الخطة السداسية والوصايا الخمس والعواقب الوخيمة على أمريكا

 

الخطة السداسية "البيئة الأمنية" 

الوصايا الخمس لغزو العراق "أنتوني كورزدمان" 

العواقب الوخيمة على أمريكا

 

شبكة المنصور

د. مهند العزاوي  / مركز صقر للدراسات الاستراتيجية والعسكرية

 

حذر "ديفيد واكر" المراقب المالي العام في الولايات المتحدة, من أن هناك أوجه شبه صارخة بين وضع أمريكا الراهن والعوامل التي أدت إلى سقوط روما[1]

 

مقدمة

 

تستند الولايات المتحدة  الأمريكية على القوة العسكرية كمعيار أساسي في تطبيق استراتيجياتها البعيدة المدى للهيمنة الكونية, ولعل رقعة الشطرنج الأمريكية العظمى قد قسم فيها العالم إلى قفزات بأسلوب القضم وباستخدام القواعد والتسهيلات العسكرية في الشرق الأدنى والأوسط والأقصى عبر ما يطلق عليه دول ملتقى الطرق الاستراتيجي وصولا إلى التلاحك الجغرافي لغرب أمريكا, ويطلق على الرقعة الجغرافية العليا في لوحة الشطرنج العظمى مصطلح"القارة الاوراسيوية"[2] في اختزل جيوسياسي واضح لقارة أسيا , مما يؤكد أنها تمثل الرقعة العليا جغرافيا وعسكريا لشبكة الأطماع التوسعية الأمريكية في العالم , من خلال مزاوجة البعد الإيديولوجي ذو المنحى الراديكالي الديني المتشدد والبعد العسكري عنصر القوة لشن الحروب, ولعل العراق وأفغانستان والباكستان خير دليل على ما نذهب إليه وفق فلسفة نظرية صدام الحضارات لصموئيل هنتنغتون عام 1993 والتي تطبق حتى اليوم عمليا باستهداف العالم الإسلامي وتعتبره العدو الأول, بالرغم من خطابات الغزل إلى العالم الإسلامي التي جاءت على لسان الرئيس الأمريكي "اوباما" وعزوفه عن استخدام مصطلح الإرهاب بعد أن استهلك هذا المصطلح وكشفت أبعاده وأهدافه السياسية والعسكرية وأصبح غير صالح للاستهلاك, وتقوم مراكز الدراسات في أمريكا بصناعة ملامح الحدث السياسي والحربي والإعلامي وفقا لمحاور الاستراتيجية العليا/ الشاملة , وتعده كمشروع  يطبق وفق برنامج ووسائل وأدوات تشكل منظومة متكاملة, وبدورها تصوغ وتنحت المصطلحات السياسية والإعلامية التي تستخدم لتسويق تلك الصناعة لتحقيق الاختراق الناعم الذي يغزو مجتمعاتنا ودولنا عبر مؤسساتهم الإعلامية والمؤسسات العربية الملحقة بهم سعيا لتشويه الدين الإسلامي الحنيف  وعمليا باستخدام "الحرب الديموغرافية demographic war"  و"حرب العقائد والأفكارbeliefs war" والتي تخضع لمعايير "إستراتيجية البركان- volcano strategy - الحرب القذرة dirty war[3]ليعزز الفرقة والاحتراب الطائفي والمذهبي والعرقي لتمزيق العالمين العربي والإسلامي .

 

الخطة السداسية البيئة الأمنية

 

