كتاب المدار الأدبي
 الكويت والعراق بين الاحتراب ووحدة التراب

﴿ الفصل الخامس ﴾

( دراسة وثائقية )

 

شبكة المنصور

د. شاكر الحاج مخلف / رئيس تحرير جريدة المدار الأدبي

المقدمة

" الكويت أرض عراقية ...!  "

كان تحريرها حلم كل حكام العراق الذين تعاقبوا ، قالوا عنها :

- أرض العراق المغتصبة .

- القضاء السليب .

 

* المحافظة العراقية رقم 19 – محافظة الكويت -

 

الاستعمار البريطاني ومن وقف معه سلخ عدة أجزاء من أرض العراق وقدمها ضمن مشاريعه المشبوهة على طبق من ذهب لدول الجوار ، مثل " الكويت  ، الأحواز ، وعبادان ، والمحمرة ، وعرعر ، وحفر الباطن ، والأحساء والقطيف ومنطقة الحياد والزرقاء في شرق الأردن ، ودير الزور ، وديار بكر .. " وبالرغم من هجمة الليالي السوداء في أردية القوة الغاشمة ، فأن تلك " الأراضي المغتصبة " حاليا من قبل حكومات الدول " المجاورة "... حتما ستعود إلى أمة العراق ... ! في كتاب "الكويت والعراق بين الاحتراب ووحدة التراب " الذي يقع في ثلاثة أجزاء ، أنشر قصة سرقة مدينة عراقية – اسمها الكويت  " كما كتبتها في العام 1991 لتلفزيون بغداد كبرنامج وثائقي بعنوان - السراب واليقين –-

 

- وثيقة معاهدة الحماية البريطانية لعام 1899 – التي نشرت ترجمتها في الفصل الرابع –

              تنشر للمرة الأولى تجدون ترجمة لها في نهاية الفصل

 

وثيقة رقم ( 5 )

 

نص وثيقة صادرة عن المقيم السياسي البريطاني في منطقة الخليج العربي ، مؤرخة في العام 1927 يوضح فيها السياسة البريطانية في الخليج والمصالح المرتبطة بها على المدى البعيد ..

 

" عنوان الوثيقة  "

" السياسة البريطانية في الخليج الفارسي "

 

رقم الوثيقة  :F0371/12247

تاريخ الوثيقة : أيلول / سبتمبر 1927

موثوق

رقم 106/أس لعام 1927

المقيمية السياسية والقنصلية العامة البريطانية

بوشهر 10/ أيلول – سبتمبر 1927

 

من صاحب الفخامة المقدم أيل ، بي ، ايج هوورث المقيم السياسي في الخليج الفارسي ..

إلى / وزير خارجية حكومة الهند ..

سيدي ....

 

أتشرف بأن أبلغكم بأنني كنت أدافع في الرسالتين المرقمتين ( 137- أس و156 – أس ) والمؤرختين في الأول من أيلول / سبتمبر 1927 ، عن موضوع تبني سياسة أكثر تشدداً في الخليج الفارسي ، وأعتقد بأنه من المطلوب أن أقدم تفسيراً للأسباب التي دفعتني إلى هذا الاقتراح ..

 

1-  يعود تاريخ مصالحنا في الخليج الفارسي إلى عام 1616 إذ كان من الضروري في عام 1615 إيجاد لأسواق لتصريف منتوجاتنا الفائضة في مصنع سورات ، وفي عام 1616 أبحرت السفينة – جيمس – وهي تقل بعثة يرأسها – إدوارد كونوك – متجهة إلى بلاد فارس ، وكانت النتيجة أننا قمنا في عام 1624 ببناء مصنع في – بندر عباس – لذا كانت مصالحنا في البداية تجارية محضة .

 

2-   وخلال ال 150 عاماً التالية والتي أعقبت ذلك التاريخ ، كانت مصالحنا متداخلة مع مصالح البرتغاليين أو الهولنديين أو الفرنسيين ، وكانت تجارتنا تحميها سفن مسلحة أو ترافقها قوافل مسلحة ، كما كانت القوات العسكرية تقوم بحماية المصانع التي قمنا بإنشائها في عام 1643 في البصرة وفي بوشهر في عام 1763 ..

