيع وحث الناس على دخول وزارات ودوائر ومستودعات الدولة والمتاحف والبنوك والمصارف ونهبها بالكامل أمام مرأى ومسمع وحماية الدبابات الأمريكية والمارينز الأمريكي !..

 

يقول بريمر إنه (أنشأ قضاءا مستقلا)!..

هل هذا يعني إن القضاء العراقي كان غير نزيه وغير مستقل عندما دنّست الدبابات الأمريكية وفيالق القدس وبدر الإيرانية أرض العراق!..ليقوم بريمر (وحرصا منه على إنشاء وبناء مؤسسة قضائية مستقلة ونزيهة) بإنشاء قضاء عادل ونزيه!..

 

أين هذه المؤسسة القضائية (العادلة والمستقلة !)وأين تعمل ؟..

وهل يستطيع قاضي تحقيق أو قاضي في العراق اليوم أن يصدر قرارا بقضية فساد مالي أو إداري بدون إذن من الحكومة والأحزاب الطائفية المتنفذة؟..

 

وهل يقصد بريمر بالقضاء النزيه والمستقل هو القضاء الذي لايحاسِب ولايسأل أو يوجه اللوم الى أي من الأمريكيين المتواجدين على أرض العراق وعن أي جرم يرتكبوه بما فيها المليارات التي أخذها معه بريمر عندما هرب من العراق؟..

 

ويقول بريمر :

(انشانا لجنة تفتيش مستقلة )!..

من الواضح إن كل لجان التفتيش والمراقبة والتدقيق مرتبطة بالإدارة المدنية الأمريكية في عهد بريمر وبالسفارة الأمريكية بعده !..

 

وهذه اللجان (مستقلة تماما!) والدليل إنها تتألف من أعضاء في حزب الدعوة وفيلق بدر وتنظيمات الجلبي ومن تنظيمات الحزبين الكرديين العميلين!..

 

ثم عن أي شيء تفتش هذه اللجان ومصير كل من يعارض كبار السرّاق والمزورين والخونة في مفاصل الدولة القتل هو وعائلته؟..

 

وهل لهذه اللجان المستقلة الحق بتفتيش وتدقيق إجراءات وإختلاسات الأمريكيين من عسكريين ومدنيين ومستشارين في كل مرافق الدولة؟..أم أنها مسؤولة فقط عن التفتيش عن العراقيين فقط ؟

والى أي جهة تكتب هذه اللجان تقاريرها ونتائج تحقيقاتها ؟..

 

ويقول بريمر:

(وأنشانا هيئة وطنية للشكاوى وتمت الإستعانة بلجنة مراقبة المال العام )!..

وهذه الهيئة تشبه في تسميتها لما يعرف (بالهيئة الوطنية لإجتثاث البعث) !..

 

وهكذا ..وبفعل التفسير الجديد للوطنية العراقية الذي إعتمدته الإحزاب الإيرانية الحاكمة في العراق ومَن جاء لاهثا مع القوات الأمريكية التي غزت ودمرت ونهبت العراق فقد أصبحت كلمة (الوطنية العراقية ) تعني تلك التي يصادق عليها ويتبناها ويصدرها الحاكم الأمريكي !..

 

فكل قرارات بريمر تحمل صفة (الوطنية!)..

ومنها هيئة الشكاوى ..وهي الهيئة (الوطنية) التي تزاوجت مع هيئة إجتثاث البعث (الوطنية) ومتابعي قرارات الهيئة (الوطنية) الخاصة بحل الإجهزة والوزارات والمؤسسات العراقية وأفرزت الكثير من الهيئات والمؤسسات (اللقيطة) والتي أطلق عليها لقب (الوطنية)..كالمخابرات (الوطنية) والشرطة (الوطنية) والجيش (الوطني) وغيرها الكثير وآخرها حكومة الوحدة (الوطنية)!..

 

هيئة الشكاوى (الوطنية) و(المستقلة) و(النزيهة) هي أم هيئة (المخبر السري) (الوطنية) التي تشكلت من أغلب منتسبي فيلق بدر وحزب الدعوة والجلبي والصدر وكل حاقد وسارق ومجرم وحاقد!..