تقوم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) بمراجعة تقارير الدفاع الأمريكية والذي يتم إعدادها كل أربع سنوات ويجري مراجعتها وتقييمها كل سنة ،وكانت الإدارة الأمريكية الراديكالية المتشددة السابقة قد تبنت نظريات عدائية توسعية تجاه عالمنا العربي والإسلامي بشكل عام والعراق بشكل خاص, وهذه النظريات ذات منحى سياسي عسكري حربي بإطار إيديولوجي متشدد تستر خلف مفاهيم ومصطلحات يجري تسويقها وتداولها , ولعل أبرزها نشر الديموقراطية ,شبكة الدفاع , الحروب الاستباقية , "الحرب العالمية على الإرهاب GWOT" [4]والتي لتزال ملامحها حاضرة بقوة على الأرض وفي بقعها الجغرافية الملتهبة والمنتخبة في رقعة الشطرنج الأمريكية الوسطى, ويجري في الغالب إعادة تقييم "البيئة الأمنية" والخروج بمحاور إستراتيجية توصي بتعزيز نهج القوة من خلال إستراتيجية هجومية جديدة لإدامة مرحلة التوسع أو الهروب إلى الأمام عسكريا والمستندة على حجم وانتشار المصالح الاقتصادية التي تديرها الشركات العملاقة المتعددة الجنسيات وباستخدام القوة , وقد أشار أليها وزير الدفاع السابق "رامسفيلد" كتحديدات ضمن ما يسمى "الخطة السداسية"[5] وتشير الاستراتيجية السداسية كما عبر عنها رامسفيلد (قرَّرنا هجْر الإستراتيجية القديمة القائمة على "التهديد"[6]، تلك الإستراتيجية التي ظلت مسيطرة على خططنا الدفاعية لأكثر من نصف قرن.. والبدء في انتهاج اقتراب جديد قائم على "القدرات"، و يسميها "الخطة السداسية") وهي إستراتيجية سداسية جرى تبنيها قبل أحداث أيلول 2001، ويلزم فيها على وزارة الدفاع وجوب تحقيق ستة أهداف إستراتيجية إلزامية:

 

1. حماية الداخل الأمريكي، وحماية قواعدنا في الخارج.

2. الإبقاء على مستوى قوتنا في الأماكن البعيدة .

3. إفهام أعدائنا أنه ليس لديهم مأوى يحميهم منا؛ فيتأكدون أنه ليس هناك ركن، ولا جبل، ولا كهف سيمنعهم منا.

4. حماية شبكاتنا المعلوماتية من أي اختراق.

5. استخدام التكنولوجيا المعلوماتية لربط القوات الأمريكية المختلفة، وهو ما يؤهلها للقتال معًا في صف واحد.

6. الحفاظ على اتصال سهل وسلس بالفضاء الخارجي، وحماية قدراتنا الفضائية من أي هجوم غاشم[7].

 

الوصايا الخمس"أنتوني كورزدمان"

 

كانت تلك الاستراتيجية( الخطة السداسية) تعبر عن إرادة صناع القرار الأمريكي وجماعات الضغط المختلفة لغرض أعداد بيئة ومناخ مناسب لشن الحرب ضد العراق, ولهذا حاولت مراكز الدراسات وعدد من المفكرين أن يضعوا آليات تطبيق تلك التحديدات السياسية العسكرية ذات البعد الاستراتيجي "الخطة السداسية" ، ولغرض تسويق تلك الاستراتيجيات تناقلت شبكة المعلومات الدولية دراسة لـ  "أنتوني كورزدمان"[8]  "شن الهجوم على العراق"  التي حددت في خلاصتها الاشتراطات المطلوبة أمريكيا لـ "أفغنة العراق" وأشارت الدراسة لمواجهة ما وصفته بالصعوبات الكبيرة التي تواجهها الإدارة الأمريكية السابقة في التعامل مع العراق وشن هجوم أمريكي ضده  ، وقد عبر "كورزدمان" صراحة عن مخاوفه من انفراط عقد التحالف الأمريكي مع عدد من الدول العربية والإسلامية؟ في مكافحة ما يسمى (الإرهاب الدولي) ، وقدم خمس وصايا ومقترحات للإدارة الأمريكية المتشددة السابقة يستوجب أن تنطلق منها في شن مثل هذا الهجوم الواسع ضد العراق وهي:

 

أ‌. أن تظهر الإدارة الأمريكية دليلا دامغا على تورط العراق بالهجوم على الولايات المتحدة في 11 أيلول 2001.

ب‌. أن تظهر الإدارة الأمريكية دليلا دامغا على قيام العراق بتطوير برامجه لأسلحة الدمار الشامل[9].

ت‌. أن تنقل الولايات المتحدة أقوالها إلى أفعال بصدد القضية الفلسطينية.

ث‌.أن يكون لها خطة مقنعة وموثوقا وسريعة (للنظام البديل) في العراق على ألا تكون من رموز المعارضة في الخارج.

ج‌. أن تكون الولايات المتحدة جاهزة لتحمل ما سينجم عن ذلك من خسائر مادية وبشرية.

