ليس من المفروض أن تمر تصريحات الكذّاب بريمر بدون تعليق !.. بريمر وزيارة العراق !..

﴿ الحلقة الثامنة ﴾

 
 

شبكة المنصور

الدكتور محمود عزام

أثار الحوار الذي أجراه محرر صحيفة الشرق الأوسط يوم 10 مايس 2009 مع الحاكم المدني الأميركي في العراق بول بريمر جملة من التساؤلات والتكهنات ..

 

ومع أن هذا الحوار لم يحوي شيء جديد ..إلا إن توقيت الحوار وخاصة بعد أكثر من ست سنوات على (جني ثمار ما زرعه بوش وبريمر في العراق!) يؤكد بما لايقبل الشك من أن الإدارة الأمريكية ومخططي غزو وتدمير وإحتلال العراق ومنفذي أجنداتهم بعد الإحتلال ومنهم بريمر مستمرون في الإصرار على إرغام الآخرين على تصديق أكاذيبهم ودجلهم وتزويرهم للحقائق ..

 

ونتذكر جيدا كيف كان بوش يظهر إسبوعيا وأحيانا ثلاث مرات في الإسبوع ليقول بان مهمتنا في العراق قد قاربت على النهاية وتحقيق أهدافها!..

 

وفي كل مرة كانت تقوم فيهاالمقاومة العراقية بتوجيه ضربة موجعة للقوات الأمريكية يظهر فورا واحد من تلك الإدارة ومنهم بريمر ليقول أمام الصحافة العالمية ووكالات الأنباء بأن هذه الهجمة هي ( ضربة المحتضر!) وهي آخر ما لدى (المتمردين!) ..الى ان وصل الأمر في عام 2007 ليعلن البيت الأبيض رسميا بأن الإدارة الأمريكية (أخطأت كثيرا في تقدير حجم المقاومة العراقية وتأثيرها) !..

 

لقد عاش الأمريكيون أعواما ثمانية من الغش والخداع والتزييف وإخفاء الحقائق بدءا من مبررات الغزو وإنتهاءا بعدد القتلى الأمريكيين !..

 

وكان بريمر خلال فترة حكمه الديكتاتوري للعراق أحد أعمدة الكذب والتزييف لهذه الإدارة بإعتماده على مستشارين و(معارضة سابقة وحاكمة اليوم) لتعبيد الطرق أمام (إنزلاق سريع) للإدارة وللقوات الأمريكية في مستنقع العراق من خلال قرارات وإجراءات وسياسات خاطئة وحاقدة وإنتقامية ومغالية في الإقصاء والتهميش والتفرقة وبعيدة في مبرراتها عن الحقيقة !..

 

هذه الحقيقة التي يصر بريمر والإدارة الأمريكية السابقة  على عدم الإعتراف بها..

لقد كلّف هذا الإصرار في التغاضي عن الحق الإدارة الأمريكية السابقة الكثير ولعل من أكثر الخسائر وضوحا هزيمتها في الإنتخابات الأمريكية وما رافق سياساتها من إنهيار إقتصادي وضياع للسمعة والمصداقية والمكانة الدولية بحيث أصبح إعتياديا في نهاية ولاية بوش أن يتحدى الولايات المتحدة الأمريكية علانية وبقوة السلاح من كان هدفا سهلا لها !..

 

وبول بريمر لم يكن إلا واحد من المسؤولين الأمريكان الذين أوكلت لهم مهام محددة.. ونَفّذَ أكثر مما كان مطلوبا منه ..وبريمر واحد من أكثر المسؤولين الأمريكان الذين ساهموا في الإضرار بسمعة الولايات المتحدة وكرسوا حالى الهزيمة منذ اليوم الأول لتسلم مسؤولياته في العراق .

 

بريمر يريد أن يزور العراق!

 

وحول سؤال لمحرر الشرق الأوسط في هذا الحوار لبريمر : هل تعتزم العودة الى العراق لأي سبب من الأسباب قال:

( أرغب في العودة الى العراق في يوم من الأيام وأتمنى أن ترافقني زوجتي الى هناك )!..

وعن تحديد موعد لهذه الزيارة الإحتفالية قال:

( لم نحدد موعدا بعد)!..

 

بريمر يرغب بالعودة الى العراق في يوم من الأيام !..

وهي جملة تشبه عندنا من يرد على دعوة لايرغب بحضورها بقوله:

(الله كريم والأيام طويلة !)..

عودة بريمر للعراق مرهونة حسب قوله بتحديد موعد!..

وهذا الموعد لم يُحن بعد!..