 

3-   وعندما زال خطر المنافسين الأوروبيين ، استمرت مشكلة حماية تجارتنا من القرصنة العربية ، وخصوصاً من القواسم ، لذا قمنا بتشكيل قوة بوليسية من البحرية الهندية ( التي تم تشكيلها تواً ) لحماية مصالحنا في الخليج ، وفي رسالة موجهة من حكومة بومباي إلى السير هنري ويلوك والمؤرخة في 3 تشرين الأول / اكتوبر 1820 تضمنت مايلي : أرجو أن تغتنموا الفرصة في أقرب وقت مبكر لإبلاغ الحكومة الفارسية ، بإنه في الوقت الذي تقتصر وجهات النظر على القضاء على القرصنة فقط ، فأن موضوع التوسط الذي عرضناه مسبقاً بين صاحب الجلالة – الفارسي وعتوب البحرين ، سيكون مضاداً لسياستنا في الوضع الحاضر في الخليج "

 

4-   وفي عامي 1820 – 1821 ، قام السير مونت ستوارت ألفن ستون بتحرير المذكرة التالية : " ومن ناحية ثانية فإن وجهة نظر الضباط السياسيين والبحرية والعسكريين كافة ، بأنه من دون وجود محطة ( محطة وقود للسفن ) في هذا الجزء من البحر ، فلن يكون بإمكاننا القضاء على القرصنة " ومن هنا قمنا ببناء محطة لنا في باسيدو ، والتي تم جلاؤنا عنها بسبب الأحوال المناخية .

 

5-   وفي عامي 1822- 1823 قام محافظ بومباي بكتابة الملاحظات التالية حول موضوع الاتهامات الموجهة ضد النقيب بروس ، بصدد المعاهدة التي أبرمها " لقد كان هدف الحكومة البريطانية هو الحفاظ على السلام في الخليج كما كان عليه ، إذ شجعت الحروب الدائرة بين القوى التي تقيم على شواطئه على ازدياد أعمال القرصنة " ، لذا فقد كانت سياستنا منذ عام 1820 – 1869 ، تنصب على مكافحة القرصنة ، ومنع وقوع الحروب التي كانت محصلتها القرصنة ، وكانت كل اتفاقاتنا مع شيوخ الساحل المتهادن وقطر والبحرين لهذا الغرض .

 

6-   قمنا في عام 1869 بإبلاغ الحكومة الفارسية بأن " الهدف الوحيد للحكومة البريطانية من إشراك شيوخ البحرين ، في هذه الاتفاقات ، كان الغرض منع القرصنة وتجارة العبيد واستمرار حماية الخليج ، والتي هي واجبات يسرّ الحكومة البريطانية التخلي عنها لمصلحة بلاد فارس إن كان ذلك ممكناً " إذ كانت مصالحنا تجارية فقط ..

 

7-   إلا أنه في عام 1880 بدأت روسيا تبدي اهتمامها بالخليج الفارسي، وقامت في عام 1881 بفتح قنصلية روسية لها في بغداد ، ومنذ العام 1888 وصاعداً ، كانت المراسلات الخاصة بالشؤون السياسية الفارسية تتعلق بالمجابهة القائمة بين بريطانيا العظمى وروسيا ، وظهرت مؤشرات على قيام سياسة مشتركة بين فرنسا وروسيا معادية لبريطانيا العظمى .