 

العواقب الوخيمة على أمريكا

 

تلك الدراسات  والتي يصدرها خبراء في الولايات المتحدة نابعة من خلفية إيديولوجية \دينية متشددة تحفزها مصالح الشركات العملاقة المتعددة الجنسيات والتي أصبح نفوذها أكثر بكثير من نفوذ دول هي ترجمة للأهداف والغايات الاستراتيجية العسكرية التوسعية، وبذلك جعل من العراق الساحة المركزية لما يسمى "الحرب العالمية على الإرهاب GWOT" وهو مصطلح سياسي عسكري استخدمته الإدارة الأمريكية السابقة, لوصف حملاتها العسكرية العالمية تحت ذريعة محاربة ما يسمى "الإرهاب", ومن خلال النظر إلى المصطلح وملامحه العسكرية ذات الأبعاد الاستراتيجية, تدلل الملامح الاستراتيجية إنها صناعة إستراتيجية ذات منحى عسكري سياسي متشدد وبأبعاد اقتصادية وبدلالات فضفاضة, لا تقترن بحدود جغرافية محددة أو أهداف معينة ولا توصيف شرعي آو قانوني أممي, ويعطي انطباع  لعدد كبير من الباحثين والمراقبين أنها ترجمة عملية إستراتيجية لنظرية(صدام الحضاراتTHE CLASH of CIVILIZATIONS) [10]والتي جسدها بشكل واضح "رامسفيلد" في الخطة السداسية [11], وعند النظر إلى الملامح الجيوعسكرية, نلاحظ أن هناك ترهل وانتشار واسع للنشاط العسكري في الأراضي الأجنبية وغالبها في الأراضي العربية والإسلامية التي تعتبر وفقا للمفاهيم العسكرية وجود في ارض رمال متحركة يصعب السيطرة عليها, ,وهناك مبالغة واضحة في الاعتماد على القوة ونسف الشرعية الدولية, ويبدو المخطط الاستراتيجي لهذه الخطة اعتمد تغيير الحدود السياسية للدول بالقوة وإذكاء الحروب  باستخدام "الحرب الديموغرافية demographic war"  و"حرب العقائد والأفكارbeliefs war" والتي تخضع لمعايير "إستراتيجية البركان- volcano strategy - الحرب القذرة dirty war[12]على حساب البعد الديني أو القومي أو الوطني, كما حصل في أفغانستان والعراق, الصومال, السودان ومؤخرا الباكستان, والاعتماد على طيف متذبذب بدون هوية يعتمد في تشكيلته على المنافع الشخصية والارتزاق وتعدد الولاء والانتماء, وتقوم بنشر الفوضى "الفوضى الكونية" التي خلفت اكلاف بشرية وإنفاق مالي بأرقام فلكية ذهبت بالعالم إلى الانهيار الاقتصادي والفوضى ولنراجع ما حققته الخطة السداسية التي ارس ركائزها "رامسفيلد" ومن خلفه رموز اليمين المتشدد للهيمنة على العالم :

 

1) انهيار اقتصادي وأزمة مالية حادة في الولايات المتحدة الأمريكية وكافة دول العالم.

2) أزمة اقتصادية الأقسى من نوعها في الولايات المتحدة حيث بلغ الدين القومي ما يقارب أرقام فلكية ناهيك عن الفوائد المترتبة عليها, وشكل الأنفاق على حرب العراق مايقارب80% منه وخلف أزمات اقتصادية خانقة مختلفة أبرزها[13]:

 

الرهن العقاري[14], الأسهم المالية, أسعار النفط, اكلاف الحرب, العجز المتزايد في الميزانية والمديونية الكبيرة , الفوائد المتراكمة, أثار التغذية الارتجاعية, انكماش التنمية, انكماش العرض وترجع الطلب, فقدان الوظائف والبطالة الاكلاف البشرية والمالية من جراء الحروب, العمليات الحربية المستقبلية, نفقات الجنود المسرحين والرعاية الطبية, الاكلاف الاجتماعية.اكلاف البقاء في دول الحرب واكلاف إدامة القواعد والتسهيلات العسكرية.الخ.

 

3) الحرب ضد العراق وأفغانستان وسعت من بؤر التوتر في العالم كونها جاءت على بساط إيديولوجي ديني متشدد ولعل ابرز ملامحها تصريح الرئيس السابق بوش(إننا نخوض حرب صليبية) مما صعب ترسيخ الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط  والعالم العربي والإسلامي وخلف بؤر حرب هلامية في كل من فلسطين, العراق , السودان, الصومال, اليمن,المغرب العربي,أفغانستان, الباكستان..الخ.