وهو مربوط بسلسلة طويلة من المهام والأهداف الأمريكية !..

وهذه السلسلة تتقطع بإستمرار ويجري ترميمها بحلقات لصفحات جديدة!..

 

والظاهر إن بريمر يقصد بذلك إن زيارته القادمة للعراق ستكون بعد أن يصبح العراق ( نموذجا في الأمن والإستقرار والديمقراطية والرفاهية والإزدهار !)..

 

ويعرف بريمر إنه ووفق منهجه كان من المفروض أن يتحقق ذلك في عهد بوش الراحل ..وإذا كان من الصعوبة أن يتم ذلك في ولايته الأولى فكان يجب ان يتم تحقيق (النموذج العراقي!) في ولايته الثانية!..

فلماذا لم يتحقق الهدف؟..

 

ويتندر البعض بان شرط بريمر لزيارة العراق (بتحقيق النموذج العراقي الفريد!) وبصحبة زوجته دلالة على كونه شرطا تعجيزيا!..

 

فهل سيبقى بريمر ينتظر أربع سنوات أخرى (بعد كل هذه المدة التي إنتظرها) وربما ينتظر ولاية ثانية للديمقراطيين ليأتي الجمهوريون بعدها ليحققوا للعراقيين ماعجز عن تحقيقه أوباما وشعاره الخاص بالتغيير!..

 

ورب سائل يسأل ..

أليس من الغرابة ان يسافر الى العراق عدة مرات كل من بوش وتشيني ورامسفيلد ورايس وغيتس ورئيس الأركان وقادة المنطقة الوسطى وأعضاء الكونغرس الأمريكي ومدراء الأمن القومي والمخابرات وحتى غارنر وخليل زادة وموظفي سلطة الإئتلاف المؤقتة الذين عملوا في العراق معه ولم يتسنى لبريمر لا الوقت ولا الظرف لزيارة العراق؟..

 

هل يمكن أن يكون السبب هو لقيامه بمهاجمة كل ( القادة السياسيين العراقيين )بكتابه عامي في العراق وخوفه من أن يقوموا بتصفيته كعادتهم بالتعامل مع خصومهم ؟..

 

فبريمر وصف الجلبي بالكذّاب والربيعي بالغباء وعدم الفهم والأكراد بذوي مصالح خاصة والجعفري بالثرثار ومقتدى بالمجرم وغيرهم كثير!..

 

وإذا كان هذا هو السبب فمتى سيزور العراق؟..

 

ومتى سيصطحب زوجته معه ليريها أين كان يمارس مهامه وأين كان يجلس مع السياسيين العراقيين ؟..

وهل سيريها المستشفيات والجامعات والجسور والمصانع والمنشآت التي هدمها ودمرها بدلا من تلك التي كان عليه أن يبنيها للعراقيين؟..

 

عن أي صرح وبناء وعمران وديمقراطية ورفاهية سيتحدث بريمر لزوجته في الزيارة المرتقبة الى العراق؟..

هل سيطلعها على مقابر المليوني شهيد وقتيل ؟..

 

وهل سيشرح لها أسباب وجود مليون أرملة ومليوني يتيم وسبعة ملايين مهجر عراقي داخل وخارج العراق؟..

هل سيرى بريمر حال الخدمات التي قام بتأسيس منهج لسرقتها عندما كان يسمح للمهربين وبتوقيع منه بتهريب أسلاك الطاقة الكهربائية وخامات النحاس وغيرها من المعدات؟..

 

وإذا كان من موعد لتحديد هذه الزيارة ..

فمَن هي الجهة التي تسيطر على الأرض والتي ستحدد هذا الموعد أو تلغيها؟..

 

بقي موضوع واحد..

عندما أنهى بريمر مهمته في العراق لم تجري له مراسيم توديع لائقة به!..

ولم يحضر كل مجلس الحكم ولا ممثلين عنه ولم يكن أياد علاوي كرئيس وزراء حاضرا في المطار وجرى إركابه الطائرة العسكرية على عَجَل واضح من قبل برهم صالح فقط ..

 

ومن الغريب أن يكون بريمر في ذلك الحفل التوديعي مرتديا حذاءا عسكريا (حذاء عرضات) على بزة مدنية بربطة عنق!..

 

وتعددت التفسيرات حول ذلك !..

وكان من أكثر هذه التفسيرات لؤما هو :

( تستخدم أحذية العرضات دائما للهرولة في التدريب أو في الصولة.. وفي الهزيمة )!..

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاحد  / ٢٦ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢١ / حزيران / ٢٠٠٩ م