بابٌ لا يخيب طارقه بهذا الدعاء فلتصرخ المنابر

 
 
 

شبكة المنصور

حديد العربي
الَّلهمَّ ياربُّ نشكو إليك حال الدخلاء على العراقيين والعروبة والاسلام، قد استشرى فيهم الحرام بكل اشكاله والوانه، يتهالكون تهالك الجياع الغرثى بطونهم على مائدةٍ عرِضت لهم بعد طول انتظار، وما هم بجياع، يثبون وثب الذئاب بفريستها إذا سنحت  لها فرصة، وهم مثلها، يدبون دبيب النمل جحفلا في موسم الجوع وأيامه العجاف على فتات الحبة والغلفة ينتهبها، وما هم بحاجة إليها.


الَّلهمَّ إِناَّ نعلم أَنَّ الشيطان قد زيَّن لهم الدنيا، وحبب لهم حرامها، ومهَّد لهم سبله، ومدهم بوسائل جمعه، و أقرح عليه وديانهم، وأسهد له أجفانهم، فأطمعهم به، وأطعمهم منه، ومدَّ لصائمهم مائدة إفطارٍ من سحته.


قد علمتنا بكتابك الكريم وهدي نبيك المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، أنَّ من لا يتولاك فإِنَّ الشيطان قرينه، يسول له فيتولاه ويمتثل لأمره، يتخبطه ليوهنه فيستحوذ على قلبه وعقله ولسانه ويده ورجله.


لكنّا نعلم علم اليقين، كما علمتنا عالم الغيب والشهادة، أنك القادر المقتدر على كلِّ شيء، تُعزُّ من تشاء وتُذلُّ من تشاء، تهدي من تشاء وتُضِلُّ من تُريد، بيدك المُلك، كلّ الملك، وأنت أرحم الراحمين.


فنجنا الَّلهمَّ ممن استمرأ الحرام وفاخر به، وباعد بيننا وبين من لم تشأ هدايته، ولا تجعل الَّلهمَّ لهم سلطاناً علينا، وعجل لنا غيث رحمتك، فقد ضاقت بنا السبل، واستعصمت علينا المغاليق، وأدمتنا أشواك المسالك، وخنقتنا أنفاسهم الآثمة الخاطئة، وزاحمتنا جمرات ظلمهم على مواضع أقدامنا، ومسنا من نفثهم نصبٌ ووبال.


ياربُّ إنهم يسعون لتشكيك عبادك بدينهم ونهج نبيهم صلى الله عليه وسلم، مكر لهم الشيطان فخلطوا بالإيمان كفراً وشركا، وحشروا في ديننا من موروث الطواغيت وعبيد الحجارة والنار، تحايلوا بالمنطق وتذرعوا بمحبة من لا يكتمل إيمانه إلا بمحبتهم ومن على شاكلتهم لينفذوا إلى حصن المسلم فيستبيحوا حرماته وينتهكوا مقدساته، الثوب ثوب مسلم والجسد جسد كافر، الوجه وجه مؤمن والقفا حقيقة ملحدٍ، قولهم يغرينا ولا يرضيك، فنحن لا نعلم بالسرائر وأنت {عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ }، وفعلهم مقتٌ يُغضبك ويحزننا، وترتعد منه فرائصنا خشية أن يصيبنا بجريرتهم من عذابك وسخطك ما يستحقون.