 

4) زيادة اضطراب الأمن في عدد من الدول الأوربية وكذلك فرض قوانين حظر على حرية المواطن بما يتعارض مع القيم الديموقراطية التي تنشرها الأساطيل والجيوش الأمريكية في العالم, كما واتجهت الدوائر السياسية والأمنية والإعلامية الغربية إلى تنميط أحادي للعنف المسلمين والعرب فهم المشتبه بهم الوحيدين في العالم[15] وفقا للمعاير الأمنية الأمريكية والغربية المستخدمة في العالم.

 

5)  وقف نمو الاستثمار بشكل واسع وشامل في دول العالم والعالم العربي والإسلامي .

 

6)  تراجع القدرة العسكرية الأمريكية وفقدانها توصيف القطب الصلب الأوحد في العالم والتي كانت عليه خلال العقدين السابقين وتردي جاهزية القوات المسلحة الأمريكية وتعاظم الخسائر البشرية وفقدان حالة الاستعداد القتالي لدى عدد كبير من الجنود مما خلف حالات الإعياء والانتحار المتكررة والعزوف عن التطوع للجيش الأمريكي, وبالأخص حالة الإرهاق والإعياء للقوات المنتشرة في العراق وأفغانستان, ومن البديهي تحتاج تلك القوات إلى الوقت اللازم لاستعادة تلك قدراتها التي كانت عليها قبل الحرب, واستبدال الأسلحة المستهلكة بأخرى جديدة وتصليح وترميم المعدات التي أرجئت صيانتها بسب الاكلاف والعمليات الحربية كما واستخدامت الولايات المتحدة الأمريكية 50% من الاحتياط الاستراتيجي العسكري من قوات الاحتياط وأفواج الحرس الوطني من أمريكا إلى العراق, وهذا شكل خطر في حالة تعرض الولايات المتحدة للكوارث طبيعية أو التهديد الخارجي.

 

7) الآثار المايكرو-اقتصادية على العالم وأمريكا من جراء الحرب على العراق وبلغت أرقام فلكية نتيجة الإنفاق المتعاظم في الحرب حيث بلغت 4تريليون دولار[16].

 

8) تصاعد الكراهية ضد الولايات المتحدة الأمريكية جماهيريا وشعبيا نتيجة للجرائم والمجازر والتعذيب وانتهاك حقوق الإنسان التي ترتكبها قواتها العسكرية  تجاه الشعوب العربية والإسلامية في العراق وأفغانستان ومؤخرا الباكستان.

 

9) تصاعد وتيرة المقاومة المسلحة واتساع قاعدتها الشعبية في كل من العراق وأفغانستان.

 