 

8-   وابتداءً من الأعوام 1894 – 1899 كما يقول لوليمر ظهرت بوادر حركة خطيرة ، أضفت أهميتها على الخليج الفارسي ووضعته في موقع بارز ، وكانت العوامل الرئيسية وراء ذلك ، هو التفاهم بين روسيا وفرنسا والمخططات الأجنبية ، لإنشاء سكة حديد لربط البحر الأبيض المتوسط بالخليج الفارسي ، وكانت الأهمية الاستراتيجية للمضايق التي كانت تشكل المدخل للخليج الفارسي ، والتي كانت روسيا تعلق عليها آمالها ، تعود إلى الرحلة التي قام بها مهندس روسي من كرمان وبندر عباس إلى هرمز في ربيع عام 1893 ، إذ بقي هناك لمدة يومين وقام بإجراء مسح ( طوبغرافي ) لهرمز ، وكان الاعتقاد بعد رحيله أن روسيا تزمع إنشاء محطة وقود للفحم هناك في الجزيرة .

      

9-   وهذا يأتي بنا إلى فترة حكم اللورد –كرزون – للهند ، في الفترة 1899- 1905 إذ نقرأ في كتابه " فارس والقضية الفارسية " المنشور في عام 1892 : ليس من المبالغة القول بأن أرواح وممتلكات مئات الآلاف من الأشخاص – تكفلها الحماية البريطانية للخليج  الفارسي ، فإذا ماتم سحبها أو تدميرها ، فسيؤول البحر وسواحله إلى حال من الفوضى لم يتخلصا منها إلا بعد جهد جهيد ، ويعود الفضل إلى الحكومة البريطانية في تمكين الحكومة الفارسية على ممارسة سيطرتها على الساحل الشمالي للخليج وإبلاغه قراصنة الساحل المقابل ( الساحل العربي ) بأنه لا فائدة من اتباع سياسة التدمير والتخريب ، حيث كانوا ، في وقت من الأوقات ، يغمرون البحر بقوارب تجارة الرقيق ، والذين توجهوا إلى مهنة صيد اللؤلؤ ، وبدلاً من أن تبقى القبائل العربية خاضعة للعنة الباشوات ( الأتراك ) فأنهم استعادوا حريتهم التي كانوا يتوقون إليها .. ولكن على الأقل يحق لها ( الحكومة البريطانية ) أن تطالب فعلاً ، مقابل التضحيات التي قدمتها ، ورؤوس الأموال التي صرفتها ، ومن أجل السلام الذي تحرسه هنا ، أن لا تسمح لأي نفوذ سياسي أن يبث الفرقة والخلاف هنا ، إذ أن إقامة ميناء روسي في منطقة الخليج ، مع أنه حلم عزيز وغالٍ لكل وطني من نيفا إلأى الفولغا ، فأنه سوف يجلب ، حتى في وقت السلم بذور عدم الاستقرار إلى منطقة الخليج ، وسيهز التوازن المرهف الذي أقيم بصعوبة بالغة ، وسوف يهز كذلك التجارة التي تقدر بملايين الجنيهات الإسترلينية ، ويطلق العنان مرة أخرى إلى مختلف الجنسيات لأن تتصارع وتتقاتل ، دع بريطانيا العظمى وروسيا تتقاتلا أو أن تسويا خلافاتهما في مكان آخر ، حتى لا تجعلان منطقة التجارة الأمينة مكاناً للصراع الدموي ، وأنني أعتبر إعطاء امتياز لروسيا من قبل أي قوة لإقامة ميناء في الخليج الفارسي ، بمثابة إهانة متعمدة لبريطانيا العظمى ، إضافة إلى أنه إخلال بالوضع القائم واستفزاز دولي للحرب ، وأنني أوجه الاتهام إلى الوزير  البريطاني الذي أرتكب ذنباً كبيراً ، باستسلامه وقبوله بهذا الأمر ، بأنه خائن لبلاده  .

 

10- وأصبح من الواضح في عام 1899- 1900 التهديد الذي تواجهه الهيمنة البريطانية على الخليج الفارسي ، مع تهديد أمن الهند البريطانية بسبب سياسة القوى الأجنبية ، وخصوصاً روسيا وفرنسا وألمانيا ، إذ كانت مخططات روسيا البحرية في الخليج الفارسي وخططها الخاصة بإقامة سكة حديد في بلاد فارس ، والمشروع الفرنسي لإقامة قاعدة بحرية في خليج عمان ، والامتيازات التي حصلت عليها ألمانيا لإنشاء سكة حديد من البحر المتوسط إلى الخليج الفارسي ، كلها ظروف بالغة الأهمية .