الَّلهمَّ عزَّ الحلال وندر أهله، أُخمصت بطونهم وذوت أعوادهم وتقلصت ظلالهم واضمحلت مساقيهم وأسبخت منابتهم، وشاع الحرام واستفحل أهله ورواده ومريديه، انتفخت وجوههم وتدلت أذقانهم وزاحم الدم جلودهم، وارتقوا كل المراقي التي ليسوا بأهلها ولا من متسلقي هاماتها، أمهروا جباههم بسوادٍ كأنها مبارك الإبل، موهمين الرائي أنها من أثر السجود لك وحدك، وهي من فعل عصائر الثوم وحرقها، إن سجدوا فالجسمُ عاملٌ والحركات كوامل لكنّ القلب لاهٍ عنك وقاصد لغيرك، يحوك المكائد أو يستذكر حصاد الموارد، يخشى أن تضيع من سحتها واردة بشاردة، ألسنتهم تلهج بحب نبيك محمد وآله والصلاة عليهم، وأفئدتهم ولهى بعشق الشيطان وخبثه، يقلبهم العارف بحالهم وجها وقفا، فلا يجد في باطنهم شيئا من ظاهرهم، ولا في ظاهرهم نزرا يسيرا من باطنهم.


الَّلهمَّ أعن كلَّ معتمد على قدرتك، وكلَّ مستسلم لإرادتك، وكلَّ راجٍ لرحمتك، وكلَّ مستزيدٍ من نعمك، وكلَّ متيقن من عونك ومددك وعزائم نصرك، وكلَّ صابر محتسبٍ على بلواه، فقد خاب من ارتجى من غير خالقه خيرا.


الّلهم نجنا كما نجيت من كان في بطن الحوت، فإنَّ بحرنا تلاطمت أمواجه، وزورقنا تهاوت أبراجه، واقتلعت ألواحه، وشواطئ الأمان صارت خلفنا دهوراً ذرعها يطول، تكالبت علينا جحافل الشرك والنفاق من كلِّ فجٍّ قريب وبعيد، يسلخون من جلودنا أوراق تاريخنا، ويقلعون من أفواهنا حروف لغتنا، ويغصبون سواعدنا على غمد الجهاد، ويرغمون أيدينا على التلويح بالورود لجند الشيطان وخيله، يريدون بشبابنا سواعد تهدم ولا تجيد البناء، وبفتياتنا متعة بلا شرفٍ أو حياء، وبأمهاتنا منابت للزنا، وبشيوخنا خواتيم عملٍ كلها للشيطان، وبأطفالنا فرشاً لقوم لوط.


الَّلهم إنهم يفرون من عدوك كالشاة ما تبرح أن تُحمل على رقاب الذئاب والضباع، وعلى عبادك يقتحمون كلَّ مخدع ومستودع، سكاكين غدرهم قاطعة على رقاب الأبرياء، وعتاد بنادقهم خارق حارق على منارات مساجدٍ يذكر فيها اسمك، وعلى عدوك قبلات حرى تلثم الأيدي والأقدام.


الَّلهمَّ اتخذوا من النفاق تقيةً، والكذب منهجاً، والدجل شريعة، ومن عروبة محمد صلى الله عليه وسلم وعشيرته عدوا لُدّا.


الَّلهمَّ إنهم اتخذوا من صلبان الشرك ربّا، ومن حائط المبكى وثنا، ومن لهيب النار وقبور العباد قبلة ومأوى، واتخذوا من سفك الدماء قُربة، ومن الزنا متعة، ومن الربا رزقا، ومن الغدر فروسية، ومن الاعوجاج استقامة واتخذوا الكذب دينا ومنهجا.


الَّلهمَّ لا تأخذنا بذنوبهم، وتردنا مواردهم، ولا تجمعنا بهم بموئل حسابك، ولا تخزنا بما أعددت لهم من سوء عذابك، فأنت الحكم العدل، والعالم بما نسرُّ ونعلن، فما ادخر صارخنا أمرا بمعروف ولا نهي عن منكر، لكن قلاع أسماعهم صماء تتكسر أصوات حروفنا على تخومها، وما كففنا يدا عن سبيلك ربنا وجهاد عدوك، كلٌّ منا حسب طاقته وقدرته، ولسنا سواء.


الَّلهمَّ إنهم تولوا غيرك فما عاد التحذير يردعهم، وما عاد الرمي يثني تقدمهم، غرَّتهم الأماني فسدروا، وما زادتهم عواصف التراب إلا كفرا ونفاقا، أحرزوا الدنيا بعذاب الآخرة، ونهلوا من مكر الشيطان حتى لم يتبق في عقولهم لغيره متسعا.