انطلق رامسفيلد في تثبيت عقيدته العسكرية والتي ترتبط بمصالح الشركات الكبرى خصوصا هو صاحب نظرية "خصخصة الحرب" والتي نتج عنها رواج سوق المرتزقة والمتعهدين في العالم ولعل العراق أكثر دولة محتلة تعج بالمرتزقة ويبلغ عددهم 160 ألف متعهد ناهيك عمن قتل منهم في العراق, وبذلك قد زاوج رامسفيلد الدافع الأول "المصالح الاقتصادية الشخصية" المرتبط بالشركات مع المنهجية العسكرية الاستراتيجية , وتمكن من مزاوجة الدافع الثاني وهو التشدد الديني والتعصب ضد العالم العربي والإسلامي كما في المادة الأولى من الخطة السداسية حيث أكد على سلامة أمريكا من الداخل قبل حدوث تفجيرات أيلول 2001؟ وأعقبه مؤيده "أنتوني كورزدمان"[17]  وموجها بوصلته نحو العراق في الفقرات (أ,ب,ث,ج) ولم يكن العراق له صلة بأحداث أيلول ولكن الصناعة الأمريكية للعدو المقبل تتطلب هيكلة عقول الرأي العام الأمريكي بهذا الاتجاه, حيث تمكنت وسائل الإعلام الأمريكية من تنظيم حملات تضليل مختلفة لتطبيق وصيا ( أ,ب) "كورزدمان"الغرض منها حشد الرأي العام لتمرير مواد الخطة السداسية تمهيدا لشن الحرب ضد العراق وعمدت وسائل الإعلام على تهميش الصوت العقلاني المناهض للحرب في أمريكا، وفي استطلاع للرأي أجرته صحيفة "واشنطن بوست" أن حملات التضليل جعلت 42% من الأمريكيين اعتقدوا أن هناك علاقة بين "أسامة بن لادن" والرئيس الراحل "صدام حسين" وانه مسئول عن أحداث أيلول2001 التي استهداف مركز التجارة الدولي في نيويورك والبنتاغون في واشنطن, وفي استطلاع أخر أجرته شبكةABCعبر55% من الأمريكيين عن اعتقادهم بان الرئيس الراحل "صدام حسين " كان يدعم تنظيم القاعدة مباشرة، تلك الاستطلاعات تبين حجم التأثير والدعاية الذي حققه الإعلام الأمريكي عبر مؤسساته ومنظوماته المختلفة والقدرة على هيكلة العقول والذهاب بها إلى القبول والتأييد لشهوات ونزوات الإدارات الأمريكية في شن الحروب والغزوات وتعطي دلالة واضحة لاستخدام الجهد الإعلامي الأمريكي بشكل محوري ومتسق بالأهداف الاستراتيجية العسكرية الأمريكية, وفي مراجعة موضوعية ومنطقية تجد أن ما يسمى "الخطة السداسية" للوزير السابق رامسفيلد والوصايا الخمس لـ "كورزدمان"هي ترجمة حية لتوجهات اليمين المتشدد في أمريكا والساعي للحروب الكونية عبر رقعتها الاستراتيجية العظمى وما جرته على العالم وأمريكا من عواقب وخيمة تقودها إلى شفير الهاوية, وجرت على شعوب العالم العربي والإسلامي الويلات والمآسي, لذا هذه أمريكا عندما تمتلك القوة وتتصدر العالم تستخدم إستراتيجية الاقتراب المباشر وباستخدام القوة العسكرية كما حدث في غزو العراق وأفغانستان لتحقيق منهجها الكوني وعندما تختل عندها القوة تلجا إلى التحالفات وحروب الإنابة واستخدام القوة الناعمة والذكية( الإقناع), كلام جميل يدغدغ المشاعر نسمعه في الخطابات الكرنفالية  وبنفس الوقت الذي تلقى فيه خطابات الغزل والمحاكاة هناك ألوف الأبرياء والأرواح والدماء تسفك في دول العالم العربي والإسلامي لقد جاء خطاب اوباما من القاهرة مخيبا لأمال العراقيين عندما تخطى ( المحرقة العراقية) [18] 

 

معاناة العراقيين وضحاياهم التي بلغت أرقام فلكية بالملايين وتدمير بنية العراق التحتية السياسية والمؤسساتية والاجتماعية, وما يقارب نصف الشعب العراقي يعيش تحت خط الفقر مع جيوش من العاطلين عن العمل وانهيار تام للخدمات الأساسية وفساد فاق دول العالم اجمعها؟  وبلغت اكلاف تدمير العراق مايقارب سبعة ترليون دولار هذه أرقام فلكية تجسد معاناة شعب وأمة أين يضعها الرئيس الأمريكي الشاب وإدارته الذكية وخصوصا حسابات الربح والخسارة والكلفة والتأثير,  والحرب لا تزال مستعرة  ونيرانها تحرق الأبرياء في كل مكان؟؟؟

 

د. مهند العزاوي

saqarc@yahoo.com
مركز صقر للدراسات الاستراتيجية والعسكرية
Saqr_v@yahoo.com

 

[1] جوزيف ستيغلتز&ليندابيلمز,الكلف الحقيقية لحرب العراق,دار الكتاب العربي, مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم بيروت,2009,,ص333

[2] .زبيغنييف بريجنسكي,رقعة الشطرنج العظمى,التفوق الأمريكي وضروراته الجيواستراتيجية الملحة, ترجة سليم  أبراهام,دار علاء الدين,دمشق,ط3, 2007, ص40

[3] . د.مهند العزاوي "إستراتيجية البركان- volcano strategy - الحرب القذرة dirty war