 

11- لم تعد مصالحنا في الخليج الفارسي تجارية فحسب ، إذ أصبحت سياسية أيضاً ، ورداً على سؤال من اللورد لا منغتون ، قال اللورد لانسدون في عام 1903ؤ " أنني لا أتفق مع اللورد المحترم في موضوع مصلحتنا في الخليج الفارسي أو التصور بأن موقف هذه البلاد من الملاحة في الخليج الفارسي يختلف عن موقف أي قوة أخرى ، إن فخامته قال لكم بصراحة مطلقة ، بأن الفضل في إعادة الملاحة أمام العالم في هذا الوقت يعود إلى بريطانيا التي واجهت في سبيل ذلك مخاطر جمة ، وقدمت التضحيات البشرية والمالية ، إنها سفننا التي أزالت القرصنة من مياهه ، وأننا نحن الذين قضينا على تجارة الرقيق ، وأقول ثالثاً ومن دون تردد ، بأن إقامة قاعدة بحرية ، أو ميناء محصن في الخليج الفارسي من قبل أي قوة أخرى نعتبره خطراً حقيقياً على المصالح البريطانية ، وعلينا أن نقاومها بكل الوسائل المتوفرة لدينا ، وأقول ذلك بصراحة ، لأنه لا توجد حتى الآن أي مقترحات مطروحة لإقامة قاعدة بحرية أجنبية في الخليج الفارسي " ..

 

12- كان هذا موقفنا حتى عام 1914 ، عام الحرب الذي احتللنا فيه البصرة ، وحصلنا بنتيجة الحرب على الانتداب في العراق ، واختفت روسيا القيصرية وتركيا من مسرح الأحداث ، ولم يكن هناك بعد ذلك أي خطر آنذاك لاحتلال الخليج الفارسي من قبل قوة أجنبية ، وبالنتيجة فقد تراجعت أهمية هذه المنطقة بعد ذلك وبشكل مؤقت .

 

13- إلا أنه في الوقت نفسه طورت شركة النفط البريطانية – الإيرانية عملياتها ، إذ تم بناء مصفى عبادان ، وكان يتم إمداد قواتنا البحرية بجزء كبير من احتياجاتها من النفط والبنزين ، واحتياجات بلادنا من النفط المعد في رأس الخليج الفارسي ، كما أصبح من الواضح أيضاً ، بأن للخليج الفارسي أهمية ستراتيجية من الدرجة الأولى ، نظراً لوقوعه بيمن العراق والهند ولعلاقته بالطريق الجوي إلى الشرق ، ونظراً إلى أنه لا يمكن الاعتماد على إيران كبلد يقع على الطريق الجوي ، فقد أصبح الساحل العربي ذا أهمية حيوية بالنسبة إلينا ..

 

14- وبالنتيجة ، أصبح الساحل الجنوبي وشيوخه ، الذين أرغمنا على عقد اتفاقات معهم من أجل أمن البحار وسلامتها ، من الأهمية بمكان لخطوطنا الجوية المارة هناك ، وكنا مقتنعين في الماضي بإبرام معاهدات عامة ، إلا أننا لم نكن نهدف إلى احتلال إي جزء منها ، أي من الساحل ، إذ أن وضع قواتنا هناك في إيران أو في الجزيرة العربية ، سيورطنا عاجلاً أم آجلاً في سياسة هذه الأقطار .

 

15- إلا أن ظروفنا تبدلت مرة أخرى ، فاليوم ، نحن متورطون في سياسات هذه البلدان ، وسياستنا في السابق كانت تتجنب الحماية ، فهل بالإمكان الاستمرار باتباع هذه السياسة .. هناك مسلكان مفتوحان أمامنا للتحرك لمواجهة الموقف الجديد :

 

أ – أن نستمر في الانتظار إلى حين اندلاع الحرب ، وعندها وكما حصل في الحرب الماضية ، نقوم باستغلال هذه الفرصة كما نرغب .