على خبث المجوس شبوا، ومن مكر اليهود نهلوا و أكهلوا، وعلى حقد الصليبيين شابوا وختموا، من الزنا والمتعة ولِدوا، وبحبّ من ملهم وملوه، ورجا ربه أن يبدله بهم خيراً منهم، وتلهف للشهادة خلاصاً من براثنهم، نافقوا، وعلى أهل العراق شنّوا غارات غدرهم وحقد أسيادهم، ولشرف العروبة هتكوا وقيم الإسلام مسخوا، وما علموا أن حفل زفافهم من فحيح جهنم أُعدت جحافله ومفارشه.


الأرض من دنسهم أجدبت، والفرات من أسنهم جفت منابعه، ودجلة من دماءِ جرمهم تقرحت أجفانها، ونخيل العراق للأرض أحنت أضلاعها من فرط وضاعتهم خجلا، وبخلا ان تطعمهم من ثمرها، والبصرة الفيحاء ما عادت للعروبة ثغرا باسما، ولا عادت أم الربيعين من أوراقها الزهر يلد ، ولا عادت حاضرة الرشيد رشيدة، فقد جنَّ ليلها طويلا بلا قمر منير ولا مصابيح تنير مساجدها، فما عادت المآذن تؤنسها.


الَّلهمَّ إنّا نخشى عاقبة عواصف التراب ومئالها، وها قد بدأت الزلازل تهدهد أرض العراق وتطرق على أهله أبوابهم، ونعلم إنّا مستحقيها، كلّ بأسبابه، وماجنينا من قطوف خطايانا، فما توحدنا لعدوك مجاهدين، وما أخلص بعضنا جهاده لوجهك الكريم، كلنا يدّعي الرباط وقليل منا هم الثابتون، كلنا يدّعي مقت المناصب والمغانم، وقليل هم الذين لا يجعلون منها خط النهاية في مضمار سباقهم، وغاية الغايات في قرارة أنفسهم، كلنا يعلم وجوب الأموال قبل الأنفس في حومات الجهاد، لكنّ أكثرنا يقبض يده بخلا وشحا، وحبا للدنيا وعشقا، كلنا مسلمون، وأكثرنا لا يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه، ويرجو لنفسه ما لا يرتضيه لغيره، كلنا أقبل وأكثرنا بعد ذلك مدبرين، أمرتنا بخُلُق سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم وأغلب ألسنتنا تلعن وتسبّ وتكيل الشتائم على العرب المسلمين بعينتهم وقدوتهم وأنقى عصورهم.


برز النفاق وتصدر التدليس وشاع الزور فمسخ التاريخ وتجلبب الواقع بخزيه وعيبه ضلما وعدوانا، أغلبنا يصلي ولاينتهي عن الفحشاء والمنكر، يركع ويسجد وقلبه جامحٌ منتصبٌ لا يخشع ولا ينثني، ألسنة تحرم وأيدٍ تحلل، فما تبقى لنا إلا ارتجاء رحمتك التي وسعت كل شيء يا أرحم الراحمين، وياغياث المستغيثين، ويا مفرج كرب المكروبين، أعنا حتى نغير ما بأنفسنا، ولا تكلنا لأهوائها فنخذل ونتجرع الخسران المبين، إنك على ما تشاء قدير، ولا حول ولا قوة إلا بالله.


اللهم وحد بالجهاد عبادك، وعلى طريق النور اسلك بروادك، ومن رقاب الغزاة وعشاقهم مكن سيوف أجنادك، ولساعة الحسم والخلاص إدفع بأحبابك.


ولا حول ولا قوة إلا بالله، حسبنا الله، لا إله إلا هو، عليه توكلنا، وهو رب العرش العظيم.

 
 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس  / ٠٨ شعبــان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٣٠ / تمــوز / ٢٠٠٩ م