[4] . "الحرب العالمية على الإرهاب GWOT" هو مصطلح تستخدمه وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون, لوصف الحملات العسكرية العالمية تحت ذريعة محاربة الإرهاب وتشمل هذه الحرب[4]: – عملية الحرية الدائمة OEF غزو أفغانستان:- وهو الاسم الرمزي الكود الذي يطلق على العمليات العسكرية الحربية في أفغانستان والعمليات المضادة على البلدان الأخرى بالمنطقة, عملية الحرية للعراق OIF غزو العراق :- وهو الاسم الرمزي الكود الذي يطلق على الحرب ضد العراق-غزو العراق لنزع أسلحة الدمار الشامل العراقية وما تتبعه من عمليات حربية بعد الاحتلال  لمواجهة المقاومة العراقية ويفترض أنها  لفرض الأمن وإعادة الأعمار اللذان لم يتحققا لحد الآن, عملية النسر النبيلONE:- وهو الاسم الرمزي الكود الذي يطلق على المهام والعمليات التي تهدف إلى تعزيز امن وسلامة القواعد العسكرية الأمريكية.

[5] . نشرته مجلة: الشؤون الخارجية Foreign Affairs, Vol.81, No. 3 ، مايو 2002، وعنوانها الأصلي:- Transforming the Military)).

[6] . يقصد به توازن الرعب المبني على امتلاك وسائل الردع الاستراتيجي المتبادل وكان الاتحاد السوفيتي يمثل قطب التهديد الثاني.

[7]. أن ثورة المعلومات والتغير التقني تسببا في رفع أهمية القضايا الدولية وتمكين الضعفاء من لعب دور في سياسات العالم، منذ عقود قليلة، لم تكن الاتصالات العالمية اللحظية بحوزة أحد سوى حكومات أو مؤسسات كبرى مثل الشركات متعددة الجنسيات.
في نفس الوقت، كانت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي ينفقان سراً مليارات الدولارات على تصوير الفضاء ,انظر جوزيف ناي عميد كلية كنيدي للعلوم الحكومية بجامعة هارفارد، ومؤلف كتاب (تناقض القوة الأمريكية: لماذا لا تستطيع القوة العظمى الوحيدة في العالم أن تمضي بمفردها)، مقال نشرته دورية (فورين افايرز)

 

[8] . رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية في واشنطن

[9] . كان هانس بليكس الدبلوماسي من المنظمة الدلوية المسئول عن عمليات التفتيش التي اجرتها الامم المتحدة لضمان خلو العراق من اسلحة الدمار الشامل, قد خلص بما يشبه الجزم الى انه من غير المحتمل جدا ان تكون مثل هذه الاسلحة موجودة وسال بنبرة حزينة"هل ان التقارير الصادرة عن الامم المتحدة لاتقرأ بالمرة-Blix Questions Coalitions

[10] . صموئيل هنتنغتون,صدام الحضارات وإعادة بناء النظام العالمي THE CLASH of CIVILIZATIONS-REMAKING OF WORLD ORDER,1996

[11] . نشرته مجلة: الشؤون الخارجية Foreign Affairs, Vol.81, No. 3 ، مايو 2002، وعنوانها الأصلي:- Transforming the Military)).

[12] . د.مهند العزاوي "إستراتيجية البركان- volcano strategy - الحرب القذرة dirty war

[13] انظر.جوزيف ستيغلتز&ليندابيلمز, اكلاف الحرب لا تدفعها الحكومة ص133.

[14] .يقدر أن ما يزيد عن2,200,000امريكي سوف يفقدون منازلهم وكل المال الذي وضعوه فيها لحبس الرهن, انظرEllen Schloemer,et,al"Losing Ground Foreclosures in the Subprime Mardet and Their Cost to Home Owners.

[15] . تطبيق نظرية صدام الحضارت, صموئيل هنتنغتون,صدام الحضارات وإعادة بناء النظام العالمي THE CLASH of CIVILIZATIONS-REMAKING OF WORLD ORDER,1996

[16] . جوزيف ستيغلتز&ليندابيلمز,, ص23.

[17] . رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية في واشنطن

[18] . غزو واحتلال العراق خلف مليون ونصف المليون شهيد وثلاثة ملايين يتيم وما يقارب مليون ونصف أرملة وأربعة ملايين مهجر خارج العراق ونصفهم داخل العراق وما يقارب مليون عراقي دخل وخرج من سجون الاحتلال ناهيك عن المعتقلين في سجون الحكومة والأحزاب,مايقارب نصف مليون معوق تلك الضحايا وفق إحصائيات لمنظمات دولية منشورة على ألنت.

كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاحد  / ١٢ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٧ / حزيران / ٢٠٠٩ م