 

ب – أن نتهيأ مسبقاً للحصول على " محمية ".

 

ج – إعلان الحماية على الأقطار التي نعلم بأننا سنحصل عليها .

 

16 – أننا وكما أشرت في مكان آخر هنا ، وكما هو واضح ، بدأنا نخسر موقعنا القوي على الساحل الفارسي بتطور إيران وتقدمها ، ولا يمكننا أن نتعرض للشيء نفسه على الساحل الجنوبي ، ومهما كان موقفنا من أبن سعود في ساحل الحسا ، فقد أصبح بإمكاننا استخدام المجال الجوي العربي بطائراتنا ذات المحركات الثلاثة ، أو في حال نشوب الحرب بعد القيام ببعض الترتيبات .

 

17 – ولكن إذا ما سمحنا لأبن سعود أن يستحوذ على المشيخات العربية على الساحل ، فلا يمكننا بعد ذلك استخدام هذا المجال ، وستنقطع خطوطنا الجوية ، لذا يتوجب علينا تشديد قبضتنا على المشيخات ، كما يتوجب علينا احتلال سبه جزيرة موسيندام ، للسيطرة على الخليج ولحماية تدفق النفط ، لذا فإن ما ورد أعلاه ، يعتبر حجر الأساس الذي اعتمدت عليه في تقديم التوصيات التي كتبها .

 

18- كما أوصي أيضاً بعدم التمسك بالانتداب على العراق ، إذ أنه من الممكن أن يكون موقفنا في العراق شبيه بما هو حاصل في إيران ، وأجد من الضروري تحديد مدى استمرار بقائنا في البحرين وفي فم الخليج الفارسي " كساب " ، إذ تتمتع البحرين بميناء ممتاز وبمناخ جيد جداً أفضل من شبه جزيرة موسندام ، ويجب أن تكون مقراً لأسطولنا البحري في وقت السلم على الأقل ، أما بالنسبة إلى المقر في وقت الحرب ، فأن ذلك تقرره البحرية ، ولم أتناول منطقتي مسقط وغوادور ، لأنهما لا تقعان داخل الخليج الفارسي ، وفي الحقيقة ، أن مسقط محمية من محمياتنا بالتأكيد كما هو الحال في البحرين ، رغم عدم الاعتراف بذلك رسمياً ، ولقضية مسقط تعقيداتها هي الأخرى كالمعاهدات الأجنبية ، وهي على أي حال مرتبطة بالقضايا نفسها الخاصة بالدفاع عن الهند والطريق الجوي ، وطالما السلطان في السلطة فأننا ندعمه ، ولاشك أن الأحداث السياسية سترغمنا على القبول بشكل رسمي بجعل ساحل عمان محمية ، وهو كذلك بالفعل من الناحية العملية في الوقت الحاضر .

 

أتشرف أن أكون خادمكم المطيع

 

توقيع أيل . هورث

المقدم / المقيم السياسي في  الخليج العربي

قوات إمارة المنتفق في الكويت

 