 

وكانت نتيجة إجراءات بريمر ومَن سار خلفه مئات الآلاف من المعتقلين الأبرياء الذين يقبعون في سجون الإحتلال والسلطة والكثير منهم تجاوز إعتقاله مدة ربع سنوات والبعض معتقل منذ ست سنوات في ظل (القضاء العادل والمستقل ) حسب إدعاء بريمر في حين تجري عمليات السرقة والتزوير والرشاوى في وضح النهار ويقودها ويشرف عليها وزراء حكومة الوحدة (الوطنية) والمدراء العامين بعلم وتشجيع كل الأحزاب (الوطنية) المشاركة في العملية السياسية بعيدا عن لجان شكاوى بريمر (الوطنية) ولجان مراقبة المال العام (الوطنية)..

 

نحن ننصح بريمر والسياسيين الأمريكيين الآخرين والعسكريين الذين سيدلون بدلوهم لاحقا بإستبدال كلمة الوطنية العراقية في توصيف هيئاتهم ولجانهم وتشكيلاتهم بتسمية أخرى..

 

وافضل من كلمة (الإيرانية) التي قد تسبب حساسية لهم ان يستخدموا تعبير ( الإنتقامية) ليصبح (الجيش الوطني ) بإسم الجيش الإنتقامي  ..

 

والشرطة الوطنية تصبح الشرطة الإنتقامية..

والهيئة الوطنية لإحتثاث البعث بإسم الهيئة الإنتقامية لإجتثاث البعث

وحكومة الوحدة الوطنية بحكومة الوحدة الإنتقامية من العراق!..

 

ولن يكون من المجدي وبحسب المعطيات في خضم هذه الأمواج المتلاطمة من بحر هائج من الحقد الأعمى أن نؤكد على إستنتاج بريمر وشهادته بعدم وجود فساد قبل 9/4/2003 من خلال قوله بانه كان يعرف بأن الفساد (سيكون مشكلة ) وعدم قوله بانه كان يعرف من إن الفساد (الذي كان مستشري في الماضي) كان مشكلة!..

 

وقد يكون إسرافا في الحديث لو تناولنا قصة مبلغ 250 مليار دولار المسروقة من أموال إعادة إعمار العراق منذ تولي بريمر المنصب في العراق لحين تشكيل لجان التحقيق الأمريكية الرسمية في هذا الموضوع والتي رفعت تقاريرها منذ عدة أشهر والتي إحتوت معلومات غريبة جدا عن صرف مليارات الدولارات باوامر شفهية وتم إستلامها وصرفها بدون وصولات!.وكيف أنه وفي عهد بريمر نفسه الذي يحاول أن يجعل من نفسه (أمينا) على أموال العراق كان صغار الضباط الأمريكيين يخزنون عشرات الملايين من الدولارات في دواليب غرف نومهم والبعض منهم في صناديق في الحمام!..

 

وصور قيام الجنود الأمريكيين بلعب كرة القدم برزم الدولارات وماتناقلته وسائل الإعلام عن قيام الشاحنات الأمريكية بنقل شحنات سبائك الذهب بمئات الأطنان وسرقته وشحنه الى خارج العراق!..

 

ومَن يريد أن يطلع على ملف الفساد في العراق اليوم والذي أصبح سمة ملازمة لحكومة الإحتلال عليه أولا ان يعرف أين ذهبت ميزانيات العراق خلال الست سنوات الماضية وعلى أي (مشاريع وصروح وخدمات وشواهد) أنفقت..

 

والذي يتابع تصاعد حدة هذا الفساد منذ اليوم الأول للإحتلال سيستنتج أن الإدارة الأمريكية وفي غزوها وتدميرها وإحتلالها للعراق قد (نجحت فقط) في نشر الكذب وإرغام الناس على تصديقه والترويج للرذيلة وإفساد المجتمع وتشجيع شيوع الباطل وشراء الذمم وذبح الضمائر!..

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس  / ١٦ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١١ / حزيران / ٢٠٠٩ م