العراق وإفغانستان وتموز هذا العام

 
 
 

شبكة المنصور

الدكتور محمود عزّام

لم يعد خافيا على أحد أن شهر تموز الحالي هو من أكثر الشهور دموية وإحباطا وتراجعا لقوات الإحتلال  الأمريكية والبريطانية المشاركة في العمليات العسكرية في العراق وأفغانستان بالرغم من كل التطبيل الإعلامي بتحقيق (تقدم في الجانب الأمني العراقي)الذي تمثل بمسرحية (إنسحاب القوات الأمريكية من المدن العراقية ) و(كذبة التقدم العسكري) في العمليات في إفغانستان!..

 

عملية (مخلب النمر) التي تنفذها القوات البريطانية والأمريكية في أفغانستان  أو عملية (خنجر) التي ينفذها الجيش الأمريكي خلال هذا الشهر ..وهي عمليات عسكرية واسعة النطاق ضد مقاتلي طالبان بجنوب أفغانستان وولايات هلمند وقندهار يشارك فيها نحو أربعة آلاف جندي مارينز إلى جانب 650 جندي أفغاني وجهاز الشرطة المحلية ..ماهي إلا محرقة جديدة لإرضاء غرور وعنجهية المحتلين غير الآبهين بدماء شبابهم !..

 

وسواء كانت هذه العمليات العسكرية الوحشية والموسعة (مواءا للقطة) أو مخلبا لها ! أو (عواءا للكلاب ) أو (زئيرا للأسد)!..وسواء كانت (خنجرا مسموما )!..أو (سيفا خشبيا)!..فهي خيبة كبيرة للمحتل والمعتدي ..

 

فقد خلفَت هذه الحملات لحد الآن أكثر من 15 جنديا بريطانيا بينهم 8 قتلوا في ظرف 24 ساعة وتسعة جنود أمريكان منذ بداية شهر تموز هذا العام!.. حيث كان يعتبر شهر كانون الأول من عام 2006 أكثر الشهور دموية للقوات البريطانية والذي شهد مقتل 19 جندياً سقط منهم 14 جندياً في حادثة واحدة وذلك عندما تحطمت بهم طائرة نقل عسكرية تابعة للقوات الجوية البريطانية بالقرب من قندهار.

 

وتُعد ولاية هلمند مركز أعمال العنف التي يشنها مقاتلو حركة طالبان في الأشهر الأخيرة والتي قُتل فيها أكثر من 30 جندياً أمريكياً وبريطانياً ودنماركياً منذ كانون الثاني 2009.

 

وفي رده على هياج الرأي العام البريطاني الذي يُحمِّل وزارة الدفاع البريطانية مسؤولية مقتل الجنود البريطانيين بلا داع من جراء عدم تأمين حماية جوية وعربات مصفحة رفض وزير الدفاع البريطاني بوب آينزويرث الاثنين الإتهام بأن الجنود البريطانيين يقتلون في أفغانستان من دون داع  وذلك بسبب عدم وجود طائرات مروحية مقاتلة كافية بين أيدي القوات البريطانية.وقال في كلمة له أمام مجلس العموم البريطاني : ( إن القتال في هلمند بأفغانستان يقتضي الدخول في معارك مشاة ولا يمكن تنفيذها من وراء مركبات مصفحة ولا باستخدام طائرات مروحية)!.

 

وكان قد لقي الليفتنانت كولونيل روبيرت ثورنلوي (49 عاماً) قائد كتيبة بريطاني مصرعه مع جندي آخر يُدعى جوشوا هاموند (18 عاماً) في إنفجار قنبلة زرعت على جانب أحد الطرق فيما كانا يتنقلان بعربة مدرعة بولاية هلمند جنوب أفغانستان في هذا الشهر ليكون بذلك أرفع ضابط إنجليزي يقتل في المعارك منذ حرب "جزر فوكلاند" في بداية العقد الثامن من القرن الماضي.وقالت وزارة الدفاع البريطانية أن  : (ثورنلوي كان قائد كتيبة يشرف على أكثر من ألف جندي وغادر من المقر الرئيسي لكتيبته ضمن قافلة تموين في زيارة تفقدية لجنوده الذين كانوا ينفذون عملية واسعة في مناطق معادية). وفي العادة فإن عدد الضباط من نفس رتبة ثورنلوي بين القوات البريطانية المنتشرة في أفغانستان لا يزيد في أي وقت عن ثلاثة فقط.

 

علما ان  وزارة الدفاع البريطانية قد ذكرت أن إجمالي خسائر الحرب في أفغانستان بلغ 184 جندياً، مقابل 179 في العراق!..

 

وكانت التطورات العسكرية في أفغانستان قد دخلت منحاً جديداً بالنسبة للقوات البريطانية حيث تجاوز عدد قتلاها في ذلك البلد للمرة الأولى عدد ضحاياها البشرية في حرب العراق بعد عشرة أيام دامية من المعارك مع مقاتلي حركة طالبان أدت إلى مصرع 15 جندياً. وفي الأثناء قال قائد قوات مشاة البحرية الأمريكية "المارينز" التي تقاتل عناصر حركة طالبان في جنوب أفغانستان، إنه : ( ينبغي الزج بمزيد من قوات الأمن الأفغانية في المعارك الدائرة هناك)!.

 

وأوضح الجنرال لاري نيكلسون أن هناك حاجة لمزيد من القوات الأفغانية خصوصاً وأن عدد الجنود الأمريكيين الذين يشاركون في العمليات العسكرية يبلغ 4000 معظمهم من المارينز إلى جانب 650 جندياً أفغانياً فقط.

 

أما في العراق فلم تسلم قوات الإحتلال الأمريكي والبريطاني من ضربات المقاومة العراقية وهي تنسحب مهزومة لاوكارها أو عندما تتحصن خلف أسوارها لتنتقل عمليات المقاومة من مرحلة متابعة وإصطياد الأهداف الى مرحلة العمليات الهجومية النوعية.

 

ومهما تعددت الصفحات وتغيرت الشعارات وسبل التكتيكات وتحويلها من (أمركة الجراحة والإستئصال) الى (عرقنة وأفغنة التطهير العرقي والمذهبي والفكري ) ضد الشعب من خلال وضع العراقيين والأفغان من منتسبي قوات الأمن والشرطة والجيش أمام هذه القوات أو دفعهم للقتال عنهم بالنيابة..

 

ومهما حاول المحتل أن يلقي بمبررات الهزيمة على التضاريس والحاضنات والتطرف..

فإن كل فرضياته وإستنتاجاته وأفعاله تهاوت امام إصرار ومتانة وإرادة المقاومة العراقية التي أصبحت نبراسا لمقاومة الشعوب المظلومة ومنها الشعب الأفغاني ..

 

لقد حطم صمود وثبات الشعب وقواه الوطنية المقاومة غرور وعنجهية وصلف القوة الغاشمة وتحالف المنتفعين واللاهثين خلف الدولار من فاقدي الوطنية والشرف ..

 

وبالرغم من إن ساحة المواجهة الأفغانية هي ليست ساحتنا..ومعركتهم ليست معركتنا ..وأهدافهم غير أهدافنا..ومنهجهم غير منهجنا ..

 

إلا أنه شهر تموز..

وهو دوما تموزنا..

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاربعاء  / ٢٢ رجــــب ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٥ / تمــوز / ٢٠٠٩ م