أن الإطلاع على الوثيقة أعلاه  مهم جداً للذين يتابعون فصول كتاب – الكويت والعراق بين الاحتراب ووحدة التراب - ، تلك الوثيقة ترسم بدقة ملامح السياسة البريطانية وطريقة العمل اللوجستي في إبقاء السيطرة قائمة لها في منطقة الخليج العربي  - وخاصة أرض الكويت – والوثيقة موجودة ضمن مجموعة الوثائق البريطانية - public record office  -  مع وثائق أخرى مهمة سيرد نشرها لاحقاً وكلها تقريباً مأخوذة عن وثائق وزارتي – الخارجية والدفاع – البريطانية ، وهي أيضاً تعتبر من الوثائق السرية الخاصة بالكويت ، وفي مجمل مضامينها تؤكد الأدلة العلمية الموثقة عن عائدية أرض الكويت للعراق وكذلك تكشف عن طبيعة العلاقات بين شيوخ الخليج والكويت بشكل خاص وأركان الحكومة البريطانية والاتفاقات الخاصة المعقودة بينها وبين مشايخ الخليج العربي  والخطط السرية التي كانت حكومة – الهند – بومباي – تعتبر المسؤول الأول عن تصريف شؤونها السياسية ، وكذلك مسئوليتها المباشرة عن الأمن الداخلي واستمرار النظام لتلك المشايخ ، والوثيقة كما نرى هي موثقة بالتاريخ الذي سبق استقلال العراق السياسي الذي تم في 1932 .

 

في المجلد الأول من كتابه – دليل الخليج – يثبت – جي ، جي ، لوليمر – إشارة مهمة  تقود إلى التاريخ الذي بدأت فيه الاتصالات الرسمية بين مشيخة إمارة الكويت وبريطانيا وذلك في العام – 1775 – عندما كان البريد يرسل من هناك إلى مدينة - حلب السورية – لمدة أربع سنوات متتالية ، بعد احتلال الإيرانيين للبصرة من قبل نادر شاه ، وفي العام 1793 تم نقل مقر إقامة المقيم البريطاني من البصرة إلى الكويت ، وذلك بعد أخذ موافقة السلطات العثمانية ، وكانت خطط البريطانيين مستمرة للبحث عن موطئ قدم في أرض الكويت ، ثم بعد ذلك التاريخ تطورت العلاقة بين مشيخة إمارة الكويت وبين بريطانيا وذلك عند نهاية القرن التاسع عشر ، كما عبرت بريطانيا في وثائقها السرية عن قلقها الكبير  وشاركتها في ذلك حكومة الهند عندما بدأت مشيخة إمارة الكويت تتعرض للتهديد القادم من أهل البصرة ، ذلك الذي شكل خطراً على مركزهم اللوجستي الهام في منطقة الخليج العربي ، وهم يعترفون على مضض ، أن اهتمام العثمانيين لم يتوقف في شأن إمارة الكويت وكذلك القوى الأخرى ، وهذه إشارة إلى سكان البصرة ، كما تلمح بعض مذكراتهم إلى الخطط الألمانية الخفية ، و تعترف تلك الوثائق بأن العثمانيين ينظرون إلى شيخ الكويت على أنه - قائم مقام - تابع لهم  ، وأن العلاقة بينه وبين الدولة العثمانية يشوبها أحياناً الفتور والانقطاع ، وخاصة بعد العام 1899 عندما دخلت المشيخة في اتفاقية مع حكومة الهند ، تلك الاتفاقية التي ترى بريطانيا في تحقيقها قد كسبت موقعاً إستراتيجيا مهما فوق أرض الكويت ، وتمكنت من خلال ذلك وقف عمليات التسلل إلى المنطقة وإلى الأبد من قبل الأطراف المنافسة وهي ألمانيا وروسيا وفرنسا وتركيا ، وأن معاهدة الحماية قد قلمت أظافر الدولة العثمانية في تلك المنطقة ، كما تؤكد وثيقة أخرى من تلك الوثائق السرية " أن بريطانيا  تمكنت من تحقيق أرجحية في ميزان القوى  العسكري والسياسي في تلك المنطقة التي كانت تعتبرها دائما مهمة وحيوية لمصالحها ، لكونها الممر المائي الحيوي بين الهند والعراق وإيران .

 

مواجهة بين تركيا وبريطانيا

خلافاً لتلك الوقائع التي نشرتها حكومة الكويت من خلال قنواتها الإعلامية وخاصة الكتب التي حاولت التوثيق للمشكلة القائمة بين - الحكومة العراقية وحكومة آل صباح -  وفي مقدمتها المقالات التي نشرها – محمد حسنين هيكل – وغيره من الكتاب ، أثبت هذه الحقائق التي تجاهلتها تلك المقالات والدراسات بشكل مقصود واستند في ذلك إلى مجموعة من الوثائق البريطانية والعراقية المهمة ...

 

( .......  يتبع ........ )

 

أقرأ في الأجزاء القادمة

 

-  عن الخطة العسكرية المحكمة التي وضعها الملك – غازي – وما الأسباب التي عرقلة تنفيذها ...

-  إعادة الكويت إلى الوطن الأم دون خسائر "خطة الثعلب " لعبد الكريم قاسم .

-  قوة العراق المفاوض في مختلف المراحل ..

-  الرئيس -  صدام حسين -  يوافق على استخدامي أرشيف عبد الكريم قاسم .

-  كيف حددت بريطانيا خارطة الكويت السياسية وفق أهدافها في المنطقة .

-  موقف القادة السياسيين في العراق خلال أكثر من قرن بشأن إمارة الكويت .

-  قبول عبد الله الصباح بتعينه قائمقمام وذلك في العام 1866 وأن تكون الكويت (  قضاءا تابعا للبصرة ) .

-  الخطط والأسرار التي دُفنت مع – نوري السعيد – رئيس وزراء العراق الأسبق عن قضية الكويت

-  ماذا قال الرئيس - عبد السلام عارف للكويتيون -  عندما طرحوا موضوع الحدود ..

 

التعريف بالصور والوثائق

-   * صورة وثيقة معاهدة الحماية البريطانية لعام 1899 – التي نشرت ترجمتها في الفصل الرابع – من أرشيف الوثائق لوزارة المستعمرات البريطانية في الهند -

-   أول محطة بريطانية نصبت في الكويت لاستخراج النفط

-  كوكبة من قادة عشائر المنتفق في معركة – هدية – التي حدثت مع قوات شيخ الكويت وهزم فيها هزيمة نكراء .           

    

يسمح بإعادة نشر الدراسة في الصحف والمواقع العراقية والعربية – الوطنية - دون حذف أو تغيير ..

• جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة " أوروك " للصحافة والنشر والترجمة - – أي إنتاج أو نشر بالوسائل السمع بصرية يشترط أولا حماية حقوق المؤلف المادية والمعنوية ...

* يرجى ذكر المصدر عند الاقتباس  ..... 

 

هوامش

- في بداية نيسان من العام 1803 ميلادي كتب السفير البريطاني الذي كان يمثل بلاده كسفير معتمد لدى الدولة العثمانية-  - S- FORD   إلى وزير الخارجية للدولة العثمانية يبلغه رسميا بأن الحكومة البريطانية تعترف بحقوق الدولة العثمانية في سيادتها المطلقة على طول الساحل البحري الممتد من مدينة البصرة وحتى المنطقة الشرقية – ستجد ذلك واضحا في الوثائق البريطانية والعثمانية التي سيتم نشرها في الفصول اللاحقة ..

 

- كانت بريطانيا تتعامل مع الشيخ " عبد الله الصباح " قائم مقام الكويت الذي حكم من العام 1866 – 1892 على أنه أحد التابعين للإدارة الموجودة في ولاية البصرة ، وفي العام 1876 نجد ثمة إشارة على شكل برقية مرسلة من المقيم السياسي البريطاني – الرائد بريديو – يؤكد فيها أن الكويت  تعتبر ميناءا عثمانيا تابعا لولاية البصرة وهو امتداد طبيعي لحدودها على الخليج كما نجد أن السلطات البريطانية قد وضعت في خرائطها الأولى التي  استخدمتها قوات البحرية البريطانية أثناء تواجدها على أنها تتواجد في موقع يسمى – الكويت – وهو ميناء تابع للسلطة العثمانية ومرتبط بولاية البصرة إداريا .

 

- في العام 1897 ميلادي استقبل قائم مقام الكويت الشيخ – مبارك الصباح – مسئول الحجر الصحي الموفد من ولاية البصرة للعمل والإشراف على شؤون الجمارك ، وكان مبارك الصباح يتقاضى راتبا خصصته له ولاية البصرة مقداره -  150 كارة من التمر المكبوس – ثم فيما بعد أصبح له راتب نقدي مقداره 400 جنيه يدفع بالعملة العثمانية .

 

 - ترجمة نص الوثيقة المنشورة أعلاه

( نظرا لطلب الكثير من القراء الكرام نشر نص الوثيقة البريطانية وإعادة نشر الترجمة الخاصة بها ، أعيد نشر الترجمة كما توجد صورة عن الوثيقة البريطانية أعلاه وهي كما موجودة في وثائق الخارجية البريطانية والتابعة لها وزارة المستعمرات البريطانية وتعتبر من وثائقها المهمة )

 

* - وثيقة رقم ( 4 )

نص الاتفاقية الموقعة بين الشيخ مبارك الصباح ، والمقدم – مالكولم جون ميد – المقيم السياسي البريطاني في الخليج _

 

 اتفاقية بين شيخ الكويت وبريطانيا ، 3/كانون الثاني- يناير /1899

رقم الوثيقة في سجل الوثائق البريطانية – F0371/149

 

 " بسم الله سبحانه وتعالى  "

 

الغرض من تحرير هذا السند الملزم والقانوني ، هو أنه قد تم التعهد والاتفاق بين المقدم – جون ميد – حامل وسام الصليب الإمبريالي ، المقيم السياسي لصاحب الجلالة البريطانية ( في الخليج الفارسي ) نيابة عن الحكومة البريطانية من ناحية ، والشيخ - مبارك بن الشيخ صباح – شيخ الكويت – من ناحية ثانية ، بأن الشيخ المذكور مبارك بن الشيخ صباح قد ألزم نفسه هنا بإرادته ورغبته الحرة ، وورثته ومن يخلفه ، ألا يستقبل وكيل أو ممثل أي قوة أو حكومة في الكويت أو في أي مكان آخر ضمن حدود أراضيه دون الموافقة المسبقة للحكومة البريطانية ،كما يلزم نفسه وورثته ومن يخلفه ، بأن لا  يتنازل أو يبيع أو يؤجر أو يرهن أو يعطي لغرض الاحتلال أو لأي غرض آخر ، أي جزء من أراضي الشيخ المذكور مبارك ، التي قد تكون في حوزة رعايا أي حكومة في الوقت الحاضر ، وتعبيراً عن إبرام هذا السند الملزم والقانوني ، وقّع الطرفان ، المقدم - مالكولم جون ميد - حامل وسام الصليب الإمبريالي ، والمقيم السياسي لصاحب الجلالة البريطانية ، في الخليج الفارسي ، والشيخ - مبارك بن الشيخ صباح -  " الأول " نيابة عن الحكومة البريطانية ، و " الثاني " نيابة عن نفسه وعن ورثته ومن يخلفه ، أمام الشهود بتاريخ العاشر من رمضان عام 1316هجرية ، الموافق في اليوم الثالث والعشرين من كانون الثاني / يناير عام 1899

 

               توقيع                                                                          توقيع

أم، جي ،ميد المقيم السياسي في الخليج الفارسي                                      مبارك الصباح

                  

الشهود

              توقيع

أي ، ويكهام هور

قبطان السفينة الهند لصاحب الجلالة

 

              توقيع

         جي ، غاسكن

 

           شاهد محلي

             توقيع

 محمد رحيم بن عبد النبي صفر

 

ملاحظة من الكاتب

 

ترد تسمية الخليج العربي – بالخليج الفارسي في جميع الوثائق البريطانية –  وذلك مقصود تماما ، مع عدم قبولنا بتلك التسمية غير الصحيحة  ، أثبت الوثائق كما هي ، وعلى المتلقي الكريم الانتباه إلى ذلك ..

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الجمعة  / ٠٢ شعبــان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٤ / تمــوز / ٢٠٠٩ م